تاريخ النشر2011 17 November ساعة 00:04
رقم : 71368
الكاتب ماهر الخطيب

"سوريا والحرب الشاملة... مفاوضات حتى نهاية العام ولبنان في "قلب العاصفة"

تنا بيروت
"بالإضافة الى كل أوراق القوة التي يمتلكها النظام السوري، فإن الواقع الدولي يمنع شن أي حرب كبيرة في أي بقعة من العالم، فكيف هو الحال إذا كان الأمر يتعلق بدولة لا تزال قوية حتى الساعة مثل سوريا وتمتلك كل هذه الأوراق"
"سوريا والحرب الشاملة... مفاوضات حتى نهاية العام ولبنان في "قلب العاصفة"
قد يعتقد البعض أنّ "النبرة" العالية في التعاطي الغربي مع العديد من الملفات الإقليمية وبالأخص في الملف السوري، هي دليل على أن المنطقة برمتها مقبلة على حرب شاملة لن توفر أي بقعة منها، ولكن ما يجب التنبه اليه أنه في العلاقات الدولية على مر العصور عندما ترتفع حدة الخطابات والتهديدات بشكل كبير، فإن ذلك يعني أن هناك مفاوضات ما تجري في مكان ما "تحت الطاولة"، وأن كل فريق يبحث عن تحسين شروط تفاوضه، وخلال هذه الفترة قد "تفلت" الأمور في العديد من المناطق لكنها لا تتحول الى مواجهة شاملة ومباشرة، وهذا ما ينطبق على الوضع السوري هذه الايام، ولكن هناك أمر ينبغي أن نطرح حوله العديد من علامات الاستفهام في هذه الفترة، وعلينا أن نتنبّه له ويتعلق بالإستقرار النسبي في لبنان، خصوصا وأنه "بركان هامد" من الممكن أن "ينفجر" في "ثانية".

سوريا وأوراق القوة...
منذ اللحظة الأولى لبدء الأحداث في سوريا، توقع البعض أن تشن القوى الغربية وبالأخص حلف شمال الأطلسي "الناتو" حرباً على سوريا تحت غطاء "حماية المدنيين" كما حصل في ليبيا، لا بل أن "المجلس الوطني السوري" سعى الى ذلك في العديد من مراحل الأزمة دون نتيجة، لكن "الناتو" لم يقم بذلك وهو اليوم لن يقوم بذلك ولا حتى في المستقبل لأن الواقع الليبي يختلف تماماً عن الواقع السوري، فعلى الصعيد الجغرافي ليبيا ليست على حدود اسرائيل "الخائفة" من أي عامل عدم استقرار في المنطقة، ولو أنها تعلن دائماً عن رغبتها في توجيه ضربة عسكرية لايران، كما أن العقيد الليبي ليس الرئيس السوري بشار الأسد، فالقذافي لم يكن لديه حليف يذكر ولا ورقة إقليمية يستطيع أن يستخدمها عند الضرورة، في حين أن الرئيس الأسد لديه العديد من الأوراق الإقليمية التي لم يستعملها حتى اليوم بشكل مباشر في العراق ولبنان وتركيا وفلسطين والأردن، ولديه حلفاء يستطيع أن يعتمد عليهم وهم لن يتخلوا عنه في أي لحظة كما يتمنى البعض لأنهم يدركون أن ذلك يعني مقدمة لتوجيه "ضربة قاضية" لهم، والرئيس الأسد يمتلك أيضاً جيشاً قوياً يستطيع الإعتماد عليه في هذه المرحلة وهو إستطاع خلال كل هذه الفترة أن يمنع تحويل أي منطقة في سوريا الى "بنغازي جديدة"، وضباطه يعلمون جيداً أن مصيرهم في حال سقوط النظام سيكون كمصير ضباط الجيش العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين حيث تحولوا الى مجرمين وصرفوا من عملهم وتمت محاكمتهم بتهمة الإنتماء لحزب "البعث العراقي"، أضف الى ذلك أن الجيش السوري لا يزال متماسكًا حتى اليوم.



الواقع الدولي وإحتمال الحرب على سوريا...
بالإضافة الى كل أوراق القوة هذه التي يمتلكها النظام السوري، فإن الواقع الدولي يمنع شن أي حرب كبيرة في أي بقعة من العالم، فكيف هو الحال إذا كان الأمر يتعلق بدولة لا تزال قوية حتى الساعة مثل سوريا وتمتلك كل هذه الأوراق، فعلى الصعيد الإقتصادي والمالي تغرق العديد من الدول الأوروبية ناهيك أن الولايات المتحدة الأميركية ترزح تحت عبء أزمة ضخمة تنتقل من دولة الى أخرى وبالتالي فإن شن مثل هكذا حرب يكون من المستبعد، بالإضافة الى ذلك فإن هذه الدول تنتظرها إستحقاقات داخلية تتعلق بالإنتخابات فيها، وكان العديد من الأحزاب فيها يعمد في الأمس القريب الى اطلاق الوعود الى مناصريه بسحب قواته من العراق وأفغانستان ليحصل على الأغلبية، فكيف سيقنعهم اليوم في الدخول بحرب شاملة هو يعلم أنها ستكون "مستنقعا" لن يخرج منه في وقت قصير وإحتمالات الربح فيه توازي إحتمالات الخسارة؟
ومن جهة ثانية، تحكم السياسات الغربية في المنطقة العديد من المصالح الإقتصادية والتجارية التي لا يناسبها على الإطلاق إندلاع حرب شاملة لن تستطيع السيطرة عليها في وقت قصير لا بل حتى في وقت طويل، كما وإن "الفيتو" الروسي والصيني الأخير في مجلس الأمن، يشير الى أنهما لن يقبلا بتغطية هذا الأمر تحت مظلة الأمم المتحدة بالرغم من القرار الأخير الصادر عن الجامعة العربية، لا سيّما وأن روسيا تعلم جيداً أن سوريا هي آخر "منطقة نفوذ" لها على البحر المتوسط.



الملفات الإقليمية العالقة والتي تنتظر نتيجة المفاوضات...
ليس من باب "التنجيم" أو "الكلام الفارغ" الحديث عن ملفات إقليمية عالقة تنتظر نتيجة المفاوضات التي تجري من "تحت الطاولة" والتي ينبغي بعضها الحسم قبل نهاية العام الحالي، وقد يكون أبرزها ملف الإنسحاب الأميركي من العراق الذي تتقاسم فيه العديد من الدول النفوذ وأبرزها إيران، وبالتالي فإن هذا الإنسحاب لكي يكون "مضموناً" يفترض التفاوض مع الجانب الإيراني الذي لا يزال يرفض تقديم أي تنازلات حتى الساعة، وبالتالي فإن التصعيد في هذه الفترة مطلوب، كذلك الأمر في ملفات أخرى كقضية إعلان الدولة الفلسطينية والنفط في البحر المتوسط، والوضع في أفغانستان والعديد من الدول الأخرى، ومن المؤكد أن ليس هناك دولة في العالم "جمعية خيرية" ستقدم أي ورقة من دون مقابل، وفي هذا الإطار نعود الى الوضع اللبناني الذي يمكن وصفه بأنه "بركان هامد" من الممكن أن "ينفجر" في أي لحظة، وقد حصل ذلك في العديد من المراحل التاريخية والقول المشهور: "وين ما تحبل بتخلف بلبنان" لا يزال أمامنا، والهدوء النسبي الذي ينعم فيه لبنان قد يكون خطيراً، خصوصًا وأن هناك العديد من الملفات الداخلية الخلافية العالقة والتي قد تساعد في "تأزيم" الوضع، ولبنان في هذه "اللعبة الكبيرة" ليس فريقاً لأسباب عديدة، وهو لا يصلح لأن يكون أكثر من "ورقة" قد يستعملها أي فريق عندما يرى أن ذلك مفيد لتحسين وضعه، وقد تكون سياسة "النأي بالنفس" عن هذه الملفات التي يصر عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هي "الحل الأفضل" الذي يعتمده لبنان في هذه المرحلة، ولكن هل سيسمح له بذلك إن كان من قبل القوى الإقليمية أو من قبل بعض القوى الداخلية غير المبالية بهذا الواقع؟ 



موقع "النشرة" الإلكتروني
https://taghribnews.com/vdcg7w9u.ak9q34r,ra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز