تاريخ النشر2021 15 December ساعة 19:00
رقم : 530860

نظرة سريعة على مفاوضات فيينا

تنا - خاص
المفاوضات النووية الجارية بين العقلانية والمرونة الايرانية والاستعلاء والتصلب الاوروبي ، ومطالب حقة مقابل مطالب خارج اطار خطة العمل الشاملة والمشتركة .
نظرة سريعة على مفاوضات فيينا
بعد توقف طال اكثر من خمسة اشهر على المفاوضات النووية السابقة بين ايران ومجموعة 1  +4 بهدف احياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي واجهة ازمة عدم التزام الجانب الامريكي بهذا الاتفاق من خلال انسحابه من الاتفاق عام 2018 بقرار من الرئيس الامريكي المتهور ترامب ، بدأت هذه المفاوضات في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، وأنظار العالم تتجه إلى هناك ترقباً لما ستؤول إليه المباحثات، التي سيكون لها بلا شك تأثيراً كبيراً على الحياة السياسية الدولية ومستقبل المنطقة.

طهران وبسبب ما شهدته من نقض للعهود من الجانب الامريكي وحلفائه الغربيين ، تطالب في هذه المفاوضات رفع كافة العقوبات قبل العودة الى للإلتزام ببنود الاتفاقية التي انسحبت منها امريكا بالإضافة إلى اشتراطها تقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالبلاد جراء التهور الأمريكي، ودعوة الولايات المتحدة إلى تقديم ضمانات بعدم الانسحاب مرة أخرى من الاتفاق .

البداية كانت بمسودة مقترحات ايرانية اعتبرها الجانب الاوروبي خارج اطار الاتفاق النووي وطالبت بان تكون المفاوضات من اليوم التي انتهت اليها في الحكومة السابقة (حكومة حسن روحاني) ، بينما الجانب الايراني اصر على ان مطالبه لم تخرج عن الاطار المتفق عليه وهو استمرار لما الت اليه المفاوضات السابقة ، وهذا ما اكده كبير المفاوضين الايرانيين علي باقري كني الذي قال في بداية الجولة الجديدة في المحادثات ان بلاده  لن تتفاوض في فيينا حول الملف النووي الإيراني، وأنها ستركز على تداعيات انسحاب واشنطن من الاتفاق والعقوبات التي وصفها بأنها غير قانونية .

وفي هذا السياق قالت الدول الاوروبية الثلاث ان هدف من المفاوضات هو العودة لتنفيذ خطة العمل الشاملة والمشتركة المتعلقة بملف إيران النووي بشكل كامل في أقرب وقت ممكن ، وهو موقف استعلائي غريب لان الدول التي لم تفي بتعهداتها في هذا الاتفاق هي الولايات المتحدة وحلفائه الغربيين .

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بدوره اكد أن طهران لن تتراجع عن خطوات خفض الالتزام بالاتفاق النووي قبل رفع العقوبات دفعة واحدة وبشكل قابل للتحقق، مشددا على أن إصرار واشنطن على إبقاء جزء من العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سيوصل المفاوضات إلى طريق مسدود.
 
من جهته اعلن الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي ان مفاوضات فيينا ستنجح فيما اذا سعت الاطراف الغربية لرفع العقوبات ، مؤكدا ان جميع مقترحات ايران هي في اطار المفاوضات السابقة .

لحد الان لم تتوصل المفاوضات الى مرحلة بناءة وجادة بسبب التعنت الغربي وطرح قضايا جانبية خارج اطار الاتفاق النووي ولهذا قال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، إن بعض الأطراف الفاعلة ما زالت تمارس عادة إلقاء اللوم بدلاً من الدبلوماسية الحقيقية ،على خلفية تصريحات لديبلوماسيين أوروبيين ألمحوا فيها إلى عدم جدوى الاتفاق المذكور، منتقدين الأداء التفاوضي لطهران ، واضاف كني  "أننا طرحنا أفكارنا مبكراً وعملنا على نحو بناء ومرن لتضييق الفجوات".

من جهته قال ممثل الاتحاد الاوروبي في اجتماعات فيينا "انريكي مورا" ، أن جميع اعضاء اللجنة المشتركة للاتفاق النووي لديهم احساس جديد لاحياء الاتفاق ، وتقريب وجهات النظر والتغلب على الخلافات .

احدى العقبات في الوصول الى اتفاق بناء وجاد بين ايران والغرب هي الاجراءات الغير قانونية التي تطرء فجأة وسط المفاوضات من قبل الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على ايران . فقبل يومين من بدء الجولة الجديدة من المفاوضات بين ايران والدول الخمسة ، فرضت امريكا عقوبات على 8 شخصيات ايرانية وكيانين أمنيين بذريعة انتهاك حقوق الانسان ، الامر الذي عارضته الترويكا الاوروبية .

ولهذا عبّر وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان عن تشكيكه في الارادة الغربية بالغاء الحظر بعد ثماني سنوات من وعوده الفارغة، لكنه اكد ان بلاده تسعى للوصل الى اتفاق حقيقي وجيد، ايّده في ذلك  كبير المفاوضين باقري كني بان ايران تسعى الى تضييق فجوة الخلافات مع الترويكا الاوروبية (المانيا – بريطانيا – فرنسا) شريطة ان تكون هي جادة في الغاء كافة العقوبات بعدها ستكون الاجواء مناسبة للعودة الى  التزامنا بالاتفاق النووي .

وبالرغم من التفاؤل الحذر الذي ابدته عدد من المصادر المقربة من المفاوضات في فيينا منهم المندوب الروسي ميخائيل اوليانوف الذي اعتبر اجواء الجلسة الاخيرة بالبنّاءة، الا ان واشنطن بدأت مسارا تتحضر فيه لسيناريو فشل المفاوضات، مسار تضمن تهديدات بالتحرك نحو خيارات بعد فشل المفاوضات.
  
ومع كل هذا وحسب ما نقله مصدر مطلع لوكالة فارس الايرانية ان الترويكا الاوروبية قد تراجعت عن موقفها المتصلب في بداية هذه الجولة من المحادثات ، وابدت موافقتها في دراسة مقترحات ايران التي قدمتها في الاجتماع الاول من المفوضات ورفضتها المجموعة الاوروبية . وهذا دليل على ان الجانب الاوروبي ابدى مرونة منطقية في هذه المحادثات ، مقابل المرونة التي ابدتها ايران عندما اعلنت موافقتها على ان تستمر المفاوضات وفقا الى ما الت اليه المحادثات في الحكومة السابقة بعد ان طرحت في الاجتماع الاول اجراء تعديلات جذرية في الاتفاق النووي وعدم خوض محادثات في اطار المفاوضات السابقة ، دون ان تخسر احدى مطالبها الحقة في رفع كافة العقوبات وعدم التخلي عن مشروع الصواريخ الباليستية ، كما اكد عليه السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، "مجيد تخت روانجي"، الأربعاء، إن بلاده ستواصل أنشطتها في مجال الصواريخ الباليستية ، لانه حق غير قابل لنقاش .

 اما الجانب الاوروبي هو كذلك كما اشرنا تراجع عن تصلبه ومواقفه السلبية ليعلن موافقته في مراجعة ودراسة المقترحات الايرانية ، مع كل هذا فهو لا زال مصر على ان تكون البداية من ايران اي الالتزام بالاتفاق النووي السابق دون ان تشير الى الانسحاب الامريكي وتقاعسها في الالتزام بوعودها في خصوص الالية المالية الاوروبية (اينستكس) ، الى جانب طرحها مواضيع جانبية مثل تحديد تطوير الصواريخ الباليستية الايرانية .  

ويرى عمر اسماعيل ، الناشط في حزب العمال البريطاني ، ان مفاتيح لعبة المفاوضات بيد الامريكان ، فهم اللذين بامكانهم رفع العقوبات الاقتصادية عن ايران ، مشيرا الى ان الترويكا الاوروبية تلعب دور الوسيط ولكنها خلف الكواليس منصاعة الى الضغوط الامريكية غير انها معتدلة نوعياً .

على هامش هذه المحادثات الحدث الاهم كان هو الخلاف الامريكي الاسرائيلي حول الملف النووي الايراني ، حيث حاول الكيان الصهيوني ان تتخلى الولايات المتحدة في الخوض في هذه المحاثات واقناع الامريكان في انتخاب الخيار العسكري ضد ايران ، ولكن الجانب الامريكي مصر على المسار الدبلوماسية محذرا الكيان الاسرائيلي من الاقدام على اي عملية عسكرية ، يؤدي الى افشال مفاوضات فيينا ورد مزلزل من الجانب الايراني لا تحمد عقباه للكيان المحتل ولربما سيؤدي الى انهاء وجوده .
 
وفي هذا السياق قال بريت ماكغورك، مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن، إن حملة الضغوط التي مارسها الرئيس الاميركي السابق، دونالد ترامب، ضد إيران قد فشلت، وأن الإدارة الحالية "لا تعيش في وهم" بأن المزيد من الضغوط سيغير السلوك الإيراني ، مشيرا الى انه يأمل بان تنجح الدبلوماسية مع ايران ولكنه ولكي يكسب ود الجانب الاسرائيلي اشار الى انتخاب خيارات اخرى فيما اذا فشلت المفاوضات .

وفي جانب اخر يرى خبراء عسكريين ومحللين سياسيين اسرائيليين بأن قدرة الكيان الصهيوني على شن هجوم عسكري ليست متوفرة حاليا، ولن تكون متوفرة في السنوات المقبلة ، وان ضرب المنشئات النووية لن يستطيع ان يوقف النشاط النووي الايراني .

إعداد : محمد إبراهيم رياضي
 
https://taghribnews.com/vdcb0gbsgrhbfwp.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز