تاريخ النشر2011 13 January ساعة 15:18
رقم : 36643

هل خُدع اللبنانيون؟

إن استقالة وزراء المعارضة، يجب ان تؤدي إلى تغيير النهج المتبع في الحكم منذ ٥ سنوات
ادمون صعب
ادمون صعب
وكالة أنباء التقریب (تنا) :
هل لا يزال الرئيس سعد الحريري مهتماً بمعرفة من قتل والده، بعد التظهير العلني للاهتمام الدولي بتطويق إيران وسوريا من خلال توجيه الاتهام إلى عناصر في «حزب الله» بالوقوف وراء الجريمة؟
لقد ارتاح أمس المراهنون على عدم وجود تسوية عربية لموضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وما يتصل بها من تحقيقات ثبت تسييسها، وقرار اتهامي يكاد يكون هناك إجماع داخلي وخارجي على ان ما سرّب منه على دفعات يُنذر بزيادة الانقسام بين اللبنانيين، كما يعرّض الاستقرار في البلاد لشتى أنواع الاخطار، بشهادة الإسرائيليين! 

إلا ان من لم يكن مرتاحاً البتة، هو لبنان: لبنان الشعب الذي يرزح تحت أثقال من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وكان يترقب بلهفة كبيرة ان تدرك التسوية محطتها الأخيرة وتجلب الأمل والتفاؤل للبنانيين مطلع هذه السنة، وتكذّب توقعات المنجمين بأن هذا الشهر سيكون شهر الأزمات والمفاجآت غير السارة. 

وإذا كان المكتوب يُقرأ من عنوانه، فإن
هروب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من مواجهة ملف شهود الزور، وتسببه في تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ومعها شؤون الدولة والناس، والبحث عن حلول لمشاكل اللبنانيين في الخارج، أعفته باكراً من مسؤولياته، وجعلت الرأي العام يتطلع إلى حلول دستورية، بعيداً من مشاهد العنف التي يتابعها اللبنانيون بحسرة وألم في كل من تونس والجزائر، حيث سقط عشرات القتلى جزاء المطالبة بالعمل والرغيف والحياة الكريمة. ومن أجل ذلك، لم يتورع أحد التونسيين الشباب عن احراق نفسه احتجاجاً على الظلم وتجاهل المطالب الشعبية المحقة. 

وثمة من اعتبر الرئيس الحريري مستقيلاً منذ اعلانه في ٦ أيلول الماضي، وجود شهود زور في التحقيق باغتيال والده، وأن هؤلاء قد أضروا بعلاقات لبنان بسوريا، كما ألحقوا أذى كبيراً بالعلاقات في ما بين اللبنانيين.
ولأن معظم مفبركي هؤلاء الشهود قد كانوا معروفين في سوريا ولبنان، ومعظمهم يلوذ بالفريق الحريري، فقد كان على رئيس مجلس الوزراء واجب أخلاقي ودستوري بالمبادرة إلى إحالة الشهود المزورين للحقيقة، والمسيئين إلى القضية التي استشهد والده من أجلها، على أعلى هيئة قضائية في البلاد من أجل كشف مجموعة من الحقائق يُفترض ان تجعله يمسك بالخيط الذي لا بد من ان يقوده إلى القتلة الحقيقيين ومن يقف وراءهم، سواء في واشنطن أو باريس، أو تل أبيب، وأي مكان آخر في العالم العربي، إلا إذا كان لم يعد يريد ان يعرف من قتل والده، لأن القضية لم تعد قضيته!؟ 

ولو هو فعل ذلك لكان خدم لبنان، وكذلك الحقيقة التي يريدها جميع اللبنانيين على اختلاف فئاتهم وطوائفهم
ومذاهبهم. كما كان وحّد اللبنانيين وراء قضية وطنية، وحقق انقلاباً في التضامن الوزاري، جعل الحكم يتفرغ للاهتمام بأمور الناس، وأزال الكثير من العوائق التي طالما شكا من وجودها في طريقه.
ولأنه لم يفعل ذلك، كان الرجل في حكم المستقيل، بعدما اعتبر الحكم هواية. 

ولا بد من وقفة تأمل سياسية ووجدانية في البازار الذي طرحه الحريري في ٣٠ كانون الأول الماضي في صحيفة «الحياة» السعودية، بأن ثمة اتفاقاً، أُخفي عن اللبنانيين أصحاب العلاقة والمصلحة، بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس السوري بشار الأسد، وأن الحريري قد التزم بما اتفق عليه بين الرجلين، بينما «الجانب الآخر لم يقم بأي خطوة ايجابية من الخطوات التي تم الاتفاق عليها»، مؤكداً ان الاتفاق موجود وناجز! 

وإذ لم يُفصح الحريري عن تفاصيل ما اتُّفق عليه من وراء ظهور اللبنانيين الذين أولوه ثقتهم، وخصوصاً بعدما نفى «الجانب الآخر» علمه بالتزامات مطلوبة منه ـ على ما ورد على لسان رئيس السلطة الاشتراعية نبيه بري ـ، بدا ان اللبنانيين قد تعرضوا لخدعة أميركية ـ إسرائيلية بغية استهلاك الوقت الذي يفصل بين تسريب مضمون القرار الاتهامي وموعد صدوره، وقد فصّل التسريب خطوات السير به لإصابة المقاومة بسهامه عبر اتهام عناصر من «حزب الله» بالوقوف وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وربما تقدمت الخطوات إلى الإمام بغية إصابة سوريا وإيران ببعض السهام المسمومة التي يعرف الرئيس سعد الحريري
انها سترتد على الجسم اللبناني، لأنه الأضعف. 

ورغم ان المعارضة كانت تشكك في صدق نيات الحريري في موضوع التسوية، وتعتبر ان ما كان يصدر عنه إنما كان يُكتب له أو يسرّ في أذنيه، فهي بقيت متفائلة ومتمسكة بالمسعى السوري ـ السعودي حتى اللحظة الأخيرة التي أبلغ فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الرئيس السوري بشار الأسد انه عاجز عن تنفيذ ما اتفقا عليه، بفعل الضغط الأميركي الذي تعرض له. وقد صدم هذا الأمر سوريا التي اعتصمت بالصمت. 

والآن، فإن استقالة وزراء المعارضة، يجب ان تؤدي إلى تغيير النهج المتبع في الحكم منذ ٥ سنوات.
وإذا كان أركان المعارضة يدركون خطورة هذه المرحلة، ويصرون على الطابع الديموقراطي لتحركهم الاعتراضي على الخدعة التي تعرض لها اللبنانيون، فإن على الطرف الآخر ان يعي ان الدول الخارجية لا تهـــمها إلا مصالحها، وأن هــذه متى تأمنت مع سوريا وإيران، تحوّل لبنان الى مجموعة خـردة. 

ويستشهد أحد السياسيين المحايدين بما حصل في تموز ٢٠٠٦، عندما حضرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى لبنان واجتمعت بأركان ١٤ آذار في السفارة الأميركية في عوكر. ونقل هذا السياسي عن أحد الحضور، انه سمع رايس تقول لدى مغادرتها السفارة، انها أصيبت بخيبة إذ لاحظت وجود «كلاب» بين الحضور. وقالت: They are Dogs، وربما قصدت بذلك أشخاصاً دافعوا عن شرعية المقاومة للدفاع عن الوطن، رافضين ان تكلّف الولايات المتحدة إسرائيل مهمة القضاء على «حزب الله»، والتسبب في مجازر يذهب ضحيتها عشرات ألوف المواطنين الأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال.
نقول هذا الكلام عله يفيد البعض فيتعظوا. 
ادمون صعب
https://taghribnews.com/vdcds90s.yt09o6242y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز