>> الصراع على الغاز في المتوسط إلى أين؟ | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2018 26 February ساعة 16:34
رقم : 314742

الصراع على الغاز في المتوسط إلى أين؟

تنا-بيروت
المنطقة دخلت حقبة الصراع على "النفط والغاز" في "البحر المتوسط" وسط طموحات روسية وتوترات مصرية- تركية- قبرصية- لبنانية- إسرائيلية. الاھتمام الروسي ينطلق من أن القرن التاسع عشر كان "قرن الفحم"، وجاء بعده "النفط" في القرن العشرين، ونعيش حالياً في القرن الحادي والعشرين، حيث يشكل الغاز مادة الطاقة الرئيسة.
الصراع على الغاز في المتوسط إلى أين؟
بدءاً من تسعينات القرن الماضي، تسارعت وتيرة استكشاف النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، انطلاقاً من حوض النيل، إلى حوض المشرق، أو كما سماه جغرافيو العرب بـ"حوض الشام"، ويغطي مياه غزة وفلسطين وشرق قبرص وسوريا ولبنان. واستناداً إلى نتائج أعمال ھذه الاكتشافات، بخاصة تلك التي أجرتھا المؤسسة الأميركية للمسح الجيولوجي والتي شملت مساحة 83000 كيلومتر مربع، تم تقدير متوسط موجودات الغاز الطبيعي بنحو 122 تريليون قدم مكعبة، والسوائل بنحو 1.7 بليون برميل.

أعمال الاستكشافات لم تتوقف عند نتائج الجانب الأميركي، فقامت دول المشرق وحوض النيل بإجراء مسوحات جيوفيزيائية لعشرات آلاف الكيلومترات المربعة، توج آخرھا باكتشافات تتجاوز 32 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في حقل "ظھر" من رقعة شروق الواقعة شمال حوض النيل المصري. وتقوم شركة "إيني" الإيطالية بتطوير ھذا الحقل الذي يتوقع أن يبدأ الإنتاج في 2019، ليصبح مركزاً إقليمياً للغاز في شرق المتوسط.  

وحالياً تشهد قضية ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط توترا على أكثر من محور، ومؤخرا تبادل لبنان و"إسرائيل" بيانات شديدة اللھجة حول ملكية منطقة عرضھا لبنان للاستثمار.. فقد دخلت شركة "نوفاتك" الروسية بشراكة بنسبة  20 %، في مقابل 40 % لكل من شركتي "إيني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية، للتنقيب والاستثمار للرقعتين رقم 4 في الشمال ورقم 9 في الجنوب. ما أدى إلى تهديد صهيوني للبنان.  

ربيع ياغي الخبير النفطي يقول:"إن المسألة في المناطق المتنازع عليھا مع "إسرائيل" لم تبدأ اليوم بل منذ توقيع "إسرائيل" اتفاقاً مع الدولة القبرصية لترسيم الحدود البحرية واغفال نقاط البداية والنھاية في الخط البحري الفاصل بين لبنان وقبرص، مستغلين خطأً تقنياً، حيث تمددت قبرص شمالاً بناء على الضغوط الإسرائيلية، وبھذا تحاول "إسرائيل" قرصنة 850 كيلومتراً، في المنطقة الاقتصادية التي تخضع للسيادة اللبنانية، وهو تھديد مباشر إلى الكونسورتيوم النفطي لعدم التوقيع رسمياً على الاتفاقية النفطية.

لذا يجب أن تنصبّ جھود وزارة الخارجية اللبنانية على تقديم شكوى عاجلة إلى الأمم المتحدة، كي لا تعوق "اسرائيل" التوقيع مع الكونسورتيوم الأوروبي".

قطاع النفط والغاز يجسد فرصة حقيقية لتوفير سيناريو الھبوط الآمن للاقتصاد اللبناني والأوضاع المالية الھشة، لكن ھذا  كما يقول كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة د. مروان بركات:" لا يعني أنه بمقدور السلطات المعنية أن تنتظر عائدات ھذا المشروع الطويل الأجل دون إطلاق الإصلاحات الملحّة..".

يشير التقرير الفصلي لبنك عودة الى أن صافي العائدات للدولة اللبنانية بأكثر من 200 مليار دولار أي ما يعادل حوالي ثلاثة أضعاف حجم مديونيتھا العامة الحالية. بالإضافة إلى ذلك، سيكون لاستخراج النفط آثار غير مباشرة على عدد من الصناعات التي تخلق العديد من فرص العمل والتوظيف في خدمات التطوير العقاري والفنادق وخدمات التأمين والخدمات المالية وغيرھا، وھذه القطاعات قادرة على خلق أكثر من 5000 شركة وأكثر من 100 ألف وظيفة.

وغير بعيد عن لبنان، أعلنت نيقوسيا رسميا عن اكتشاف حقل كبير للغاز في البلوك السادس من المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، في تكوين مماثل لحقل "ظھر" الكائن قبالة السواحل المصرية.

وفي خطوة تصعيدية من جانب تركيا للخلافات حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، اعترضت قطع بحرية تركية سفينة حفر تابعة لشركة "إيني" الإيطالية كانت في طريقھا للتنقيب عن الغاز المكتشف في المياه القبرصية.  

كما استفزت أنقرة مصر مؤخراً بإعلانھا أنھا تخطط للبدء في التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط، وأنھا لا تعترف باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص عام 2013. وحذرت القاھرة تركيا من محاولة المساس بسيادة مصر على المنطقة الاقتصادية الخاصة بھا في شرق المتوسط.

وبما أن الھدف الاستراتيجي ھو تصدير الغاز عبر الأنابيب إلى أوروبا، فقد تسارعت الخطوات بتوقيع الاتفاقات بين موسكو وأنقرة، وسجلت موسكو إنجازات إيجابية في الصراع الدولي والإقليمي على أسواق الغاز العالمي، وليس فقط على غاز المتوسط، مستفيدة من نفوذھا المتزايد في المنطقة العربية، فضلاً عن تحالفھا الكبير والمتين جداً مع الصين.

وبما أن حوض البحر المتوسط ھو بين المناطق "الأغنى" بالغاز عالميًا، ومن يملك سوريا يملك الشرق الأوسط وبوابة آسيا، ومفتاح بيت روسيا بحسب كاترين الثانية، وأول طريق الحرير بحسب استراتيجية الصين، فھو يستطيع أن يتحكم بالنظام الاقتصادي العالمي.. من ھنا يمكن معرفة الأسباب الحقيقية لتمسك روسيا بوجودھا في سوريا.

سركيس أبوزيد
https://taghribnews.com/vdcayyneu49n601.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز