تاريخ النشر2015 27 November ساعة 22:09
رقم : 213031

التهور التركي ضد روسيا.... عدوان يرتد بنتائج عكسية.

تنا - بيروت
يبدو ان الغرب وفي تقدير موقف "علاجي " للمأزق المستجد بعد 30 أيلول الفائت-تاريخ بدء المساعدة الروسية لسورية ميدانيا-تبين له ان إعادة التوازن للميدان يبدأ بالضغط على روسيا لوقف مساعدتها العسكرية لسورية، ثم الانصراف الى ما تبقى من عمل باتجاه إيران والمقاومة من جهة لثنيهما عن المتابعة او لتحجيم وجودهما في الميدان السوري،
امين محمد حطيط
امين محمد حطيط
العميد د. امين محمد حطيط
 
بعد أيام قليلة على انطلاق العملية الدفاعية المنسقة التي تشارك فيها الى جانب سورية كل من روسيا و ايران و حزب الله ، ظهر للأميركيين ان خطتهم بجر سورية الى حرب استنزاف طويلة تكون بديلا او تعويضا لها عن الاخفاق في اسقاط سورية ، خطة سقطت بعد ان  أخفقت خطة الاسقاط  الأخرى ، وتأكد للجميع   ان الميدان السوري و باعترافهم بات راجحا بشكل مؤكد لصالح سورية بقيادة الرئيس الأسد الذي اصبح بالنسبة للغرب و لكل جمهرة المعتدين كابوسا يقض مضاجعهم و بات مجرد تصور استمراره في قيادة سورية امرا مرعبا لهم لأنه يشكل  الدليل على هزيمة العدوان و فشل الخطط المتتابعة التي اعتمدت  ضد سورية .

ويبدو ان الغرب وفي تقدير موقف "علاجي " للمأزق المستجد بعد 30 أيلول الفائت-تاريخ بدء المساعدة الروسية لسورية ميدانيا-تبين له ان إعادة التوازن للميدان يبدأ بالضغط على روسيا لوقف مساعدتها العسكرية لسورية، ثم الانصراف الى ما تبقى من عمل باتجاه إيران والمقاومة من جهة لثنيهما عن المتابعة او لتحجيم وجودهما في الميدان السوري، ومن جهة أخرى الى رفع وتيرة تحشيد وتسليح الإرهابين لمنع انهيارهم امام المد العسكري السوري التطهيري.

وفي هذا السياق جاءت العملية الإرهابية فوق سيناء والتي أدت الى اسقاط طائرة مدنية روسية قتل كل ركابها على بعد كيلومترات من مطار شرم الشيخ الذي لا يتمتع فيه بحصانة امنية الا بعض الافراد المنضوين في القوات المتعددة الجنسيات في سيناء. ولم تتأخر التسريبات الإعلامية الغربية عن ربط الحادث بيد إسرائيلية او استخبارات غربية وجاءت مسارعة أوباما وكاميرون للحديث عن تفاصيل سقوط الطائرة والقول بان السبب كان عملا إرهابيا لتؤكد بان السقوط كان عملا مدبرا يقصد منه الضغط على روسيا ومصر معا.

هنا و بدل ان تنحني روسيا امام الضربة كما كان يتوقع  من اسقط او خطط لأسقاط الطائرة ، رفعت روسيا من نمط و وتيرة و فعالية مساعدتها العسكرية لسورية و طورت ذلك في اختيار اهداف جديدة اكثر ايلاما للإرهابيين و مشغليهم ، فاستهدفت "أنبوب النفط على العجلات " الشريان الاستراتيجي لتمويل داعش ، ما أدى الى تدمير اكثر من 800 صهريج من اصل 1800 صهريج تعمل بين ابار النفط في سورية و العراق و ميناء جيهان التركي و عطلت حركة ما تبقى ، ثم كان الاسناد الجوي المركز فوق جبل التركمان في الشمال الغربي لسورية ، المنطقة التي ترى فيها تركيا المدخل الطبيعي  لتدخلها في سورية و المعبر الى تحقيق حلمها بأنشاء المنطقة الامنة المقتطعة من الأرض السورية .

بمعنى اخر، كانت ردة الفعل الروسية على اسقاط الطائرة الروسية المدنية أكثر ايلاما للإرهابيين ولتركيا واضعاف ما توقعوا او انتظروا. وفي تقدير موقف تركي سرب بعض ما جاء فيه، رأى الاتراك ان استمرار العملية العسكرية في سورية بالزخم الذي تجري فيه حاليا سيقود الى تجريد تركيا من كل أوراق تدخلها في سورية وسيهمش دورها في حل سياسي مستقبلي للازمة السورية، كما وانه حسب الرؤية الأميركية سيحد من تحقيق شيء من الأهداف الأميركية هناك. ولذلك كان القرار بعمل عسكري يقطع الطريق على هذا الاحتمال.

ويبدو ان اميركا و تركيا اختارتا اسقاط الطائرة الروسية بصرف النظر عن مكانها اكانت فوق الأرض السورية او داخل الأجواء لتركية ، فتركيا تعلم ان ليس لها حق مشروع في التعرض للطائرة أينما كانت لأن المهمة التي تقوم بها الطائرة هي مهمة مشروعة في قتال الإرهابيين خاصة بعد قرار مجلس الامن الأخير الرقم 2249 الذي أجاز للدول اتخاذ كل التدابير للحرب على الإرهاب ، و تأكيدا على ان العمل مخطط يكفي ان نتذكر ان تركيا تدعي ان الطائرة حلقت في الأجواء التركية 17 ثانية و هي مدة غير كافية لانطلاق طائرة تركية من قاعدتها و اعتراض الطائرة الروسية .

 ومع كل ذلك اسقطت الطائرة في عملية استفزازية يبدو ان المقصود منها اجراء استدراج مزدوج، استدراج لروسيا لردة فعل تصور تركيا معتدى عليها، وتلزم بذلك الحلف الأطلسي بالوقوف الى جانبها عملا باتفاقية الدفاع المشترك الأطلسية. فاذا فعل تقع المواجهة مع روسيا بشكل يضطرها الى الانكفاء في سورية او تحوير مهمتها بعيدا عن ميدانها او اقله التسليم بمنطقة حظر جوي واقعي في شمال سورية تكون اللبنة الأساسية للمنطقة الامنة التي تحلم بها تركيا.

وبالتالي يبدو من تتبع ما جرى معطوفا على المواقف التي سبقت ولحقت، يبدو ان العدوان التركي على الطائرة الروسية جاء نتيجة خطة مدبرة ومحكمة وضعت ليس بعيدا عن اميركا التي قد تكون شجعت عليها، اولم تعارضها وشاءت تنفيذها باليد التركية لجس النبض فان حققت أهدافها تتبناها وتبني عليها وان فشلت تتنصل منها ويدفع التركي وحده فاتورة الخطأ. (لا يمكن لتركيا استعمال طائرة ف 16 بدون اذن أميركي)

نقول كانت الخطة محكمة، ولكننا نقول أيضا بان الخصم لم يكن بسيطا بالشكل الذي تصورته تركيا واسيادها، ولهذا كان واضحا ومن الساعات الأولى ان رد الفعل الروسي لن يكون كما يشتهي المعتدي بل سيكون من الطبيعة المعاكسة لأهداف العدوان رد نراه يختلف عما تشتيه تركيا رد يأتي متجنبا الفخ او الكمين التركي، أي اننا لا نرى أي احتمال مهما كان ضعيفا في ان تقدم روسيا على عمل عسكري مباشر ضد تركيا اعلى أراضيها يبرر زج الأطلسي في المواجهة، رد يكون وفقا لعناوين ثلاثة:
  1. الأول حمائي دفاعي، ويتمثل بنشر منظومات دفاع جوي فعالة تمكن من بناء فضاء ناري يدمر أي هدف جوي يهدد سلامة الطيران الروسي في سورية او يهدد سلامة القوى الدفاعية السورية العاملة في الميدان في الشمال الغربي السوري، أي بمعنى إقامة شبه حظر جوي معاكس للرغبات التركية. وهذا ما بدأ العمل به فعليا بنشر منظومة اس 300 والتحضير لنشر منظومة اس 400 في مطار حميميم التي تغلق أجواء بعمق 300 كلم داخل تركيا.

    الثاني عسكري ميداني: ويتمثل في تسريع العمليات العسكرية في المنطقة التي تحدث الايلام الأكبر لتركيا ومنها الى كامل المنطقة الشمالية بشكل يقود الى قطع اليد التركية ومنعها من التدخل المؤثر في الميدان السوري وتحرم تركيا من السرقات التي تستثمرها انطلاقا من السورية ومنها النفط.

    الثالث متصل بالعلاقات البينية بين روسيا وتركيا في مواضيعها المتنوعة ومنها الاقتصادي المالي ومنها السياسي العسكري، واعتقد ان ما صدر عن روسيا خلال 24 ساعة فقط من مواقف وقرارات ينبئ بتجميد متدرج لهذه العلاقات الى حد قد يلامس الجفاف المؤلم دون الوصول الى القطيعة لروسيا. والكل يعلم حجم الحاجة التركية لعلاقات ودية مع روسيا على أكثر من صعيد.
و بالتالي فان روسيا لم تستدرج الى ما نصب لها من كمين، و لم تجد الأطلسي- الذي تستر على العدوان التركي و اظهر نوعا من تعاطف مع تركيا- لم تجده يتجه تصعيديا  لمواجهتها فعليا  خدمة للمصالح التركية او لأهداف العدوان ذاتها و بات واضحا ان  العملية العدوانية التركية سترتد على لمعتدي  بنتائج عكسية في اكثر من اتجاه ., هي و ان كانت ستعرقل بعض الشيء العمل على المسار السياسي و تؤخر بعض إجراءاتها التي بدأ انتاج بيئتها في فيينا ، فان تركيا و خلفها من امرها او أجاز لها الاعتداء ، ستجد نفسها خاسرة في الميدان بما يفاقم خسارتها ،و خاسرة في السياسة في مسار يؤكد تهميشها  و لن تجد الأطلسي في الموقع الذي ينقذها من الحفرة التي اسقطت او اسقطت نفسها فيها .

 
https://taghribnews.com/vdcjtte8vuqevyz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز