تاريخ النشر2021 21 September ساعة 16:24
رقم : 519709
المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية

حديث التقريب... الدفاع أمام العدوان يجمعنا

تنا
تبنّى المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الووقوف إلى جانب اتحاد علماء المقاومة وسانده إيمانًا منه بأن التقريب بين مذاهب المسلمين لا يمكن أن يتحقق إلا في جوّ مقاومة الأمة لما يواجهها من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية.
حديث التقريب... الدفاع أمام العدوان يجمعنا
حديث التقريب
الدفاع أمام العدوان يجمعنا
 
تحتفل إيران بأسبوع الدفاع المقدس الذي يبدأ في الثاني والعشرين من سبتمبر ويستمر سبعة أيام، تخليدًا لذكرى دفاع الشعب الإيراني أمام عدوان تعرّض له قبل أربعين عامًا وتواصل مدة ثماني سنوات.

لابد أن نؤكد بداية أن هذه الحرب الظالمة المفروضة التي تعرّضت لها الجمهورية الإسلامية الفتية آنذاك جاءت ضمن خطة تجهّزت لها القوى الدولية المعادية للتحرر والسلام والإسلام شرقيّها وغربيّها وبمساندة الحكومات الرجعية المتخلّفة في المنطقة منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية في إيران، و دفعت نظام صدّام لتنفيذها، مستغلّة الظروف الخاصة التي كانت تمرّ بها الجمهورية الإسلامية بعيد الانتصار.

ثماني سنوات قد فُتحت خلالها على إيران، التي خرجت لتوّها من ظروف اسقاط النظام البائد، جبهة حرب على حدودها الغربية والجنوبية، تزيد على ألف كيلومتر!!

كان المعتدون جميعًا يظنون أن الجمهورية الإسلامية لا تستطيع أن تقاوم وهي تعيش ظروف مابعد الثورة وتتعرض لمؤامرات عالمية شتى لكن ظنهم خاب إذ لم يضعوا في حسابهم نصرة رب العالمين، والتحام الشعب الإيراني وتضامنه وتأهبه للدفاع عن ثورته ووطنه.

لا نريد أن نستعيد في هذه السطور ذكريات تلك الحرب الظالمة، وإن كانت تلك الذكريات لها قيمتها الكبرى في سجلّ ما حققه الإسلام من انتصارات منذ عصر الرسالة الأول. لكننا نريد أن نشير الى أمور نحسبها هامة لأمتنا في ظروفها الراهنة.

الأول: نصرة رب العالمين للشعوب التي تُخلص في حركتها نحوه سبحانه، وهذه سنّة إلهية يذكرها القرآن الكريم مرارًا: "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " نحن قرأنا في التاريخ والسيرة ما حققه المسلمون الأوائل من انتصارات حين أخلصوا النية وجاهدوا في الله حقّ جهاده، وقرأنا أيضًا ما مُني به المسلمون من فشل وتراجع وهزيمة حين دخلت في نياتهم شوائب الأهداف الصغيرة التافهة.
غير أن الذي حدث في الحرب المفروضة على إيران ومقاومتها أمام حرب عالمية استمرت ثماني سنوات، وفي ظروف الحصار والتآمر الدولي كان مدهشًا حقًا. طبعًا رأينا قبل هذه الحرب ما حققه الشعب الإيراني من انتصار على قاعدة المكر الاستكباري الصهيوني المتمثل بالنظام الشاهنشاهي بقيادة الإمام الراحل الخميني (رضوان الله عليه)، ورأينا النصر الإلهي الإعجازي في صحراء طبس وما مني به الأمريكيون ممن فشل ذريع حين أرادوا الهجوم على الجمهورية الإسلامية فواجهتهم عاصفة جعلتهم كعصف مأكول.
ولا نزال نشهد كل يوم انتصارات أذهلت قوى العدوان العالمية، لكن الانتصار الذي تحقق في الحرب المفرضة كان كبيرًا كبيرًا جدًا، يمكن أن نفهم بعض أبعاده حين ندرس غربة إيران في تلك الحرب، والمساندة العالمية والإقليمية للعدوان عليها آنذاك. هذا درس هام للأمة الإسلامية التي تحاول قوى العدوان العالمية أن تبعث فيها اليأس أمام هيل العدو وهيلمانه وتجبّره وطغيانه وعربدته وتهديده.
إنها سنة إلهية تقرر حتمية انتصار من ينصر الله وهي سنة رأينا مصاديقها ونراها باستمرار.

الثاني: ضرورة صيانة روح المقاومة وتصعيدها باستمرار. إذا كان وباء الكورونا يتطلب أول ما يتطلب تقوية بُنية المقاومة في الجسد، فإن وباء عدوان المعتدين الدوليين والمحليين بحاجة إلى ضخّ روح المقاومة في دم الأمة.
المقاومة تعني الحياة. وجسم الفرد والمجتمع يموت حين يفقد المقاومة. لابد أن يكون هدف كل الحادبين على مصلحة الأمة من حكومات وشعوب ومفكرين وإعلاميين وفنانين أن يهتموا بأمر تصعيد روح المقاومة في النفوس، وأن يخلقوا ثقافة تقوم على قاعدة «لا حياة لنا إلا بالمقاومة».

سنوات الحرب المفروضة على إيران لم يتحقق فيها انتصار الجمهورية الإسلامية إلا بمقاومة الشعب الإيراني، لقد قاوم السلاح الذي أغدقه العالم على نظام صدام، وقاوم الإعلام الذي أراد أن يبث روح الخوف والهزيمة في النفوس، وقاوم جوّ الغربة الذي عاشه والظلم الذي واجهه حتى من قِبَل ذوي القربى.
 
                      وظلم ذوي القربى أشد مضاضة       على المرء من وقع الحسام المهند
 
قاوم الحرب الكيمياوية والميكروبية والتجسسية والاختراقات الأمنية و... فانتصر بإذن الله سبحانه .


الثالث: خبث القوى العالمية المعادية للإسلام، لقد تبين هذا الخبث بوضوح حين أعلن قائلهم: لابد من دعم نظام صدام لمواجهة ما سماه: «الأوراق الصفراء التي تأتينا من إيران». ويقصد بالأوراق الصفراء الخطاب الإسلامي الأصيل والمعاصر الذي قدمته الجمهورية الإسلامية للعالم.
والعدوّ الصهيوني رأى في هذه الحرب فرصة لإضعاف العالم الإسلامي وتمزيقه، فراح يطلق تصريحات تعبّر عن ارتياحه لنشوب هذه الحرب، والتشفّي بما ينزل بإيران والعراق من دمار وإهلاك الحرث والنسل.
لابدّ أن تعي أمتنا حكومات وشعوبًا أن أي خلاف ونزاع بينها يصب مباشرة في صالح أعدائها. قد يتظاهر هؤلاء الأعداء بالتأييد لهذا أو ذاك، لكنهم يستهدفون القضاء عليهم جميعًا ﻻ يستثنون في ذلك مذهبًا دون مذهب ولا حكومة دون حكومة ولاشعبًا دون شعب.

ومن مظاهر خبث قوى العدوان العالمية أنها حاصرت إيران في هذه الحرب الظالمة ومنعت تصدير أي شيء حياتي أو دفاعي إليها، بل منعت حتى شراء الأسلاك الشائكة وسيارات النقل متذرعة بأنها قد تستخدم للأغراض العسكرية!! بينما كانت لا تمتنع حتى عن إغداق الأسلحة الكيمياوية المحرمة ولا طائرات الأواكس الاستراتيجية إلى جبهة العدوان.
هكذا هي القوى المتفرعنة في العالم، فلا يجوز أن تغترّ أمتنا بكلامها المعسول، ولا بوعودها البرّاقة، فإنها تتحين كل فرصة لإنزال ضربتها دون رحمة بالشعوب.

والرابع: هو قدرة المقاومة على جمع الصفوف وتأليف القلوب. فالبطر والاستسلام للعدوّ لايؤدي إلا إلى التفرقة والتمزيق والتشتت، وما تمزّق الأندلس وضياعها إلا بسبب ضياع روح المقاومة بسبب الانغماس في مصالح دنيوية ضيقة وشهوات هابطة عابرة.
المقاومة تجمع الشعوب على هدف مقدس واحد، وتدفع بها نحو مثل أعلى كبير، وتحميها من الوقوع في الأهداف الصغيرة التافهة.
ومن هنا فإن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية تبنّى الووقوف إلى جانب اتحاد علماء المقاومة وسانده إيمانًا منه بأن التقريب بين مذاهب المسلمين لا يمكن أن يتحقق إلا في جوّ مقاومة الأمة لما يواجهها من تحديات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية.
هذا التراجع المشهود اليوم لدى بعض حكام بلدان المنطقة أمام العدوّ الصهيوني هو أكبر خطر على مستقبل الأمة ووحدتها وتلاحمها.

والتصريحات التي تصدر أحيانًا من بعض المسؤولين بل حتى ممّن يسمّون أنفسهم «علماء» بشأن التطبيع مع الصهاينة القتلة المغتصبين هي جريمة يحقّ هذه الأمة التي أراد الله تكون «أمة واحدة» وأن تكون «خير أمة أخرجت للناس» وأن تكون الشاهدة الوسط على ساحة التاريخ.
هذه بعض دروس الحرب المفروضة على الجمهورية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، وها نحن نحيي ذكراها في أسبوع المقاومة لنستلهم منها ما يعيننا على مواصلة طريق العزّة والكرامة. والله ولي التوفيق.
 
                                              المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                               الشؤون الدولية

/110
 
https://taghribnews.com/vdcawonmo49n601.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز