>> التعارف وسيلة هامة للتقريب والوحدة | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2010 14 December ساعة 11:53
رقم : 33927
الشيخ تاج الدين الهلالي*

التعارف وسيلة هامة للتقريب والوحدة

وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا)
لا شأن للتقريب باختلاف المسلمين في الراي ولا بالمذاهب ومدارس الفكر عندهم ما دام الاختلاف الفكري لا ينقلب الى عداء وانشقاق وعداوة او لا يصحبه شىء من ذلك لان وجود المدارس ومذاهب الفكر المختلفة داخل الاسلام شىء طبيعي مرغوب فيه.
التعارف وسيلة هامة للتقريب والوحدة

اخي الموحد اسمح لي ان اناديك بهذا الاسم يا من تريد لنفسك ولامتك الخير والفلاح والنجاح وترغب في ان تلقى الله عز وجل بعمل صالح يكون في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون. هذا هو كتاب الله عز وجل يهتف في اعماقك( لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس) فكن مفتاحا للخير مغلاقا للشر ولا تكن رقما في الفتنة المذهبية الذي يقدم مصلحة الامة على قرابين الحكام الدائرين في فلك المشروع الامريكي والفكر الصهيوني اللذين يتربصان بنا الدوائر ولايريدون للامة ان تقوم لها قائمة ولا يكون لها حضور بين الامم.
 
اعلم ان للوحدة الاسلامية وثقافة التقريب بين المذاهب الاسلامية اصولا ومعالم ترتكز على هذه الدعائم والمقومات

والخطوات الاتية التعارف ثم التعارف ثم الاعتراف. 

اولها التعارف وهو اطار انسانى شامل ارسى معالمه خالق الاكوان فى اية محكمة (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير)؛
واذا كان التعارف والقول الحسن والكلم الطيب ولين الجانب وحسن المعشر وكسب القلوب وابراز المحاسن الاخلاقية لمكارم الاسلام السمحة مطلبا انسانيا واصلا قرانيا وخلقا نبويا مع جميع بني البشر فهل يعدم هذا بين المسلمين من اهل التوحيد والقبلة الواحدة؟ وهل هذه القيم تتبدد وتتلاشى في حوارنا المذهبي السني الشيعي؟ 

ثانيها التعرف، بأن يتعرف كل من مدرستي (الخلافة والامامة) على ما لدى الاخر من ادلة فقهية وقواعد اصولية وتاويلات ومفاهيم في المسائل الفرعية والوقوف على العقيدة الصحيحة اعتمادا على اقوال الائمة الثقات والمصادر المعتبرة والمعتمدة عند الطائفة او المذهب دون خلط او تلفيق او تحريف او تزوير لما عليه غلاة المذاهب الباطنية البائدة او التي مازال لها جذور باقية ومما يخدم حالة التعرف ما ذكره الاستاذ محمد عبد الله المحامي في كتابه "معالم التقريب".
 
فليس التقريب حركة تبشيرية باي وجه ولا يدخل في رسالته الدعوة للاسلام بين غير المسلمين ولا الدعوة لنشر هذا المذهب او ذاك بين المسلمين في اى مكان، لانه لا ينشد ازالة
المذاهب الاسلامية ولا اضعاف ولاء المسلمين لمذاهبهم وانما ينشد ازالة العداوة المتبادلة بين اهل المذاهب؛ لانه لا تلازم بين وجود المذهب والولاء له وبين عداوة المنتسبين الى المذاهب الاخرى وبغضهم. 

ولا يدخل في مهمة التقريب والتقارب بين اهل الاديان المختلفة توحيدا لمساعيها فيما تتفق عليه مبادئها من البر والخير والفضيلة والاهتمام بروح الانسان وفي دفاعها ومقاومتها للمذاهب والحركات المادية التي انتشرت في هذا الزمن. 

ثم لا شأن للتقريب باختلاف المسلمين في الراي ولا بالمذاهب ومدارس الفكر عندهم ما دام الاختلاف الفكرى لا ينقلب الى عداء وانشقاق وعداوة او لا يصحبه شىء من ذلك لان وجود المدارس ومذاهب الفكر المختلفة داخل الاسلام شىء طبيعي مرغوب فيه ليس منه بدا ما دام الاسلام دينا حيّا لأحياء لكي يزدادوا حياة وليس دينا ميتا لاموات لكي يهيىء لهم الانسحاب من الدنيا. 

والاسلام نفسه شحنة هائلة من النشاط العقلي والروحي تأبى ان يتحول المسلمون الى مجرد نسخ متطابقة تتكرر باستمرار وبلا اختلاف من عقل واحد ايا كان هذا العقل حتى لا يهلك المسلمون من الاجداب والرتابة والركود والشعور بالقدم ومقت انفسهم ودنياهم؛
فالمسلم ليس نسخة من احد وانما هو اصل فذ يعقد عليه الاسلام اماله ويضمن به على الدنيا باسرها وليس يرضي الاسلام ان تلد المسلمات مكررة معتمة وانما يرضيه ويعليه انجاب العقول الجديدة اليقظة النشطة التي تتسلم دينها ودنياها بشغف وحماس وتحلل بلّوراتها الصافية المتنوعة الطاقات والابعاد ضياء الاسلام الى ما لا حد له من الالوان المبهجة الملهمة. 

ستظل المذاهب ومدارس الفكر في الاسلام توجد ما بقي للمسلمين حاجة الى التعبير عن ثرائهم العقلى والروحي الى استدامة الصلة بين اصول دينهم وبين واقع الحياة فى العصر والمحيط اللذين يعيشون فيهما. ليس من مصلحة الاسلام والمسلمين كبت النشاط العقلى والروحى داخل الاسلام ... والاسلام يندثر ويندرس اذا لم يعد يفكر فيه ويشعر به الا الحمقى والجهلاء. 

وبديهي ان الخلاف الفقهي بين المدارس والمذاهب الاسلامية ليس مما تشتغل فيه العامة ولا نعني هنا بالعامة العوام وانما نعني كل من لا يهتم بمعرفة فقه المذاهب وهم معظم القارئين الكاتبين وفي زمننا هذا معظم المثقفين المتعلمين. 

وهؤلاء يلتقطون عادة نتفا ونكتا عن المذاهب من هنا وهناك لا يتحرون اصلها او صدقها وهم لو وجدوا الفرصة ووجدوا من انفسهم الاهتمام الكافي قادرون بلا شك على تحصيل صورة صحيحة عن المذاهب الاسلامية. 

اما العوام والدهماء لا يقوون على النظر لانفسهم في هذه الامور ولا يستطيعون غلا ان يقلدوا ما يمكنهم تقليده والخلاف المذهبي لا يمكن ان يصل الى العام والجهلاء والدهماء الا عن طريق الدعوة والدعاة ولا يصل اليهم عادة لا بعد ان يفقد كل ما فيه من فكر وفقه
ويتحول اكثره الى دعاوى عريضة ساذجة واتهامات صارخة منكرة ترددها السنة ناعقة في رؤوس فارغة على انها حقائق ولا تحتاج الى بيان او برهان وللباطل دائما حيوية تتناسب مع عدد معتنقيه ومصدقيه ومع امد بقائه بين ظهرانيهم. 

تتراكم هذه المرويات في حنايا النفوس وتتحول الى الموروثات ومخزونات ومدخرات وكانها راس مال ورصيد للفتنة نستخرجها وقت الحاجة ويستعين بها ذووا الامزجة السودوية في التشهير والتكفير. 

لقد تداول الناس في بلاد الاسلام تلك الدعاوي والاتهامات الحمقاء عن طوائفهم جيلا بعد جيل قرونا واحقابا كرهوا على اساسها واحبوا ومدحوا وذموا وعظموا واهانوا وهاجموا وهوجموا وقاتلوا وقوتلوا حتى اختلطت هذه الركائز بعواطفهم وتفكيرهم وصارت جزءا من عقليتهم وسلوكهم يستغله ذو الاغراض ويستخدمه اعداء الاسلام في محاربة الاسلام فلا بد ان ننتبه لكل مال يحاك لنا حتى نحمي امتنا من جهل الجاهلين وحمق الحمقى.
 __________________________________________
*مفتي استراليا

https://taghribnews.com/vdcfe1dm.w6dm0aikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز