تاريخ النشر2010 5 December ساعة 09:23
رقم : 33064
الدكتور عبدو القيس:

قضية ويكيليكس غير مسبوقة في تاريخ الصراع الأمني

إذا ما تابعنا الحركة الدبلوماسية الإسرائيلية ومواكبتها لهذه الأحداث, نرى أن هناك خيوط كبيرة تدل على تورط إسرائيل بإدارة ونشر هذه الوثائق من أجل الزج بأمريكا وحلفائها العرب بأتون المشروع الصهيوني الأحمق الذي يرغب بإشعال المنطقة بأسرها
قضية ويكيليكس غير مسبوقة في تاريخ الصراع الأمني

وكالة أنباء التقریب (تنا)

علق الكاتب والمحلل السياسي اللبناني الدكتور عبدو اللقيس خلال حديثه لوكالة أنباء التقریب (تنا) على قضية الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس الألكتروني وقال: فيما يتعلق بموقع ويكيليكس وحصوله على هذا الكم الهائل من الوثائق التي تعتبر سرية لا بد من التوقف ملياً حيال هذا الأمر الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع الأمني الجاسوسي بين الدول الكبرى والصغرى وعليه فإن حصول الموقع المذكور على هذا الكم الكبير من هذه الوثائق ونشرها في أوقات محددة ولمرات متعددة يثير الكثير من الشك عن امكانية اختراق للمراكز الحساسة في الخارجية والأمن الأمريكية إلا إذا كان الذي حصل تم بتواطىء كبير وعلى أعلى المستويات بين بعض الأجهزة الأمنية الأمريكية والإسرائيلية معاً التي ابدت ارتياحها لنشر هذه الوثائق التي لم تأت على ذكر اسرائيل بشيء يسيء إلى أمنها القومي والإستراتيجي،كما حصل في الجانب الأمريكي. 

وتابع قائلا: هناك أهداف منتقاة مسبقا من نشر هذه الكمية الكبيرة من الوثائق فلم يأت نشرها بشكل عشوائي أو من دون دراسة كل وثيقة على حدة قبل نشرها نظراً لما تتضمنه هذه الوثائق من فضائح كبرى للسياسة والأمن الامريكيين وخصوصاً إذا ما عرجنا على نوعية بعض الوثائق التي تشير إلى مدى سخرية أمريكا ودبلوماسيتها من باقي الدول وخاصة التي تعتبر حليفة لها من الأروبيين
وعرب وغيرهم وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على مدى النظرة الإستكبارية المتعالية للإدارة الأمريكية في علاقتها مع الآخرين كل الآخرين، طبعاً فيما عدا إسرائيل، ونستنتج من ذلك إنه لا يمكن أن يتم نشر هذه الوثائق بهذا الحجم ولأكثر من مرة من دون تعاون شبه رسمي أمريكي كبير .

وفيما يتعلق بعلاقة القضية بالصهاينة شدد القيس على أن ذلك يتجلى واضحا من الإرتياح الذي أبدته اسرائيل بعد نشر هذه الوثائق لإظهار تورط أمريكا في الكثير من الملفات الساخنة وكذلك العديد من الدول العربية في مواقف لا تخدم حتى مصالح الدول المذكورة نفسها بقدر ما تخدم المشروع الصهيوني في المنطقة الهادف إلى زعزعة أمن واستقرار الدول المعارضة للمشروع الأمريكي الصهيوني مثل : ايران , وسوريا , ولبنان حيث ذهب العديد من رؤساء ومسؤولي الدول العربية وعلى مختلف المستويات بالطلب أحياناً والتحريض أحياناً أخرى على ضرب المحور المذكور وإن حاولت هذه الدول والأشخاص المذكورين في هذه الوثائق من نفي ما ورد بشأنهم مثلما حصل مع رئيس حكومة لبنان ( الحريري ) الذي نفى قوله بأن ضرب إيران هو حاجة ملحة إلا أن ذلك لن يغير من حقيقة الأمر شيئاً حيث أن تصرفاتهم وسياساتهم تعبر بشكل فاضح أكثر من الوثائق نفسها عن حقيقة مواقفهم التي لا تحتاج إلى مثل هذه المنشورات لنكتشفها، ومن بين ذلك المواقف المخزية للكثيرين أثناء حرب تموز عام ٢٠٠٦ على لبنان اضافة الى مواقف العملاء في الداخل اللبناني الذين كانوا يراهنون على هزيمة المقاومة وحزب الله . 

ولفت القبيس الى أن هؤلاء كانوا مذعورين نتيجة صمود الجباه والرؤوس والأقدام التي داست جبروت الصهاينة وأحلام
عملائهم وقد تم التعبير عن تلك الخيبة بكثير من المواقف المخزية التي كانت وما زالت حتى الآن ترفض الإعتراف بهزيمة الجيش الصهيوني وتدعي عكس ذلك , لا بل تريد إن استطاعت محاسبة حزب الله على هزيمته وسحقه لاسطورة الجيش الذي لا يقهر عبر الإدعاء بأن حزب الله هو من اعتدى على اسرائيل ويطالبون بلجان تحقيق برلمانية لتقصي الحقائق بغية تحميل حزب الله وزر تلك الحرب اللعينة بنظرهم لانها أذلت رؤوس الصهاينة وبالتالي هذا العار لحق بهم .

وبشأن إمكانية تورط الرئيس أوباما بما يحصل قال القيس: لا أرى أن له مصلحة مباشرة في ذلك ولا حتى بالتحلل من سياسة سلفه بوش لأن إدارته ما زالت حتى الآن لن تظهر أي مدى أو أي رغبة في تغيير السياسة الحمقاء لإدارة بوش , هذا أضفنا عامل عدم القدرة للرئيس أوباما على هذا التغيير الذي وعد به العالم قبيل مجيئه، وأنني أميل إلى اعتبار أن ما يحصل هو أكبر من أوباما وسلطته على ضبطه لأن هذه الفضائح لم تتغير، وإن أمريكا الأوبامية لا تختلف في طبائعها للبوشية من حيث الأفعال لكن سلطة اوباما وقدرته على الإمساك بكل مفاصل وتفاصيل السياسة الأمنية العسكرية لأمريكا أضعف مما يحاك من حوله, خصوصاً إذا ما تابعنا الحركة الدبلوماسية الإسرائيلية ومواكبتها لهذه الأحداث, نرى أن هناك خيوط كبيرة تدل على تورط إسرائيل بإدارة ونشر هذه الوثائق من أجل الزج بأمريكا وحلفائها العرب بأتون المشروع الصهيوني الأحمق الذي يرغب بإشعال المنطقة بأسرها عبر إشراك الجيش الأمريكي من ناحية, والعربية من ناحية أخرى إلى جانب الجيش الصهيوني في معركة وجودية بالنسبة لإسرائيل في مواجهة التطور الهائل والكبير النوعي والإستراتيجي لقوى الممانعة والمقاومة
في المنطقة, خصوصاً إذا ما أمعنا النظر في حركة الدبلوماسية الإيرانية التي عملت على توسيع التحالف المؤيد لها في المنطقة الشرق اوسطية وخارجها ليشمل إلى جانب سوريا ولبنان أجزاء كبرى من الأراضي الفلسطينية وأغلب القوى السياسية في العراق.
إضافة إلى ذلك العلاقة القوية التي أرستها إيران مع تركيا التي تسير نحو التحالف وإن كانت لتركيا علاقاتها الأطلسية لكن التطورات الداخلية التركية تؤكد أنها تسير باتجاه التحالف القوي مع إيران وشعوب المقاومة وهذا ما أكده رئيس الوزراء التركي (أردوغان) أثناء زيارته إلى لبنان حيث أكد وقوفه التام والحازم ضد أي عدوان إسرائيلي في المنطقة, ومن خلال هذه النظره الشاملة نستطيع أن نفهم سر التشاؤم الأميركي من نشر هذه الوثائق وبين ملاحقة الموقع المذكور الناشر قضائياً بسبب ما أحدثه من أضرار بالغة على السياسة والأمن الأمريكيين إذ أن الادارة الاميركية لم تكن لترغب بنشر ما يحاصرها في وحول المنطقة أكثر فأكثر في الوقت الذي تسعى فيه جاهدةً وبكل السبل للخروج وبأسرع وقت ممكن وبأقل الخسائر من قبضة الشعوب المقاومة التي اصبحت تملك درجة كبيرة من الوعي يأهلها من أجل تحديد مستقبلها بأيديها لذلك نرى أن المساعي الأميركية الكبرى تنصب عبر مفاوضاتها مع إيران بينما يوجد خط آخر داخل أمريكا وخارجها يرفض هذا التوجه الإنسحابي أو الإنهزامي لأمريكا ويلتقي بأطروحته مع السياسة الإسرائيلية والتي قد تنتهي بتصفية الرئيس الأمريكي اوباما على يد هذه المجموعات المتنفذة التي تعارض انسحاباً أمريكياً من المنطقة حيث تصبح إسرائيل مكشوفة الظهر أمام قوى المقاومة,إذ أنها ستواجه مصيرها المحتوم منفردة وإن غداً لناظره قريب 
https://taghribnews.com/vdchkvnx.23nx-dt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز