تاريخ النشر2010 6 November ساعة 09:48
رقم : 30191
الدكتور أحمد المؤمني لوكالة أنباء التقريب (تنا):

التقريب بحاجة إلى الصدق والنية الصالحة

وكالة أنباء التقريب (تنا):
أن العلماء بحاجة إلى جهد أكبر و إلى وعي أكثر بما يتعلق بمعرفة الفقه المقارن والتركيز على اهمية التوافق بين المذاهب الإسلامية المتعددة، والصدق في تنفيذ ذلك مع النية الصالحة
الدكتور أحمد المؤمني
الدكتور أحمد المؤمني

وقال الدكتور أحمد المؤمني أستاذ كلية القانون في الجامعة العربية للدراسات العليا بالأردن في حوار خاص مع وكالة أنباء التقریب (تنا) كل الشعوب بفطرتها تحب الوحدة وهذا أمر واجب على كل مسلم وإنسان عاقل وواعٍ بأن يعمل على وحدة الأمة والدول الإسلامية لتكون أمة واحدة. 
وأضاف المؤمني: على كل منا أن يعمل بالقدر الذي يستطيع لتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى حتى يكون مرفوع الرأس أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
وفيما نص الحوار: 

هناك العديد من التوصيات والفتاوى صدرت سواء عن مجمع الفقه الإسلامي أو العلماء ولكن لا نجد لها صدى مؤثرا وقويا في الشارع العام فأين الخلل؛ في الشارع الإسلامي أو العلماء؟
 
الخلل في الطرفين؛ الحقيقة أن العلماء بحاجة إلى جهد أكبر و إلى وعي أكثر بما يتعلق بمعرفة الفقه المقارن والتركيز على اهمية التوافق بين المذاهب الإسلامية المتعددة، والصدق في
تنفيذ ذلك مع النية الصالحة. وكذلك الشعوب بحاجة إلى وعي كبير لأن الكثير من الأحكام الشرعية المتعلقة بوحدة الأمة والتقريب بين المذاهب الإسلامية لاتعلمها الشعوب. 

ولا يفوتنا أن الخلاف بين المذاهب يعتبر إثراء والله سبحانه وتعالى يشير إلى أن الحق واحد ولكن طرق الوصول إلى الحق متعددة فيقول: هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ. وفي آية أخرى يقول: (لنهدينهم سبلنا) وهذا يعني أن هناك طرق عديدة توصل إلى حقيقة واحدة وهي الحق. وبالتالي رفع الوعي عند الأمة هو أمر مهم جدا. 

ما هو تقييمكم لمكانة الوحدة الإسلامية بين أبناء الأمة؟

كل الشعوب بفطرتها تحب الوحدة وهذا أمر واجب على كل مسلم وإنسان عاقل وواعٍ بأن يعمل على وحدة الأمة والدول الإسلامية لتكون أمة واحدة وهذا نظرا إلى قول الله تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). إذن هذه القضية هي واجب عقائدي وعلى كل إنسان أن يبذل جهده لتحقيق وحدة الأمة وإلّا سيُحاسب على ذلك. 

في ظل ما يجري في العالم الإسلامي من الفتن الطائفية وغيرها من أسباب التفرقة لاشك أن الامة الإسلامية بحاجة ماسة إلى الوحدة الإسلامية، والتقريب بين المذاهب أحد الطرق المؤدية إلى وحدة الأمة الإسلامية، فما رأيكم بمفهوم التقريب؟ 
أنا أؤيد التقريب بين المذاهب الإسلامية بمختلف أنواعها
ولكن هناك ملاحظات في هذه القضية: التقريب بحاجة إلى الصدق والنية الصالحة ولنعلم أن التقريب ليس إحلال مذهب محل مذهب آخر وإنما المقصود هو الحوار المستمر الناجح المعتمد على الدليل مع التقيد بآداب الحوار. نعلم أن هناك ثوابت لايجوز فيها خلاف أو نزاع ولكن تباين الآراء يكون في الفرعيات والجزئيات. وعلى ذلك يجب أن يتسامح البعض مع الآخر ليسيروا في طريق واحد يؤدي إلى الحق إن شاء الله. 

ماهي في رأيكم أسباب تخلف المسلمين والحلول التي ترونها؟ 
هناك أسباب كثيرة ولكن من أهمها نستطيع أن نشير إلى عدم الوعي، وجود الاستعمار، الهجمات المعاكسة من الكفار، وسائل الإعلام المتعددة التي تهاجم المسلمين وخاصة محاولاتها للتشكيك في الدين الإسلامي، الفقر الموجود عند الأمة، عدم العدالة في توزيع الثروات وكل هذه الأشياء تجر الأمة نحو التخلف. 

بالرغم من أن القرآن الكريم أمر المسلمين بالوحدة؛ وأكدتها الاحاديث الشريفة والعقل؛ لكننا لم نر تحققها على أرض الواقع بين أبناء الامة الاسلامية؛ لماذا؟ 
هناك أسباب كثيرة ولكن من أهمها جهود الأعداء سواء كانت جهود معلنة أو جهود خفية؛ لأنهم بمؤامراتهم
المتعددة يجتمعون ويخططون ويعتقدون جازمين بأنه لايوجد أي خطر محتمل في المستقبل إلا أن يعيد المسلمون ترتيبهم وقوتهم ووحدتهم. ولذلك نرى أنهم يحاولون لتجزئة العالم الإسلامي وتجهيله وتخلفه وبالتالي هذا يعتبر عنصرا أساسيا وركنا ومهما. 

إضافة إلى ما سبق، هناك أسباب تعود إلى المسلمين أنفسهم. وكل واحد على عاتقه جزء من المسؤلية وبالتالي بمقدار الإمكانيات يكون مسؤولا عن هذا التخلف والجهل وكذلك مسؤولا عن تنفيذ الأحكام الإسلامية. 

كيف يمكن معالجة الفكر التكفيري وما يأتي من ورائه على المسلمين؟ 
هذا واجب يتحمله كل مسلم ويكون ذلك بالتقارب بين المذاهب وبيان نقاط الالتقاء وتجاوز الفرعيات ونقاط الاختلاف. ويجب أن نأخذ بالقواعد التي أخذها العلماء الكبار من أصحاب المذاهب عندما قالوا: "رأيي هذا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". وكذلك يجب أن يكون تعاون ودي بين المذاهب حتى يكون هناك قدوة حسنة لعامة الأمة. 

وكذلك المشكلة الكبرى هي عوام الناس الذين يتمسكون بالفرعيات والجزئيات التي لايقبلها العقل ولا المنطق. مع أننا نجد في الغرب مئات بل آلاف المذاهب المتعددة في معتقداتهم وأحزابهم و...
ولكن لايصلون إلى هذه الدرجة من ازدراء الإنسان لأخيه الانسان . وإذا كان ذلك يكون مجرد نقد مبني على الدليل.
هذا يعتمد على الوعي الديني الصحيح بأن لايجوز للإنسان أن يكفر الإنسان مهما كان؛ إلا من قبل جهة معتمدة على الدليل وحكم يخرج به وليس بهذه السهولة. أعتقد أن السبب في مثل هذه القضايا هو الجهل فحسب. 

في اجتماعاتكم مع علماء المذاهب الإسلامية كيف وجدتم ردود فعلهم أمام الدعوة للحوار والتفاهم؟ 
وجدت نوعين من العلماء: علماء عندهم صدق ويعملون جادين على تجاوز هذه الفجوة، وهم باستمرار يصرون على نقاط أساسية. وبعض العلماء يُظهر بأنه يريد التقريب ولكن لايوجد عنده صدق واخلاص. وكذلك تجد أفعاله تخالف كتاباته وأقواله.
وهذه المشكلة تواجهها الأمة الإسلامية وإذا كان هناك صدق وإخلاص، أعتقد أن التأثير سيكون أكثر وأكبر مما يكون. 

نعلم أن الدين الإسلامي هو دين عالمي ولكن ما هي الأدلة على عالمية الإسلام؟ 
هذا لاشك فيه أبدا. هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تشير إلى ذلك، منها: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وكذلك إذا نظرنا إلى الأحاديث النبوية الشريفة وكذلك إذا نظرنا إلى الفقه الإسلامي
من ناحية الصلاحية والمعاملة والعقوبات، نجد أنه يحاول لإصلاح المجتمعات في الدنيا وكل هذا يدل على أن هذا الدين هو الصالح وهذا يعني عالمية الإسلام. 

الآن نجد أن كثيرا من العلماء والمفكرين في الغرب يعودون إلى النظرية الإسلامية في كثير من القضايا كقضية الأزمة الاقتصادية العالمية. ونجد علماء الاقتصاد لتجاوز هذه الأزمة قالوا إننا يجب أن نعمل على الاقتصاد البديل. ما هو الاقتصاد البديل؟ الاقتصاد البديل هو أن تكون نسبة الريح صفرا وهذا هو النظام الاقتصادي في الإسلام ولكنهم يخجلون بأن يقروا أننا لجأنا إلى نظرية إسلامية لتجاوز أزمتنا. 

وكذلك غير ما أشرت إليه هناك شواهد كثيرة تدل على عالمية الإسلام. ولا ننسى أن عالمية الإسلام لا تعني فرض قوانينه وأنظمته على الآخرين؛ لأن الله في سورة البقرة يقول: (لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي). 

وفي الختام ماهي الرسالة التي توجهونها للأمة الإسلامية؟ 
على كل منا أن يعمل بالقدر الذي يستطيع لتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى وحتى لايقف أمام الله كما قال "وقفوهم انهم مسؤولون" والكل سيُسأل عن عقيدته وفكره وعمله يوم القيامة. فماذا نريد أن نجيب لسبحانه وتعالى؟ ومن الله التوفيق.

https://taghribnews.com/vdcfyydm.w6dx1aikiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز