الدور المصيري للشعب اليمني في تشكيل النظام السياسي
تنا - خاص
لم يرق للعالم الغربي و الرجعية العربية مطلقاً ، اقامة دولة ديمقراطية قوية قائمة على اسس الثقافة المحلية في البلدان العربية والاسلامية .
شارک :
كتب و قيل الكثير في تحليل و تفسير تصعيد السعودية لتحركاتها العسكرية المعادية لليمن خلال الاسبوعين الأخيرين ، لاسيما الدوافع التي تقف وراء هذا التصعيد ، وتكثيف الغارات الوحشية و استهداف المناطق السكنية في هذا البلد . و من الواضح أن ثمة اتفاق في وجهات النظر في معظم ما قيل و ذكر، ازاء ثلاثة عوامل رئيسة تضطلع بدور هام في استمرار القصف و اتساع دائرته . إذ يرى الجميع أن النقاط الثلاث التالية شكّلت الدافع و الارضية للتصعيد العسكري السعودي الاخير في العدوان على اليمن :
ألف - الاصرار على المنطق الخاطىء المعادي للانسانية ، الذي انطلق على اساسه العدوان ضد اليمن منذ اليوم الاول ، و كان يستهدف تحطيم مقاومة الشعب ، و التمهيد لتسلّم حكومة تابعة لمقاليد السلطة في هذا البلد يترأسها رئيس الجمهورية المعزول عبد ربه منصور هادي .
في الحقيقة أن المسؤولين السعوديين عندما رأوا أنفسهم عاجزين عن فرض مطالبهم المتغطرسة - التي تشكل تدخلاً صارخاً في الشأن الداخلي اليمني - على الاطراف اليمنية ، بعد ثلاثة اشهر من المفاوضات ، لجأوا ثانية الى وسيلة الضغط التقليدية الثابتة ، أي معاودة استهداف المناطق السكنية الآهلة بالسكان و تكثيف غاراتهم ضد المدنيين العزل .
ب - العامل الآخر الذي شكل دافعاً رئيسياً في مواصلة العدوان ، و توسيع دائرة القصف الجوي و تكثيف الغارات ضد الاحياء المدنية و الاسواق الشعبية ، يكمن في الاخفاقات و الهزائم التي مني بها نظام آل سعود في الفترة الاخيرة على الصعيد الاقليمي و الدولي على حد سواء .
على الصعيد الاقليمي ، من الواضح تماماً أن سياسات حكومة الرياض التي تهدف للتدخل و اذكاء اوار الحرب في سوريا و العراق ، تقف على اعتاب هزيمة كبرى . و في الساحة الدولية ، و رغم كل التمهيدات التي يقوم بها الدولار السعودي ، بدأنا نشهد انطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات ضد العائلة السعودية المالكة .
و في ظل هذه الاحداث ، يحاول النظام السعودي ، من خلال الابقاء على نار الحرب مستعرة في اليمن و تكثيف الغارات وتوسيع دائرة استهداف المدنيين ، لفت الانظار داخل السعودية و خارجها ، الى أنه ما زال يحتفظ بنفوذه و قدراته الاقليمية السابقة ، و أنه ليس في طريقه للافول و الاضمحلات ، على عكس ما تصوره المحافل السياسية و الاعلام العالمي .
ج - العامل الثالث يتمثل في ردود افعال المسؤولين السعوديين ، التي اتسمت بالانفعال و القلق و الاضطراب ، ازاء البدء بتنفيذ مشروع بناء الدولة ، أو ارساء تركيبة النظام الجديد ، في اليمن . و هي ذات ردود الافعال التي اظهرها العالم الغربي خوفاً و قلقاً تجاه حليفه السعودي .
ذلك أنه لم يرق للعالم الغربي و الرجعية العربية مطلقاً ، اقامة دولة ديمقراطية قوية قائمة على اسس الثقافة المحلية في البلدان العربية والاسلامية . بل يخشى تماماً أي تحرك يتطلع الى تشكيل مثل هذه الدولة في العالم الاسلامي .
هذا في وقت يمضي الشعب اليمني ، بذكاء ملفت و انفتاح سياسي يبعث على الاعجاب ، قدماً على طريق ارساء مشروع بناء الدولة ، و بعبارة ادق ، الانتقال الى مرحلة بلورة معالم تركيبة النظام الجديد ، و قد استطاع من خلال تنظيم المسيرات المليونية الباهرة ، أن يضمن استمرار هذا التحرك المجدي تماماً .