تاريخ النشر2020 16 November ساعة 20:25
رقم : 482344
تجليات الرحمة النبوية وأبعادُها العالمية

أقامة مؤتمر إفتراضي دولي بعنوان "نبي الرحمة، محور الوحدة"

تنا
أقامت الامانة العامة للمؤتمر الدولي لمواجهة التیارات المتطرفة والتکفیریة ومؤسسة دارالاعلام لمدرسة أهل البیت(علیهم السلام) بالمشارکة مع المستشاریة الثقافیة الایرانیة في لبنان مؤتمراً إفتراضياً دولياً بعنوان "نبي الرحمة، محور الوحدة" اليوم الاثنين في بيروت .
أقامة مؤتمر إفتراضي دولي بعنوان "نبي الرحمة، محور الوحدة"
وعقدت الامانة العامة للمؤتمر الدولي لمواجهة التیارات المتطرفة والتکفیریة ومؤسسة دارالاعلام لمدرسة أهل البیت(علیهم السلام) بالمشارکة مع المستشاریة الثقافیة للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة في لبنان اليوم الاثنين 16 نوفمبر الجاري مؤتمراً إفتراضياً دولياً بعنوان "نبي الرحمة، محور الوحدة".

و فيما يلي كلمة المستشار الثقافي الايراني لدى لبنان؛ الدكتور عباس خامه يار :

ويجتمعُ المسلمون كثيراً وتجتمع الأديانُ السماويةُ غالباً في مناسباتٍ من قبيل التقريب بين المذاهب والأديان، وفي المناسبات الدينية التي تخصُّ هذه الأديان للتأكيد نظرياً وعملياً على مفهوم الوحدة، الوحدة بين الأديان حول محور التوحيد والإيمان، والوحدة بين أديان المذهب الواحد حول فروع الدين والمنظومة الأخلاقية الجامعة وسيرة الأنبياء والأولياء.

وإنما وحدتُنا الإسلامية محورُها هو محمّدٌ نبيُّ الرحمة وخاتم الرسل، الذي جاء حاملاً رسالة الإسلام ليُتمَّ بها مكارمَ الأخلاق.

وفي الحديث عن الرحمة كأحد تعاليم الإسلام التي يطرحها القرآن الكريم والتي تقدّمُ إلى المسلمين مفهوماً يسبقُ مفهومَ غضب الله وسخطه، ينبغي أن نتناولَ بشكلٍ تطبيقيٍّ عمليٍّ سيرةَ الرسول (ص) وتاريخَ الرحمةِ والرأفةِ الذي خطّته هذه السيرة والأحاديث المتواترة، من رأفتِه وعطفه مع الصغار والغرباء، ورحمته بالكفّار الحاقدين ومقابلتِه الإساءةَ بالإحسانِ دائماً، وإعلاء خطاب الإنسانية على خطاب الانتقام والكراهية.

وتزخَرُ حياةُ الرسول(ص) بسلوك الرحمةِ والرأفة، والرحمةُ النبويةُ منشأُها الرحمة الإلهية، فقد وهبَهُ اللهُ قلباً رحيماً لأنه أرسلَه رحمةً للعالمين.
                

قال الله سبحانه وتعالى: "وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين"، فهو رحمةٌ وسيرتُه رحمةٌ، وشريعتُه رحمةٌ وسُنّتُه رحمة. وهي رحمةٌ للعالمين كما تقول الآية الكريمة وليست رحمةً مجتزأة مختصةً بالمسلمين. لذا فإنّ محمّداً هو مدرسةٌ للعالمِ بأسره، للإنسان بما هو إنسان، بالتالي فإنّ الإساءةَ لشخص الرسول (ص) هي إساءةٌ للعالمين، للإنسان وللبشر جميعاً. فليس لأحدٍ أن يظنّ بأنها إساءة للإسلام والمسلمين وإنما هي إساءةٌ للعالم والعالمين. ولأنفسهم بالدرجة الأولى. فمحمدٌ يعنيهم وهو لهم كما هو لنا. فهو خيرُ الخلقِ جميعاً.

وتتجلّى رحمةُ النبيّ(ص) مع الأعداء والكفار أمام كافة أشكالِ الأذى مثالُه الصحابيُّ ثُمامة الذي كان أسيراً عند المسلمين وأطلق الرسولُ
سراحَهُ فقال: أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أنّ محمداً رسولُ الله، يا محمد، واللهِ ما كان على الأرضِ وجهٌ أبغضُ إليّ من وجهِك، فقد أصبحَ وجهُك َأحبَّ الوجوهِ إليّ، وأصبحَ دينُكَ أحبَّ الدينِ إليّ.

هذا إلى جانب رحمتِه للضعفاء والخدم فقال في الخدم: هم إخوانُكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعِمهُ مما يأكل، وليُلبِسهُ مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبُهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم.

وكذلك رحمته بالنساء حتى وصفهنّ بالقوارير لناحية العاطفة وعدم القدرة على تحمل الأعباء الجسدية والإساءة المعنوية كالرجل، ودعا إلى الرفق بهنّ وبمشاعرهنّ فقالَ "استوصوا بالنساءِ خيراً".

كذلك رحمةُ الرسول مع الحيوانات ورأفته بها. فكان يحثُّ الناس على الرفق بها وعدم تحميلِها ما لا تُطيق. حيث يقول مسلم عن الرسول: إن الله كتب الإحسانَ على كلّ شيء، فإذا قتلتُم فأحسِنوا القتلة، وإذا ذبحتُم فأحسِنوا الذبح.

ولا ننسى رحمة النبيّ(ص) باليتامى والأٌقارب ودعا إلى رحمة الأبناء بالوالدين، والرحمة بالمريض وكبير السنّ. انطلاقاً من مبدأ من يرحمِ العبدَ يرحمهُ الله ويحبُّه. فالإنسانُ بطبيعته يشعر بالرضى والراحة والطمأنينة عندما يرحم الآخرين ويحسنُ إليهم. إذن فالفائدة لمصداق الرحمة النبوية إنما تنعكسُ على حياة الفرد فيلمسُ ثمارَها في حياتِه وحياة المقربين منه. ولن نعيدَ ذكر الآيات التي تدعو إلى الرحمة المستقاة من الرحمة الإلهية والنبوية، فلقد تطرقتُم إليها في المحاور الأولى من الندوة.

والإسلام، دين العقلانية والعدالة والرحمة ومراعاة الحقوق، ينبني على التعاليم القرآنية التي جاء بها النبيّ(ص) إلى البشرية، وهذه التعاليم السماوية نجدها لدى أهل الكتاب جميعاً. حيث أنّ ما يتنافى معها يتنافى مع الإنسانية ومع معاني الخير والحق. ولقد قال الله تعالى في محكم كتابِه: " كتبَ ربُّكم على نفسِه الرحمة" فكانت صفة الرحمة الأكثر تكراراً في القرآن الكريم، تحديداً في البسملة عندما نقول باسم الله الرحمن الرحيم. فالرحمةُ إذن أحد أهم المظاهر الإلهية التي أورثها أنبياءه الصالحين الذين كان محمدٌ أعظمَهم خلُقاً وتطبّعاً بصفات الرحمة الإلهية.

لقد كانت قوةُ الرسولِ (ص) بلينِ قلبِه ورحمتِه. فهي نموذجُ القوة الليّنة التي تُحقُّ الحقَّ بالرأفةِ وخطاب التسامح. وهذا واضحٌ منذ زمان الرسول حيث كان حبيبَ الجميع من كافة الأديان، وإلا لانفضّوا من حوله، وكما تقولُ الآية الكريمة من سورة آل عمران: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ". صدق الله العليّ العظيم.
 
.......

/110
 
https://taghribnews.com/vdceew8eejh8vxi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز