تاريخ النشر2019 6 February ساعة 22:53
رقم : 400689
في ذكرى العام الـ40 للانتصارالثورة الاسلامية

مقتطفات من اقوال مفجر الثورة الاسلامية و الامام الخامنئي حول الصهیونیة و الاستعمار العالمی

تنا
انتصار الثورة الإسلامیة الایرانیة في 11شباط 1979 على نظام الشاه الدکتاتوری تعتبر بحدث تاریخی فرید فی إیران والعالم .
مقتطفات  من اقوال مفجر الثورة الاسلامية  و الامام الخامنئي  حول  الصهیونیة و الاستعمار  العالمی
أربعة عقود مرّت وما زالت الثورة الاسلامیة محافظة على هویتها، لم تتغیر أی من مبادئها واهدافها، وذلک بفضل القیادة الحکیمة والشعب الثوری الذین ما زالوا یحافظون على مسارها. ورغم حدوثها فی توقیت کانت فیها المنطقة تعیش اضطرابات وتعقیدات کبیرة، وخاصة فی الصراع «العربی - الاسرائیلی»، إضافة الى حدوثها فی زمن کان الصراع «الامریکی - السوفیتی» على أشده وانقسام العالم بشماله وجنوبه انقساماً عامودیاً، بین شیوعیة -اشتراکیة ورأسمالیة -لیبرالیة، وفی خضم هذا الصراع ومن بین هذه التیارات انبلج تیار ثالث رافعاً شعار «لا شرقیة ولا غربیة جمهوریة اسلامیة»، بقیادة الامام روح الله الخمینی الموسوی.
 
هی أربعون عاماً مضت على ولادة الجمهوریة الاسلامیة فی إیران، أربعون عاما من الصبر والحصار المفروض علیها من أمریکا واذنابها فی المنطقة، انتقلت إیران بفضل عملها الدؤوب واعتمادها على الخبراء والعلماء المحلیین من درک الدول المتخلفة الى مصاف الدول المتقدمة محققة إنجازات نوعیة کان أبرزها على الساحة النوویة والعسکریة. هذه الإنجازات جعلت من إیران قوة یهابها العدو والصدیق، وعزز هذا الحضور انخراطها فی الحرب على الارهاب وخصوصاً فی کل من سوریا والعراق ومدها ید العون والدعم للمقاومات العربیة وخصوصاً اللبنانیة والفلسطینیة قافزة فوق جدار الطائفیة والمذهبیة.
شغلت قضية القدس وفلسطين حيزاً هاماً من وجدان مفجر الثورة الاسلامية (قدس سره) و الامام الخامنئی (حفظه الله) مما جعلها حاضرة في كلماتهما وبياناتهما، فهي أحد الأهداف المهمة التي أعطاها الأولوية ورافقته في كل مراحل جهاده المبارك قبل انتصار الثورة وبعدها، فوجّه الإمام قدس سره الأمة الإسلامية نحو تحرير كامل ترابها من البحر إلى النهر، حيث يقول الإمام الخميني قدس سره: "يجب أن تزول إسرائيل من الوجود".
لذا فقد أراد الإمام قدس سره أن يكشف للأمة الإسلامية ويميط اللثام عن أسباب ضياع القدس من جهة، ويبيّن السُبل والطرق الآيلة لاستعادتها من جهة أخرى.
 
 
و من أقوال الإمام الخميني(قده) حول أمريكا و"اسرائيل"

                                            
 
"جميع مصائبنا اليوم هي من أمريكا واسرائيل.. فإسرائيل هي ربيبة أمريكا.."
 
"امريكا هي التي تدعم اسرائيل والموالين لها.. وهي التي تمنحها القدرة على تشريد العرب والمسلمين .."
"لا تعقدوا أحلاف الاخوة والمودة مع اسرائيل عدوة الاسلام والمسلمين والمشردة لأكثر من مليون مسلم بريء.. لا تجرحوا مشاعر المسلمين.. لا تفتحوا الطريق أمام اسرائيل وأعوانها الخونة للدخول الى اسواق المسلمين . لا تعرضوا  اقتصاد البلاد الى الخطر من أجل اسرائيل وعملائها.."
"لقد أشرت من قبل الى أن الحكومة الاسرائيلية الغاصبة تشكل خطراً كبيراً على الاسلام ودول المسلمين بسبب الأهداف التي تسعى اليها، واخشى أن تضيع الفرصة للوقوف بوجهها اذا أمهلها المسلمون.. ولما كان الخطر موجها الى الإسلام، فان على الدول الاسلامية خاصة والمسلمين عامة أن يقضوا على جرثومة الفساد هذه بأي نحو كان، وان لا يتورعوا عن تقديم العون في هذا السبيل... ويجوز إنفاق وجوه الزكاة أو سائر الصدقات في هذا الامر الحيوي الهام"
 
"اسأل الله العلي القدير أن يزيد من يقظة ووعي المسلمين ويدفع شر أعداء الاسلام من بلاد المسلمين"
 
"ان مساعدة اسرائيل كبيع الاسلحة والمتفجرات والنفط هو عمل حرام ويعارض الاسلام .. كما أن اقامة العلاقات التجارية والسياسية مع اسرائيل وعملائها هي حرام وتتعارض مع الاسلام، ان على المسلمين أن يمتنعوا عن استعمال السلع الاسرائيلية"
 
"على الامة الاسلامية وانطلاقاً من واجبها الانساني وبموجب القيم العقلية والاسلامية . ان لا تتورع عن تقديم اية تضحية من اجل اجتثاث ربيبة الاستعمار هذه، وان تساعد المقاتلين في جبهات الحرب مع اسرائيل مادياً ومعنوياً، وكذلك عن طريق التبرع بالدم والادوية والمؤن والسلاح"
 
"من واجب العلماء والخطباء أن يذكروا الناس في المساجد والاوساط الدينية بجرائم اسرائيل"
 
"انكم ترون أن دولة متهرئة كإسرائيل تقف أمام المسلمين ... فلو اتحد المسلمون والقى كل منهم دلوا من الماء على اسرائيل لجرافتها السيول"
 
"واجب على كل مسلم ان يعد نفسه لمواجهة اسرائيل"
 
"لقد حذرت منذ عشرين عاماً من خطر الصهيونية العالمية، واليوم فأني أحذر من خطرها تجاه جميع الثورات التحررية في العالم والثورة الاسلامية الاصيلة"
 
"ان الايدي المجرمة لمستكبري العالم وأعوانهم وخاصة اسرائيل لن يتم قطعها عن الدول الاسلامية ما لم تنهض الشعوب الاسلامية والمستضعفون في العالم ضدهم ... وتطرد هذه الغدة السرطانية من القدس ولبنان"
 
"يا مسلمي العالم ومستضعفي المعمورة انهضوا وقرروا مصائركم بأنفسكم، الى متى تقوم واشنطن... بتقرير مصيركم؟ الى متى تدنس قدسكم بأقدام حثالات أمريكا واسرائيل الغاصبة ؟ الى متى تتفرجون على ارض فلسطين المقدسة ولبنان والمسلمين المظلومين في تلك الديار وهم يرزحون تحت سيطرة المجرمين ؟"

"ألم يحن الوقت للشعب الفلسطيني المناضل لان يدين الالاعيب السياسية لأولئك الذين يدعون النضال ضد اسرائيل، ويوجه أسلحته نحو صدر اسرائيل العدو اللدود للإسلام والمسلمين ؟"

"إذا كانت الحكومات خائفة فان الشعوب حية يقظة .. ان من الافضل لنا أن نموت جميعاً على أن نبقى أذلاء تحت سيطرة الصهاينة وأمريكا".


و من اقوال الإمام الخامنئي حول  الصهیونیة و الاستعمار  العالمی   

                                                              

  "ما أنزله الكيان الغاصب خلال العقود الأخيرة ببلد فلسطين و شعبه يكفي للتجربة كي يثبت أنه لا أمل إطلاقاً في الاستعانة بالقوى المهيمنة على العالم و أتباعهم في المنطقة من أجل إنقاذ فلسطين".

"لا يعلم الاستكبار أن هناك قوة فوق قوة أسلحتهم ألا و هي قوة الشعوب والبشر"..
 
لا يعلم الاستكبار أن هناك قوة فوق قوة أسلحتهم ألا و هي قوة الشعوب والبشر. إذا آمن الشعب بمبدأ و بمنطق و بأساس فكري و وقف عند ذلك المنطق بعزيمة راسخة، فلن تستطيع أية قوة – لا القوة الذرية و لا ما فوق القوة الذرية أو تحتها – أن تقهره.
 
إنهم يستهينون بقوة الشعوب و قوة الله القادر المتعال التي تقف وراء إرادة الشعوب و عزيمتها و مبادراتها: كلاً نمدُّ هؤلاء و هؤلاء. أية جماعة تعمل من أجل الأهداف التي تؤمن بها سوف يعينها الله تعالى و يمدّها. إذا آمنت جماعة بالله فسيكون الاصطدام بها و دحرها أصعب عشرة الأضعاف.
 
الكفاح الذي بدأه الشعب الفلسطيني اليوم ليس كفاح جيش مقابل جيش آخر لنقول كم يمتلك هذا من الدبابات و كم يمتلك ذاك من الدبابات و هل هذا أكثر أم ذاك. إنه كفاح أجسام و أجساد و أرواح أفراد لا يهابون الموت.
 
أي شاب مضحٍّ يقف بوجه الكيان المحتل يهددهم بمقدار ما يهددهم جيش كامل. لا يستطيعون الرد على هذا الشاب بالدبابات و الصواريخ و الطائرات و مروحيات الآباجي.
 
حينما لا يهاب الإنسان – حتى لو كان فرداً واحداً – الموت و يعدّ نفسه للتضحية في سبيل الله و الواجب فسيمثل أكبر خطر على أرباب الدنيا عديمي الإنصاف. هذه الروح الاستشهادية ليست وليدة المشاعر و العواطف، إنما هي وليدة الاعتقاد بالإسلام و يوم القيامة و الإيمان بالحياة بعد الموت. أينما وجد الإسلام بمعناه الحقيقي كان هذا الخطر على الاستكبار ماثلاً.
 
الاستكبار مضطر للكفاح و الصراع من أجل الهيمنة على فلسطين. الصراع مع الإسلام معناه الصراع ضد العالم الإسلامي و هو صراع لا نتيجة له. حقيقة القضية هي أنهم طردوا شعباً من دياره و حياته و شرّدوه، ومن حق هذا الشعب العودة و استعادة دياره. إنه كفاحٌ حقٌ و أمريكا تسميه إرهاباً لكنها لا تسمي خبث الصهاينة ضد المجاهدين الفلسطينيين إرهاباً! ..
 
الشعب الفلسطيني اليوم شعب مظلوم و هو شجاع جداً رغم مظلوميته، و من الحق أن نقول: »الشعب الفلسطيني البطل«. إنه شعب يقاوم لوحده و بغربة و بأيدٍ عزلاء، و قد أعجز القوى المادية العالمية المدجّجة بكل أسلحة القتل و القمع.
 
 
الخط العام للكفاح ضد الكيان الغاصب يجب أن يكون: - حبس الكيان الغاصب داخل حدود الأراضي المحتلة و تضييق أجواء التنفس الاقتصادي و السياسي عليه، و قطع أواصره بالبيئة المحيطة به. - مواصلة المقاومة و الكفاح الذي يخوضه شعب فلسطين داخل بلده، و إيصال كل أشكال العون له إلى حين تحقيق النصر النهائي.
 
احتلت فلسطين منذ أكثر من خمسين سنة. كان لفلسطين شبابها قبل خمسين سنة أيضاً. هذا الشاب الفلسطيني الذي يخوض الساحة بهذا الشكل من الذي علّمه و من هو نموذجه؟ نموذجه الشاب المجاهد المؤمن المخلص في لبنان.
 
في المظاهرات التي تخرج في شريط غزة و الضفة الغربية لنهر الأردن – و هي المناطق التي يسكنها الفلسطينيون – يرفعون صور قائد حزب الله لبنان السيد حسن نصر الله. لقد رفعوا علم حزب الله لبنان على قبة المسجد الأقصى. طبعاً لم يسمح الصهاينة ببقائه هناك، لكنهم نصبوه و رفعوه هناك على كل حال.
 
إذن أصبح نموذجاً للشاب الفلسطيني. تلفزيون المنار التابع لحزب الله يسجل أكبر عدد من مشاهديه داخل أراضي فلسطين المحتلة.. إنهم لا يشاهدون برامجه و حسب بل يشربونها كالعطاشى جرعة جرعة و كأنها ماءً زلالاً.
 
لا يختلف أي من فقهاء الإسلام و لا يشكون في أنه لو تسلط العدو على أرض المسلمين و هدّد الكيان الإسلامي في بلد من البلدان، فمن واجب جميع المسلمين الكفاح ضد ذلك العدو في إطار جهاد كبير شامل، و طرده من تلك الأرض الإسلامية و معاقبته.

 
إذا عادت الأمة الإسلامية إلى نفسها و صحت سترى أن هذا هو أكبر بلاء نزل بالمسلمين في العهود الأخيرة. الحكم الإسلامي لهذه القضية واضح.
 
لا يشك أي مسلم في الحكم المنطبق على القضية الفلسطينية. إنها المسألة الواردة في جميع كتب الفقه التي تتناول موضوع الجهاد. إذا جاء الكفار و احتلوا بلد المسلمين أو حاصروه، فلم يتردد أي من فقهاء المسلمين القدماء و المحدثين في الوجوب العيني للجهاد.
 
جميع المذاهب الإسلامية متفقة العقيدة حول هذا المعنى. الجهاد الابتدائي واجب كفائي و لكن في غير هذه الحالة فإن الجهاد الدفاعي و هو من أظهر مصاديق الدفاع واجب عيني.
 
توقفت الانتفاضة الأولى بتأثير من إيحاءات الصهاينة و حماتهم و بوعود حصول الفلسطينيين على امتيازات بالطرق السلمية و بإعمال نفوذ الاستسلاميين و ضغوط أمريكا و الغرب.
 
لكن مضي عشرة أعوام على ذلك التاريخ أثبت أن جميع جهود حماة الصهيونية في العالم كانت ترمي إلى إنقاذ الكيان الإسرائيلي من ضغوط الجهاد الذي يخوضه المسلمون، و لم يكن ما وعدوا به المفاوضين الفلسطينيين سوى سراب. انتفاضة المسجد الأقصى بداية تطور كبير في كفاح الشعب الفلسطيني.
 
جربت المقاومة الفلسطينية طرقاً مليئة بالمنعطفات و اجتازت شتى صنوف الدسائس و التحديات الصعبة و امتلأت أسماعها بصلصلة السلاح و زئير الطائرات و المدفعية المعادية، و قد أدركت اليوم بشكل جيد أن السبيل الوحيد للتحرر من مخالب المجرمين و حماتهم هو الجهاد و المقاومة المستمرة و الرأي العام الإسلامي يعاضد هذه الاستراتيجية و يؤيدها.
 
كان الصهاينة قد أسسوا معادلات القوة على أساس إهانة الشعب الفلسطيني و إذلاله، لكن الفلسطينيين انتفضوا ضد هذه المعادلة و ضد المعاهدات المذلّة مع الكيان الصهيوني و نظام الهيمنة الأمريكية و المستسلمين المهزومين، و اختاروا طريق الشرف و العزة، و خلقوا للكيان الإسرائيلي المجرم أزمة من الداخل، و واجهوه بالانتفاضة و المقاومة على الحدود.
 
المحور الرئيس لانتفاضة الأقصى هو بيت المقدس. أي إن الشرارة التي أدت إلى انفجار غضب الشعب الفلسطيني هي إساءة أدب الصهاينة للمسجد الأقصى.

الشعب الفلسطيني باستلامه رسالته الخطيرة التي يتحملها على عاتقه في حراسة أحد أقدس مواقع المسلمين، نزل إلى الساحة و أشعل بإيثاره و تضحيته المشاعل المقدسة للمقاومة و الكفاح ضد المحتلين الصهاينة.

سياق الاستسلام – و مشروع أوسلو بنحو محدد – أدى إلى بث التفرقة بين الفلسطينيين، لكن هذه الانتفاضة المباركة استطاعت إعادة الوحدة الوطنية للساحة الفلسطينية.
 
جميع شرائح الشعب يشاركون في هذا الكفاح و التيارات الإسلامية و الوطنية مصطفة إلى جانب بعضها.
 
ليست الجمهورية الإسلامية أو شعب لبنان هو العامل المؤدي إلى ثورة الفلسطينيين. عامل ثورة الفلسطينيين هم الفلسطينيون أنفسهم... سبب النهضة و الانتفاضة الفلسطينية هو الأوجاع و الهموم المتراكمة في كيان هذا الجيل الشاب الذي نزل إلى الساحة اليوم بأمل و حيوية.
 
الشعب الإيراني معجب بهم و يبارك لهم و يعتبرهم منه. فلسطين بضعة من جسد الإسلام، و الشعب الإيراني يشعر بالأخوة و رابطة الدم مع الشباب الفلسطيني و الشعب الفلسطيني. لكن أولئك الشباب هم الذين يقومون بالانتفاضة.
 
النهضة الإسلامية أو لنقل الصحوة الإسلامية ظهرت بكل قوة في المنطقة و العالم الإسلامي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران و بروز حركة الإمام الخميني (ره) رضي الله عنه خلال العقدين الأخيرين.
 
المحور الرئيس لهذه النهضة و الحركة اليوم هو قضية فلسطين. استطاعت انتفاضة الأقصى جرّ عموم الشعوب المسلمة و العربية إلى الساحة حتى خارج الحدود الجغرافية لفلسطين و خارج نطاق الشعب الفلسطيني.
 
المظاهرات المليونية للشعوب المسلمة – من غرب العالم الإسلامي إلى شرقه لإعلان حمايتهم و دعمهم لانتفاضة المسجد الأقصى – أثبتت أن الشعب الفلسطيني بوسعه الاعتماد على دعمهم، و في الوقت نفسه ممارسة دور ملحوظ في إيجاد الوحدة بين المسلمين.
 
يوم تشكلت المقاومة الإسلامية في لبنان بهمة الرجال اللبنانيين الأبطال و بتوصية و دعم الإمام الخميني، كانت إسرائيل تحتل بيروت عاصمة لبنان، و تسيطر على المقدرات السياسية لهذا البلد. حينما أطلقت المقاومة الإسلامية يومذاك شعار "زحفاً زحفاً نحو القدس" وصفهم بعض الغافلين بأنهم بسطاء التفكير و سألوا السؤال اللاذع: هل يمكن الزحف نحو القدس و أنتم أيها اللبنانيون عاجزون عن الدخول إلى عاصمتكم؟ منذ ذلك التاريخ و حتى الانتصار التاريخي للمقاومة الإسلامية على إسرائيل لم تمض سوى 18 سنة. و 18 سنة ليس بالوقت الطويل في تاريخ نضال الشعوب.
 
انتفاضة المسجد الأقصى نهضة شعبية أثبتت أن الفلسطينيين يئسوا من كل الأساليب الاستسلامية و وجدوا أن الانتصار رهن بالمقاومة فقط. المقاومة - كنموذج ناجح أمام أنظار الأمة الإسلامية - استطاعت لأول مرة تحرير الأراضي المحتلة من دون إعطاء إسرائيل أي امتياز، و حالت دون تحقيق الكيان الصهيوني لإرادته في رفع علمه على أرض عاصمة هذا البلد العربي أي لبنان.
 
في كامب ديفيد كان شرط انسحاب إسرائيل عدم توجه الجيش المصري إلى شمال سيناء، لكن في جنوب لبنان كانت إسرائيل هي القلقة من قوة المقاومة الإسلامية و طلبت بتوسل إرسال الجيش اللبناني إلى الحدود بين فلسطين و لبنان. أي إن المقاومة استطاعت إعادة السيادة الوطنية اللبنانية بنحو كامل إلى جنوب لبنان و سائر المناطق المحتلة.

"من الأمور المطروحة الآن من أجل ترك قضية فلسطين لرياح النسيان و الحؤول دون إثارتها في الرأي العام للأمة الإسلامية هو هذه التي تسمى بمفاوضات السلام".
 
حيلة الصهاينة و حماتهم اليوم – و الحكومة الأمريكية هي أهم داعم لهم – هي استخدام كلمة السلام الجميلة. السلام طبعاً شيء جيد جداً. و لكن أين يكون السلام و مع من؟! شخص يدخل إلى داركم و يحطم الباب بالقوة و ينهال عليكم بالضرب، و يهين عيالكم و أولادكم، و يستولي من بين غرفكم الثلاث على غرفتين و نصف ليسكنها، ثم يقول لكم لماذا تشتكون لهذا و ذاك بلا سبب، و لماذا تعارضون و تتشاجرون دوماً، تعالوا نتصالح و نعيش بسلام. فهل هذا سلام؟! العدوان هو طبيعة هذا النظام. الكيان الصهيوني قام أساساً و يعمل على ركائز القوة و العنف و القسوة.
 
و لو لا هذه الركائز لما حقق أي تقدم و لن يحقق بعد اليوم أيضاً. يقولون: ليتصالحوا مع هذا الكيان! إذا اقتنع الصهاينة بحقهم – أي إذا تركوا الدار و هي فلسطين لأصحابها، و ذهبوا إلى شأنهم، أو إذا حصلوا على إذن من الحكومة الفلسطينية ببقاء عدد منهم أو جميعهم في ذلك البلد – فلن يحاربهم أحد.
 
الحرب هي أنهم دخلوا بالقوة و الاغتصاب إلى ديار الآخرين و طردوهم من ديارهم و يظلمونهم الآن. و لا زالوا لحد الآن يظلمون جميع بلدان المنطقة و يشكلون تهديداً للجميع. إذن، حتى السلام يريدونه كمقدمة لاعتداء لاحق! إذا كان ثمة سلام فهو مقدمة ليستطيعوا بعد ذلك الاعتداء و الاغتصاب بشكل آخر.
 
من الأمور المطروحة الآن من أجل ترك قضية فلسطين لرياح النسيان و الحؤول دون إثارتها في الرأي العام للأمة الإسلامية هو هذه التي تسمى بمفاوضات السلام والجارية بين فئة من الفلسطينيين و الإسرائيليين. أعني عملية الاستسلام و حكومة ما يسمى بالسلطة الفلسطينية. هذه بدورها من أقبح الأحابيل و الحيل الإسرائيلية التي وقع فيها للأسف عدد من المسلمين و من الفلسطينيين أنفسهم. لماذا؟ لأنه على أساس أفضل الافتراضات لو تحققت في إحدى المفاوضات التي أجروها جميع الالتزامات التي أخذها الإسرائيليون على عاتقهم، فإن ما تحصل عليه تلك الفئة الفلسطينية هو أكثر بقليل من أربعة بالمائة من أرض فلسطين! بمعنى أنهم سيعطون من هذا البلد الفلسطيني الذي هو كله ملك الفلسطينيين و حقهم أربعة بالمائة منه! و أية أربعة بالمائة منه؟! أربعة بالمائة غير مجتمعة في مكان واحد، بل متفرقة على أجزاء منفصلة! والأشخاص الذين قالوا لهم تعالوا و شكلوا سلطة هنا لم يسمحوا لهم إطلاقاً بالعمل كحكومة. طلبوا منهم الذهاب إلى هناك و مراقبة الفلسطينيين في تلك المنطقة لئلا ينشطوا ضد الحكومة الإسرائيلية! أي منطقة محدودة صغيرة متفرقة لا يمكن إدارتها كبلد أعطيت لهم بشكل منقوص و غير كامل! و ما يجب عليهم أن يقوموا به في المقابل هو أن يعملوا هم أيضاً ضد المجاهدين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة إضافة إلى ما تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية! خيانة الذين يقومون بمثل هذه الأعمال باسم الفلسطينيين أقبح و أفظع و أسوء من جميع الخيانات التي مورست ضد فلسطين لحد الآن! و لم يفعل هؤلاء أي شيء لشعب فلسطين لحد الآن، و لا يستطيعون أن يفعلوا.
 
 
الحكومات العربية كانت تقول: لسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم! يجب تنفيذ ما يطالب به الفلسطينيون أنفسهم. أولاً قضية فلسطين قضية العالم الإسلامي. و هي قضية تكليف إلهي و إسلامي ما عدا جوانبها السياسية والأمنية و الاقتصادية و هي فوق ذلك مسألة إلهية. لكن حتى لو لم يكن المرء مؤمناً بالله و أراد العمل من أجل شعب فلسطين فقط فعليه أن ينظر ماذا يقول جميع أبناء الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني اليوم هم من يُعتقل أبناؤهم في سجون الدولة الغاصبة، و هناك عشرات أضعافهم يهتفون و يقومون بالعمليات في الشوارع و في المسجد الأقصى و في الأسواق و في كل الأراضي المغتصبة. ثمة أقلية صغيرة جرى تطميعها و ذهبت و استسلمت للعدو.. هؤلاء ليسوا الشعب الفلسطيني حتى يقال لسنا فلسطينيين أكثر من أبناء فلسطين.
 
في ذلك الزمن – زمن الانتفاضة الأولى – عمَّت أجواء الاستسلام في المنطقة تدريجياً. البعض مالت قلوبهم إلى أمريكا، و جماعة أخرى اعتقدت أنه لا يمكن الصمود أمام ذلك الضغط السياسي و الأجواء الدولية المعاكسة، و لا يوجد سبيل سوى قبول الاستسلام و بالشروط التي تمليها أمريكا و إسرائيل.
 
و بعد التطورات التي شهدتها المنطقة في ذلك الحين توفرت الأرضية لتكريس هذه النظرية أكثر. في ذلك الزمن (زمن الانتفاضة الأولى) كان هناك دوماً أسلوبان يطرحان للتعامل مع إسرائيل: المواجهة العسكرية بين جيوش العرب و الجيش الإسرائيلي – و التي يقال فيها إن جميع التجارب السابقة المماثلة كانت فاشلة – و أسلوب الاستسلام الذي يؤدي إلى تحقيق مطاليب إسرائيل بالطرق السلمية، و يضمن عدم نمو القدرات العسكرية للبلدان العربية مقابل الانسحاب من جزء من الأراضي المحتلة.. نظير ما حصل في كامب ديفيد. لم يكن نموذج المقاومة مطروحاً في ذلك الحين، و قيل إنه لا يحظى بقبول عام.
 
 
تحمّل الشعب الفلسطيني في انتفاضته السابقة خسائر فادحة، و قدم الكثير من الشهداء و المعاقين في سبيل الإسلام و تحرير الأرض الإسلامية، لكن محادثات أوسلو أوقفت الانتفاضة في النتيجة. حتى المخططون و المدافعون الفلسطينيون عن أوسلو لم يعودوا يدافعون عنها اليوم، لأنهم أدركوا عملياً أن إسرائيل لم تكن تقصد سوى حل مشكلتها، أي التخلص من المواجهة مع مجاهدي الحجارة، و التقليل من ضعفها و هشاشتها. إذا كانت قد أعطت شيئاً بسيطاً للطرف الفلسطيني و أسمت ذلك إعطاء امتيازات فما ذلك إلا لإطفاء نيران الانتفاضة و تقليل الضربات التي تتلقاها.
 
وبمجرد أن وجدت أن مشكلتها قد انحلت و شعرت خطأً أن الشعب الفلسطيني لم يعد قادراً على استئناف الانتفاضة و المقاومة و المواجهة معهم أوقفت منح حتى تلك الامتيازات البسيطة و أعلنت عن جشعها الذاتي. عملية الاستسلام و مشروع أوسلو جعلت شعب فلسطين في حالة أثبتت لهم أنه لا سبيل أمامهم سوى الثورة.

اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد
 
 
https://taghribnews.com/vdcg7z9tyak9z34.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز