تاريخ النشر2018 14 May ساعة 23:10
رقم : 330653

الاسلحة الكيميائية بيد من ؟

تنا - خاص
لا يمكن إخفاء هذه الحقيقة ان اول الدول التي قامت بتصنيع واستخدام الاسلحة الكيميائية ضد البشرية والظروف الحيوية المحيطة به ، هي الدول الغربية وفي مقدمتها المانيا وابان الحرب العالمية الثانية حيث استعملت 700 طن من مادة الكلور راح ضحيتها نحو 100000 شخص .
الاسلحة الكيميائية بيد من ؟
تعريف
يمكن تعريف السلاح الكيمياوي بانه استغلال لعلم الكيمياء لتصنيع عبوات تفجيرية تحوي على مواد كيمياوية شديدة السمية تطلق اما من البنادق او المدافع او الطائرات المقاتلة لتلوث المحيط المستهدف بهده المواد السامة التي تؤثر على ابادة الحيوان او المزارع وتقوم بالحد من نشاط أو كفاءة مجموعة بشرية ، وهذا إما عن طريق التأثير على وظائفها الفسيولوجية والتسبب في شل حركتها أو حتى فنائها، أو عن طريق تلويث الأدوات والمعدات التي تستخدمها أو إفساد بيئتها المعيشية والظروف الحيوية المحيطة.

وتستعمل هذه المواد الكيمياوية اما بشكل غاز او سائل او جامد ، وتستعمل هذه المواد حسب الغرض فاما لتفريق المظاهرات الاحتجاجية حيث تكون الغازات المستعملة في مثل هذه الاغراض قليلة السمية وتؤدي الى الاختناق والحروق في العيون ، واما في الحروب حيث تؤدي الى امام الى شلل في بعض الاعضاء او الاختناق الشديد والموت .

تتميز الأسلحة الكيميائية أيضا عن غيرها من الأسلحة الأخرى، بتنوعها الهائل وبسهولة تصنيعها، حيث يوجد في الوقت الحاضر سبعين نوعا من المواد الكيميائية الضارة، تدخل جلها في تصنيع الأسلحة الكيميائية .

وفی هذا المجال يقول يوثانت ، السكرتير العام السابق للامم المتحدة ، فی مقدمة كتاب "الأسلحة الكيميائية والبيولوجية" الذي صدر عن الأمم المتحدة في العام 1962 ما يلي:

" كل الدول تقريباً - بما فيها الدول النامية والبلدان الصغيرة - بإمكانها الحصول على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، نظرا لسهولة تحضير بعضها بمصاريف زهيدة وسرعة فائقة في مختبراتنا ومعامل بسيطة. وهذه الحقيقة تجعل مسألة السيطرة على هذه الأسلحة ومراقبتها شديدة الصعوبة".
 
تاريخ الاستخدام
أن استغلال المعرفة العلمية في إنتاج مواد وغازات ضارة واستخدام هذه المواد في إنتاج أسلحة كيميائية يعود إلى تاريخ قديم جدا (423 قبل الميلاد، إبان حرب البيلوبونيز) ، حیث کان یقوم الخصوم بالقاء جثة في بئر ما يسمم مخزون مياه العدو او عن طريق استعمال حامض الكبريت في هذه الحرب ، الى ان جاء دور الحرب العالمية الاولى حيث اقترح عالم كيمياء يدعى فريتز هابر في يناير 1915 على رئيس هيئة الاركان الألمانية القائد فالكنهاين  أن الغاز السام قد يكون وسيلة فعالة لإخراج العدو من مخابئه وتعرضه للعراء، عد فالكنهاين أنه من غير الشهامة استخدام الغاز، لكنه كان يائساً، فوافق على تجربته كاختبار.

 نقلت القوات الألمانية 700 طن من مادة الكلور إلى الجبهة، قرب قرية "ييب" البلجيكية، تم العمل بهدوء تام، تحت جنح الظلام، راجع هابر مكان جهاز التوصيل، وهو ستة آلاف إسطوانة معدنية، دفنت في الأرض إلى جانب الخنادق.

ومن بعد هذه التجربة المرّة ، بدأ طرفا النزاع في الحرب العالمية الاولى استخدام الاسلحة الكميائية التي كانت عبارة عن مواد كيميائية تجارية معروفة جيدا توضع في ذخائر عادية، كالقنابل اليدوية وقذائف المدفعية. وكان من المواد الكيميائية المستخدمة غاز الكلور، والفوسجين (عامل يسبب الاختناق)، وغاز الخردل (الذي يسبب حروقا مؤلمة في الجلد). وكانت النتائج جزافية ومدمرة في الغالب. ونتج عن ذلك قرابة 000 100 حالة وفاة.

وفي أواخرالقرن التاسع عشر، منع "حظر أخلاقي" استخدام السم في أرض المعركة، ولم يتم التمييز بين عوامل المرض والأسلحة الكيميائية، فحكم القادة العسكريون على الاثنين بالمنع وعدوا استخدامهما غير مشرّف، وكان كرههم لاستخدام السم أداة حرب شديدًا إلى درجة أن هذا الحظر لم يتخطاه أحد سوى مقاتلي الحرب العالمية الأولى.

وکما قلنا سابقا ان الالمان هم اول من استخدموا هذا السلاح الغير انساني والمدمر ، حينما نجح الألمان في إنتاج غاز الكلورين السام بكميات كبيرة، وإطلاق أكثر من 180 طنا منها على القوات الفرنسية قرب مدينة إيريس البلجيكية، وكان هذا في أبريل/نيسان من عام 1915.

ومن بعد ذلك بدأت الدول الاوروبية واحدة تلوة الاخرى بتصنيع الاسلحة الكيميائية وخاصة إنجلترا وفرنسا ، عبر إطلاق آلاف الأطنان من غاز المسطرد (الخردل) وسيانيد الهيدروجين والفوسيجن وغيرها على مواقع القتال وأماكن تمركز القوات المناوئة. لذا فإنه وبنهاية الحرب العالمية الأولى، كان قد تم استخدام أكثر من مائة ألف طن من مواد الحرب الكيماوية، تسببت في حدوث أكثر من مليون إصابة، فضلا عن حوالي مائة ألف وفاة.
وفي إثيوبيا، تم استخدام غاز الخردل من قبل الإيطاليين في حربهم مع إثيوبيا في العامين 1935-1936، ونفذت الهجمات على المدنيين بناءً على أوامر من موسوليني.
وفي 16-17 شباط / فبراير من عام 1936 أسقطت الطائرة الإيطالية 120 طناً من القنابل على الإثيوبيين  وقتل نتيجة ذلك 6 آلاف  شخص وأصيب 18 ألف آخرين.
 
وهذه المرة في اليابان، حيث أجرى الجيش الياباني تجارب على أنواع جديدة من الأسلحة الكيميائية في الجزء المحتل من الصين واستخدم العديد من أنواع الغاز السام  منها الغاز المسيل للدموع، والمسبب للغثيان والخانق والحارق. ووفقاً لبعض التقارير، استخدمت اليابان الغازات ألفي مرة، وأدى استخدامه إلى مقتل أكثر من 60 ألف شخص.
 
وبالعودة إلى ألمانيا، استخدمت ألمانيا مجدداً الأسلحة الكيميائية خلال الحرب العالمية الثانية في معسكرات الاعتقال وتم القضاء على المعتقلين بواسطة غاز "زيكلون ب".
 
واختبرت ألمانيا الغازات السامة لأول مرة على أسرى الحرب السوفييت  واستخدم  النازيون الغاز السام في معسكر "أوشفيتز" إلى أن حررته القوات السوفيتية آنذاك. ووفقاً لتقديرات مختلفة، فقد قتل  في غرف الغاز والمحارق بين 140 إلى 4 ملايين شخص.
 
أما في فيتنام، فقد استخدم  الأمريكيون أسلحة مختلفة خلال الحرب في فيتنام  ومنها الكيميائية والبيولوجية.
 
وفي آب / أغسطس من العام 1961، قررت السلطات الأمريكية استخدام "العامل البرتقالي" من أجل حرق الغابات لتسهيل العثور على الجنود الفيتناميين الذين كان يختبؤون فيها.
 
وكانت نتائج استخدام هذا السلاح الكيميائي تشوهات خلقية لدى أطفال الضحايا. ووفقاً للتقارير فقد ذهب ضحية هذه الأسلحة حوالي 3 مليون شخص بين قتيل ومصاب. كما أدى استخدام السلاح الكيميائي إلى وقوع كارثة بيئية أدت إلى هلاك 132 نوعاً من الطيور.
 
برتوکول حظر استخدام الاسلحة الكيميائية
واما البروتوکول الذی تم التوقیع علیه لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية عام 1925 لم يف الغرض الذي تطالبه الشعوب لانه لم يحظر استحداث او إنتاج أو تكديس الاسلحة الكيميائية .

ومن اشكاليات هذا البروتوكول ايضا هو انه سمح للدول التي صادقت عليه الاحتفاظ بحقها في استخدام  الأسلحة المحظورة ضد الدول التي ليست طرفا في البروتوكول، أو في الانتقام النوعي إذا استُخدمت الأسلحة الكيميائية ضدها.
وشهدت فترة الحرب الباردة عمليات واسعة من استحداث وصنع وتخزين الأسلحة الكيميائية. وفي السبعينيات والثمانينيات، قُدّر أن 25 دولة كانت تطور قدرات الأسلحة الكيميائية لديها.

وبعد 12 عاما من المفاوضات، اعتمد مؤتمر نزع السلاح  اتفاقية الأسلحة الكيميائية  في جنيف في 3 أيلول/سبتمبر 1992. وتتيح هذه الاتفاقية التحقق الصارم من امتثال الدول الأطراف لها. وفتح باب التوقيع على الاتفاقية في باريس في 13 كانون الثاني/يناير 1993، وبدأ نفاذها في 29 نيسان/أبريل 1997.

والأرقام المتاحة في هذا الصدد مقلقة، بل مفزعة بحق، حيث تشير مثلا التقديرات الصادرة عن المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية، المعروفة اختصارا باسم (OPCW)، إلى وجود ما يقرب من تسعة ملايين عبوة حرب كيميائية شديدة السمية، مخزنة في آلاف المواقع المخفية في أكثر من بلد ودولة عبر أرجاء العالم المختلفة، وهي كمية تكفي لإبادة العباد وكل أنواع الكائنات من على وجه البسيطة في دقائق معدودة.
 
ومن اهم الدول التي لجأت الى صناعة الاسلحة الكيماوية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية وحتى بعد التوقيع على" برتوكول حظر الاسلحة الكيميائية" ، هم المانیا حیث طورت صناعة هذه الاسلحة مثل تصنيع وإنتاج غاز "التابون" وغاز "السارين" ، وهما من غازات الاعصاب والتي استعملها النظام البعثي في حربه ضد ايران راح ضحيتها المئات .


كما نجحت ايطاليا في انتاج قاذفات اللهب ، والولايات المتحدة في إنتاج النابالم والقنابل الفوسفورية الحارقة التي استخدمتها "اسرائيل" في عدوانها على غزة في الاعوام 2008 و 2012 و 2014 .

وكذلك استخدمتها السعودية عدة مرات في عدوانها المستمر على الشعب اليمني ، ورغم الاحتجاجات وتقديم الادلة للمنظمات الدولية المعنية في الحالتين الاسرائيلية والسعودية ولكن لم تتحرك هذه المنظمات لمنع استخدام هذه الاسلحة المحظورة من قبل الكيان الصهيوني والنظام السعودي .

وعندما انتهت الحرب الباردة دخلت الاتفاقية حول السلاح الكيماوي حيز التنفيذ في عام 1997 , والاتفاقية تحظر الاستخدام وتطالب بتدمير الترسانات الموجودة . ولكن وعلى الرغم من مرور ستة عشر عاماً , لم تدمر لا الولايات المتحدة ولا روسيا ترسانتهم الكيماوية بشكل كامل , لأنهم لم يجدوا الفرص المناسبة . ووفق الأرقام المعلنة رسمياً , تحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 5500 طن من السلاح الكيماوي . في حين تمتلك روسيا المزيد منه والبالغ 21500 وهو إرث الترسانة السوفيتية . ولكن مجرد التقييم الكمي يعتبر مضلل : فالولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى المتطورة تكنولوجياً تحتفظ بالقدرة على صنع أسلحة كيماوية ثنائية متطورة والقدرة على توحيد مناوراتهما في الحرب النووية مع مناوراتهما في الحرب الكيماوية . وحتى في حال اخذنا بالاعتبارات الكمية , فإن الولايات المتحدة , التي تقود الحملة ضد السلاح الكيماوي في سورية تمتلك ست أضعاف مما تمتلكه سورية . ووفق احصائيات استخباراتية فرنسية , مضخمة على الأرجح , تمتلك سورية حوالي 1000 طن من العناصر المنتجة للكيماوي ( مادة يمكنها انتاج أسلحة كيماوية )
 
سوريا والعراق
مجزرة حلبجة العراقية

ومن الانظمة التي استخدمت هذه الاسلحة الكيماوية المحظورة "عنوانا" في مواثيق المنظمات الدولية ، النظام البعثي ايام المعدوم صدام حسين ضد القوات الايرانية خلال الحرب الثماني سنوات المفروضة على ايران ، حيث تعرضت القوات الايرانية الى 350 هجوم كيميائي خلال فترة الحرب مما ادى الى اصابة نحو 100000 شخص .

وقد ساعدت دول غربية عدة النظام الصدامي على تطوير الاسلحة الكيميائية وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومن ثم المانيا الغربية وهولندا وبريطانيا وفرنسا . ووفقا للتقارير العراقية فان الشركات الهولندية، الأسترالية والإيطالية والفرنسية وألمانيا الغربية والشرقية شاركوا في تصدير المواد الخام لمصانع الأسلحة الكيماوية العراقية.

وقد كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن وثائق ومعلومات من داخل الاستخبارات المركزيةالأمريكية CIA، تؤكد دعم الولايات المتحدة للرئيس العراقي المعدوم صدام حسين في شن هجوم كيميائي ضد إيران .

وكان الهجوم الكيميائي على مدينة "حلبجة" الحدودية مع ايران والتابعة لمحافظة السليمانية هي الافجع من بين عشرات الهجمات التي نفذها نظام صدام ابان الحرب مع ايران ، والتي عرفت بوقتها بالابادة الجماعية بحق سكان مدنيين من عرق واحد ، والتي راح ضحيتها اكثر من خمسة الاف شخص واصابة 10000 اخرين حيث مات آلاف من سكان البلدة في السنة التي تلت الهجوم نتيجة المضاعفات الصحية وبسبب الأمراض والعيوب الخلقية.


ومن المنظمات التي ايدت الهجوم الكيمياوي العراقي على "حلبجة" ، منظمة مراقبة حقوق الإنسان وهي منظمة أمريكية غير حكومية ولاتي نشرت تقريرا مفصلا عن ذلك الهجوم في آذار/ مارس 1991 حيث اوضحت المنظمة في هذا التقرير ، أن العراق قد استخدم الأسلحة الكيمياوية في أربعين محاولة لشن هجمات على أهداف كردية خلال حملة وصفتها بأنها إبادة جماعية.

ومن بين الغازات التي استعملها نظام صدام في الهجوم الكيميائي على "حلبجة" الكردية غاز الخردل والسارين والسيانيد .

وبعد ذلك جاء دور الجماعات الارهابية وخاصة تنظيم "داعش" باستخدام الاسلحة الكيميائية ، في الحرب التي شنت على هذا التنظيم في كل من العراق وسوريا ، لان داعش اصبح يهدد منطقة حرجة في الشرق الاوسط  ويهدد ليس فقط تدفق صادرات الطاقة والاقتصاد العالمي فحسب، بل التهديد الاخطر يأتي من محاولات داعش لحيازة السلاح الكيميائي واستخدامه في عملياته القتالية في المستقبل .

فداعش تحاول باستمرار الاستيلاء على مواقع تحتوي على مواد تدخل في صناعة الأسلحة الكيميائية. فهو لديه من الخبراء والفنيين المتخصصين في التعامل معها، كما تجبر تدريسي جامعة الموصل من المتخصصين في العلوم الكيميائية على العمل معه.

فقد لجأت الجماعات الارهابية في كل من العراق وسوريا بشكل متزامن إلى استخدام السلاح الكيميائي في معاركها ضد كل من القوات العراقية والسورية، وذلك بسبب الهزائم التي كانت تتكبدها تلك الجماعات على يد القوات العراقية والسورية ومجاهدي المقاومة والقوات الحليفة الاخرى .

ففي كل مرة تعرضت العصابات الارهابية في سورية الى هزائم عسكرية واضطرارها للتراجع عن الاراضي التي سيطرت عليها مسبقا ، استخدمت الاسلحة الكيميائية لغرضين الاول اتهام الحكومة السورية بذلك لايجاد ذريعة لتوجيه ضربات عسكرية امريكية ضد سوريا ، والثاني انتقاما من الجيش السوري والشارع الذي لم يتعاون معهم .

و وفقاً لآراء المحللين العسكريين فإن استخدام السلاح الكيميائي عادة ما يكون سلاح الرمق الأخير، التي تسعى من خلاله القوات المهزومة لإلحاق أكبر ضرر بالقوات المهاجمة، بعد يأسها من إمكانية مواجهتها ميدانياً، وعجزها عن تحقيق أي تقدم، الأمر الذي ينطبق على قوات داعش والجماعات المسلحة في سوريا والعراق، بعد ان خسرت مناطق واسعة التي كانت تسيطر عليها .

أما عن كيفية وصول هذه الأسلحة للجماعات الارهابية، فيرى مراقبون أن الطريق الوحيد لإيصال هذه الأسلحة إلى داعش والجماعات الارهابية في سوريا، ينحصر بتركيا والسعودية، والتي من المرجح أنها تقوم بتأمينه من خلال كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا.

ففي عام 2016 توصلت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية بعد ان اجرت تحقيقات وفحوصات في سوريا ، الى استخدام التنظيمات الارهابية للاسلحة الكيميائية خلال اعتدائها على قرية "معراتة أم حوش" بريف حلب الشمالي ، مستخدمة غاز الخردل .

وفي هذا السياق فقد استخدمت التنظيمات الارهابية عام 2015 وبشكل واسع قذائف تحوي على مادة الكلور وغازات سامة اخرى على الاحياء السكنية في حلب مما ادى الى وقوع عشرات الاصابات من اختناق بعضها انتهى بموت المصابين .

 من جهتها كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت عام 2016، أن خبراء الوزارة قدموا الإثباتات للسلطات السورية التي تؤكد استخدام المسلحين الأسلحة الكيميائية في قرية معرانة أم حوش على الطريق الواصل بين حلب جنوباً ومارع شمالاً.
وفي هذا السياق اشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية  ماریا زاخاروفا عام 2017  إلى حيازة تنظيمي” فيلق الرحمن” و”جيش الإسلام” الإرهابيين صواريخ تحمل مواد كيميائية في عين ترما بريف دمشق وقيام تنظيم “داعش” الإرهابي بنقل الورشات ومعدات الأسحة بما فيها المواد الكيميائية إلى دير الزور ومدينة البوكمال.

وخلال العملیات العسكرية ضد داعش في سوريا عثر عام  2014 في احدى معاقلهم في ادلب على  جهاز كمبيوتر ، يحتوي على ملفات تشرح كيفية تجهيز واستعمال الأسلحة البيولوجية وكيفية التعامل الآمن أثناء تحضيرها .

 وحول دور فرنسا في تسليح داعش وباقي التنظيمات الارهابية في سوريا ، حاول الخبير الفرنسي في مجال حل النزاعات المسلحة وعمليات حفظ السلام "دومنيك ترينكان" اخفاء تورط وزير الخارجية الفرنسية السابق لورانس فابيوس ودوره في استخدام الاسلحة الكيميائية من قبل التنظيمات الارهابية في غوطة دمشق عام 2013 ملقيا بالمسؤولية في ذلك على تلك التنظيمات.

 وفي العراق وفي عمليات تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش استخدم هذا التنظيم الارهابي غازات الكلور والفسفور الابيض . وقد حذرت الأمم المتحدة من امكانية استخدام "داعش" للمزيد من الصواريخ الكيمياوية ضد المدنيين داخل الموصل والقوات العراقية التي تواصل التقدم في المدينة، مشيرةً الى ان لديها معلومات تفيد بامتلاك التنظيم مخزوناً من غاز الخردل والامونيا والكبريت التي يمكن  تعبئتها في رؤوس صواريخ.

 ومما يثير المخاوف ما يحتمل من أن تنظيم داعش قد يستفيد من مجندين على دراية ببرامج الأسلحة الكيميائية التي كانت تديرها داعش سابقًا في العراق وسوريا. ففي يناير 2015، قتلت غارة جوية شنها التحالف "أبو مالك"، وهو مهندس في مجال الأسلحة الكيميائية من تنظيم "داعش" كان قد عمل في برنامج صدام حسين الكيميائي قبل انضمامه إلى الجماعة السابقة لظهور تنظيم الدولة في عام 2005.

وطبقا للقيادة المركزية الأمريكية، فإن “تدريبه وخبرته السابقة وفرت للمجموعة الإرهابية خبرة في السعي إلى امتلاك أسلحة كيميائية” .

الكيان "الاسرائيلي"
بالاستناد إلى وثائق للمخابرات الأمريكية فإن "إسرائيل" بدأت تصنيع الأسلحة الكيميائية، بعد حرب تشرين الثاني/أكتوبر عام 1973. حيث تشير الوثائق إلى أنه فُتح قسم للأسلحة الكيميائية، في مفاعل ديمونا النووي وتتضمن هذه الأسلحة غاز الأعصاب "سارين"، الذي تمتلك منه إسرائيل كميات كبيرة.

وقد وقعت "إسرائيل" على اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية (احسك ) لكنها لم تصادق عليها. وهناك توقعات بأن إسرائيل تمتلك برنامجاً للأسلحة الكيميائية لربما يكون مقرة في معهد إسرائيل للابحاث البيولوجية في نيس زيونا، تل ابيب.

تم اكتشاف 190 لتر من ثنائي ميثيل الميثيل فسفونات في حمولة تابعة لرحلة العال للطيران 1862، وهى مادة كيميائية مدرجة في جدول 2 من (احسك ) تستخدم في تركيب غاز الأعصاب سارين، بعد أن تحطمت الطائرة في عام 1992 وهى في طريقها إلى تل أبيب. أصرت إسرائيل أن المادة كانت غير سامة، وأنها كانت لتُستَخدم في اختبار المرشحات التي تحمي الأفراد من الأسلحة الكيميائية، وأنها أدرجت بشكل واضح على بيان الحمولة وفقاً للوائح الدولية. كانت الشحنة صادرة من مصنع أمريكي للمواد الكيميائية إلى "معهد إسرائيل للابحاث البيولوجية" بترخيص من وزارة التجارة الأمريكية.
 كما افاد عضو لجنة التحقيق في الحادث عن حزب يمين الوسط الهولندي، ثيو فان دن دويل ، ان العناصر الكيميائية المحملة في هذه الطائرة تدخل في صناعة اسلحة كيميائية وبالاخص إنتاج غاز السارين .

في عام 1993، قام مكتب التقييم التكنولوجي التابع للكونغرس الأمريكي بخصوص تقييم انتشار أسلحة الدمار الشامل بتسجيل إسرائيل كدولة ورد في العموم أن لديها قدرات للحرب الكيماوية غير معلنة. و في عام 1998، قال نائب مساعد وزير الدفاع الامريكى السابق المسؤول عن الدفاع الكيماوي والبيولوجي، بيل ريتشاردسون: "ليس لدي شك في أن إسرائيل عملت في (أشياء) هجومية كيميائية وبيولوجية كليهما لفترة طويلة ... ليس هناك شك أن لديهم (اشياء) منذ عدة سنوات". وكان ماركوس كلينغبرغ قد أمضى 20 سنة في السجن كعقوبة عن البوح بأسرار إسرائيل الكيميائية للاتحاد السوفييتي.

وفي سياق متصل فقد تم كشف النقاب عن وثيقة سرية صادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه)، تعود لعام 1983، وتفيد أن لدى الکیان "الاسرائيلی" ترسانة اسلحة كيميائية وبيولوجية استنادا الى صور التقطتها الاقمار الاصطناعية الاميركية عام 1982".

 وکشفت مجلة "فورين بوليسي" النقاب عن وثيقة سرية صادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية تعود لعام 1983، وتفيد أن لدى "إسرائيل" ترسانة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، استنادا الى صور التقطتها الأقمار الاصطناعية الاميركية عام 1982.

ودفعت مضمون الوثيقة ماثيو للقول ان "لدى اسرائيل منشأة لانتاج غاز الاعصاب واماكن لتخزينها، (اي) سلاح كيميائي مرجح " في منطقة ديمونا "فضلا عن توفر عدد آخر من المنشآت المنتجة للاسلحة الكيميائية التي يعتقد انها تشكل جزءا من التقنية الكيميائية الاسرائيلية المتطورة.

وهناك ثمة تقارير تتحدث عن استخدام العدو الإسرائيلي للمواد الكيميائية منذ وقت مبكر حيث كانت مصر عام 1946 قد تعرضت لوباء الكوليرا عندما وضعت العصابات الصهيونية بكتيريا الكوليرا في مياه النيل. كما قام الموساد الإسرائيلي بعملية مماثلة في أعقاب حرب 1967 ووقتها كان يطلق على وباء الكوليرا أمراض الصيف.

ولكن اللافت، أن أمريكا لا تتحدث البتّة عن ترسانة "إسرائيل" من الأسلحة الكيمائية، والتي تغلب عليها غازات الأعصاب القاتلة، التي يمكن أن تصل لأهدافها عن طريق صواريخ المدفعية وقذائف الطائرات والذخائر؟.


 سهولة إنتاجها وصعوبة السيطرة عليها
ومما يزيد من هذا القلق، صعوبة السيطرة علي هذه الأسلحة أو منع إنتاجها أو وقف انتشارها، إذ تتميز هي عن بقية أنواع أسلحة الدمار الشامل، بسهولة تصنيعها وعدم حاجتها إلى معامل أو تقنيات متقدمة، مع إمكانية تخليقها بواسطة مواد بدائية وأدوات بسيطة، مع صعوبة فرض رقابة على كثير من المواد الكيميائية المصنعة لها، بسبب استخدام هذه المواد في كثير من التطبيقات الصناعية، وبسبب حاجتنا اليومية لكثير منها. وهذا يعني أن بإمكان أي دولة صغيرة أو حتى مجموعة محدودة من الأفراد الحصول عليها وإنتاجها وتخزينها بكميات كبيرة، بل واستخدامها بكل سهولة حين الحاجة.
  
وهناك سبعين نوعا من المواد الكيميائية الضارة، تدخل جلها في تصنيع الأسلحة الكيميائية، وأن هناك أكثر من سبعين ألف طن ونيف من هذه الأسلحة مخزنة ومجهزة للاستخدام في أي لحظة بمواقع ما مخفية، في ثلاثين دولة أو أكثر عبر أرجاء العالم المختلفة .
إعداد وتدوين : محمد إبراهيم رياضي
مسؤول القسم العربي

 

 
https://taghribnews.com/vdcjiyettuqetmz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز