تاريخ النشر2024 5 February ساعة 09:06
رقم : 624125
د. محمد الحوراني*

العمليّاتُ الفِدائيّة… الخِيارُ الوحيدُ لوضع حَدٍّ للاعتداءات الأمريكيّة الصّهيونية

تنـا
لقد آنَ الأوانُ لموقفٍ جادٍّ وصارمٍ يضعُ حدّاً للتَّغوُّلِ والعُدوانِ الأميركيِّ والصهيونيِّ على سورية ودُوَلِ المنطقة، وما العُدوانُ الذي شنّتْهُ الولاياتُ المُتّحدةُ الأميركيّةُ على مناطقَ في سُوريّةَ والعراقِ ليلَ السَّبت / ٣ شباط ٢٠٢٤ / سِوى مُقدّمةٍ لاعتداءاتٍ جديدةٍ واسعةٍ في حالِ لم تَقُمْ دُوَلُنا بما ينبغي عليها القيامُ بهِ.
العمليّاتُ الفِدائيّة… الخِيارُ الوحيدُ لوضع حَدٍّ للاعتداءات الأمريكيّة الصّهيونية
لم يَعُدِ السُّكوتُ عن الاعتداءات الأميركيّة والصهيونيّة على دُوَلِ المنطقة وقُوى المقاومةِ فيها وارداً على الإطلاق، ذلكَ أنّ العُدوانَ المُستَمِرَّ على دُوَلِنا ما كانَ ليتمَّ لولا التراخي والسُّكوتُ عن احتلالِ الولاياتِ المُتّحِدَةِ الأميركيّةِ وميليشياتها جُزءاً من الأراضي السُّورية.

ولولا الصَّمتُ والسُّكوتُ الرَّسْميُّ العربيُّ على العُدوانِ الهَمَجِيِّ الذي يتعرّضُ لهُ الشعبُ الفلسطينيُّ، ولا سيّما في قطاعِ غزّة، وهو العُدوانُ الذي أدّى إلى استشهادِ وإصابةِ عشراتِ الآلافِ من النِّساءِ والأطفال، وتدميرِ مُعظَمِ مَرافقِ الحياةِ والبنى التحتيّة في القِطاع، وإذا كانت قُوى المُقاوَمةِ الوطنيّةِ في سُوريّةَ ولُبنانَ والعراقِ واليمن آثَرَتِ الانحيازَ إلى الشعبِ الفلسطينيّ ودَعْمَهُ، في مُحاوَلةٍ للتخفيفِ من مُمارَساتِ الإرهابِ الصهيونيِّ بحقِّهِ، فإنّ قُوى المُقاوَمة أدركتْ أنّ السُّكوتَ عن مُمارساتِ الاحتلال يعني مُشارَكتَهُ في قتلِ الشعب الفلسطينيّ وإبادتِه، أو أنّهُ، في أقلِّ تقدير، امتناعٌ عن نُصْرَةِ الحقِّ وأهْلِه.

ولمّا كانت قُوى المُقاومة قد خَبِرَتِ العَدُوَّ الصهيونيَّ وداعِميهِ، فإنّها وجّهَتْ ضرباتٍ مُوجِعةً إلى قواعدِهِ ومراكزِ استخباراتِهِ في المنطقةِ والعالم، ولم تَكُنْ آخِرَها تلكَ الضَّرْبةُ المُؤلِمةُ في الجنوبِ السُّوريّ؛ التي أودَتْ بحياةِ عددٍ من الجنودِ الأميركيّينَ، وأصابَتِ العشراتِ منهم، وهي خطوةٌ أولى في الاتّجاهِ الصَّحيح الذي مِنْ شأنِهِ أن يدفعَ الولاياتِ المُتّحدةَ الأميركيّةَ وحُلفاءَها إلى التفكيرِ الجِدّيِّ في الانسحابِ من الأراضي السُّوريّةِ المُحتلّة؛ والضَّغْطِ على الكيانِ الصّهيونيّ لوَقْفِ حمّامِ الدَّمِ في غزّةَ، والتَّخفيفِ مِنَ الدَّعْمِ غيرِ المحدودِ، الممنوحِ للكيان الصهيونيِّ في حربِهِ على الشعبِ الفلسطينيّ.

ولمّا كانتْ جُثَثُ الجنودِ الأميركيّينَ هي وَحْدَها الكفيلةَ بتحقيقِ هذا، فإنّ الواقعَ يَفْرِضُ على الجميعِ الدَّفْعَ في اتّجاهِ الدَّعْمِ غيرِ المُتناهي لقُوى المُقاوَمةِ جميعِها؛ في سبيلِ تحقيقِ الخلاصِ من الاحتلالِ الأميركيِّ والصهيونيّ. صحيحٌ أنّ الولاياتِ المُتّحدةَ الأميركيّةَ ستَرُدُّ على أيِّ هُجومٍ يستهدفُ قُوّاتِها المُحتلّةَ، في البرِّ والبحرِ والجوِّ، لكنّها لن تتمكّنَ من الصُّمودِ طويلاً في وجهِ ضَرَباتِ قُوى المُقاوَمة، ولا سيّما
حينَ تكونُ هذهِ الضَّرَباتُ مُؤلِمَةً ومُوجِعَةً كتِلكَ الّتي أصابَتْها في فيتنامَ ولُبنانَ وأفغانستانَ والصُّومالِ، وغيرِها مِنَ الدُّوَلِ الّتي أجْبَرَتْ قُوّاتِ الاحتلالِ الأميركيّ على الانسحابِ منها تحتَ جنحِ الظَّلام.

إنّ العُدْوانَ السَّافِرَ الذي شَنّتْهُ الولاياتُ المُتّحدةُ الأميركيّةُ على بعضِ المُحافَظاتِ السُّوريّة، ولا سيّما دير الزّور، ومنطقة القائم العراقيّة، لم يَكُنْ إلّا تعبيراً عن الوَجَعِ الذي أصابَ الولاياتِ المُتّحدةَ الأميركيّةَ وقُوّاتِها في المنطقةِ، وهو الوَجَعُ الذي يجبُ أن يتحوّلَ نزيفاً يُنْهِي حياةَ القُوّاتِ الأميركيّةِ المُحتلّة ووُجُودَها، ويُنْهي العُدوانَ الصهيونيَّ، المدعومَ أميركيّاً وغربيّاً، على الشعبِ الفلسطينيّ، لأنّهُ وَحْدَهُ القادِرُ على كَبْحِ جماحِ التَّهوُّرِ الصهيونيّ في اعتداءاتِهِ شِبْهِ اليوميّةِ على الأراضي السُّوريّة، بغَضِّ النَّظَرِ عمّا إذا كانَ المُسْتَهْدَفُ هُوَ الجيشَ العربيَّ السُّوريَّ أو حُلَفاءَهُ في محورِ المُقاوَمةِ، فالعُدْوانُ عُدْوانٌ أيّاً كانَ التَّسْويغُ والتبريرُ الصهيونيّ، ولا شيءَ يُمكِنُ أن يُحافِظَ على كرامتِنا، ويَصُونَ دماءَ شُهَدائِنا التي بُذِلَتْ في أكثرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ عاماً، إلّا طَرْدُ المُحتلِّ والحِفاظُ على الكرامةِ، وهذا لن يتحقّقَ إلّا بتشكيلِ قُوى المُقاوَمةِ الشَّعبيّةِ، وفَتْحِ المَجالِ أمامَ المُتَطوّعينَ السُّوريّينَ والعَرَبِ، والمُناصِرِينَ لهم كافّةً في العالم، لتنفيذِ العمليّاتِ الفِدائيّةِ في المناطقِ التي تحتلُّها القُوّاتُ الأميركيّةُ وحُلفاؤُها، بمَنْ فيهم الأتراك والصّهاينة، الذين يَبذلُونَ كُلَّ ما في وُسْعِهِمْ لأجلِ إعادةِ خَلْقِ التنظيماتِ الإرهابيّةِ المُسلّحةِ، وعلى رأسِها داعش والنُّصرَةُ ومُخلّفاتُهُما.

ويُؤكِّدُ هذا طبيعةُ العُدوانِ الأميركيِّ الأخير الذي استهدفَ بُيوتَ المَدنيّينَ الأبرياءِ وبعضَ المراكزِ التي تُقدِّمُ الخدماتِ اليوميّةَ إلى المُواطِنينَ، إضافةً إلى أماكِنَ تاريخيّةٍ وأثريّةٍ، يعودُ تاريخُها إلى مئاتِ السِّنين، ومنها قلعةُ الرّحبةِ الأثريّةِ الواقعةُ على نهرِ الفُراتِ في منطقةِ الميادين بريفِ دير الزور، التي يعودُ تاريخُ بنائها إلى القرنِ الميلاديِّ التاسع (عُمُرُها نحوُ ١٢٠٠ عام)، وهذا ما يُؤكِّدُ تماهيَ المُخطّطاتِ الأميركيّةِ معَ مثيلاتِها الإرهابيّةِ الداعشيّةِ في القضاءِ على تاريخِ بلدِنا وحضارتِه.

لقد آنَ الأوانُ لموقفٍ جادٍّ وصارمٍ يضعُ حدّاً لهذا الصّلفِ والتَّغوُّلِ والعُدوانِ الأميركيِّ والصهيونيِّ على سورية، ودُوَلِ المنطقة، وما العُدوانُ الذي شنّتْهُ الولاياتُ المُتّحدةُ الأميركيّةُ على مناطقَ في سُوريّةَ والعراقِ ليلَ السَّبت: ٣ شباط ٢٠٢٤ سِوى مُقدّمةٍ لاعتداءاتٍ جديدةٍ واسعةٍ في حالِ لم تَقُمْ دُوَلُنا بما ينبغي عليها القيامُ بهِ؛ في التَّصدِّي لهذهِ الاعتداءاتِ ووَضْعِ حدٍّ لها، ولا سيّما بعدَ أنْ أصبحَتْ أجواؤُنا ومناطقُنا جميعُها مُستباحَةً مِنَ المُحتلِّ الصّهيونيِّ والأميركيّ.
_________________________________
* كاتب سوري
https://taghribnews.com/vdcj8xemiuqe8vz.3ffu.html
المصدر : راي اليوم
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز