تاريخ النشر2011 1 March ساعة 10:50
رقم : 41290

الثورات الشعبیة تعجل في حل القضية الفلسطينية

الأمة الاسلامية ربما تتقبل وجود أقلية يهودية في جسدها بل الاسلام يدعو الى احترام حقوقها وعدم الاعتداء عليها اذا لم تبادر بعداء المسلمين ولكن لن تتقبل بتاتا احتلال يهودي لأرض اسلامية
الثورات الشعبیة تعجل في حل القضية الفلسطينية

وكالة أنباء التقریب (تنا)

لا مبالغة في القول أن الكيان الصهيوني من أكثر الذين قلقوا على الثورات التي اجتاحت دول المنطقة وربما يستغرب المرء من قلق اسرائيل خاصة وأنها تتبجح دوما بأنها الكيان الديمقراطي الوحيد في المنطقة وليس هناك دولة في المنطقة تحترم حقوق شعبها ومصالحه كالكيان الصهيوني، فاذا كانت كذلك فلماذا ينتابها قلق شديد من تحرر شعوب المنطقة ورفضها للظلم والاضطهاد؟ 

السبب واضح جدا فاسرائيل كيان غير شرعي ومحتل للأراضي الفلسطينية والعربية ومن الطبيعي أن يرفض المسلم احتلال أرضا اسلامية خاصة اذا كان هذا الاحتلال قائم على مغالطات دينية، اذ يعتقد اليهود أن فلسطين أرض أجدادهم وهم أحق بها من غيرهم ولذلك فانهم مستميتون في العثور على ما يبرر هذه المغالطات، غير أن كل المساعي الاسرائيلية لتبرير احتلالها واضفاء الشرعية الدينية والدولية عليه لن تجد وقعا في نفوس المسلمين، خاصة وأن التعاليم الاسلامية تدعو المسلم الى رفض ولاية الكافر عليه فما
بالك اذا كان هذا الكافر يحتل أرض المسلم ولا يتردد في ارتكاب أية جريمة من أجل استمرار احتلاله؟ 

من هنا فان الأمة الاسلامية ربما تتقبل وجود أقلية يهودية في جسدها بل الاسلام يدعو الى احترام حقوقها وعدم الاعتداء عليها اذا لم تبادر بعداء المسلمين ولكن لن تتقبل بتاتا احتلال يهودي لأرض اسلامية، السؤال المطروح وهو الذي يدور حوله محور الكلام، لماذا لم تبد هذه الأمة ردة فعل تجاه الاحتلال اليهودي لفلسطين، خاصة اذا علمنا أن هذا الاحتلال لم يمض عليه سنة أو سنتين وانما نحو ستين سنة؟ لقد عبرت الشعوب الاسلامية مرات عديدة ولا تزال تعبر عن دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية كما أن أغلب الفعاليات والأحزاب والجمعيات السياسية والاجتماعية في الدول الاسلامية تجعل تحرير فلسطين في صلب أولوياتها ولكن السبب الوحيد في عدم ترجمة هذا الدعم الى واقع هو وجود الأنظمة المستبدة. 

وكما يعلم الجميع فان القوى الغربية الداعم الرئيسي لبقاء الكيان الصهيوني، ولولا هذه القوى لكان الفلسطينيون وحدهم أسقطوا الكيان المحتل ولم تكن هناك حاجة لدعم ومساندة الدول الاسلامية والعربية، وقد قدمت القوى الغربية خدمة كبيرة للكيان الصهيوني حينما اشترت صمت الانظمة العربية تجاه الكيان الصهيوني مقابل دعمها ومساندتها لبقاء هذه الأنظمة أمام انتفاضات شعوبها. 

ربما
يستخف البعض بتحذير حسني مبارك أو معمر القذافي من الطوفان الاسلامي اذا غادرا السلطة غير أن مبارك والقذافي يعرفان كيف يداعبان مشاعر الغربيين ويدركان جيدا أن أولوية الغرب هو الحفاظ على الكيان الصهيوني من أي سوء يمسه وبما أن الاسلاميين يرفضون الاحتلال الصهيوني لفلسطين فانهما حذرا الغرب من انهيار الكيان الصهيوني على يد الاسلاميين. 

وربما يشك البعض بأن الغرب لا يدرك أن الاحتلال يرفضه أي انسان حر ولا فرق بين أن يكون مسلما أو غير مسلم، غير أنه بالتأكيد يدرك ذلك ولهذا دعم الانظمة الديكتاتورية لتقوم بدورها بتكميم أفواه المسلمين والأحرار وكبح أي تحرك يقومون به تجاه تحرير فلسطين، وليس بالضرورة أن يزحف المصريون أو التونسيون أو الليبيون أو البحرينيون وسائر الشعوب الاسلامية تجاه فلسطين لتحريرها (وان كان هذا واجب كل مسلم عندما يستمر الصهاينة في اعتداءاتهم وجرائمهم ضد الفلسطينيين) وانما مجرد تحرر الشعوب الاسلامية من جور حكامها يكفي لانهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، فاذا كانت الشعوب ترفض اذلال حكامها لها فمن الأولى سترفض اذلال الآخرين لها والاحتلال اليهودي لفلسطين المسلمة اذلال لكل المسلمين، من هنا فان مجرد قطع الشعوب الحرة علاقاتها مع الكيان الصهيوني وفرض عزلة عليه ومساندة الفلسطينيين كما يفعل الغرب في مساندته للكيان الصهيوني، يسهم في زوال هذا الكيان.

وهذا
بالتحديد ما يفسر الفرحة والسرور الذي غمر الغرب والكيان الصهيوني عندما أعلن المجلس العسكري بأنه سيحترم اتفاقيات نظام حسني مبارك مع الكيان الصهيوني، فهل يا ترى أن المصريين انتفضوا وقدموا التضحيات من أجل أن تبقى سياسة النظام كما هي ولا تتغير الا الوجوه؟ الغرب واسرائيل غير قلقين من تغيير الوجوه اذا كانت السياسات كما هي باقية بينما الشعوب لا تنتفض من أجل تغيير الوجوه، من هنا فاذا استطاعت الشعوب الثائرة في تحقيق هدف تغيير السياسات فاننا سنشهد قريبا حلا للقضية الفلسطينية واذا لم يتغير سوى الوجوه فستبقى القضية الفلسطينية كما هي وسيواصل الكيان الصهيوني تطاوله واذلاله للفلسطينيين وعموم المسلمين.

واذا كانت بعض القوى الغربية دافعت عن الثورات فيما بعد فهذا لا يعني بتاتا أنها تريد التغيير والثورة وانما لكي لا يتخذ الشعب موقفا ضدها ولا يحبط محاولاتها في الابقاء على السياسات السابقة للانظمة والالتفاف على المطالب الحقيقية للشعوب، وبالتأكيد ستكشف هذه القوى عن وجهها الحقيقي وستتخذ موقفا معاديا عندما تصر الثورات الشعبية على تغيير السياسات وعدم الاكتفاء بتغيير الوجوه.

صالح القزويني


https://taghribnews.com/vdchvink.23nzwdt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز