تاريخ النشر2023 13 August ساعة 10:35
رقم : 603536
عميد معهد الإمام الحسين (ع) للدراسات القرآنية في العراق :

خلف الاساءة للمقدسات الاسلامية قوى وجهات دينية وسياسية لتنفيذ اهداف معينة

تنـا - خاص
يرى الباحث الاسلامي العراقي عميد "معهد الإمام الحسين (ع) للدراسات القرآنية التخصصية في النجف الاشرف"، أستاذ التفسير في العتبة الحسينية المقدسة، فضيلة "السيد فاضل الموسوي الجابري"، ان خلف الاساءات للمقدسات الاسلامية، تقف قوى وجهات دينية وسياسية، وهناك تخطيط مبرمج واجندات خفية من ورائها منظمات وحركات تحرك بعض المتطرفين المعادين للإسلام لأجل ان يحققوا لهم اهدافهم.
خلف الاساءة للمقدسات الاسلامية قوى وجهات دينية وسياسية لتنفيذ اهداف معينة
جاء ذلك في حوار اجرته وكالة انباء التقريب (تنــا) التابعة للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية في ايران، مع الباحث الاسلامي فضيلة السيد فاضل الموسوي الجابري، لاستصراحه بشأن جرائم تدنيس المقدسات الاسلامية ولاسيما حرق القران الكريم، الذي حدث ثب نحو شهر في دولتي السويد والدنمارك، بتصريح من السلطات في كلا البلدين.
وفيما يلي نص هذا الحوار :

تنــا : هل المواقف العربية والاسلامية  من تدنيس القران الكريم في السويد والدنمارك كانت بالمستوى المطلوب ؟
السيد الموسوي : بسم الله الرحمن الرحيم  [قَدْ جَاءكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين * يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم ] المائدة : 16. 
الحمد لله الذي أنزل القرآن ورفع به الإنسان وجعله نورٌ للقلوب والأبدان .. وكرم أهله بالفوز بالدنيا ويوم يحشر الثقلان، والصلاة والسلام على اشرف مخلوق وانسان  محمد المصطفى من ال عدنان وعلى اله الهداة الميامين قسماء الجنان.
مع الاسف الشديد لم تكن المواقف العربية والاسلامية بالمستوى المطلوب
في ادنى درجاتها، حيث لم نسمع من الكثير من تلك الدول حتى استنكارا لهذا التصرف الهمجي الذي يمس مقدسات جميع المسلمين، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على بعد هذه الحكومات عن الاسلام وقضاياه وخشيتهم من دول الاستكبار الغربي، ويدل على الوهن والضعف الذي بتلينا به لا سيما بعد ان ركبت الحكومات الاسلامية والكثير من الشعوب الاسلامية قطار التغرب والتأثر بالحضارة المادية والبعد عن معالم الدين فهم بين متطرف لا يعرف سوى الخلافات المذهبية والتعصب الاعمى وبين متغرب وعلماني لا يبالي بالدين وقيمه وشريعته .
تنــا : لماذا بالرغم  من الموجه الجماهيرية العارمة التي خرجت على مستوى العالم الاسلامي والدولي لكن جرائم الاساءة للقران والمقدسات لا تزال مستمرة في الغرب ؟ هل هناك قصور عربي واسلامي بهذا الخصوص؟
السيد الموسوي : من المؤكد ان خلف هذه الاساءات قوى وجهات دينية وسياسية فليست القضية عفوية او تعبر عن اندفاع شخص او اشخاص يحملون افكارا معادية فحسب وانما هناك تخطيطا مبرمجا واجندات خفية من ورائها منظمات وحركات تحرك بعض المتطرفين المعادين للإسلام لأجل ان يحققوا لهم اهدافهم فهؤلاء المتصدين لهذه الافعال ما هم الا ادوات ليس الا .
والهدف من كل ذلك واضح جدا فان هذه المنظمات والقوى المعادية للإسلام تريد الوصول الى عدة اهداف :
منها : اشعال فتنة كبيرة بين المسلمين  وبقية الاديان لا سيما العالم المسيحي حيث يراهنون على ردة الافعال العاطفية من قبل المسلمين ضد المسيحيين او الموطنين الغربيين  من خلال استفزازهم .
ومنها : ايجاد القطيعة السياسية والاقتصادية بين الدول الاسلامية والدول الغربية مما يؤثر على الكثير
من سبل التعاون المختلفة بينهما وبذلك يتاح لتلك القوى اللعب على تلك الورقة واستغلال الموقف.
ومنها : جعل المسلمين يعتادون على هتك المقدسات وبالتالي لا يبالون في المستقبل في هتك اي عقيدة او مقدس ما دام الامر اصبح معتادا عليه .
ومنها : اخضاع الحكومات والدول الاسلامية لثقافة وسياسة العالم الغربي وبذلك مسخ للهوية الاسلامية وانجرار خلف الثقافة الغربية لأجل ابعاد الناس عن دينهم وعاداتهم وثقافاتهم .
ومنها : ابعاد المجتمعات الغربية من التوجه الى القران الكريم الذي هو الدستور الالهي الذي يستند اليه الدين الاسلامي الذي بدأ ينتشر في المجتمعات الغربية بشكل ملحوظ حيث يتزايد كل يوم اعداد الغربيين الذين يدخلون الى الاسلام فلأجل ابعاد تلك المجتمعات اردوا ان يصوروا لهم بان القران  كتاب ارهاب وتخلف وليس فيه قداسة ولا ينتمي الى السماء .
ومنها : التشويش على مضامين القرآن، والتشويش على القيم والمبادئ التي أصَّل لها القرآن، خصوصا الجوانب الاخلاقية والاسرية والارتقاء بالإنسان الى الكمالات المعنوية والتي تتقاطع تماما مع الفكر والثقافة الغربية التي تريد ان تجعل من الانسان مجرد الة وتنزل الانسان الى اسفل سافلين وتجعله كالأنعام بل اضل سبيلا .
ومنها : التغطية على الضعف والعجز الذي مُنيت به كلُّ الديانات، وكلُّ الثقافات، وكلُّ الحضارات، فحتَّى أُعمِّي على العجز، لابدَّ أن أُظهِر، أو أُوهم الآخرين بعجز المنافس.
وهناك الكثير من هذه الاهداف التي لا يسع المجال لذكرها .
تنــا : لماذا لم تسمح السلطات السويدية بحرق التوراة  تحت ذريعة حرية التعبير؟ ولماذا
موقف الكيان الصهيوني الرادع  في هذا القرار كان مؤثرا ؟ علما ان وزير خارجية الكيان الصهيوني اتصل مع نظيره السويدي في 28/7/2023، محذرا من حرق التوراة في بلادهم قبل انطلاق تظاهرة لحرق التوراة وافقت عليها السلطات السويدية.
السيد الموسوي : من المعلوم للجميع القدرة السياسية والاعلامية التي يمتلكها الكيان الصهيوني واللوبيات الصهيونية في جميع دول العالم الغربي فأي سياسي غربي لا يستطيع الوصول الى قمة الهرم السياسي الا بمساندة تلك اللوبيات التي تمتلك شركات اعلامية واقتصادية مؤثرة جدا، وهذا ما يفسر لنا  خضوع اولئك الساسة الى الحكومة الصهيونية والدفاع عنها في قضاياها المختلفة، وعكس ذلك الحكومات الاسلامية التي لا تمتلك مثل تلك اللوبيات على الرغم من كثرة اعداد المسلمين وامكاناتهم الاقتصادية والعلمية وذلك بسبب التبعية الثقافية والسياسية وعدم ترسيخ ثقافة الانتماء للهوية .
ومن هنا نجد انه من الطبيعي ان تمنع حكومة السويد او الدنمارك حرق التوراة لأنها من اهم المقدسات اليهودية الصهيونية وبدلا من ادخال ذلك في اطار حرية الراي نجدها تدخله في اطار معاداة السامية والمسح بالدويلة الصهيونية وهو خط احمر وضعته القوى الغربية يوم تبنت هذه الدولة اللقيطة ودعمتها بكل امكاناتها المختلفة.
تنــا : كيف يمكن تعزيز المواقف الاسلامية لتبلغ مستوى الردع المطلوب في مواجهة هذه الجرائم وما طبيعة دور العلماء المسلمين في هذا السياق ؟
السيد الموسوي : بلا شك يمكن تعزيز المواقف الاسلامية من خلال اتخاذ قرارات حازمة لمعاقبة الحكومات المساندة لمثل هكذا اعمال وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها فان المسلمين اليوم يشكلون ثلث العالم ويشغلون مساحات كبيرة من الكرة الارضية فأي مقاطعة يقوم بها المسلمون او حكوماتهم سوف تؤثر بشكل كبير جدا على
تلك الدول.
هذا مضافا الى الضغط على الامم المتحدة لتشريع قانون يحمي المقدسات الدينية من التدنيس والاهانة  وتحذير العالم الغربي من مغبة تأييد هذه التصرفات الهوجاء لأنها تجر عليهم ويلات ومشاكل تعرض ارواحهم واموالهم للخطر المؤكد بسبب ردود الفعل العاطفية من قبل بعض المسلمين مضافا الى ايجاد العداء المستعر بين المسلمين وبين رعايا ادول العالم الغربي وبالتالي سوف يحرمهم من الكثير من الحرية في السياحة والاستثمار وغير ذلك في الدول الاسلامية .
واما المواقف التي لابد ان يتخذها العلماء فهي عديدة :
منها : اصدار البيانات والادانات والتنديدات المختلفة في كل العالم الاسلامي ضد هذا الاستهتار بمقدسات المسلمين لا سيما القران الكريم .
ومنها : دعوة المسلمين للخروج بتظاهرات عارمة تندد بهذا السلوك وتضغط على الحكومات بمقاطعة الدول المساندة لهذه الافعال .
ومنها : توعية المسلمين لمخاطر هذه التصرفات ودعوتهم لنصرة دينهم ومقدساتهم .
ومنها : دعوة جميع المسلمين لمقاطعة الدول المساندة لهذه التصرفات اقتصاديا وثقافيا.
ومنها : التركيز على نصرة القران الكريم من خلال نشر معارفه والاهتمام بحضوره الفاعل في كل الميادين الثقافية والفنية والاجتماعية .
ومنها : تعزيز روح الانتماء الى الهوية الاسلامية وثقافتها ومقدساتها بشكل فاعل واكيد؛ الى غير ذلك من الامور الكثيرة .
تنــا : هل هناك علاقة بين الاهانة المتكررة للمسجد الاقصى من قبل الصهاينة وجريمة حرق القران الكريم  وهتك المقدسات في الغرب ؟
السيد الموسوي : لا شك ولا شبهة من وجود تلك العلاقة لان الراعي لكل تلك الافعال واحد فان تلكم المنظمات والقوى التي حركت بعض المغرضين وضعاف النفوس لحرق القران الكريم وتدنيسه هي نفسها القوى الداعمة للكيان الصهيوني وتتبع نفس الاجندات وان كانت الاليات والاساليب مختلفة الا انها تصب في نتيجة واحدة؛ نعم  الفرق ان الاعتداء على المسجد الاقصى
كان بيد بعض المتطرفين الصهاينة في حين كان حرق القران بيد المتطرفين  المسيح.
ان الناظر الى الاحداث بدقة وتحليل يجد ان سياسة التطرف واحدة وان اهداف الداعمين والمساندين واحدة يختلط فيها الديني والسياسي فان الجميع يريد اخضاع المسلمين وتضعيفهم والسيطرة عليهم وقطع صلتهم بكتابهم الكريم ودينهم الحنيف ونبيهم العظيم فهي حرب مفتوحة وان تعددت الاسلحة واختلفت الاساليب .
اننا اليوم كمسلمين بشتى اطيافهم ومذاهبهم مطالبون بنصرة القران الكريم، لأنه اخر المعاقل التي ان خسرناها خسرنا كل ديننا وفقدنا هويتنا واصبحنا شتاتا لا يجمعنا شيء (فالقران يجمعنا والقران يوحدنا ) واذا لم ننصر كتاب ربنا ومعجزة نبينا ودستور ديننا فلا خير فينا .
ونقول للعالم الغربي : "اقرأ.. لا تحرق"، فقد نزل القران بمنهج اقرأ لأنك حينما تقرأ سوف تعرف هذا القران جيدا، سوف تعرف ان القران الذي يحوي اعظم مناهج التربية والاتقاء بالإنسان الى ارفع الكمالات وانه من اعظم الدساتير التي تبني الاسرة وتنظم العلاقات انه الكتاب الذي اعطى الحقوق ورسم الواجبات انه الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يدية ولا من خلفه انه الكتاب الذي يملئ قلبك روحانية وطمأنينة، اقرأ القران وتدبر فيه فسوف تجد ضالتك فيه فهو دواء لكل داء وهو انس لكل وحشة وهو جواب لكل سؤال، اقرأ ولا تلتفت الى الذين يريدون ان يحجبوك ويمنعوك من هذا الفيض العظيم فان الله تعالى يقول : [وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخرةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا* وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ] - سورة الاسراء.

نهاية الحوار
 
https://taghribnews.com/vdcc11qee2bqxp8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز