تاريخ النشر2022 26 July ساعة 10:34
رقم : 558913

الأزهر : وسائل الإعلام الترفيهية هي الأخطر في الترويج للإسلاموفوبيا

تنا
منذ بداية الألفية الجديدة تغيّرت التغطية الإعلامية الغربية أو التناول الإعلامي على وجه العموم للقضايا المتعلقة بالإسلام بشكل كبير كمًّا ونوعاً، فلم يعد يقتصر الأمر على زيادة المادة الإعلامية التي تغطي الإسلام لا سيما في الوسائل الإعلامية والترفيهية، بل أيضاً في تنويع الطريقة التي يصوغها الإعلام حول الدين.
الأزهر : وسائل الإعلام الترفيهية هي الأخطر في الترويج للإسلاموفوبيا
ومن ثمَّ كان للإعلام دور مهم في تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء العالم بسبب الطريقة التي صُوّر بها الإسلام والمسلمين وجعلهم يظهرون جميعاً في قوالب نمطيَّة غالباً سلبية، ساهمت في تشويه هذا الدين وأتباعه خلال السنوات الماضية، خصوصاً بعد هجمات الحادي عشر من أيلول.

ومن بين الصور النمطية الأكثر شيوعاً هي تلك الصورة الخاصة بـ"الإسلامي الراديكالي" الذي يتبنّى دائماً فكرة "الحرب المقدسة" ضد الغرب على حد تعبيرهم؛ حيث يرون أن العنف متجذّر في الشخصية المسلمة بوجه عام، دون التفريق بين الغالبية العظمى التي تميل إلى السلم وبين بعض الفئات القليلة الضالة التي تستخدم الدين زوراً وبهتاناً مبرراً لأعمال العنف.

مثال على هذا النوع من الصور النمطية التي ظهرت مؤخراً في الإعلام الترفيهي الغربي شخصية "سعيد جرَّاح" التي ظهرت خلال المواسم الستة للمسلسل الأميركي «Lost»، حيث تظهر الشخصية المسلمة الوحيدة في هذا العمل الدرامي وهو يستخدم بعض أدوات التعذيب لانتزاع المعلومات من السجناء، وحرص المسلسل على إظهار "جرَّاح" شخصاً عنيفاً بطبعه، على الرغم من وجوده ضمن فريق مكافحة الإرهاب يعني أنه ليس إرهابيَّا، لكن أفعاله تعكس باستمرار أنه شخصية حادّة شديدة القسوة، وأن العنف هو خياره الأمثل في معالجة الأمور كافة.

وثمّة صورة نمطية أخرى تتعلق بالنساء المسلمات الغربيات؛ فغالباً ما يتم تصويرهن على أنهن ضحايا يتسمن بالسلبية إزاء سلطة أبوية ذكورية مفروضة عليهن بالقوة والقهر، أو على أنهن نساء قويات يعارضن هذه السلطة ويناضلن ضدها. ونتيجة لهذا التصوّر، فإن الكلمات الأكثر استخداماً لوصف النساء المسلمات من قبل الصحفيين والسياسيين هي: "عزل"، و "ضرب"، و "إهانة"، و "حجاب"، و "حرية"، و "دين"، و "كره"، إلخ. ففي الأعمال الدرامية الإجرامية مثل "CSI" (مسرح الجريمة) أو «Criminal Minds» (العقول الإجرامية)، غالباً ما يتم تصوير النساء المسلمات على أنهن ضحايا للعنف المنزلي.

أعمال ساهمت في ترويج الإسلاموفوبيا
والمتأمل للواقع يرى أن مثل هذه الأعمال ساهمت بدورها خلال الفترة الماضية في تشكيل الرأي العام الغربي حول الإسلام، وجعلت الغالبية العظمى منهم ينظر إلى المسلمين على أنهم أجانب ودخلاء لا تتوافق قيمهم مع القيم الغربية، مما يغذّي فكرة أن الإسلام يشكّل تهديداً للثقافة الغربية وأن اندماج المسلمين في تلك المجتمعات يُعد أمراً مستحيلاً.

في هذا الصدد، يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن وسائل الإعلام الترفيهية تُعد من أخطر الأدوات التي تسهم في خلق روح العداء والكراهية لدى الإنسان الغربي تجاه الإسلام والمسلمين، وربما يرجع ذلك إلى ما تمتلكه من إمكانات مادية هائلة وقدرة كبيرة على التأثير، وجعل المحتوى الذي تقدمه مادة جماهيرية يتفاعل معها المشاهد أو المتلقِّي الغربي فيتأثر بها؛ مما يخلق لديه انطباعاً سلبيًّا، وتصوراً خطأً عن الإسلام والمسلمين.

ولم يعد الأمر يقتصر على المشاهد الغربي غير المسلم، بل أخذت هذه الصورة السلبية تؤثر على فئة الشباب المسلم الذي يعيش في المجتمعات الغربية من أبناء الجيل الثاني والثالث، الأمر الذي جعلهم ينخلعون من هويتهم الدينية في بعض الأحيان متأثرين بمثل هذه الأفكار الهدّامة.

ولذا من الضروري أن تتبنّى المؤسسات والمنظمات المجتمعية المتخصصة تقديم أعمال درامية تعكس الصورة الحقيقية السمحة للإسلام والمسلمين، وتصحيح كل المفاهيم المغلوطة التي تبثها وسائل الإعلام الترفيهية والتي تسعى إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، إضافة إلى التوعية بمخاطر السموم التي تبثها هذه الوسائل على التعايش بين الأطياف والعقائد كافة. وختاماً، يؤكد المرصد على ضرورة إرساء مفاهيم المواطنة والتعايش السلمي للتغلب على التطرف وخطاب الكراهية، إضافة إلى التحالف بين المؤسسات والمواطنين لمنع إدخال المصنفات العنصرية والتمييزية في مختلف وسائل الإعلام، بما يحقق الاستقرار الأمني والفكري للمجتمعات كافة.
https://taghribnews.com/vdca6anme49nmo1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز