تاريخ النشر2011 7 April ساعة 17:54
رقم : 45073

الحكومات فشلت في إدارة التنوع الطائفي

ندوة " الخطر الطائفي وانعكاساته على المجتمع " جاء بعد ندوة " العلاقة بين السيعة والسنة : حقائق وأوهام " ليبين خطر النزوع والتوجه الطائفي لدى الحكومات .
الحكومات فشلت في إدارة التنوع الطائفي
وكالة أنباء التقریب (تنا) :
 بينما يسير قطار الخطاب الطائفي في المملكة والمنطقة بشكل سلبي سريع، فلا يكاد يمر يوم إلا وتظهر فتاوى ومقالات طائفية ومذهبية تشكك في ولاء وخلفية شريحة كبيرة من هذا الوطن .

وبمقابل ذلك القطار تحاول المؤسسات الأهلية المحلية بالقطيف والمنتديات الثقافية مواجهة تلك الحملات التشكيكية من خلال اطلاق التواصل الوطني، ومواجهة صوت التطرف بصوت الاعتدال .

فبعد ندوة منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الأسبوع الماضي والتي تناولت "العلاقة بين السنة والشيعة : حقائق و أوهام" جاء دور منتدى الوسطية بمدينة صفوى باستضافته مساء الاثنين كل من الدكتور مسفر القحطاني رئيس قسم الدراسات والبحوث العربية والإسلامية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمفكر الإسلامي الأستاذ محمد المحفوظ مدير مركز آفاق للدراسات والبحوث.

الندوة التي أدارها الإعلامي ميرزا الخويلدي في محاضرة بعنوان "الخطر الطائفي وانعكاساته على المجتمع" حيث استهل راعي المنتدى علي آل عباس بكلمة مشددا فيها على أهمية الوحدة الوطنية بين كافة مكونات المجتمع السعودي.

وشرح آل عباس كيفية دخول منطقتي
الإحساء والقطيف تحت حكم الملك عبد العزيز وكيف فضل أبناء هذه المنطقة حكم الدولة السعودية على الحكم البريطاني آنذاك، وهذا يرد بشكل أساسي على مثيري الفتنة الطائفية ويؤكد على ولاء أبناء هذه المنطقة لوطنهم .

القحطاني: خيار الشارع أكثر كلفة من خيار التحاور

بعدها بدا الدكتور مسفر القحطاني الندوة بتعريف مفهوم الطائفية وهي مجموعة الظواهر التي تعبر عن استخدام العصبيات الطبيعية أي ما قبل السياسية, الدينية منها والأثنية والزبائنية المرتبطة بظاهرة المحسوبية أو المافيا , في سبيل الالتفاف على قانون السياسة العمومية أو تحييده,وتحويل الدولة والسلطة العمومية من إطار لتوليد إرادة عامة ومصلحة كلية,إلى أداة لتحقيق مصالح خاصة وجزئية.

بعدها فصل الدكتور القحطاني المفهوم البرغماتي للطائفية حيث يدور حول عدة أوصاف:
أولا: أن الطائفية لا علاقة لها في الواقع بتعدد الطوائف أو الديانات.فمن الممكن تماما أن يكون المجتمع متعدد الطواف الدينية أو الإثنية من دون أن يؤدي ذالك إلى نشوء دولة طائفية أو سيطرة الطائفية في الدولة .

ثانيا: أن الطائفة لا توجد في المجتمعات التقليدية ما قبل الحديثة التي تفتقر لفكرة السياسة الوطنية والسلطة لا في الدولة الحديثة .

ثالثا: أن الطائفية لا ترتبك بمشاعر التضامن الطبيعي بين البشر المنتمين إلى عقيدة واحدة أو رابطة قرابة طبيعية، وليست حتمية، أي أمر نابع مباشرة من الاعتقاد والانتماء والقرابة لمجرد وجودها، إنها إستراتيجية سياسية .

رابعا: أن الطائفية إستراتيجية مرتبطة بالنخب الاجتماعية المتنافسة في حقل السياسة ومن أجل السيطرة واكتساب المواقع، سواء
أكان ذلك داخل الدولة أو على صعيد توزيع السلطة الاجتماعية .

خامسا: الإشكال في الطائفية ليست في كونها بغيضة ودعاة تفرقة وإنما أيضاً لكون الطائفية لا توجد علانية أي غير معلنة عن نفسها ولا يمكن لأي جماعة أن تعترف أو أن تقر عن نفسه أنها تتبنى الطائفية وبالتالي فهي فعل لا نبصره ولكنه فاعل ومؤثر في نشر بذلك الشك والمخاوف والتوتر والصراع .

بعدها شرح الدكتور مسفر القحطاني طريقة المطالبات الطائفية في ضل الأزمات السياسية حيث تقوم الطائفية بعمل شرخ في لحمة المجتمع، وهي الأزمة أشد مضياً لأنها سلاح التخندق أو المقاومة في وجه المقابل أياً كان، وما حدث في العراق ولبنان والبحرين يصعب نسيانه ففي كل بيت مظلوم أو ملكوم، هيئة علماء تكرس القطيعة لأجيال، تحت ذريعة أن المقابل هو العدو وتحميله الخطأ بأكمله .

وفي إحصائية لمركز استطلاعات الرأي الإنجليزي ORB بينت أن عدد القتلى العراقيين من أبريل ٢٠٠٣ إلى أغسطس، مليون وثلاثة وثلاثين قتيلاً، وهو رقم هائل ، كما قدم مركز الاستطلاع احصائية لعدد القتلى الذين قتلوا برصاص الأمريكان حيث وصل إلى ٤٠% من القتلى، إضافة إلى ٨% قتلوا عن طريق غازات جوية، والباقين بنيران صديقة ؟!

وأكد القحطاني إن في مثل هذه الأزمات عدة سمات سلبية منها: تراجع الديمقراطيات في الأزمات، خيار الشارع دائما باهضم الثمن، الأزمة عندما تكون ضد النظام فكل القوانين . وفي الختام قدم القحطاني بعض المعالجات الجذرية للتعصب الطائفي وهي أولا: عالمية الإسلام ووحدة الوطن، ثانيا: دولة الحقوق والقانون وضبط العلاقة ورسم الحدود،
ثالثا: عقلنة الطائفية مشروع للتعايش .

المحفوظ : الحكومات فشلت في إدارة التنوع الطائفي

بدوره قدم المفكر الإسلامي محمد المحفوظ ما يشبه خريطة الطريق الفضلى للخروج من هذا النفس الطائفي. واستهل المحفوظ كلمته بالتأكيد أن أهم الحقائق الإنسانية الثابتة في وجودنا في حقيقة التنوع .. إذ لا يوجد مجتمع إنساني متجانس في كل عناوين ودوائر الانتماء.

وأضاف أن مشكلة التنوع ليست مشكلة ثقافية وإنما هي مشكلة سياسية، وعليه تتضح الإجابة على سؤال : لماذا يلجأ الإنسان المعاصر إلى دوائر انتماءه التقليدية والتاريخية، والسبب هو مأزق راهنه، لهذه فنحن بحاجة أن نعالج مآزق الراهن حتى نحرر الإنسان من التشبث المرضي بانتماءاته التاريخية .

وشرح المفكر المحفوظ المشكلات التي يسببها التحريض الطائفي على المجتمع. حيث يساهم ذلك التحريض أولا: في الاصطفاف والتمرس الطائفي في المجتمع، ثانيا: يؤدي إلى الانقسام والتشظي الاجتماعي، ثالثا: غرس بذور الكراهية والعداوة بين المواطنين، رابعا: بروز خطابات الاستئصال والتشدد والعنف .

وقدم الشيخ المحفوظ أهم الحلول الممكنة للخروج من هذا النفس الطائفي ومواجهته منها عدم الانخراط في مشروعات التحريض والتعبئة الطائفية، والعمل على تطوير التواصل الثقافي والسياسي والاجتماعي، والتنسيق والتعاون في مشروعات وطنية ، وصيانة الحقوق والكرامات، وحياد الدولة تجاه عقائد المواطنين ، لأنها سبيل التعايش بين المواطنين، بالإضافة للعدالة التي تقتضي إنجاز مفهوم المواطنة المتساوية في الحقوق
والواجبات.

وشرح المحفوظ طريقة تركيب مجتمعاتنا الإسلامية، فالانقسام الحاصل ليس أفقيا وإنما تحول إلى خلاف عمودي فنحن متنوعون مذهبياً، ولكن هويتنا الثقافية والاجتماعية متداخلة ومركبة، بمعنى بعض الذات ولا توجد في الواقع الإنساني. وختم المحفوظ بالتأكيد انه إذا أردنا أن نتخلص من هذا المرض المسمى بالطائفية يجب علينا أن نتخلص من خلافاتنا التاريخية .

مداخلات الحضور

وتخلل الندوة عدة مداخلات للحضور يحث ركز الأستاذ فؤاد نصر الله على أن خيار التظاهر والخروج إلى الشارع كما حصل في البحرين هو خيار حضاري وسلمي، تكفله كافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية، مضيفا أن الخروج للشارع لم يحصل إلا بعد أن يأس الناس من الزيارات ورفع العرائض للمسئولين على مدى أكثر من ٦٠ عام وبعد أن نفذت كافة السبل للإصلاح .

بدوره شكك الشيخ حسن القروص من طبيعة الإصلاحات الجديدة والتي هي في ظاهرها إصلاحي ولكنها في الحقيقة تصب في مجال تعميق الطائفية وذلك من خلال صب الأموال والهبات على نفس تلك المؤسسات التي تعمق النفس الطائفي ولا تحاربه .

وركز الأستاذ عبد الله العبد الباقي على أن المشكلة الطائفية ليست مشكلة أصيلة بل هي مشكلة مختلقة ومصطنعة، مشددا على أن خيار الإصلاح والتقدم لن يتراجع إلى الوراء أمام إرادة الشعوب، مضيفا أن واستخدام سلاح الطائفية لن يعود بعقارب الساعة إلى الوراء .

https://taghribnews.com/vdcaewny.49nm01kzk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز