تاريخ النشر2019 14 May ساعة 11:02
رقم : 419982

معاني البدء بتحرير ادلب على وقع طبول الحرب الأميركية

تنا-بيروت
العميــــــد د. امين محمد حطيــــط أستاذ جامعي – باحث استراتيجي
معاني البدء بتحرير ادلب على وقع طبول الحرب الأميركية
كانت الجماعات المسلحة والجهات التي تقودها او تدعمها، تعمل في محيط ادلب ضد الجيش العربي السوري مطمئنة الى نجاحها في جره الى حرب استنزاف مرهقة، واحراجه ميدانيا وسياسيا ومعنويا ووضعه في وضع لا يستطيع الانطلاق الى عمل ميداني يكسر رتابة المشهد او يغير من واقع امتلاك الإرهابيين زمام المبادرة في ظل تقيد الجيش العربي السوري بمخرجات استنة ومضمون اتفاق سوتشي وقيود منظومة مناطق خفض التصعيد.
 
في ظل هذا التصور تطور الاستفزاز الإرهابي للجيش والمدنيين السوريين في ريف حماه الشمالي وريف حلب الجنوبي الغربي الى الحد الذي الحق بالجيش خسائر مؤثرة وبالمدنيين ضربات مؤلمة ومعطلة للحياة الطبيعية في أكثر من مرة، خسائر كانت تقع على مرأى ومسمع قياده معسكر العدوان على سورية التي كانت تطرب بكل مكوناتها لما تحدثه عمليات حرب الاستنزاف الإرهابية ضد السوريين مدنيين عسكريين.
 
تحت وطأة هذا الوضع المرفوض لا بل المستحيل القبول به أصلا والقبول باستمراره استطرادا كان اجتماع استنة الأخير الذي ووجهت فيه تركيا بالحقيقة التي لا يمكن السكوت عليها ووضعت بين خيارين اما التنفيذ السريع والجدي لكل التزاماتها في سوتشي وأستنه، ووضع حد لحرب الاستنزاف التي بدأها المسلحون منذ أربعة أشهر تقريبا، او التزم الصمت امام قيام الجيش العربي السوري في معالجة الوضع ورسم خريطة جديدة في الميدان تفتح الطريق امام انهاء الوضع الشاذ في ادلب في مرحلة لاحقة لا بد اتية.
 
واظهارا للجدية في مواقف الثنائي الروسي الإيراني المتبني للموقف السوري، وللتأكيد على ان صبر سورية قد نفذ وان قواتها المسلحة هي على أهبة الاستعداد للعمل في الميدان بصرف النظر عمن سيواجهها، كان يوم قصف الطيران الطويل المنفذ من قبل سلاح الجو السوري والطائرات الروسية العاملة في سورية واستهدف فيه أكثر من 45 قاعدة نارية للمسلحين كما كانت الرسالة الصاروخية التي وجهتها المدفعية السورية لاحد نقاط العسكرية التركية في محيط ادلب وأدت الى خسائر بشرية تركية في الموقع.
 
بهذا العمل المتكامل سياسيا و عسكريا و ميدانيا ، فهمت تركيا  بان قرار وقف حرب الاستنزاف قرار اتخذ ولا رجعة عنه و ان هناك مرحلة عمل عسكري سوري في المحيط ستبدأ مهما كانت العوائق ،و فهمت بان لا طائل من المكابرة ، لذا التزمت الصمت و اكتفت بمراقبة حركة قوات الجيش العربي السوري التي انطلقت لتنفيذ عمليات  المرحلة الاولى من مراحل تحرير منطقة ادلب ، التحرير الذي سيتم وفقا لعملية مركبة من عناصر ثلاثة و يتم على مراحل متتابعة تفرضها الظروف المعقدة التي تقوم في  المنطقة  او التي تحيط بها محليا و إقليميا و دوليا .
 
و بالتالي ان الصمت التركي لم يكن نتيجة لما يريد ان يروج له المرجفون و المشككون الذين صنعوا من انفسهم ابواقا للتشكيك بكل ما يتصل بالأداء الوطني للحكومة السورية او التخفيف من قوة قرارتها الاستراتيجية و الادعاء بان سورية اشترت صمت تركيا بالتساهل في مستقبل تل رفعت ، بل ان الصمت التركي كان نتيجة الموقف السوري الموسوم بالحزم و القوة مدعوما بموقف ايران و محور المقاومة و روسيا ، موقف اظهر لتركيا ان عهد المناورات  لكسب الوقت و تمرير المشاريع المعادية الخاصة ولى و ان هناك مرحلة جديدة في الميدان و السياسة عليها ان تسلم بها ، ففهمت و سلمت و صمتت .
 
اذن  ركبت سورية عمليتها من عناصر ثلاثة  كما ذكرنا ، بحيث تتكامل  جميعها في خدمة الهدف الأساس و الكبير المتمثل بتحرير ادلب و منطقتها و استعادتها الى حضن الوطن و السيادة السورية باقل كلفة ممكنة لذا ركبت العملية من عناصر كان أولها ضغط متعدد العناوين  هدفه اخراج العدد الأكبر من المدنيين من ميدان المعركة لتجنيبهم اهوال الحرب ، و الثاني عقد مصالحات مع الفصائل المسلحة بعد ممارسة عمليات الترغيب و الترهيب بوجههم حتى يستجيبوا لدعوة الحكومة بالخروج من الميدان مقابل ضمان مستقبلهم في الوطن رغم ان شروط المصالحات هنا تبدو اكثر شدة و تعقيدا مما مضى لأنه بعد ادلب لن يكون هناك محل يتوجه اليه رافضو المصالحة ، ام العنصر الأخير فهو كما يوصف بانه اخر الدواء الكي أي العمل العسكري الذي شاهد المتابع جزءا بسيطا منه مورس فادى الى تحرير مناطق هامة في المنطقة حيث دخلت قوى الجيش الى الحدود الإدارية لإدلب .
 
ومن جهة أخرى اعتمد لعملية التحرير، ولأسباب إنسانية وعملانية استراتيجية، اعتمد أسلوب المراحل ذات الأهداف المرنة المتدحرجة    وهو نهج الفه الميدان السوري خلال عمليات التحرير السابقة، وجاءت المرحلة الأولى من اجل تحقيق أربعة اهداف رئيسية هي:
 
- كسر خطة الإرهابيين ومشغليهم، الرامية الى إدارة حرب استنزاف يجر الجيش الغربي السوري اليها ووضع حد نهائي لهذا الامر.
 
- اجهاض المناورات التركية الرامية للتسويف ومنع تحرير ادلب وكسب الوقت لتنفيذ المشروع التركي في المنطقة المتمثل باقتطاع الأرض والتدخل في مستقبل النظام السياسي السوري.
 
- ضرب معنويات المسلحين واجهاض امالهم بطول البقاء في المنطقة مستندين على الوعود بحماية مشغليهم.
 
- تهيئة منطقة العمليات وتسوية خطوط التماس بما يسهل الانطلاق في المرحلة الثانية من العملية والتي ستركز على تحرير مساحات أوسع وتخليص اعداد أكبر من المدنيين المتخذين شبه رهائن لدى المسلحين .
 
و مستفيدة من التحضيرات الميدانية العسكرية ، و من الإنجازات الاستخبارية الهامة التي حققتها المخابرات في ادلب في صفوف المسلحين ، و من الارباك الغربي و الإقليمي و الأميركي بشكل خاص في ما يتعلق بالمواجهة مع ايران ، و إشاعة  فكرة اقتراب الحرب في المنطقة بعد دخول القرارات الأميركية "صفر تصدير نفط إيراني" دخوله حيز التنفيذ ، و من نتائج اجتماعات استنة الأخيرة ، مستفيدة من كل ذلك نفذت قوى الجيش العربي السوري المنتشرة في محيط المنطقة ، نفذت المرحلة الأولى من العملية  بنجاح باهر و بسرعة اختصرت التوقيت الموضوع لها الى النصف اوقل و اقتصدت بالجهود و التضحيات بشكل فاق التوقع . 
 
و عليه يمكن القول ان تنفيذ المرحلة الأولى من عملية تحرير ادلب جاءت بنتائج تخطت ما حدد لها و لهذا تدحرجت أهدافها الى ابعد ما خطط لها أصلا و سيكون لها من المفاعيل العملانية و الاستراتيجية ما يؤثر على مجمل المواجهة في سورية بين معسكري العدوان و الدفاع عن سورية ، أولا و ينسحب تأثيرها بشكل عام على المواجهة القائمة في الإقليم بين محور المقاومة و قوى العدوان عليه بقيادة اميركا ، و لن تجد اميركا مجديا  لها قرع طبول الحرب ضد ايران و حزب الله و لن يكون لها بالتهويل و الحرب النفسية ما تحلم به من اذعان وخضوع ، فالحرب لن تكون نزهة لأميركا و حلفائها ، و محور المقاومة ماضٍ قدما في المواجهة المدروسة والواقعية غير الاستفزازية ، وواثق من النتائج التي لن تكون الا في مصلحة شعوب المنطقة التي تطمح الى بناء منطقة لأهلها لا يكون لمستعمر فيها مقر او نفوذ .
 
وبالخلاصة نقول ان عمليات ادلب في سقفها المرسوم وأسلوب تنفيذها المخطط وفي ظرفها المدروس تستجمع من المعني والدلالات ما يمكن اجماله بالقول بان:
- ان سورية ومعها محور المقاومة لا تتراجع عن القرارات الاستراتيجية مهما كانت كلفتها.
 
- ان التهويل بالحرب ومناورات الحرب النفسية لن تثني سورية ومحور المقاومة عن أداء المهام الدفاعية مهما كانت الكلفة.
 
- ان من انتصر في مراحل الحرب الدفاعية التي استهدفت سورية ومحور المقاومة خلال العقد المنصرم لن يفرط بانتصاره مهما كانت الظروف.
 
- إذا استوجب الظرف والحال مرونة وليونة في التنفيذ فان الامر ممكن شرط ان لا يمس بالصلابة والثبات على المبادئ.
https://taghribnews.com/vdcc4oq0i2bqso8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز