تاريخ النشر2019 30 April ساعة 15:20
رقم : 417716

لم انكار لبنانية مزارع شبعا الان؟

تنا-بيروت
العميــــــد د. امين محمد حطيــــط أستاذ جامعي – باحث استراتيجي
لم انكار لبنانية مزارع شبعا الان؟
لا يمكن بعد ما يناهز ال20 عاما ان نعود الى فتح ملف هوية مزارع شبعا و مناقشة مسالة السيادة الوطنية عليها فالأمر أصلا حسم منذ العام 2000 و كان موقف الأمين العام للأمم المتحدة قاطعا في هذا الشأن و عبر  عنه في تقريره المؤرخ في 22\5\2000 و المرفوع الى مجلس الامن فالموقف كان  واضحا بما ذكره  في الفقرة 16 من التقرير و  ما نصه الحرفي :"و قد قامت حكومة لبنان ...بتزويد الأمم المتحدة بشهادات الملكية اللبنانية لأراضي زراعية و بوثائق تبين ان المؤسسات الحكومة و الدينية اللبنانية مارست سلطت قضائية ....على هذه المزارع و قامت حكومة لبنان بإبلاغ الأمم المتحدة بوجود تفاهم مشترك بين لبنان و الجمهورية العربية السورية بان هذه المزارع لبنانية و شمل ذلك قرار للجنة لبنانية – سورية خلص في العام 1964 الى ان المنطقة لبنانية ...و في حديث هاتفي معي(أي مع كوفي انان ) جرى في 16ايار \مايو2000 ذكر وزير الخارجية السوري السيد الشرع ان الجمهورية العربية السورية تؤيد المطالبة اللبنانية  ".
 
آما في عملنا مع اللجنة الدولية للتحقق من الاندحار الإسرائيلي عن لبنان في العام 2000 وقد كنت رئيسا للجنة العسكرية اللبنانية التي كلفت بالتحقق فقد سجلت المبادئ والوقائع والمواقف التالية:
 
- تسليم تام بان مزارع شبعا لا علاقة لها بفلسطين المحتلة وهي ارض خارج فلسطين التاريخية وان هذه المزارع هي منطقة على الحدود اللبنانية السورية 
 
- ان من يحدد الحدود بين الدول هي الدول ذاتها لان الحدود هي في الأصل عمل اتفاقي توافقي رضائي، الا في حال الانتداب والاستعمار فان "ما يحدده المنتدب والمستعمر من الحدود فهي الحدود".
 
- ان سورية تؤكد وبحزم تأييدها للبنانية مزارع شبعا وهذا ما اورده الأمين العام للأمم المتحد في النص أعلاه.
 
- اننا في عمل لبنان مع الأمم المتحدة هو التحقق من الانسحاب وليس ترسيم واو ابتداع حدود، فالحدود قائمة والمطلوب احترامها.
 
و كان منطقيا بعد هذا التوافق القانوني والميداني و السياسي ان تبادر الأمم المتحدة للطلب من إسرائيل بأخلاء المزارع ،لكن لارسن رئيس البعثة الدولية الذي سلم بكل ما قلنا و اعترف بأحقية لبنان بالمزارع و بهويتها اللبنانية  فاجأنا بموقف يعاكس المنطق و الحق و قال ان المزارع احتلت قبل القرار 425 و اخضعت في العام 1974 بعد اتفاق فض الاشتباك بين سورية و إسرائيل و انشاء قوة الأمم المتحدة في الجولان (اندوف) للصلاحية العملانية لهذه القوات و بالتالي لا صلاحية لقوات الأمم المتحدة "يونيفيل " بها  فرفض لبنان هذا التبرير و هذا المنطق العكوس و تحفظ عليه فهوم بعد ان  يقر بلبنانية المزارع ثم يدعو الى  استمرار  احتلالها خلافا للقرار 425 الذي ينص على تحرير كل الأرض اللبنانية.
 
اما في المواقف اللبنانية الداخلية، فقد سجلنا في العام 2000 اجماعا لبنانيا تأييدا للموقف الرسمي اللبناني المؤكد للبنانية المزارع ولم يعكر صفو هذا الاجماع بحرف واحد كما ولم يطرح جدل او نقاش مطلقا. لكن الامر تغير في العام 2005بعد مقتل الرئيس رفيق الحريري و ما تبعه من انقسام عامودي في لبنان ، حيث ان فريقا ممن اطلق عليهم تسمية "قوى 14 اذار " و استجابة لأوامر أميركية معادية للمقاومة ، انكر لبنانية مزارع شبعا لينفي وجود ارض لبنانية محتلة وليسقط ذريعة وجود مقاومة في لبنان و كل القصد تجريد حزب الله اللبناني المقاوم من سلاحه كما تطلب إسرائيل و اميركا خاصة و ام قوى 14 اذار تماهت في سياستها مع الموقف الإسرائيلي الأميركي من المقاومة التي حررت جنوب لبنان ، هذا الانقسام حمل الرئيس نبيه بري الذي كان دعا الى حوار وطني حول المسائل الوطنية الخلافية حمله على وضع موضوع المزارع على جدول اعمال هيئة الحوار .
 
هنا و نظرا لصلتي الوثيقة بالموضوع ،طلب الرئيس بري مني اعداد دراسة و خرائط توضيحية ، لعرضها على طاولة الحوار و اظهار حقيقة هوية المزارع هذه ، فاستجبت للتمني و ذهبت  الى مجلس النواب حيث اجتماع الهيئة  و قدمت للرئيس بري ما طلب ، حيث تولى هو عرضه داخل الهيئة و ما هي الا ساعات  حتى خرجت الهيئة بموقف اجماعي تؤكد فيه ان المزارع لبنانية و تطلب من الحكومة السعي لتحريرها ، و اعتبرنا ان الموقف اللبناني الاجتماعي هذا سحب الموضوع من التداول لان حجة الرافضين للبنانية المزارع دحضت و ذرائعهم سقطت و مواقفهم الأميركية انكشفت و لم يعد بيدهم الا ان يسلموا بالحقيقة و حق لبنان بارضه ، و ترتب على ذلك الامر سلوكيات بالغة الأهمية  في السياسة في لبنان حيث تشكل الاجماع و سحب ملف هوية المزارع من التداول و اقر ذكرها في كل بيان وزراي صدر بعد العام 2006 باعتبارها ارض لبنانية محتلة من قبل العدو الإسرائيلي و ان للبنان الحق بممارسة كل الوسائل المتاحة لتحريرها عبر ثلاثية القوة اللبنانية "الجيش والشعب و المقاومة .
 
و فجأة ينبري احد السياسيين اللبنانيين  الذين ظن المتابعون بانه تقاعد و وورث منصبه النيابي  لابنه ، ينبري هذا السياسي و اثر خلاف حول موقف اداري متصل  بتصرف وزير ينتمي اليه ، ضد وير ينتمي الى حزب الله، و بعد لقاءات "معمقة " مع وزير الخارجية الأميركي ، و في حمأة التصعيد الأميركي ضد حزب الله و سورية و ايران و في  أجواء التهيئة  الأميركية للبيئة المناسبة لأطلاق صفقة تصفية القضية القسطنطينية ، المسماة "صفقة القرن " ينبري هذا السياسي  ودون  سابق انذار ، ويعود الى  فتح ملف سبق اغلاقه و ختم بالشمع الوطني الأحمر و  ينكر لبنانية مزارع شبعا في موقف مثير للغرابة  انكره كل وطني و استهجنه كل متابع و رفضه كل شريف فلماذا هذه الاثارة اليوم بعد صمت و سكون دام 13  عام ؟.
 
بداية نقول ان انكار لبنانية مزارع شبعا امر لا علاقة له مطلقا بالمسائل الحقوقية والسيادية و العقارية ، و ان موقف هذا السياسي الذي ظن انه تقاعد لا يقدم و لا يؤخر في مسالة الموقف اللبناني الرسمي من القضية ، اذ لن يجد لبنانيا وطنيا واحدا يصغي اليه ، لكن خطورة الموقف تتمثل في تماهي هذا الانكار مع ما تخطط له اميركا و إسرائيل ضد لبنان ، ففي بنود صفقة القرن بند ينص على " سيادة إسرائيل على كل الأرض التي تحتلها الان ، شاملا الجولان و الضفة الغربية و قد اسقطت اميركا صفة الاحتلال عن الجولان و الضفة الغربية و اقرت بالسيادة الإسرائيلية على الجولان ، و مسالة السيادة على الضفة في الطريق لإعلانها و لم تذكر مزارع شبعا ، و يأتي هذا السياسي المتقاعد ، ليقدم الخدمة المأمورة المأجورة لأميركا و إسرائيل و يشرح و يوضح ما امتنعوا عن التعبير عنه  لفظا و اعتبار المزارع غير لبنانية و بالتالي الحاقها بالجولان، ما يعني اعتبارها مشمولة بالموقف الأميركي المذكور أعلاه  .
 
ان انكار لبنانية مزارع شبعا هو عمل فيه خيانة للوطن وتفريط بأرضه وخدمة للعدو، ويرتب على مرتكبه مسؤولية مركبة متعددة الوجوه، ولا يندرج مطلقا في مجال حرية التعبير والراي بل يمس المصالح الوطنية العليا، ما يعني ان الرد عليه لا يمكن ان يقتصر على السياسة والاعلام، بل ان المؤسسات القضائية اللبنانية ذات دور واضح في المعالجة خاصة وان هذا الموقف ليس فيه تفريط بحقوق سيادية وحقوق ملكية لبنانية فحسب بل أيضا هو موقف يهدد الاستقرار الداخلي ويسدي الخدمات الجلى لأعداء لبنان فهل يتم التحرك على ها الأساس؟ ان دماء شهداء التحرير تنتظر الجواب مع كل الوطنيين اللبنانيين...
https://taghribnews.com/vdcfyedjvw6dyea.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز