تاريخ النشر2018 24 September ساعة 20:29
رقم : 361688

الإحياء.. هدف الحسين(ع)

تنا - خاص
لقد كان لتلك الثورة الكبرى أثرها العميق في أحداث التاريخ، فقد أحيت النفوس الذليلة، وحرّرت الإرادات المكبلة، وسجلت على مرّ التاريخ آثارها العظيمة حتى يومنا هذا وهذه الثورة الإسلامية في إيران منذ انبثاقها وعلى مرّ أربعين عاماً من عمرها تستلهم من ثورة الحسين الصمود والتضحية والثبات على المبدأ،
الإحياء.. هدف الحسين(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
ويعود محرّم الحرام ويعود يوم عاشوراء، ذكرى ثورة هزّت التاريخ وأقامت الدنيا ولم تقعدها.
الجيهتان اللتان التقتا في كربلاء يوم العاشر من محرم سنة 61هـ، لاتزالان متقابلتان بكل ما في خصائص جبهة الحسين(ع) من سموّ إنساني، وصمود على طريق المبدأ، وإباء الضيم، ورفض الطغيان، والتضحية بكل غال ونفيس في سبيل تحقيق رضا الله تعالى، وفي سبيل انتشال الأمة من حالة الذل والهوان والاستسلام.

وأيضاً بكل مافي جبهة قتلة الحسين(ع) من خسّة ودناءة وبيع للضمير، ووحشية وعبودية للمال والجاه والسلطان.
ثورة ابن فاطمة جاءت حين أوشك المجتمع الإسلامي أن يموت.. حين خيّم عليه الذلّ والخضوع والاستسلام، ومحال أن يموت وفيه الحسين الذي قال فيه رسول الله(ص): «حسين مني وأنا من حسين» فالحسين منه لأنه سبطه، وهو من حسين لأنه الناهض بمواصلة طريق جدّه في الإحياء، وفي إعادة العزّة إلى أمة محمد(ص).
وفي عصرنا هذا تصطف الجبهتان لترفع إحداهما راية العزّة والكرامة والحياة ولتردد مع الحسين: هيهات منّا الذلة. ولتدعو الأمة إلى وحدة الصف للوقوف بوجه مذلّيها وساحقي كرامتها والمستهينين بمقدراتها.
وتقف الثانية موقف الخاضع المرهوب المهزوم أمام صفقة القرن، وتدنيس القدس، وتهديدات يزيد العصر ترامب، وإغراءات المال والجنس والمتاع، ومؤامرات التفرقة الطائفية .
لقد كان لتلك الثورة الكبرى أثرها العميق في أحداث التاريخ، فقد أحيت النفوس الذليلة، وحرّرت الإرادات المكبلة، وسجلت على مرّ التاريخ آثارها العظيمة حتى يومنا هذا وهذه الثورة الإسلامية في إيران منذ انبثاقها وعلى مرّ أربعين عاماً من عمرها تستلهم من ثورة الحسين الصمود والتضحية والثبات على المبدأ، وهكذا ما نشاهده من مقاومة وصمود في فلسطين وجنوب لبنان، وبقاع مختلفة من عالمنا الإسلامي، نجد فيها روح ثورة الحسين ماثلة واضحة، ترفض حالة الاستسلام والخضوع والاستكانة للظالمين.
الاهتمام الإسلامي بهذا المقطع التاريخي الهام، وإحياؤه إحياءاً يدخل في الوجدان الشعبي، يستطيع أن يحيي روح «العزة» في نفوس المسلمين، ويستطيع أن يشدّ عواطف الأمة المسلمة في اتجاه رفض الخضوع للظلم والاستسلام للطغاة والمتجبرين.
لا يجوز أن تبقى ذكرى الحسين حيّة لدن طائفة من المسلمين ويحرم من عطائها غيرهم.. لابد من إحيائها على الصعيد الإسلامي.. عندئذ ستكون وسيلة «تقريب» بل توحيد لعواطف الأمة وأفكارها واهتماماتها وتطلّعاتها.
الإسلاميون الذين ارتفعوا عن الحالة الطائفية توجّهوا نحو هذه الصفحات المضيئة من تاريخنا، واستلهموا منها العبر والدروس، ومنهم «سيد قطب» رضوان الله تعالى عليه. فهو حين يقف عند معنى النصر في قوله سبحانه: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يضرب مثلا من تاريخ الأنبياء بإبراهيم (عليه السلام) وهو يلقى في النار فلا يرجع عن عقيدته ولا الدعوة إليها، فهو في موقف نصر لا هزيمة..
ويضرب مثلا من تاريخنا الإسلامي بالحسين «وهو يستشهد في تلك الصور العظيمة من جانب، المفجعة من جانب.. أكانت هذه نصراً أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة... فأما في الحقيقة الخالصة وبالمقياس الكبير فقد كانت نصراً. فما من شهيد في الأرض تهتزّ له الجوانح بالحبّ والعطف، وتهفو له القلوب، وتجيش بالغيرة والفداء كالحسين رضوان الله عليه. يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين، من المسلمين. وكثير من غير المسلمين!»
في الختام نعيد ما رددناه مراراً وهو: الله الله في شعائر إحياء ذكرى الحسين(ع)، فكما أننا ندعو أبناء الأمة على اختلاف مذاهبها إلى المشاركة الجادّة في هذا الإحياء، ندعو أيضاً الموالين لآل بيت رسول الله(ص) أن يحافظوا على الوجه الناصع الأصيل لمراسم عاشوراء، وأن يبعدوا هذه الشعيرة عن الخرافات والتفاهات التي لا تتناسب مع عظمتها وجلالها، وعظم الله أجورنا وأجوركم في مسعانا لصيانة أهداف الحسين (عليه السلام).


محسن الأراكي
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية 

https://taghribnews.com/vdcbw8bfwrhb00p.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز