تاريخ النشر2010 25 December ساعة 15:43
رقم : 34837

لا للتعصب الفكري ونعم للحوار المشروط

وتستهدف الحوارات الثقافية والفكرية، خلق التراكم المعرفي،والمشاركة في الرأي والفكرة، والتواصل الإيجابي بين المهتمين بشؤون الثقافة والأدب، وصولاً لبلورة الأفكار وإنضاجها،
علي ال ثاني
علي ال ثاني
وكالة انباء التقريب (تنا) :
 الخلاف المذهبي يراد منه تعميق الفجوة بين المسلمين. فما أحوجنا اليوم إلى كلمة تلم شملنا، وتؤلف بين قلوبنا، وما أجمل أن نجتاز الحواجز التي رسمناها حولنا ،و ما أشوقنا إلى لغة الحوار السليم التي تعيننا على ذلك، ، حتى تجتمع كلمتنا على ما تركه لنا نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فلا نضل بعده، ولا نفترق، أو نسلك سبلاُ شتى.

وإذا كانت هناك أسباب ودواع لما حصل بيننا من خلاف، فما أجمل أن نقف عليها بكل حياد، وتعقل مدركين أن المهم في الأمر هو ظهور النهج الإسلامي الأصيل ، وليس غلبة هذا الاتجاه، أو ذاك، ذلك لأن اتفاقنا على الحق الصريح هو الضمانة الكبرى لوحدتنا بالرغم من الاختلاف. 

وأرى في تعصب كل منا إلى فرقته التي ورثها عن آبائه، ونشأ عليها، وتشربت بها عروقه ، فلا يزيدنا إلا تباعدا عن بعضنا، وابتعادا عن القيم والمبادئ التي جأت بها الشريعة المحمدية السمحاء
.
ونظراً لارتفاع موجة التعصب الفكري والسلوك المنحرف والمتعجرف الذي أتي به التخلف والجهل من دهاليز ماضي بعض القبائل العربية من قديم الزمان .أتطرق إلى عقلية هؤلاء الذين لا يزالون يعيشون في الظلام الدامس ونحن في عصر الفضاء عصر الانفتاح على كافة الأديان السماوية ونحن نقلب صفحات الكرة الأرضية في ثواني وننتقل من مكان إلى مكان بواسطة هذه الشبكة الفضائية وهم منغمسون في موجة تعصب فكري مقيت يرمي بظلاله على عقول تلك الفئة المقيتة التي تعيش في عصر التخلف و الانحدار الفكري والهمجية الجاهلة. 

كما ان الحوارات الثقافية والتواصل المعرفي، من ضرورات الحياة الثقافية، لأنهما يساهمان في خلق المنظومة الفكرية الجديدة، التي هي رهان الأمة وسبيلها لبناء راهنها والتحكم في مصائرها المستقبلية. وذلك لأن الحوار، هو الكفيل بامتصاص إشكاليات التباين، كما أنه يستوعب حساسيات الخلاف في وجهات النظر والقناعات.

أن المسلمين في عصور التخلف والانحطاط, انساقوا بعيداً عن متطلبات الحوار, وأضحت النزعة الطائفية ،هي السائدة في العديد من العصور والحقب التاريخية. وإن سيادة نزعة الإقصاء والقطيعة والتفرقة، لم يكن وليد المنظومة الإسلامية، وإنما من جراء الانحراف عن هذه المنظومة، والعمل على إقصائها
من الحياة السياسية والعلمية والاقتصادية للمسلمين. 

وتستهدف الحوارات الثقافية والفكرية، خلق التراكم المعرفي،والمشاركة في الرأي والفكرة، والتواصل الإيجابي بين المهتمين بشؤون الثقافة والأدب، وصولاً لبلورة الأفكار وإنضاجها، وتقليبها على أوجهها المختلفة لتكاملها. وإن من أعمق المشكلات التي نواجهها كأمة، هي المشكلة الطائفية، التي تلقي بظلالها على تفاصيل حياتنا، والتي نرى جذورها في طريقة تفكير الإنسان في مجتمعنا وأمتنا، وطبيعة شخصيته، ونوعية طموحاته، وعلاقته بالزمن. لذلك فإن استعادة شخصيتنا الثقافية والتي كانت ولا تزال حائرة وضائعة بين تيارات ومدارس فكرية مختلفة، تتآكل وفقا لحجم صراعاتها، الذي ينبغي أن يوليه المثقفون بل الباحثون العناية والاهتمام.

فبين فترة وأخرى تطالعنا ومع الأسف بعض الأقلام المثقفة والمحسوبة على الطبقة المعتدلة بآراء ثقافية ، سياسية أو اجتماعية يكتبونها، تتعلق بأمور المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية هذه الأيام وتحتاج الى نقاش وحوار مستفيض من المثقفين ، ورجال الدين للوصول الى قواسم مشتركة . وبالتأكيد ان الآراء المطروحة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن وجهة نظر الجميع ، وتبقى مسألة تقبل هذه الآراء من عدمها يعود للقارئ نفسه وأفكاره وحريته
وقناعته الشخصية ومدي أهمية الموضوع المطروح بالنسبة له ، ولأن كل قارئ ينظر لهذه الموضوع أو ذلك من زاويته الخاصة به . ونعتقد ان ظاهرة الحوار وتبادل الآراء الابتعاد عن وتر الطائفية.

أن التعصب للرأي الواحد وإنكار الرأي الآخر هو صفة من صفات الثقافة المتخلفة ويدل على محدودية النظر للطرف الآخر وهو علامة على ضيق الأفق وعلى عدم الرؤية ومع الأسف هذه هي أحدى مشاكلنا المستعصية و التي تأثرنا بها لذا نلاحظ ومهما كانت ثقافة الأشخاص المتحاورين فأنهم لا يؤمنون بالرأي الأخر وتظهر عليهم ثقافة (الأنا).) 

ونحن هنا بصدد محادثة وطنية حول الانتماء ومن هو المواطن الحقيقي، والذي يغار على وطنه ويتربع الوطن في روحه،نحن لا نرفع شعارات الولاء و لا نطبقها، ولا نثرثر في الكلام من غير ان نعبر عن صدق محبتنا وإخلاصنا لهذا الوطن العزيز.
وليعلم الجميع أن غريزة حب الوطن تسري في دمائنا ،والتعايش مع يعضنا البعض ديدننا ولكن ينبعي أولا إزالة الأحقاد الهمجية التي تسيطر على عقول البعض ممن يعشقون شرب الدماء ويخافون افتضاح مكنوناتهم وما يسرون. 

ان ثمة فئة تفتقد لروح الإنسانية، قامت بتنفيذ المجازر وتشريد وتهديم الأمم والدول وحرق البشر والأرض والنسل بفكرها المقيت، كما أنها محت الفكر الإسلامي والثقافي في نظر شعوب العالم المحبة للسلام وللبشرية ،ونرى إن أعمال هؤلاء
الأشرار حتى مع أبناء جلدتهم غير مؤتمنه على وطن أو دين أو عرض. 

ان العوامل الأساسية لتغير الإنسان إلى الأحسن واختيار الطرق الفكرية و الثقافية بحد ذاتها كانت ولا تزال تؤمن بالحوار الحضاري والتعايش بين الأديان وكافة الأمم و الطوائف ،هي من ترجيحها الفكر العقلاني العلمي في حل النزاعات والخصومات،لذا يجب على المؤسسة الدينية ان تتحد مع مؤسسة التعليم والتربية وتصحيح مسار التعليم ومناهجه ، وان يتوحد الفكر وتبسط العقلية الإسلامية الصحيحة كأسلوب حضاري منفتح في حدود الشرعية الإسلامية وتتصدى للفكر المتخلف والداعي إلى العنف وإثارة الطائفية والخلافات المذهبية التي تؤجج الشعوب الإسلامية وتكثر النزعات والقذف الإعلامي وإثارة الحقد بين الطرفين. حتى نخلق لنا جيلا واعياً للمستقبل .

ويعلم الجميع أننا أهل لهذا الوطن وجنوده المخلصين مهما تعددت المحن وتمزقت بيننا خيوط الألفة لن نترك وطننا وأرضنا تستباح من فئة حاقدة وعقول متحجرة نفوسها لا بل ضمائرها تنبض بالحقد والكره والنفاق.
نعم نرحب بالحوار كما سبق ان أسلفنا أعلاه لكن مع وجود عقولا فكرية متحضرة.تكون المواطنة هي التعبير الاجتماعي لعملية انتماء وعطاء الإنسان للواقع الذي يعيش فيه حتى نبني الوطن جميعاً .

علي آل ثاني

https://taghribnews.com/vdcgu79w.ak9tw4r,ra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز