تاريخ النشر2018 30 July ساعة 15:06
رقم : 346705

تصفية القرن تترنح على إيقاع انتصارات سورية.

تنا-بيروت
العميــــــد د. امين محمد حطيــــط أستاذ جامعي – باحث استراتيجي البناء –بيروت – 31/7/2018.
تصفية القرن تترنح على إيقاع انتصارات سورية.
كثير قيل ويقال حول ما اسمي "صفقة القرن " التي لم يعلن من تفاصيلها شيء مؤكد ولكن مضمونها او القصد منها تسرب الى الاعلام وعرفت تقريبا الجهات والدوائر المعنية بالتنفيذ معرفة تخضع لقاعدة امنية شهيرة هي قاعدة "العلم بقدرالحاجة." وإذا جمعنا ما تسرب وما نسب الى هذه الجهة او تلك لوصلنا الى صورة تشي بان هذه المسماة "صفقة القرن" ليستأكثر من منظومة من السلوكياتوالتدابير التي تفرض تنازل العرب عن حقوقهم بفلسطين كليا والإقرار للكيان الصهيوني بالحق بإقامة الدولة القومية لليهودفيها تماما كما جاء في وعد بل فور2017 وتجاوزا لما نص عليه في قرار التقسيم رقم 181 القرار الوحيد الذي تستند إسرائيل في شرعيتها المزعومةاليه.
 
و ان هذه التي تدعي اميركا و إسرائيل بانها صفقة بين العرب و الفلسطينيين من جهة و اميركا وإسرائيل من جهة أخرى هي في الواقع عملية تخلي عن الحقوق  لا تعطي العرب شيئا بل كلها تنازل و اذعان للصهيوني المحتل الغاصب ،و لان هذا هو حال العملية فعليا فيكون من الصواب و احتراما للحقيقة و تأكيدا على طبيعة الأمور و تسمية للأشياء بأسمائها ، يكون لازما تسمية هذه العملية بانها " تصفية القرن" و ليس صفقة القرن كما يروج اعلامهم ،ففيها  تصفية للقضية  الفلسطينية بالشروط و المعايير  الإسرائيلية دونما مراعاة لحق طبيعي او قانوني او قاعدة من قواعد القانون الدولي .
 
و من يتابع و يدقق في ما تسرب او ظهر من تدابير تنسب الى "صفقة القرن"  المزعومة يجد ان هذه العملية تقوم على مرتكزات أساسية اولها اعتبار فلسطين كلها دولة لليهود و لا يخرج منها الا قطاع غزة ، الذي يكون في ابقائه خارجها مصلحة إسرائيلية للتمكن من تطبيق "قومية الدولة"  على النحو الذي سنبينه .و الثاني اعتبار القدس كلها و من غير تمييز بين شرقية و غربية هي لإسرائيل عاصمة ابدية و الثالث أسقاط حق العودة للفلسطينيين و توطينهم حيث هم في البلاد العربية خاصة لبنان و سورية و الأردن و مصر مع الإقرار لإسرائيل بحق سحب الجنسية من كل من ليس يهوديا و موجدا في فلسطين التي احتلت في العام 1948 و ترك الخيار لها   في منحه الإقامة المؤقتة او الدائمة على "أراضيها " او طرده منها بعد حرمانه من  حقوق المواطنة ، و أخيرا ادخال إسرائيل في النسيج العضوي للنظام الإقليمي في المنطقة خاصة من الوجهتين الأمنية و الاقتصادية لتكون هي في الموقع الطليعي الذي يقود المنطقة بأشراف و توجيه أميركي .
 
اما في التنفيذ فقد شرعت اميركا بأول خطوة على هذا الصعيد، باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارةالأمريكيةاليها،ثمكان اصدار الكنيست الإسرائيلي " قانون القومية" الذي مضى عليه عقود يناقش دون ان يجرؤ أحد على اعتماده لكنه بعد إطلاق"تصفية القرن" بموافقة عربية بخاصة من السعودية، اعتمد دون خشية من أحد رغم انه يجاهر بإقامة نظام تمييز عنصري على وجه أبشع بكثير مما كان قائما في جنوب افريقيا في القرن الماضي.
وإضافة الىما ذكر تحضر اميركا وإسرائيل امرين لإخراجهما من الجعبة العدوانية على فلسطين والمنطقة أولهما الدعوة لانشاء"حلف عسكري “بين"إسرائيل اليهودية " ودول عربية إسلامية تحت اسم الناتو العربي الاسرائيلي من اجل حماية مشروع التصفية في مواجهة المقاومة محور المقاومة عامةوإيران بشكل خاص حلف يجمع إسرائيل مع دول الخليج ومصر والأردن الموقعتان لمعاهدات صلح معها،والثاني طرح ما اسمي مبادرة نتنياهو حول قطاع غزة. المبادرة التي يبتغي منها العدو تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية منج اتفاق أوسلو التفريطي،لتطبق عليها النظام الأمني الساري في الضفة أي جعله ميدانا للتنسيق الأمني مع إسرائيل بما يقود الى تصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة نهائيا،والتحضير لإعلان القطاع دولة فلسطين المنزوعة السلاح واعتبار كل فلسطيني في العالم مواطنا في هذه الدولة حتى ولو لم يكن مقيما فيها وذلك من اجل الغاء المبرراتالقانونية للمطالبة بحق العودة. انها مبادرة تقزيم القضية الفلسطينيةوحصرها بقطاع غزة من اجل التمكن من خنقها وتصفيتها.
 
لا شك بان هذه الخطة الشيطانية الخبيثةالمسماة "صفقة القرن" هي خطة اعد لها بعناية و ارفدت بالكثير من مواقع و مصادر القوة لضمان  نجاحها  بيد ان ذلك  يتطلب توفر شروط أساسية لا يمكن تجاوزها ، أولها موافقة الشعب الفلسطيني عليها ، والثاني سكوت محور المقاومة و عدم مواجهتها ، و الثالث ضمان وقف المقاومة الفلسطينية و الرابع ضمان تفكيك محور المقاومة و امتلاك السيطرة بشكل خاص على ما تسميه إسرائيل الجبهة الشمالية لمنع أي انفجار في المنطقة يعيد الأمور الى نقطة الصفر و يقود الى حرب إقليمية مفتوحة لا تملك اميركا و إسرائيل القدرة على انهائها .
 
ان من يدقق في الشروط المطلوبة لنجاح عملية تصفية القرن هذه يجد ان تحقق هذه الشروط امر فيه من الصعوبة ما يكاد يجعله يقترب من الاستحالة.ونبدأ مع الشرط الأول اذ اننا لا ننكر وجود فلسطينيين يوافقون على هذه الصفقة ويشكلون في مواقتهم امتداد لما جرى في اسلو وما استتبعها من تنازلات وطعن للقضيةالفلسطينية، الا ان المزاجالفلسطيني الراجح والمؤيد من الموقف الشعبي العربي الغالب، يتمسك بكل فلسطين وبمبدأ استعادتها  من البحر الى النهر المبدأ الذي يؤكد عليه في كل المواقف العربيةوالفلسطينية دونما شك او التباس كما تزداد ثقة الفلسطينيين بالمستقبل ويزداد تمسكهم بحقهم بوطنهم فلسطين على وقع الهزائم التي يتجرعها المعتدون في الإقليم عامة و في سورية خاصة .
 
اما في الثاني فان لمحور المقاومة مشروعه لحل القضية الفلسطينيةوهو المشروع الذي طرحه الأمام علي الخامنئي منذ سنوات ويقوم على مبدا قيام الدولة الفلسطينية الواحدة التي يكون مواطنا فيها من كان من أهلها او تحدر منهم اما من جاء اليها فعليه الرحيل وترك البلادلأهلها يختارون نظام دولتهم دون أي غصب او ضغط.وبالتالي لن يكون لتصفية القرن الأميركية الصهيونية محل في قاموس محور المقاومة الذي سيستمر في دعم الشعب الفلسطينيوسيستمر بالمطالبة بكل فلسطينويعمل من اجل ذلك مؤمنا بانها ستستعاد.
 
وعن وقف المقاومة الفلسطينية نجد الرد الناجع وببساطة كليةبإبداعات الشعب الفلسطيني الأخيرة الذي تخطى من يعتبر نفسه قيادات فلسطينيةوأطلق سابقا الانتفاضة تلو الانتفاضة ثم ينظم اليوم مسيرات العودة التي ارهقت إسرائيل نفسيا ومعنويا قبل ان تلحق بها الاضرار المادية التي يحسب لها اليوم أكثر من حساب. فمقاومة فلسطين مستمرة وبكل تأكيدوعلى من يريد التحقق أكثر عليه ان يصغي الى ما قالته المناضلة عهد التيمي ذات ال 17 ربيعا متوعدة إسرائيل بمواصلة المقاومة واستمرارها موقف أطلقتهوهي تحرج من السجن الإسرائيلي بعد ثمانية أشهر من الاعتقال.

اما الضربة القاضية لمشروع "تصفية القرن"  فيتمثل  في ما يجري في سورية من انهيار منظومة العدوان و جماعات لإرهاب امام الجيش العربي السوري و حلفاؤه في محور المقاومة و معهم روسيا ، حيث استطاعت سورية و على مدار نيف و سيع سنوات ان تصمد أولا ثم تحتوي العدوان الكوني عليها ثم تتحول الى الهجوم ثم تطهر الأرض السرية و تستعيدها تباعا الى كتف الدولة و باتت في الأشهر الأخيرة لإنجاز مهمة التحرير و التطهير و العودة الى الموقع الجيوسي الذي كانت فيه قبل العدوان لتلعب و بفعالية اكبر الدور الاستراتيجي الذي احترفته خدمة لقسطين و للقضايا العربية .
 
ان انتصار محور المقاومة في سورية أجهض مشروع تقسيم المنطقة ومنع تركيبها على أساس عرقي وطائفي ومذهبي وحال بالتاليدون تمرير أي من مشاريع التصفية لقضية فلسطين ففي سورية لم تكن مواجهة المؤامرة الكونية دفاعا عن سورية فحسب بل كانت للدفاع عن فلسطين وعن كل المنطقة كما هي دفاعا عن سورية.

وبالتالي ان من انتصر في المعركة الدفاعية الرئيسية لن يسمح للعدو التسلل لفرض ما يريد عبر البوابات الخلفية مهما سخر من طاقات وبذل من جهود و اذا ذهبت إسرائيل للمواجهة و فتحت جبهة الشمال عندها ستكون الكارثة الاستراتيجية عليها لأنه تستطيع ان تبدا الحرب لكنها لن تستطيع ان تنهيها بل سينهيها محور المقاومة و سيغير وجه المنطقة كما توعدها السيد حسن نصرالله .لذا فالمطلوب الان الثقة بالنفس الثقة باننا نحن من انتصر ونحن من يقرر مصير المنطقة وليس للمهزومين واتباعهم من العملاء والأدوات أي دور في صنع هذا المستقبل.
 
https://taghribnews.com/vdce7p8xnjh8efi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز