تاريخ النشر2018 7 May ساعة 19:29
رقم : 329054

محور المقاومة ربح البرلمان المقبل، والقوات ربحت المعارضة

تنا-بيروت
كما كان متوقعا وربما أكثر بقليل، فان حزب الله وحركة أمل وحلفاءهما من الجنوب الى الشمال، ربحوا رهان الانتخابات التشريعية في لبنان، وصار من الصعب أن يتعين رئيس حكومة أو يمر بيان وزاري أو يتخذ قرار استراتيجي بدونهم في البرلمان اللبناني المقبل... أما القوة المعارضة الاولى لهم فهي تتمثل في القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، وليس بتيار المستقبل الذي أصيب بنكسة كبيرة حتى داخل طائفته وبيئته.
محور المقاومة ربح البرلمان المقبل، والقوات ربحت المعارضة
وأما التيار الوطني الحر بقيادة الوزير جبران باسيل، فهو مضطر لمراجعة حساباته وتحالفاته بعمق ذلك أن حساب البيدر لم يوافق حساب الحقل ولا الحملة الانتخابية الهائلة التي خاضها باسيل.

بانتظار النتائج الرسمية يمكن التوقف عند الخلاصات التالية: 

• أثبتت بيئة المقاومة أنها وفية تماما لحزب الله وحركة أمل، وأن كل التجييش السياسي والمالي والمذهبي والمتطرف ضدها قوّى موقعها ليس في بيئتها فقط وإنما على مستوى الوطن عبر مرشحيها أو مرشحي حلفائها. من المفترض أن يأخذ خصوم المقاومة في الخارج من إسرائيل الى بعض الدول العربية الى أميركا ذلك في عين الاعتبار . 

• ربحت سوريا عبر حلفائها في لبنان وخسرت السعودية التي بضربها صورة الحريري حين احتجازه، ثم بعدم وضوح رؤيتها اللبنانية الداخلية، ساهمت في اضعاف بيئة الحريري وتقوية بيئة المقاومة. 

• لم يعد الرئيس سعد الحريري هو الوحيد المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، ذلك أن أسماء سنية عديدة برزت، وبعضها شكل نجاحا باهرا، فمثلا الوزير السابق عبد الرحيم مراد العروبي الناصري المؤيد للمقاومة وللانفتاح على سوريا، كان الأول في البقاع الغربي لجهة عدد الأصوات له وللائحته. كذلك الأمر مع فوز نجيب ميقاتي في طرابلس وفيصل كرامي وغيرهما. صار بإمكان حزب الله وحلفائه حاليا، الخيار بين القبول برئيس حكومة ضعيف هو الحريري، أو اختيار رئيس حكومة آخر رغم ما سيتخلل ذلك من معارضة داخلية وخارجية. 

• أوضحت الانتخابات أن الخطاب المتطرف الذي استخدمه الرئيس الحريري ضد المقاومة وحزب الله وسلاحهما بغية شحذ همم بيئته، لم ينفع، ولا نفع الخطاب الأكثر تطرفا الذي استخدمه اللواء أشرف ريفي، بالعكس تماما ذهبت البيئة السنية في لبنان نحو الخطاب المعتدل أو ذاك المؤيد للمقاومة بشكل عام. استعادت البيئة السنية وهجها العروبي الناصري الذي تميزت به عبر تاريخها. 

• لا شك أن القوات اللبنانية نجحت الى حد كبير في فرض نفسها في المعادلة اللبنانية المقبلة كطرف أساس. هي نجحت بفضل تنظيمها الدقيق، ووفائها لخطابها الذي لم يتغير ولم يتلون. خطاب حافظ منذ الأساس على لغة معادية لحزب الله وسلاحه ولايران، فكان أن أخذت من التيار الوطني الحر أصواتا مهمة، خصوصا حين ذهب خطاب الوزير جبران باسيل الى شحن انتخابي يقارب في مرحلة معينة وضمنيا لا تصريحا خطاب القوات من ناحية تعزيز الشعور المسيحي واللعب على هذا الوتر.  فوز القوات وضع أيضا الحريري في موقع صعب، فصار مضطرا اما للتحالف معها مجددا على مضض أو الذهاب صوب حزب الله. خياران أحلاهما مر. 

• لا شك أيضا ان تيار المردة المسيحي الماروني العروبي القريب جدا من المقاومة والمتحالف عضويا مع سوريا، حقق مفاجأة كبيرة ستكون لها تأثيراتها السياسية والعروبية على البرلمان وعلى العلاقة مع دمشق ، وكذلك الحزب السوري القومي الاجتماعي ( المتحالف حكما مع حزب الله وسوريا) . هذه القوى تماما كالنائب الصيداوي العروبي الناصري د. أسامة سعد ستكون رديفا مهما للمقاومة ولتجديد النفس العروبي في المرحلة المقبلة. 

يفترض ما حصل، أن ثمة ثوابت ستسير عليها السياسية اللبنانية المقبلة، ومتغيرات قليلة. أما الثوابت فهي العودة الى مقولة " الشعب والجيش والمقاومة"، ورفض أي كلام عن نزع سلاح حزب الله، والانفتاح على سوريا، ووضع آلية مهمة ودقيقة لمحاربة الفساد. وأما المتغيرات فهي أن القوات اللبنانية لن تكون سهلة داخل البرلمان، هي أيضا تريد محاربة الفساد وربما تتقارب بذلك مع حزب الله، لكنها من الصعب أن تغير خطابها، لذلك فهي ستكون أقرب الى المعارضة القوية. 

في المعادلة الجديدة ، يُتوقع أن تلعب أطراف أخرى ربحت رهانها الانتخابي أدوارا مهمة في التوازنات، وفي مقدم هؤلاء وليد جنبلاط ( أو ابنه تيمور) الذي عزز دوره ليس في بيئته الدرزية فقط وانما أيضا في البيئتين السنية والمسيحية في الاقليم والجبل... من الصعب في المرحلة المقبلة تصور جنبلاط مناهضا لحزب الله والمقاومة خصوصا ان علاقته الشخصية برئيس مجلس النواب نبيه بري (الذي سيكون على الأرج رئيس المجلس المقبل) عضوية واستراتيجية، وعلاقته بحزب الله تحسنت كثيرا في المرحلة الماضية وتخللتها تحالفات انتخابية أثرت على خصوم جنبلاط. سيكون جنبلاط قادرا على الخيار بين أن يكون في تحالف مع المستقبل والقوات اللبنانية أو أن يستعيد مكانا أقرب الى بيئة المقاومة. 

لكن المستقبل لن يكون سهلا مطلقا، ذلك أنه ستجري ابتداء من اليوم محاولات حثيثة لتشكيل قطب لبناني مناهض لحزب الله وحلفائه، تكون نواته الاولى القوات اللبنانية والكتائب وتيار المستقبل.  وهي ستلقى دعما عربيا وخارجيا مهما ذلك أن خصوم المقاومة في الخارج كثيرون ومن الصعب عليهم هضم انتصار سياسي كبير بعد فرض واقع عسكري وسياسي جديد في المنطقة من العراق الى سوريا واليمن فلبنان...

ربما علينا الآن انتظار انتخابات العراق يوم السبت المقبل لنعرف، ما هي الاتجاهات المقبلة في المنطقة حيال أميركا وحلفائها، ففي لبنان حُسم الجزء الأكبر من الأمر. 

هذه قراءة أولية ، وسوف تليها قراءة أكثر عمقا بعد صدور النتائج الرسمية.

سامي كليب
https://taghribnews.com/vdccpoq102bqix8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز