تاريخ النشر2017 23 December ساعة 14:41
رقم : 301096

"خرافة الزعيم القوي: القيادة السياسية في العصر الحديث"

تنا-بيروت
يناقش كتاب "خرافة الزعيم القوي: القيادة السياسية في العصر الحديث" مختلف أنواع الزعماء، اليمقراطي والثوري والسلطوي والشمولي.
"خرافة الزعيم القوي: القيادة السياسية في العصر الحديث"
محمد علي فقيه  

الكتاب هو عصارة تجربة خمسين عاماً في دراسة السياسة والبحث والمحاضرات للباحث براون حول موضوع الكتاب في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وروسيا حيث حاضر المؤلف في جامعات تلك البلدان .

لأساليب القيادة أهمية كبرى في المؤسسات حتى في الجهات التي تتخذ ترتيباً هرمياً مثل الكنيسة الكاثوليكية. ففي نقد للذات ذكر البابا فرنسيس أنه عندما عيّن رئيساً للأبرشية اليسوعية في الأرجنتين حين كان شاباً طائشاً في السادسة والثلاثين من عمره، كان أسلوب قيادته استبدادياً الى حد بعيد. وأضاف البابا فرنسيس "كان أسلوبي المتسلط في اتخاذ القرارات هو ما جلب المشكلات"، فقد أعطى أسلوبه انطباعاً بأنه يميني الهوى أو محافظ مغالٍ.

وقال البابا إنه يفضل أسلوب التشاور ومن ثم عيّن مجموعة استشارية تضم ثمانية كرادلة، وهي خطوة حثه عليها الكرادلة في الاجتماع السري الذي انتخبه لكرسي البابوية، ولأنهم كانوا يطالبون بإصلاح بيروقراطية الفاتيكان، تعمد أن تكون اجتماعاته مع الكرادلة الثمانية "اجتماعات تشاور حقيقية وليست شكلية ".

يقول الكاتب براون في مقدمته إن في النظم الديمقراطية اتفاقاً واسعاً على أن الزعيم القوي أمر محمود وأن التعبير يحتمل أكثر من تأويل. إلا أنه اصطلح أن القائد القوي يعني من يجمع قدراً ضخماً من السلطة في يده، ويسيطر على مساحة عامة من السياسة والحزب وهذا معناه أنه  كلما زادت سلطة الزعيم زاد انبهارنا به وأرى أن هذا محض وهم".

عندما تتبدد المخاوف بسبب أن الزعيم واثق بأنه يعرف أكثر من الجميع، تأتي المشكلات. فالإدارة المثلى تعني إشراك كل رجال السياسة الكبار، وهي وجوب تطابق أعمال الحكومة مع القانون ومحاسبتها بصورة ديمقراطية أمام البرلمان والشعب.

يعتبر الكاتب أن سطحية ثنائية الضعف والقوة هو أسلوب عاجز عن تقويم الزعماء. فهناك سمات مطلوبة في الزعيم السياسي يجب أن تكون أهم من معيار القوة، ذلك المعيار الذي يفضل استخدامه للحكم على رافعي الأثقال أو عدائي المسافات الطويلة. وتضم هذه السمات النزاهة والذكاء والرغبة في البحث عن آراء مختلفة وطاقة لا حدود لها إضافة إلى صفات أخرى. فالزعماء ليسوا خارقين ويجب ألا ينسوا ذلك .

برغم ذلك صار موضوع القوي- الضعيف موضوعاً ثابتاً في المناقشات التي تتعلق بالقيادة في الأنظمة الديمقراطية. فعندما كان طوني بلير زعيماً للمعارضة كان يحب أن يصف جون ميجور رئيس الوزراء البريطاني بأنه رئيس ضعيف. وتطفو على السطح محاولة كل زعيم وصف الآخر المنافس بالضعف ووصف نفسه بأنه الأقوى.

إن القيادة الجماعية أمر مطلوب أكثر من نموذج الرئيس المهيمن. فوضع صلاحيات ضخمة في يد شخص واحد أمر غير مقبول في أي نظام ديمقراطي، وإن حكومة ليس فيها إلا فرد  يتمتع بالكفاة هي حكومة باهتة.

ويمكن أن تتخذ فكرة الزعيم شكلاً أشد خطورة مما في الأنظمة الديمقراطية الكاملة. وقد أجري مسح على 13 دولة أوروبية بعد الحقبة الشيوعية في عام 2007 يستقصي ردود الأفعال على عبارة "هل يستحق الأمر مساندة قائد يمكنه حل المشكلات التي تواجه تلك الدولة حتى إن كان أطاح بالديمقراطية؟". فقد أيد أكثر من ثلث من استطلع رأيهم في ثماني دول فكرة الرئيس القوي. وكانت نسبة الموافقين على العبارة تتجاوز 40 بالمائة في المجر وروسيا ولاتفيا، وفاقت 50 بالمائة في بلغاريا وأوكرانيا. وكان قبول العبارة أقل نسبة في جمهورية تشيكيا (16%) وفي سلوفاكيا (3,15%). وربما لا يكون مصادفة أن هاتين الدولتين كانت لديهم خبرة أكبر من أي دول أخرى في ممارسة ديمقراطية حقيقية.

لكن في بيلاروسيا كان أقل من ربع عدد السكان (نسبة 24%) يفضلون الرئيس القوي، وهي دولة ليس لها تقريباً أي خبرة ديمقراطية. ربما كانت الخبرة الأوتوقراطية الحقيقية زمن الكسندر لوكاشينكا هي ما حصّنت المواطنين ضد فكرة أن حل مشكلاتهم يكمن في رجل قوي.  
https://taghribnews.com/vdci3zapqt1auu2.scct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز