تاريخ النشر2012 18 June ساعة 16:29
رقم : 98721
الشيخ احمد القطان " لـ تنا "

قبلتنا الأولى ..أقصانا ينتظرنا لننقذه من الخطر

خاص تنا-بيروت
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه السميع البصير".. تلك هي الآية الأولى من سورة الإسراء الكريمة؛ آية تلخص حادثة الإسراء والمعراج التي تعرّض لها رسول الله الأعظم محمد (ص)، وكانت من أعظم الدلائل على صدقه ونبوته ومقامه، وأوضح البراهين على حقيقة المعاد والثواب والعقاب، ومن أوثق التصاريح بقدسية هذين المكانين وأهميتهما ورفعة شأنيهما. فما هي حقيقة الإسراء والمعراج؟، ولماذا تنحصرمعرفة المسلمين وإدراكهم لها في قالب ضيق لا يتجاوز البديهيات ولا يتخطى الشكليات؟ إلى متى ستبقى احتفاءاتنا مقتصرة على الزينة والتواشيح والكلام الانفعالي غير المرتكز على أسس راسخة ومتينة؟ وكيف يمكن لهذه المناسبة أن توحد المسلمين وتجمع شملهم وتعلي رايتهم وتنصر حقهم؟ متى سينتبه أتباع محمد (ص) إلى خطورة ما يحصل لمقدساتنا وخاصة المسجد الأقصى؟
قبلتنا الأولى ..أقصانا ينتظرنا لننقذه من الخطر
كرمى للحبيب المصطفى(ص)
" ووصل (ص) إلى سدرة المنتهى ، فقال له سبحانه وتعالى: أعطيتك فيما أعطيتك علمتين من تحت عرشي: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجي منك إلا إليك .... فقال (ص): حي على الصلاة، حي على الصلاة. فقال الباري عز وجل: صدق عبدي ودعا إلى فريضتي... بعد ذلك، حدّث الرسول الكرم (ص) النبي موسى (ع) وأخبره أن الله تعالى فرض عليه خمسين صلاة، فقال (ع): إرجع يا محمد واسأل الباري التخفيف، فأمتك لا تستطيع أن تقوم بها، فهي آخر الأمم وأضعفها، فرجع فرفع الرسول محمد (ص) وسأل الله تعالى التخفيف، فخفف سبحانه وتعالى عنه عشرًا، ثم عاد فقال له موسى أمتك لا تطيق، فرجع إلى ربه يسأله التخفيف، وهكذا حتى وصلت الصلاة إلى خمسة صلوات، ولكن بقيت بأجر خمسين صلاة ". 

إنها فصل من سيرة الاسراء والمعراج للرسول الأكرم محمد(ص) المشهورة في ليلة ٢٧ رجب، والإسراء لغة "هو المشي ليلاً " إنها معجزة اختص بها الباري حبيبه محمد (ص)، إذ أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أُسري به من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في فلسطين المحتلة، ثم عرج به إلى السماوات العلى بعد أن أَمَ الأنبياء (ع) في المسجد الأقصى على دابة تسمى البراق، وهذه المعجزة ثابتة في القرآن الكريم وفي الأحاديث الشريفة. 

ونظرًا لأهمية المعجزة وقيمتها، أوضح لنا رئيس جمعية " قولنا والعمل" فضيلة الشيخ أحمد القطان جوانب هامة تتعلق بالمعجزة العظيمة، فالإسراء والمعراج كانت بمثابة تسلية لقلب رسولنا الحبيب محمد (ص)، لافتًا إلى أن تلك الفترة من الزمن، عند حدوث المعجزة، كان الرسول المصطفى يتعرّض للكثير من الأذى والصد وعدم التصديق من الناس. ولأن الباري اصطفاه واختاره للنبوة، أكرمه بهذه المعجزة ليظهر للناس نبوته، وليهديهم إلى طريق الصواب. ولكن مرة أخرى، تعرض نبينا (ص) للتكذيب من قبل المنافقين عند إخبارهم عن المعجزة، فكان استغرابهم أنه كيف يمكن لإنسان أن يذهب إلى القدس ويعود في ساعات. هنا، يقارب رئيس الجمعية أنه اليوم الأمر أصبح واضحًا وسهلاً، لأننا نستطيع السفر والتنقل بساعة أو أقل بسبب اختراع الطائرات، وعندما تعرض المنافقون للرسول (ص) أثبت لهم معجزته بفضل الباري، إذ صوّر له بيت المقدس ليصفه للناس بعد أن وضعوا الوصف شرطًا لتصديقه. 

أوجه التقريب في المعجزة

في هذا السياق ، يظهر لنا ارتباط المعجزة بحياة أمة محمد (ص) منذ حدوثها حتى الآن، فتخليد الذكرى وإحياؤها ليس عبثًا، وإن كان الناس لا يحتفون بها كما يجب، بل تقتصر احتفاءاتهم ومعرفتهم بالإسراء والمعراج على زينة المسجد أو احتفال بسيط في الليلة المؤرخة (٢٧ رجب) ليحضره بعض أبناء البلدة. إذ أن الإحياء يجب أن يعم الأمة جمعاء، لما تحمله هذه الذكرى من معانٍ وعبر. في هذا الإطار يدعو الشيخ القطان علماء الأمة وأبناءها إلى الاحتفال بالذكرى والإحاطة بكل جوانبها، وإحيائها في المساجد والحسينيات وجميع المجالس والاجتماعات، لافتًا إلى ضرورة تعليم الأبناء فتية وفتيات، معاني هذه المعجزة وأهميتها وشرح دروسها في كل مناسبة لتعزيزعطاء الأبناء ليكونوا فاعلين أكثر في أمتهم من أجل رفع رايتها وعلو شأنها، وليلتفتوا ويعودوا إلى رشدهم بالاهتمام بدينهم والمحافظة على صلاتهم وأوقاتهم. ولمّا كان الإسراء إلى أعظم المقدسات "المسجد الأقصى"، حيث أم نبينا الأكرم (ص) بأنبياء الله (ع) قبل عروجه إلى السماء مع الملاك جبرائيل (ع)، تظهر لنا أهمية وعظمة قدسنا الشريف، وضرورة الدفاع عنه وحمايته. فيشدد رئيس جمعية قولنا والعمل في هذا الجانب، على إحياء الذكرى في الجامعات والمدارس وإعطاء الناس العظات والعبر عن المسجد الأقصى، قائلاً: "الله أعلم، الكثير من الناس يعودون إلى رشدهم في تأييد القضية الفلسطينية المحقة، فنجد المسلمين سنة وشيعة تستثار هممهم وغِيَرهم بإذن الله فيضحون أكثر شجاعةً وأكثر حماسًا لنصرة القضية الفلسطينية".

الأقصى يوحّدنا وعلينا نصرته
في سياق متصل، يبيّن الشيخ القطان الوجه التقريبي للإسراء والمعراج من خلال أن جميع المسلمين سنة وشيعة متفقون على أن المسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين، مؤكدًا على الترابط الوثيق للمسجد الأقصى في كون فريضة الحج لا تكتمل بصورتها إلا إذا حجّ المسلم إلى الأقصى الشريف. ومن هنا، جدّد القطان دعوته إلى ضرورة توحّد المسلمين حول القضية المركزية وهي المسجد الأقصى وتحريره من يد أعداء الإسلام. ويؤكد الحديث النبوي الشريف للمصطفى الأكرم (ص) على أهمية المسجد الأقصى فيقول: "لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا (إشارة إلى المسجد النبوي)". إذًا، على المسلمين أن يتحدوا ويتفقوا حول قضاياهم الجوهرية وأولها القدس وفلسطين لتحريرها من الاغتصاب الواقع عليها من قبل الصهاينة. 

إضافة إلى الأقصى ، فإنّ إقرار المسلمين جميعهم بمعجزة الإسراء والمعراج و ثبوت المعجزة في القرآن الكريم في نص قرآني صريح، يشكل وجهًا تقريبيًا، ثم إن الأحاديث الشريفة الثابتة في مصادر أهل البيت (ع) وأهل السنة والجماعة والمراجع المؤكدة على المعجزة تضيف تقريبًا على التقريب. وتقول الآية المباركة "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، "وهذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، الآيات القرآنية تدعو إلى الوحدة وعدم الفرقة. فنرى أن المسلمين جميعهم يقرّون بفرضية الصلاة، وأن الصلاة اليومية خمس صلوات وإذا كان هناك اختلاف تفصيلي في إقامة الفريضة خلف هذا الإمام أم ذاك، لكن هذا الأمر تفصيلي والأمور الجوهرية لا اختلاف عليها. ويدعو الشيخ القطان إلى توحيد صفوف الأمة في الأمور الجوهرية والقضايا الأساسية وتوحيد الجهود لتكون الأمة ذات قلب واحد وجسد واحد ضد المستكبرين وضد أعداء الدين والإسلام، مشددًا على ضرورة الوقوف بوجه المستكبر الأميركي والصهيوني وكل العالم الغربي الحاقد، ويشدد على أن توحيد الجهود يوصل إلى تحقيق "نصر مؤزر بإذن الله". 

الإسراء والمعراج في حياة الأفراد
من دعوة لنصرة القدس والإسلام، وقيمة المسجد الأقصى، لا بد لنا من الالتفات إلى وقع المعجزة على حياة الأفراد، واستفادة الناس من هذه السيرة العطرة المباركة. ويوضّح لنا رئيس "جمعية قولنا والعمل" الشيخ القطان أن في كل أمور حياتنا وكل أحداثها كل فرد يختلف في حجم استفادته من أي حدث أو أمر، فالاستفادة قياسية وليست موحّدة، والناس لا يستفيدون جميعهم من آية قرآنية بذات المستوى، فمنهم يحفظها ويعمل بها، ومنهم تمر عليه مرور الكرام، داعيًا العلماء إلى تكريس عملهم في إحياء الإسراء والمعراج بالتذكرة، لأنّ مسؤوليتهم كبرى في هدي الأفراد من جميع الأعمار، مشددًا على ضرورة أن لا تمر المناسبة مرور الكرام.
ولأن الإسراء والمعراج حصل ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر، تظهر أهمية تلك الفترة من الزمن في حياة الإنسان. لأن هذا الوقت أفضل وقت وأصفاه لكي يتهجّد الإنسان ويتفرّغ لعبادة الخالق وطاعته، حيث يكون الكثير من الناس غافلون عن الطاعة، ويكونون في حالة سبات عميق. هنا، يشير الشيخ القطان إلى أن الله يقسّم الأرزاق في الثلث الأخير من الليل ويقول: هل من داعٍ فأجيبه؟ هل من مستغفرٍ فأغفرله ؟".
من هنا، يتضح لنا أهمية معجزة حبيب الباري الرسول الصادق محمد (ص) على الإسلام والمسلمين، ويتبيّن أهمية توحّد المسلمين حول قضاياهم المركزية وأساسها تحرير أقصانا من يد الغاصبين، ولأن مسرى نبينا محتل؛ علينا توحيد صفوفنا من أجل إعلاء راية الإسلام. 

                                                                                                                       سناء ابراهيم
https://taghribnews.com/vdcizya3.t1avr2csct.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز