QR codeQR code

د. محمد الكحلاوى

الاقصى أصبح معلقًا.. والعرب متواطئون مع الغرب ضده

وكالة أنباء التقريب(تنا)

4 Apr 2011 ساعة 10:45

د. محمد الكحلاوى الأمين العام لاتحاد الأثريين العرب في حوارخاص (مع تنا)عن هدم الأقصى:
- الجدار العنصري دمَّر ٢٧% من الآثار الإسلامية والمسيحية الصهاينة هدموا ثلاثين بالمائه من مكونات الاقصى -
- عام ١٩٢٥م كان البداية للقدم الصهيونية في القدس الشريف
- لجنة البراق الأممية أثبتت أنه أثر إسلامي وليس صهيونيًّا
- فى اليوم الرابع لهزيمة ٦٧ الصهاينة هدموا ١٣٥ بيتًا بـ"حارة المغاربة"



(الدكتور محمد الكحلاوي الأمين العام لاتحاد الأثريين العرب وأستاذ العمارة الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة هو واحد من اهم الشخصيات المتابعة لما يجرى من جرائم صهيونية تجاه المسجد الأقصى والمدينة المباركة والمواقع الأثرية المقدسة بالداخل الفلسطيني المحتل، وكذلك الإجراءات التي اتخذتها المنظمات العربية والإسلامية والعلمية للحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء. 

* فى البداية قلنا له انت من المتابعين لما جرى للمسجد الاقصى والقدس، وخاصةً المقدسات الإسلامية، ماذا حدث على مدار السنوات الماضية ؟

** أن مدينة القدس والمسجد الأقصى، يتعرضان الآن لحملة شرسة لا بد معها من وقفة شعبية ورسمية وعلمية.

ثانيًا، إن هذه الاعتداءات الصهيونية الأخيرة والمستمرة منذ عشرات السنين، وبخاصة تجاه الحرم القدسي بشكل عام والمسجد الأقصى على وجه الخصوص، والتي أخذت صورًا شتى ينفِّذها الكيان الصهيوني، تحت مزاعم البحث عن الهيكل المزعوم، فيقوم تارةً بهدم أحياء عربية بالقدس القديمة، وبخاصة حي المغاربة وما كان يتضمنه من منازل ومساجد ومدارس، وتارةً بهدم مزارات ومقابر إسلامية؛ ليحل محلها متحف يهودي، يُعرف باسم "قافلة الأجيال"، يحكي قصة شعب بني "إسرائيل" في إطار زمني وتاريخي، يعمد إلى تشويه الحقائق وتغيير المفاهيم، وتارة ثالثة بعمل سلسلة من الأنفاق بالجانب الجنوبي والغربي تمتد إلى عشرات الأمتار، بعمق يتراوح ما بين ٤ إلى ١٠ إلى ١٦ إلى ٣٢ مترًا، وتلك الشبكة العشوائية من الأنفاق التي يجري بعضها تحت أساسات المسجد الأقصى لتصل إلى منتصف الحرم القدسي بجوار قبة الصخرة . وغيرها من صور الاعتداءات الكثيرة التي تعكس محاولة ذلك الكيان لزرع نفسه داخل المقدسات الإسلامية، وإيهام الرأي العام العالمي أن له تاريخًا في تلك الأراضي التي كذبته الأبحاث التاريخية والعلمية, وكذبته حفرياتهم الممتدة من القرن السابع عشر حتى تاريخنا الحالي.

* ولماذا القدس بالذات هي التي تحتل تلك المكانة؟

** مدينة القدس تحتل مكانةً دينيةً فريدةً بين الديانات الكتابية الثلاثة؛ لارتباطها الوثيق بمعتقداتها الأساسية، وبالشخصيات النبوية التي أُوحي بها إليها، وخاصةً أن المسلمين والمسيحيين يكتفون بما توحيه إليهم قراءة كتبهم لسيرة السيد المسيح عليه السلام والنبي محمد (ص)وعبر تاريخهم؛ ليضفو على بيت المقدس طابعًا دينيًّا بحتًا، أما اليهود فإنهم ينظرون إلى القدس نظرةً دينيةً وسياسيةً مليئةً بالملابسات وبالادعاءات، وذات أبعاد استعمارية.

* ما هى أهم المعالم الأثرية الدينية داخل أسوار الحرم القدسي الشريف؟

** من أهم تلك المعالم مبنى المسجد الأقصى المبارك بشكله الحالي، ويقع ملاصقًا للسور الجنوبي للحرم القدسي، وقد أنشأه في بداية الأمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد الفتح الإسلامي عام ١٥هـ، ٦٣٦م وكان بالخشب، وأنشأه على أساسات المبنى القديم الذي بناه نبي الله سليمان، وصلَّى فيه النبي(ص)إمامًا للرسل والأنبياء في رحلة الإسراء المباركة، وهو أول بناء للمسجد في شكله الحالي، وكان يتسع لثلاثة آلاف مصلٍّ، وأُعيد بناؤه بالحجر لأول مرة في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان على أصح الأقاويل.

** بالتأكيد من تلك المعالم قبة الصخرة المشرفة التي تبعد حوالي ٢٨٠م إلى الشمال منه، والتي أنشأها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام ٦٩١م، وحائط البراق الذي يشكِّل جزءًا من السور الغربي للحرم القدسي، ويمتد مسافة حوالي ٥٠م بارتفاع ١٥م.

*هل لك ان تحدثنا عن اهم المخاطر التى واجهت تلك المقدسات من قبل الكيان الصهيونى .
** القدس تتعرَّض منذ بدايات النكبة عام ١٩٤٨م وقبلها، إلى سلسلةٍ من التعديات الصهيونية على الممتلكات الثقافية الفلسطينية، خاصةً على المواقع الأثرية والمباني التاريخية، وقد أصبحت هذه التعديات أكثر زخمًا بعد احتلال المدينة في يونيو من العام ١٩٦٧م؛ وذلك في إطار إستراتيجية مبرمجة، وأهداف محددة.

* لماذا يركز الصهاينة على المسجد الاقصى هل فعلا لديهم معلومات او منقولات توراتية تؤكد ذلك ام هو التامر على الاقصى ؟

** يُشكِّل الحرم القدسي الشريف الهدف المركزي لمعظم الجرائم الصهيونية، فهو يشكل نواة مدينة القدس، وهو يقع على قمة الجبل المعروف قديمًا باسم جبل "موريا"، ويطلق عليه الصهاينة اسم جبل البيت "هار هابيت"، والمقصود بالبيت هنا ذلك الهيكل الذي يحاول الصهاينة اكتشاف آثار له منذ قرن من الزمان ولكن بلا جدوى.

والحرم القدسي الشريف يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة؛ حيث يشكِّل سوره الشرقي وكذلك الجنوبي جزءًا من سور المدينة الشرقي والجنوبي، وهو مستطيل الشكل غير منتظم، يمتد لمسافة ٤٥٠م من الشمال إلى الجنوب و٣١١م من الشرق إلى الغرب. .

* ما هى اهم اشكال الاعتداءات التى وقعت على المقدسات قبل ٦٧ وبعدها ؟

** من الممكن أن نقسم الاعتداءات، إلى اعتداءات ما قبل ١٩٦٧م، واعتداءات ما بعد ١٩٦٧م. 


** لقد تكونت ملامح الأطماع الصهيونية في مدينة القدس منذ العام ١٨٤٠م تقريبًا؛ حيث طالب اليهود آنذاك ببعض التعديلات في المنطقة، أو الرصيف، الممتد أمام حائط البراق، والمطالبة بتغطية هذا الرصيف ببلاطات من الحجر؛ وحيث إن حائط البراق والمساحة التي أمامه وقف إسلامي مسجل باسم شعيب بن الحسين الأندلسي (أبي مدين)، فلا يجوز التصرف في ذلك شرعًا وقانونًا.

وفي ١٩١٧ حاول الإنجليز شراء الممر والدور المجاورة للحائط؛ من أجل توسعة رصيفه، فرفض مفتي القدس آنذاك، وفي عام ١٩٢٥م اشتد الخلاف حول حائط البراق بين المسلمين واليهود، بعد السماح لهم بزيارة الحائط والصلاة أمامه؛ ما اعتبره السكان العرب تصعيدًا جديدًا، أو محاولة لبقاء دائم في المنطقة المحاطة ببيوت عربية في حارة المغاربة؛ الأمر الذي أدَّى إلى قيام ثورة عارمة، لا في القدس وحدها بل في جميع أنحاء فلسطين.

وفي أغسطس ١٩٢٩م، شكلت لجنة "البراق"، وتتكون من ثلاثة أعضاء من السويد وسويسرا وإندونيسيا، أثبتت في تقريرها الذي حاز على موافقة الحكومة البريطانية وعصبة الأمم معًا؛ أن البراق أثر إسلامي، وأنه جزء لا يتجزأ من الحرم القدسي الشريف ومن حق الفلسطينيين فقط.

* وماذا عن الاعتداءات بعد احتلال مدينة القدس عام ١٩٦٧؟
** بعد أربعة أيام فقط من احتلال القدس، استولى الجيش الصهيوني على مفتاح باب المغاربة، وشرعت الجرافات الصهيونية بهدم ١٣٥ بيتًا في حارة المغاربة، وكذلك أزالت مسجدين في الحارة نفسها، ومعظم هذه المباني تعود إلى القرنين ١٣، ١٤ الميلاديين، إبَّان العصر المملوكي، وقامت الجرافات بتسوية المنطقة الواقعة أمام حائط البراق لتهيئة ساحة كبيرة للمصلين اليهود أمام الحائط.

* وهل الحفريات تحت الاقصى بدات بعد حرب ٦٧ ؟

** منذ احتلال المدينة في العام ١٩٦٧م تتواصل الحفريات في المنطقة الملاصقة لأسوار المسجد الأقصى، وتحت أساساته، أملاً في انهياره؛ وذلك لخلق واقع جديد في الحرم القدسي الشريف، وبدأ الصهاينة آواخر ١٩٦٨م وبدافع توراتي وسياسي وبتمويل من الجامعة العبرية حفريات أثرية تحت أسوار البلدة القديمة، وتحديدًا عند الزاوية الجنوبية الغربية للحرم القدسي الشريف، متجهة شمالاً حتى باب المغاربة، مارة تحت الزاوية الفخرية، ومركز الإمام الشافعي، وتحت أبنية مساكن آل أبي السعود وعلى امتداد ٨٠م، وقد تصدعت على إثر ذلك جميع العقارات الوقفية الإسلامية، وفي العام ١٩٦٩م وضعت السلطات الصهيونية الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف حتى باب المغاربة تحت سلطة الآثار الصهيونية التي بدأت سلسلة أخرى من الحفريات الأثرية في الأرض الملاصقة لحائط البراق أسفل المحكمة الشرعية القديمة؛ حيث وصلت الحفريات إلى عمق حوالي ٣٦م، وقد خاب ظنهم من نتائج هذه الحفريات التي كشفت النقاب عن آثار قصور أموية تعود إلى عهد الخليفة الوليد الثاني (٧٤٣- ٧٤٤م). 


* وماذا عن حفر الانفاق الذى يقوم به الاحتلال وما اثاره على سلامة المبانى ؟

** لقد أدَّت استمرارية الحفريات الصهيونية تحت مباني البلدة القديمة، خاصةً في منطقة الأنفاق، الملاصقة للسور الغربي للحرم القدسي الشريف، إلى تصدع وتشقق المباني التاريخية القائمة هناك؛ وحيث إن ترميم المباني التاريخية يحتاج إلى تقنية معمارية معينة، ومعقدة في نفس الوقت، ونظرًا إلى أن ترميم مثل هذه المباني يحتاج إلى ميزانيات ضخمة قد لا يقدر على تأمينها المواطن الفلسطيني، يأمل الصهاينة أن تصبح هذه المباني غير صالحة للاستخدام؛ ما قد يكون حسب اعتقادهم مقدمة لهجرانها، أو بيعها؛ ما يعني في نهاية المطاف تغييرًا ديموغرافيًّا في البلدة القديمة لصالحهم، ومزيدًا من التهويد للبلدة القديمة.

* وهل توصل الصهاينة في حفرياتهم إلى نتائج تثبت أي شيء من ادعاءاتهم؟
** لقد أيقن علماء الآثار الصهاينة والأوربيون منذ زمن، واعترف بعضهم علنًا؛ أن الحفريات التي قاموا بها، منذ القرن ١٧ لم تأتِ بنتائج تُذكر، ولم تستطع حتى تاريخيا الربط بين طوبوغرافيا وجغرافيا التوراة،وذلك بالرغم من كل محاولات التضليل وتزييف الكلمة، ومحاولات صبغ نشاطهم الأثري بالقصة التوراتية.

* وماذا عن الكنيس الذى انشأه الاحتلال على انقاض بعض المبانى فى الاقصى وهل يشير هذا الى نبوءات توراتية ؟

** بعد محاولات الصهاينة الفاشلة في إيجاد أي آثار معمارية للهيكل الأول الذي شيد حسب الرواية التوراتية، أو ما يسمى الهيكل الثاني، أو الثالث بحسب التخاريف التوارتية المحرفة قاموا بإنجاز مجسم للهيكل؛ استنادًا إلى وصف المؤرخ اليهودي فلافيوس جوزيفوس؛ انتظارًا للوقت المناسب الذي يستطيعون فيه تنفيذه على الأرض، فوق جبل موريا التاريخي، الذي يقع فوق قمته الحرم القدسي الشريف، كما ذكرنا سابقًا.

* هناك محاولات لطمس الهوية الفلسطينية الإسلامية من خلال تغيير واستبدال أسماء أسماء المواقع والمناطق الأثرية الفلسطينية القديمة باسماء صهيونية؛ ماهى فلسفة ذلك لدى الاحتلال ؟

** كما قلت لك في البداية: إن الكيان يحاول زرع نفسه بالقوة في منطقتنا الإسلامية والعربية بإيجاد تراث مصطنع في الأراضي، ومن أمثلة ذلك تغيير اسم جبل الكرمل إلى هارها كرمل، ووادي المغارة إلى ناحال مثاروت، وتل وقاص إلى حاصور، وقرية القحوان إلى شعار هجولان، وتل القاضي إلى دان القديمة، وتل الفخار إلى تل عكا، وقرية حطين إلى كارني هيثم، واعتبار طريق الحج من مكة إلى القدس، إضافةً إلى وادي الأردن وخليج العقبة ومواقع أخرى عديدة تقع خارج نطاق حدود الكيان الصهيوني، مواقع أثرية صهيونية مخالفة في ذلك كل المواثيق العالمية والاتفاقيات الدولية لحماية التراث العالمي والثقافي والطبيعي، بتجنبها ذكر الأسماء التاريخية التي كانت معروفة ومستعملة في سجل المواقع والمباني التاريخية قبل عام ١٩٤٨م، فضلاً عن وضع بعض آثار مصر ولبنان في الكتيبات السياحية بصفتها آثارًا صهيونية يمكن للسائحين الأجانب زيارتها.

* قلتم ان الاحتلال يريد ان يبنى جغرافيا جديدة او يتلاعب فى الطبوغرافيا من خلال الجدار العنصرى مثلا فكيف ذلك ؟

** من الواضح ومنذ فترة طويلة أن سلطات الاحتلال تريد بناء جغرافيا مقدسة جديدة لدولة الكيان، فالجدار الإسمنتي العنصري نزع هذه المنطقة وفصلها عن الضفة المحتلة، وأصبحت عبارة عن مناطق معزولة غير متصلة جغرافيًّا، فهو يمتد من قرية سالم التي تقع شمال جنين ويستمر بشكل دائري ليغطي منطقة طولكرم وقلقيلية، ثم يمتد جنوبًا حتى يصل إلى رام الله، وعبر طول امتداده في هذه المناطق تبيَّن أنه أتى على المواقع الحضارية الموجودة فيها.

* وما تأثيره على مستقبل القضية الفلسطينية والضفة واراضى ٤٨ وغيرها ؟

** الكيان الصهيوني يريد من ذلك الجدار فرض منطقة مقطوعة من الضفة الغربية بنسبة ٣٣% وهي الحزام الواقي للمنطقة التي أطلقوا عليها اسم القدس الكبرى، كما يسعى الكيان لفرض واقع أطلقت عليه اسم (الجغرافيا المقدسة) أي أن المقدس يزرع في الأرض، والجدار هو أحد أنماط هذه الجغرافيا المقدسة، بالإضافةِ إلى ذلك توفير السيطرة على الوديان المهمة في كلٍّ من منطقة القدس ومنطقة نابلس، وهذه الوديان تتمتع بمخزون من المياه المعدنية مثل (وادي المالح) ووديان ذات مناطق طبيعية مثل وادي الفارعة ووادي الزومير.

* هل معنى ذلك أن الترويج للجدار باعتباره قضية إنسانية محاولة للتعتيم على قضايا أخطر؟

** بكل تأكيد من خلال تفكيك بنية المشهد الحضاري واستخدام الأراضي التاريخية القائمة على جانبي الجدار؛ حيث تم تحديد العشرات من المواقع والمعالم الأثرية الواقعة على جانبي الجدار، والتي سوف تتأثر من بنائه، فعلى مسافة ألف متر فقط يبلغ عدد المواقع والمعالم الواقعة من على جانبي الجدار حوالي ٢٩٢١؛ أي ما نسبته ٢٧.٦% من المجموع العام، والذي يبلغ ١٠٥٨٣؛ ما يعني أنها سوف تضيع نتيجة ذلك الجدار.

* وماذا عن التوزيع الديمغرافي للقرى الفلسطينية؛ هل هناك تأثير عليها؟

** بالتأكيد له تأثير كبير للغاية، فذلك الجدار يسهم في تفكيك القرى التقليدية الفلسطينية والمدن التاريخية عن محيطها التاريخي، وأنه في محيط ألف متر من على جانبي الجدار، تصل عدد القرى التقليدية والمدن التاريخية المتضررة حوالي ٩٢ أي ما نسبته ٢٧% من المجموع العام، إضافةً إلى تدمير الآلاف من الحقول الزراعية التاريخية المنتشرة في هذه القرى؛ ما يعني تدمير نظام تاريخي لاستخدامات الأراضي المنتشرة على جانبي الجدار، وإجراء عملية فصل قسرية بين الحقول التاريخية الزراعية التابعة لهذه القرى. 
بالإضافة إلى إسقاط حق إدارة المواقع والمعالم الأثرية والتقليدية القائمة خلف الجدار، وارتفاع وتيرة أعمال التنقيب الأثري غير القانوني والاتجار غير المشروع بالمواد الحضارية في المعازل.

* الآثار علم يبحث عن الماديات التي تثبت جذور الإنسان التاريخية، هل استطاع الكيان الصهيوني تحويل وتغيير ذلك المفهوم؟

** بلا شك؛ لأن اللوبي الصهيوني قد امتد في أواصر العلوم كما هو في السياسة، حيث تحوَّل علم الآثار عندهم إلى علم توراتي ونبوءات وخرافات وحقائق علمية لا تناقش، وعلى الجميع أن يصدق بلا جدل.

*  هل الحفريات التى تمت وتتم فى الاقصى عشوائية ام ممنهجة ؟

** في البداية كانت عشوائية، ولكن بعد احتلال القدس في ١٩٦٧م أصبحت أكثر تنظيمًا وممنهجة؛ حيث باشرت جمعية- تُدعى "كشف إسرائيل" بدعم أمريكي- دعم مشروع بنيامين مازار الأستاذ في الجامعة العبرية، بهدف الكشف عن "الطبقات الدنيا" لما يسمى للهيكل ومنذ عام ١٩٦٨م وحتى ١٩٨٦م مرت الحفريات الصهيونية بتسع مراحل تركزت كلها حول الحرم القدسي الشريف وتحته دون نتيجة، وأصبحت هذه الحفريات خطرًا يهدد الحرم القدسي الشريف بالتصدع والانهيار كمقدمة لهدمه، وإقامة ما يسمى "الهيكل الثالث" مكانه.

* وما هي النتائج التى حققتها الحفريات ؟

** حاول الإعلام الصهيوني إثارة ضجة حول نفق تمَّ اكتشافه وتوظيفه في أسطورة البحث عن الهيكل، وخاصةً نوعية الحجارة، غير أن مائير بن دوف وهو عالم يهودي، قال: إن هذا النفق معروف منذ ١١٠ سنوات، وهو النفق الذي كان تشارلز وارين قد كشفه ما بين باب السلسلة وباب القطانين، وهو عبارة عن جزء من شبكة أقنية مائية أُقيمت في عهد الصليبيين، ولم تكن تلك الأقنية سرية، بل هي معروفة، وأما الحجارة فهي من نوع نفس الحجارة المستخدمة في قباب ساحة الصخرة المشرفة، وخاصةً قبة الرياح، فلا معنى لهذا الكشف، ولا توجد أية دلالة أثرية هيكلية له. 


* لو اردنا ان نضع قائمة باهم الجرائم الصهيونية التى ارتكبت من خلال الحفريات والتلاعب بالمقدسات الدينية الاسلامية والمسيحية وخاصة منها الاسلامية فما هي ؟

** الكيان الصهيوني له باعٌ في تلك الجرائم، منها هدم حي المغاربة، وتحويل المتحف الفلسطيني إلى مقر لدائرة الآثار الصهيونية، ونهب ما به من آثار، والقضاء على أي أثر كنعاني فلسطيني، ومحاولات لحرق المسجد الأقصى وتحطيم قناديل الزيت والشموع، وكذلك إحراق الكتاب المقدس على جبل الزيتون وإحراق ٤ مراكز مسيحية أثرية بالقدس. 

كما تم سرقة تاج السيدة العذراء من كنيسة القيامة، وحفر الأنفاق أسفل الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى وتعرض جزء كبير منه لخطر التصدع والانهيار، كذلك حفر أنفاق أسفل المحكمة الشرعية في القدس التي تعد من أقدم الأبنية التاريخية هناك، وكذلك أسفل الأبواب الخمسة من أبواب الحرم القدسي الشريف، وهي باب السلسلة- باب المطهرة- باب القطانين- باب الحديد وباب علاء الدين البوصيري؛ لأن مرور هذه الأنفاق أسفل تلك المباني يؤثر عليها ويعرضها لخطر التصدع والانهيار، كما حدث في عددٍ من الأبنية، وهي الجامع العثماني ورباط كرد والمدرسة الجوهرية والمدرسة المنجيلية والزاوية الوفائية وبيت الشهابي.

* وماذا عن باقي المدن الفلسطينية؟
** من تلك الجرائم المنتشرة في بيت لحم ونابلس والخليل، ففي نابلس تم تدمير منشآت أثرية تعود إلى العهد العثماني مثل بعض الخانات وحمام قديم يعود إلى القرن الثامن عشر وبعض معاصر للزيوت وعدد من القصور التاريخية المتميزة، كما تم نسف باب جانبي لكنيسة المهد ببيت لحم وتفتيت الموزاييك الخاص بكنيسة المهد، وتدمير لمبان تاريخية عديدة منها جامع الخضرة والجامع الكبير والكنيسة الأرثوذكسية في حي الياسمين، إضافةً إلى ستين بيتًا تنتمي إلى مراحل تاريخية مختلفة بُنيت كلها خلال الفترة من عام ١٥٠٠ إلى ١٩٠٠م، وتدمير معاصر للزيوت يتراوح عمرها ما بين ٣٠٠- ٥٠٠ عام تدميرًا شاملاً وتدمير ثلاث معاصر أخرى تعود إلى نفس الفترة تدميرًا جزئيًّا، وتدمير سبعة ينابيع مياه رومانية ومبنى البلدية وتمثال ظافر المصري.

* ما هو موقف المنظمات الدولية المعنية بالاثار مثل اليونسكو وغيرها ؟

** انظر معي إذا كانت المؤسسات العالمية المعنية بالحفاظ على التراث كاليونسكو التي أقامت الدنيا ولم تقعدها على التماثيل البوذية في أفغانستان، ووقف العالم بأسره، مستنكرًا هذا الفعل وموجهًا للإسلام وللمسلمين أصابع الاتهام على تلك البربرية التي يتعاملون بها مع التراث الإنساني، كانت يجب أن تتحرك أيضًا مع الأقصى الذي يتعرض لحملةٍ من النسيان، وتقام الجدران العازلة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، والذي يخول للكيان الصهيوني بناء جغرافية جديدة ويحجب خلفه أكثر من ١٠ آلاف موقع أثري يحاول جاهدًا وضعها ضمن قائمة تراثه اليهودي.
وهو ما ظهر أثناء قضية استخدام "حوامض كيماوية" أثناء عمليات الهدم والحفر تعمل على تفتيت الصخور، وتنتقل إلى الأساسات عبر مياه الأمطار والرطوبة؛ مما يؤدي لتصدع أعمدة الأقصى دون أن يحرك اليونسكو ساكنًا.

* اين يقف الاعلام تجاه هذه الجرائم ؟

** التضليل الإعلامي وصل إلى تزييف التاريخ، وأبرز ذلك التضليل تقديم قبة الصخرة بوصفها هي محور الحرم القدسي، غافلين أن المسجد محور ارتكاز لدى قوة الاحتلال، بحيث أصبح كثير من المسلمين يعرفون صورة قبة الصخرة أكثر ما يعرفون صورة المسجد الأقصى، وفي هذا الخلط العمد يترتب عليه سوء فهم وسوء تقدير وسوء نتيجة.

* وما دوركم كاتحاد للاثريين العرب تجاه هذه الجرائم ؟

** الاتحاد قام بفعاليات كثيرة منها إصدار بيانات عاجلة للأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية واليونسكو، وإقامة العديد من المؤتمرات والندوات بالتعاون مع جامعة الدول العربية والايسيسكو، ودعا مؤخرًا جامعة الدول العربية والمجلس الأعلى للآثار المصري لعقد اجتماعات طارئة شارك فيها رؤساء هيئات الآثار في الوطن العربي، لرصد كل تحرك يقوم به الكيان الصهيوني وكشف مخططاتها الرامية إلى هدم المسجد وإحلال الهيكل المزعوم محله، وإعداد تقارير توضح قصة الاعتداءات كاملة، وتقديم مشروع الحماية الدولية لحين انتهاء العدوان وانجلاء الاحتلال.

* كيف تنظر للمستقبل فى ضوء ما جرى ؟ 
** للأسف ودون نظرة مأساوية كما يعتقد البعض، فأنا أرى الوضع صعبًا للغاية، بل إنه يُذكرني بقرطبة وطليطلة وسقوط الأندلس، فرغم أن الكيانات العربية وقت سقوط الأندلس كانت قويةً في مصر والعراق والمغرب العربي، والدولة العثمانية إلا أنها مدن سقطت وضاع تاريخ الأجداد، أما الآن فالظرف أصعب، فكما ترى الهوان والذل والانحطاط والتبعية، فكيف يكون حال القدس والأقصى إذن، ولكني لا زلت أرى أن هناك بصيص أمل، وكلي رجاء من الله عز وجل أن يبعث جيل شاب يحمل هم الأقصى . 

اجرى الحوار : احمد السيوفي / مكتب القاهرة


رقم: 44413

رابط العنوان :
https://www.taghribnews.com/ar/interview/44413/الاقصى-أصبح-معلق-ا-والعرب-متواطئون-مع-الغرب-ضده

وكالة أنباء التقريب (TNA)
  https://www.taghribnews.com