تاريخ النشر2011 7 March ساعة 10:56
رقم : 41818
الشيخ الملا لوكالة أنباء التقريب (تنا) :

لم أندم بتاتا على مواقفي

الشيء الوحيد الذي يسلينا هو أننا نعلم أننا سائرون على طريق الحق، وهو من أصعب الطرق، فلربما تخسر أبناء طائفتك جميعهم ولكن هذه ليست الخسارة الكبيرة اذ سيأتي اليوم الذي يدرك فيه أبناء طائفتك أنك كنت تدافع عن المسلمين جميعا وليس عن هذه الطائفة أو تلك
لم أندم بتاتا على مواقفي

وكالة أنباء التقریب (تنا)

قال الشيخ خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق فرع الجنوب في حديث خاص مع وكالة أنباء التقریب (تنا) لم أندم بتاتا على مواقفي ضد التكفيريين والارهابيين على الرغم من أنني قدمت أثمان باهضة لهذه المواقف من بينها انني أعيش في عزلة لا يتصورها أي انسان نتيجة مواقفي، مشيرا الى أنه معروف في الكثير من الأوساط داخل العراق وخارجه ولكنه في نفس الوقت أقرب الناس اليه يقاطعوه نتيجة مواقفه الجريئة ضد الارهابيين، مؤكدا أن هذا لا ينبغي أن يكون سببا في التخلي عن المبادئ والمشروع "واننا لم نأت لنجامل هذا الانسان أو ذاك الانسان أو هذا السياسي أو ذاك السياسي، وانما جئنا لأجل مشروع يتوقف نجاحه على مقدار ثباتنا عليه"، وفيما يلي نص الحوار..

بالاضافة الى العزلة مالذي دفعتموه ثمنا للوقوف بوجه الارهابيين والتكفيريين؟
أنا لا أريد أن أشكو همي، ولا أريد أن أزرع الخوف في قلب من يريد أن يكون تقريبيا، ولكن ينبغي توقع كل شيء ومن بين ذلك أن يحرم أبنائك من مستقبلهم ومدارسهم وأن يقاطع المجتمع عائلتك نتيجة مواقفك، واذا كان بعض الأخوان الذين واجهوا صدام حسين في تلك المرحلة واستطاعوا أن يفروا بانفسهم ثم بعائلتهم وكان لهم مستقبل سواء في ايران أو أوروبا أو أية دولة عربية، ولكن في العراق ستبقى أنت وعائلتك وأولادك من دون مستقبل، الشيء الوحيد الذي يسلينا هو أننا نعلم أننا سائرون على طريق الحق، وهو من أصعب الطرق، فلربما تخسر أبناء طائفتك جميعهم ولكن هذه ليست الخسارة الكبيرة اذ سيأتي اليوم الذي يدرك فيه أبناء طائفتك أنك كنت تدافع عن المسلمين جميعا وليس عن هذه الطائفة أو تلك.

ماهي الظروف التي يمر بها العراق في الوقت الراهن؟
لا شك أن العراق مر بظروف قاسية وصعبة جدا وتحديات خطيرة كادت توقع البلاد برمتها في حرب طائفية والمخاطر لا تزال موجودة مع وجود العوامل المساعدة على ظهور الطائفية من جديد، من أهم هذه العوامل وأخطرها هي وجود الاحتلال الأميركي، لأن الأميركان يحاولون
بطريقة أو بأخرى أن يتحكموا بالبلاد والقرار الذي يصدر في العراق ليس عراقيا خالصا، ومن العوامل أيضا تستر بعض الجهات على تحرك الطائفيين والتكفيريين والدليل على ذلك وقوع شهداء وجرحى في منطقة الدجيل وسامراء وقبلها في الزيارة الأربعينية في كربلاء، فهناك شخصيات ومجاميع تحاول أن تستهدف هذه الطائفة أو تلك الطائفة من أجل اثارة الفتنة.

الفتنة الطائفية انتهت في العراق الا أن مخاطرها لا تزال موجود ولابد أن يكون هناك الوعي المستمر وينبغي ايجاد الوسائل التي من خلالها يتواصل العمل ضد الجهات المتطرفة ومن أي مذهب كان، فالتفرق منبوذ كما نعلم من قبل طوائف المسلمين جميعا وبالتالي أي متطرف لا يحظى بترحيب أحد، والوضع في العراق لا يزال يحتاج الى عمل وبذل جهود حثيثة لكي ننتهي من هذه المشاكل كلها.

هل تجاوز العراق الحرب الطائفية أم أن هناك امكانية لاندلاعها من جديد؟
لنكن صريحين، والذي يقول أنه لن تقع حرب طائفية وليس هناك طائفية وأنتهت الطائفية بشكل كامل في العراق، فهذا كاذب ويريد تصدير كلام اعلامي لا أكثر، ولكن واقع الحال أنه بين أبناء الشعب العراقي هناك وعي، لكن هل هذا الوعي ينسجم مع المتغيرات الطارئة، فلو حدث طارئ كبير في العراق فهل لدى الجماهير الوعي الكافي الذي يمنعها من الاهتزاز والقيام برد فعل قوي هنا وهناك كما حدث بعد تفجير الامامين العسكريين، فالذي حدث بعد التفجير كان عبارة عن رد فعل، فمثل ردة الفعل هذه نخشاها، ونقول في نفس الوقت أن هناك وعي لدى الشعب العراقي ولكن هذا الوعي يتناقص ما دامت القنوات الاعلامية تحاول اشعال فتن طائفية بين العراقيين.

ما هو الأسوأ في العراق المحاصصة الطائفية أم الفتنة الطائفية؟
كلاهما يشكلان خطرا كبيرا على العراق، فالمحاصصة الطائفية تعني أننا لم ننجز دولة أوحكومة وانما ننجز عبارة عن دمى هنا أو هناك واذا انجزنا هذه الحكومة الضعيفة المهلهلة التي تبنى على التراضي والمحاصصة سوف تخترق من قبل هذه المجاميع التي تمتلك قدرات كبيرة لربما لا تمتلكها دولة العراق برمتها وتحرك هؤلاء لا يقتصر على العراق وحسب في العديد من البلدان، والحادثة الأخيرة التي وقعت في محافظة البصرة والتي هرب على أثرها أكثر من ١٢ ارهابي من السجون الرئاسية في البصرة تثبت ما أقوله، لقد كان هؤلاء من كبار القاعدة وما يسمى
بدولة العراق الاسلامية وبالتالي من الذي قام بتهريبهم، هل المواطن العادي أم القادة الأمنيون والسياسيون سهلوا لهم سبيل الهروب بصفقة مالية والشعب العراقي دفع ثمنها، من هنا فان الطائفية والمحاصصة كلاهما خطر وأحدهما يغذي الثاني.

لو لم تكن هناك طائفية لما كانت المحاصصة وعلى الرغم من أنني عضو في التحالف الوطني ولكن أؤكد بأن الحكومة العراقي الحالية بنيت على التراضيات، فمن كان في الأسفل أصبح في الأعلى ومن كان في الأعل أصبح في الوسط أو الأسفل، وبالتالي فان هذه الحكومة لا تستطيع أن تنهض بما يتمناه الشعب العراقي، وبالتالي فانها ستكون ضعيفة ومهلهلة تخترق من قبل أعداء العملية السياسية ومن أعداء العراق الجديد والذين يريدون أن يثيروا الفتن باستمرار بين العراقيين.

هل الصورة الى هذا الحد قاتمة في العراق ولا يوجد ما يبشر بالخير؟
لا أريد اعطاء الآمال وأنفخ بصورة الابتسامة ولكن لابد أن نكون واقعيين فالعراق انشاء الله بخير مع وجود أبناءه ولكن المواطنين اليوم يعانون من انعدام الخدمات ومن ارتباك الملف الأمني والبطالة المستشرية في البلاد وبالتالي هناك ملفات كثيرة ومتعددة ويجب على الحكومة أن تنهض بها واذا لم تنهض بها فستتراكم المشاكل على الشعب العراقي.

الى أي حد اقتربت النخبة العراقية فيما بينها وهل انتقل مشروع التقريب من النخبة الى عموم الشعب؟
لأكون معك صريحا فلابد أن أقول أن مشروع التقريب لا يزال بين النخب وهذا بحد ذاته مهم وضروري جدا ولكن المطلوب أن ننزل به الى أفراد المجتمع لأن المشكلة ليست بين النخب وبين عالم سني وآخر شيعي حتى وان اختلفا بل انهما مختلفان في مفهوم وتطبيق النص الشرعي ولكن المطلوب أن يتثقف أفراد الأمة بما نحمله من علم اجمالي، وأنا قلت أكثر من مرة ان الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب لا يعني به الانصهار وأن ينصهر الشافعية بالحنفية والجعفرية بالمالكية، فهذا ليس بالمقصود وانما المقصود، وهذا ما أشار اليه الامام الخميني أيضا عندما قال نعني بالوحدة بين المسلمين هو التوحد في القضايا العظمى، فعلى سبيل المثال البحرين التي تقطنها أغلبية شيعية تقتل حاليا على يد الحكومة السنية وفي نفس الوقت ليبيا التي تقطنها أغلبية سنية تقتل على يد الحكومة والوحدة هنا تقتضي الوقوف بصف واحد وكلمة واحدة الى جانب الشعبين على حد سواء.
المطلوب هو توحيد الرؤى تجاه مثل هذه القضايا وأغلبية
المسلمين لم يدركوا هذا المعنى من الوحدة ويتصورون أن معنى التقريب هو الانصهار في المذاهب أو أن نذوب هذا المذهب بذلك لكن هذا ليس مفهوم التقريب.

كان شعار مؤتمر الوحدة هو الأساليب الفكرية والعملية للتقريب، فيا ترى ما هي هذه الأساليب؟
أنا عندي أهم عامل ينبغي تفعيله هو المنبر الاسلامي بشكل عام سواء كان جريدة أو مجلة أو انترنت أو تلفزيون أو اذاعة وأيضا منابر المساجد والحسينيات، كما أن الجانب التربوي الذي يتمثل بالمدارس والجامعات والبيت فانها تلعب دورا مهما، وهذه مهمة تلازمية لا يتحملها شخص واحد، اذ لا ينبغي أن ينجر المثقف أو المعلم أو الاستاذ الجامعي وراء نشر الفكر الطائفي البغيض.
ومن المهم جدا اقامة حصة دراسية في الوحدة الاسلامية فلربما يعي المثقف ما معنى الخلاف المذهبي ولكن الطالب المدرسي أو الجامعي يتصور أن الخلاف الطائفي هو يعني التقاتل من هنا ينبغي اثارة قضية التقريب في المراكز التربوية.

الى أي مدى تراجعت مكانة المفرقين وتقدمت مكانة المقربين في المجتمع؟
مكانة المفرقون لم تتراجع لأنهم يمتلكون أمكانيات كبيرة ولو تساءلنا كم واحد يستمع لكلام الشيخ خاد الملا وكم واحد يستمع لما تقوله قناة وصال أوصفا، فهاتان القناتان تدخل الى كل بيت وتقوم بالتحريض والشحن الطائفي، مما يستدعي تقوية المنابر والشخصيات التقريبية الى هذا المستوى أو أكبر لردع المحرضين على الخلافات، من هنا فان أدواتنا ووسائلنا ضعيفة أمام أدوات ووسائل التكفيريين والمجرمين سواء في العراق أو سائر البلدان.

ما هي حجة المفرقين؟
الخطأ الكبير الذي وقعوا فيه أنهم قاموا بلي النص خلافا لما اراده الله سبحانه وتعالى وهذا هو بالتحديد الأسلوب الذي يتبعه الخوارج وهذا هو فقههم الذي قتلوا به سيدنا علي عليه السلام وبسببه قتلوا غيره، فهو يشترك معك في ذات النص ولكنك تفسره بشيء وذلك يفسره بشيء آخر ففي الوقت الذي تعتقد فيه أن مثل هذا النص لا يليق توجيهه للأمة الاسلامية وينتج عنه التكفير والقتل بينما هو يعتقد أن هذا النص ينطبق على هذه الطائفة أو تلك الطائفة التي تخالفه في الرأي، ولذلك وصفهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بدقة متناهية عندما قال أن القرآن لا يتعدى حناجرهم، فهو يقرأ القرآن ولكن لا يعمل به وانما يستخدمه للسجال والجدال ليس الا.
https://taghribnews.com/vdcdjj0o.yt0ff6242y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز