تاريخ النشر2010 30 September ساعة 08:00
رقم : 27115

الإسلام هو إنقلاب تاريخي وإجتماعي موحد،عادل،توحيدي ومحقق لطلب حياة جديدة

التجارة حلال،لكن بشروط.إذا كان هناك أحد صاحب مدخرات فإنه يحق له إستخدامها في ثلاثة أشكال 1-الإنفاق.٢- الوقف.٣- الإستخدام.أي أنك تخرج الزائد عن حاجتك بالإنفاق وهو إستخراج من الملكية.
إحسان ألي أتشيك،كاتب ومفكر
إحسان ألي أتشيك،كاتب ومفكر
وكالة أنباء التقریب (تنا )
إحسان ألي أتشيك،كاتب ومفكر ولد في مدينة قيصري بتركيا بتاريخ ٢٣ ديسمبر ١٩٦١، أتمم دراسته الجامعية في كلية الشريعة بجامعة ارجياس (١٩٨٥-١٩٩٠ ). بعد إتمامه كلية الشريعة بدأ حياته في الكتابة ككاتب مستقل .لا يزال مستمراً في حياته الكتابية منذ ثلاثين عاماً،وعمل في العديد من الصحف.في مارس عام ٢٠٠٨ عمل كرئيس تحرير في مجلة الكلمة والعدالة الشهرية.
تم نشر عشرون كتاب للكاتب.هو متزوج وأب لخمسة أطفال.يتكلم العربية والإنجليزية.يسكن في إسطنبول.يهدف إلى إحياء الفكر الإسلامي.
تحدثنا معه عن الإسلام،الملكية،الإشتراكية وعن مرض الإنسياق الذي يعاني منه قسم من المسلمين. 

أنتم من المفكرين النادرين الذين يقومون بإجراء بحوث عن علاقة الملكية والدين،حدود الملكية الخاصة،حياة الترف والإنسياق الذي يعاني منه العالم الإسلامي.عند النظر من المنظور الإسلامي إلى الإنتقادات التي توجهها الماركسية إلى الرأسمالية،برأيكم أين النقص في تلك الإنتقادات،وما هي الإنتقادات الأخرى التي يضيفها الفكر الإسلامي إلى الإنتقادات الماركسية للرأسمالية؟ 
- عند التحدث عن إنتقادات الماركسية للرأسمالية أول ما يخطر بالبال هو كتاب ( رأس المال) لكارل ماركس.عند تدقيقي في الكتاب رأيت أنه يتكون من خمسة أقسام أو خمسة مواضيع: الفوقية، الملك، رأس المال، المال والعمل....القسم الأول يبدأ بسؤال ما هي السلعة الاساسية؟ ويحلل علاقة تلك المصطلحات ببعضها البعض،التحول،والنتائج التي تظهر عنهم. هو عمل تحليلي وبناء حول الإقتصاد كالكتب التي كتبها أرسطو عن المنطق وإبن خلدون عن علم الإجتماع. هنا نرى ان التحليلات هي تحليلات إقتصادية بمعنى الكلمة. 

يتم النظر إلى التطورات وعلى أساسه ينظر للإقتصاد بأنه أمر إجباري. عند النظر إلى كتاب رأس المال نرى أن مصطلحاته الأساسية، السلعة الاساسية، الملك، رأس المال، المال( الدينار-الدرهم-الذهب-الفضة) والعمل (السعي-الكسب) هي مصطلحات القران الكريم. كلها مصطلحات من الممكن قرائتها في القران. القران ركز على أنه من الواجب على بني آدم التخلص من الإدمان علی هذه الاشياء.أما كتاب رأس المال فقد ركز على العلاقة بين تلك المصطلحات. عندما إستخدم القران تلك المصطلحات إستخدمها بلسان ديني، شعري و ميتافيزيقي. أما كتاب رأس المال فقد إستخدمها بلسان تحليلي، فيزيائي وإقتصادي. برأيي كتاب رأس المال لم يحلل تلك المصطلحات الخمس كالتفسير الإقتصادي في القران، إلا أنه من الممكن قرائته ككتاب تاريخي يحلل فترة من الزمان،التفسير أو التوضيح،أما التحليل فهو مصطلح يحل الوضع الساري في تلك اللحظة. 

برأيكم هل يسعى الإسلام إلى مجتمع خالي من الطبقات؟وهل من الممكن الوصول إلى مجتمع خالي من الطبقات؟ 
- يوجد في القرأن مصطلح ( الأمة الواحدة) نجده في خمسة أماكن (سورة البقرة –الأية ٢١٣)، (سورة المؤمنون – الأية ٥٢-٦١ )، (سورة هود –الأية ١١٨-١١٩)، (سورة المائدة–الأية ٤٨)، (سورة الزخرف –الأية ٣٢-٣٥)
عندما ننظر بنظرة تحليلية إلى هذه الأيات نرى أنها من طرف تقول (كان الناس أمة واحدة) ومن الطرف الأخر تقول (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلونكم فيما أتاكم)،لكن ذلك لا يعني أنه يريد مجتمعاً ذو طبقات، قسم منه غني ومرفه وقسم أخر ينظر إلى الطبقة الغنية من الاسفل ويشتهي ما عندها.
بالعكس القران يريد مجتمعاً واحداً وطبقة واحدة وليس مجتمعاً من نوع واحد من ناحية اللسان، الدين، العرق، الثقافة، الفن، الأفكار و العقيدة وما شابه ذلك. والدليل على ذلك كلام القران الكريم عن الثروة والنفوذ ( المال والبنين)، الحياة المرفهة ( الزخرف) وإنتقاده لتلك الجماعات والأحزاب والطبقات بدعوته إلى التسابق في عمل الخيرات ويأتون ما أتيهم. 

أيضاً عند النظر إلى تلك الأيات نرى أن السبب في تمزق المجتمع الموحد وتفرقه إلى جماعات وطوائف وطبقات هو كون البعض أصحاب مال وبنين وإعتقادهم أن ذلك هو خير خاص بهم. أي أن أصحاب الثروة والغنى والنفوذ (المال والبنين) يعتقدون أنهم أصحاب إمتياز (الكنز) الذين قاموا بتجميعه. ويتدللون على من حولهم وبذلك يخلقون طبقات في المجتمع. ما يجب على هؤلاء فعله هو ليس الإعتقاد أن المال والبنين هما خير خاص بهم ( الملكية) بل ما يجب عليهم (التسارع إلى الخيرات) و (إيتاء ما أؤتيهم). من يقوم بذلك يكونون يخافون الله وفي قلوبهم رعشة منه. يكونون مؤمنين بأيات ربهم ولا يشركون به أحدا وفي قلوبهم رهبة.
 
أود معرفة رأيكم بنظرة الإسلام إلى الملكية الخاصة. وخاصة نهجه ضمن إطار نظرته التقليدية إلى ملكية الأراضي،وما هو رأيكم في هذا الخصوص؟ 
- من المعروف في الإسلام مصطلح الحوائج الأصلية أي الإحتياجات الضرورية والأساسية للإستمرار في العيش بهذه الدنيا،كالبيت،ألة الركب،أدوات المنزل وما شابه ذلك. في سورة طه نجد الجنة مصورة في أربعة مواد: الشبع، الكسوة، رويان العطش و عدم الإحتراق تحت الشمس...كل هذا هو إحتياجاتنا الضرورية في هذه الدنيا. مرادف هذه المصطلحات في يومنا هذا هو إحتياجاتنا من المأكل والمشرب، السكن، الصحة، التعليم والأمن...برأيي أن المقصود هنا ليس الجنة التي في العالم الأخر بل المقصود هنا هو وطن العدالة والسلام والأمن. نقول لهذا (الجنة التي هي هنا). 

هنا يولد مصطلح الحوائج الأصلية.هذا هو حق كل عبد لله. لا نقول لهذا المصطلح ملكية خاصة. الملكية الخاصة وسيلة لتكوين رأس المال وهي خارج هذا النطاق. إذا تحول رأس المال إلى أرض أصبح ربحاً دون مجهود، إذا تحولت لعملة نقدية أصبحت بفوائد (الربى)،إذا تحولت إلى بناء أصبحت إيجاراً، إذا تحولت لتجارة أصبحت ربحان، إذا تحولت لعمل أصبحت أجر/أجرة. أول مصطلحين (الربح بلا مجهود والفوائد) هما من الحرام. ربح الإيجار لكونه يأتي من بناء فهو ليس ربح بمجهود ويجب تقديم المقدار الزائد كهبة. أما التجارة والأجرة فلكونهما تأتيان من البيع والشراء والخدمة فهي حلال ويجب التصرف بالزائد منه. 

على أي أساس أتحدث أنا عن ذلك؟ هذه الأيات.،(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى- سورة النجم / الأية ٣٩)، ،(والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيها سواء أفبنعمة الله يجحدون- سورة النحل/الأية ٧١ )،(وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين – سورة فصلت/الأية ١٠)،(والذين في أموالهم حق معلوم-سورة المعارج/الأية ٢٣)،(قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن تترك ما يعبد أباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد-سورة هود/الأية ٨٧) (ويسألونك ماذا ينفقون قل العغو سورة البقرة/اية ٢١٩) (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم-سورة الحشر/اية ٧)
هذه الأيات هي الدليل الواضح أن الإسلام لا يسوقنا إلى الرأسمالية.القران دائماً يتحدث عن أن الملك لله.
الملك يعني المال والسلطة.لا يجوز نسب ذلك إلى العباد.أن يقول شخص عن نفسه (أنا غني)هو أمر مخالف لأداب القرأن،لأن القرأن يقول الله هو الغني وأنتم الفقراء.
يعني أن الحوائج الأصلية هي ليست وظيفة،بل حق. أما الملكية فهي ليست حق بل وظيفة.من الممكن أن يمنح المجتمع وظيفة لأصحاب الأمانة والصلاحية.إلا أن ذلك يكون فقط وظيفة ولا يعطي له حق الملكية الخاصة. وعند سوء إستخدامه لتلك الوظيفة فإنها تؤخذ من يده.إنه أمر يسبب استرجاع أرض من شخص لم يقم بزراعتها ثلاث سنوات على التوالي.تحدث سيدنا علي عن ملكية الأراضي في خطاب له إلى إبن عباس قائلاً فيه:( قل لمن يطلب منك أرضاً أنها ملك لله ولجميع المسلمين.إذا قبل شعب تلك المنطقة بذلك وإذا قبل طالب الأرض بأن يعطيهم حقوقهم بالتساوي فأعطه الأرض ليزرعها ويحصدها) إبن رجب،الإستخراج لأحكام الخراج ص:٥٩ 

عند النظر لمسألة نظرة الماركسية بشأن الدين من منظور مختلف،ما هي إنتقاداتكم لهذا الموضوع؟ برأيكم أين يكمن الخطأ في نظرة الماركسية إلى الدين؟ 
- يفهمون الدين بعقلية المثقفين. أن الدين بالنسبة للمثقفين هو أمر خاص بضمير الشخص وهو مرتبط بشكل تام بالعقيدة.يجب أن يرى الماركسيون الإسلام ليس كدين من الأديان بل كإنقلاب على جميع الأديان.
جاء الإسلام لينقذ الجميع من التأثير التخديري للأديان الأخرى.لذا فالإسلام هو إصلاح في تاريخ الأديان.
إذا نظرت إلى الإسلام كما يراه المثقفون أي كعقيدة شخصية أو بوجهة نظر البرجوازية المعاصرة فإنك ستقع في خطأ فادح.الإسلام هو إنقلاب تاريخي وإجتماعي موحد،عادل،توحيدي ومحقق لطلب حياة جديدة.هو ليس مؤسسة للبنية الفوقية بل هو البنية الفوقية بذاتها.هو اللسان الدين العادل والمحرر لعصور ما قبل الرأسمالية.يتحدث الله في القرأن عن الفقراء والمظلومين والمغدورين بعد أن يضع نفسه مكانهم.
الله هنا هو الإفادة المجردة لتدفق الطبيعة وحياة وتاريخ الإنسان في هذه المنطقة ( بلاد ما بين النهرين – حوض البحر الأبيض المتوسط).كما شرحها ماركس ضمير لعالم بلا ضمير.رغم كون ما قاله ماركس عن الدين بأنه أفيون الشعوب فإن المقصود هو الدين المسيحي الكاثوليكي.هنا يجب أن نسأل سؤال أي دين؟أو أي وجه للدين؟ هناك وجه عادل،شعبي وصاحب ضمير،وهناك وجه هو أفيون.لأن الدين أيضاً هو كإنقلاب يولد ضمن ألم وعذاب.عندما تدفن السلطة نفسها داخل الراحة فأنها تنتهي.إذا رجعت بالتاريخ إلى الوراء ستجد أن كل الأديان ولدت بعد الثورة والتمرد.من الممكن قراءة تحاليل ماركس كترجمة مادية للسان العدالة الإجتماعية للإسلام.اللسان الديني هو ليس نفوراً من المادية وإنما هو توضيحه بشكل ديني. 

برأيكم أين تبدأ التجارة المشروعة والمحدودة وأين تنتهي؟
-التجارة حلال،لكن بشروط.إذا كان هناك أحد صاحب مدخرات فإنه يحق له إستخدامها في ثلاثة أشكال:
١- الإنفاق.٢- الوقف.٣- الإستخدام.أي أنك ستخرج الزائد عن حاجتك بالإنفاق وهو إستخراج من الملكية.أو أنك ستوقم بجعلها وقفاً أي تبقى أمانة تحت ملكيتك لكنك تجعل إيرادها وقفاً وتمنحها للغير.
أو تخلق مجالاً للعمل والإستخدام.من غير المسموح إبقاء الزائد عن الحاجة ككنز عندك.في العمل والإستخدام يجب أن يكون رأس المال والمجهود متساويان،لأن الأساس هو المجهود وليس رأس المال.
هنا أيضاً ما يكون زائداً عن الحاجة يجب إما إنفاقه أو وقفه أو إستخدامه مجدداً في العمل والإستخدام.ويستمر الحال على هذا.النظام هو بهذا الشكل.
يجب تكوين مؤسسات تضامنية كصندوق الإنفاق أو القرض الحسن للتمكن من التخلص من تسلط البنوك.
هذا الأمر لا يشبه التجارة بالأموال تحت إسم بنك دون فوائد أو ربى.أموال الإنفاق من غير الممكن إستخدامها في التجارة. يقومون بالمتاجرة في الأموال تحت إسم (حصة من الأرباح)،هي مؤسسات ذات هدف للربح.
حين كان الرسول لا يزال في مكة المكرمة دخل في حركة تضامن للتمكن من التخلص من تسلط المرابين.الإنفاق هنا هو مصطلح عام جداً.إنه كتطوع في مكان لا توجد حاكمية للملكية والمجهود ورأس المال.عند تأسيس نظام كهذا فإن الأمر سيتحول إلى ضرائب إجبارية ومنتظمة.يتم القيام بإجتهادات لتحويل هذا الأمر إلى نظام. يجب جعل وضع الإرادة لتحويل هذه التركيبة إلى نظام. والبقية تأتي مع التطبيق العملي.
أنظر إلى السورة الثالثة من القرأن، سورة المزمل،هناك أية تتحدث عن الزكاة والقرض الحسن والخير معاً.القرأن يسميهم (قوات النهار).يوجد أيضاً (قوات الليل):قراءة ما يسهل من القرأن والإستغفار...ماذا وكيف سيكون البديل هو أمر واضح.يجب أن نقرأ من جديد الرسالات الموجودة في القرأن. 

عند النظر من تلك الناحية هل تمكنتم من التوصل إلى نموذج إقتصادي حصلتم عليه من إلهام الفكر الإسلامي؟
ج : لا يوجد حالياً في مخيلتي نموذج كهذا.لكن بالطبع توجد نصوص مدلة،أشخاص،جماعات،بحوث وإستنتاجات كثيرة لي.وإذا أردنا ترتيبها فمن الممكن ان نقول أن أيات الإنفاق،الملكية،الأموال،
القرض الحسن،الزكاة،الإيتاء،التصدق والخير هي واضحة بما فيه الكفاية.أيضاً تصرفات سيدنا محمد (ص) بشأن الملكية،وتصرفات سيدنا أبو بكر،سيدنا عمر،سيدنا علي وسيدنا أبو ذر واضحة بشأن ذلك.
تجربة المدينة المنورة هي وحدها كافية لتكون مصدر إلهام.نظام الملكية التي أوجدها القرامطة في تاريخ الإسلام هو نظام ملفت للإنتباه و يستحق البحث فيه.هناك نظام ملكية أسسه نزاري الإسماعيليين فيما يقرب ٣٦٠ قلعة وهو نظام ينتظر الدراسة فيه. على عكس ما هو معتقد تلك القلاع لم تكن وكراً لتعاطي الخشخاش أو مكان للنساء أو مكان لتربية الإرهابيين.أغلب هذا الكلام هو شائعات واقاويل منقولة عن كتاب ماركو بولو الخيالي عن السياحة.وعلى عكس ذلك نفهم اليوم أنها كانت تجارب صغيرة بهدف تكوين تجمعات محلية صغيرة للتضامن والإنتاج ضد الإمبراطورية المركزية.
نظام الأهي (الاخوة) في الدولة العثمانية كان نظاماً شبيهاً بذلك وكدوام له.أقوم الآن بالبحث في هذا الموضوع وعندما لا أنظر بمنظار المؤرخين في القصور يصبح الأمر ملهماً أكثر.المهم هنا هو إستخراج منظور ،روح ،إرادة ،ووجهة نظر أكثر من ما هي مسألة إستخراج نموذج جديد.
الإرادة أولاً ثم النموذج...إرادة أنه يجب فعل ذلك...والبقية تأتي وهي تأتي فعلاً.هذا النموذج لن ينتج عن عمل شخص واحد،لكن ذلك الشخص من الممكن أن ينفخ الروح ويخلق الإثارة. 
ما هو المعنى التام لكلمة التوحيد؟ 
- التوحيد هو أن تقول عن شيء أنه واحد.كيف سنوضح ذلك؟ لقد فهمنا الواحد دائماً أنه الله،وكأنه هنالك العديد من الآلهة الذين يتصادمون في السماء فيما بينهم.عندما نقبل بواحد منهم ونرفض الأخرين فإنه عندها يكون التوحيد.لا يوجد شيء كهذا في الحقيقة.هذا الأمر لا يفسر تمزق السماء بل يفسر تمزق الأرض ويفسر التوحيد على الأرض. كلمة الإله،الملك والرب المذكورة في القرأن إستخدمها البشر لأشخاص معينين.يقال أن فرعون إدعى أنه رب وأله،ويقال عن الحاخامات أنهم إكتسبوا إلهاً.إذن فإن التوحيد هو أمر على الأرض ،أمر يخص البشر.
عندما تتعلق المسألة بالأرض والبشر لننظر إلى نظام الطوائف التقليدي.هل هو صدفة أن يكون هناك أكثر من أربعة ألاف إله في الهند التي تعتبر من أشد البلدان التي تتكون من المجتمع الطائفي؟ لا هو ليس صدفة،لأنه توجد علاقة وثيقة بين (تعدد الألهة) و (تعدد الطبقات)،انهما مصطلحين مرافدين لبعضهما لا غير.
في هذه الحالة،كون وجود ٣٦٠ صنماً في عهد الجاهلية،يعني أنه كان لكل قبيلة ثلاثة أو أربعة أصنام (أحياناً ثمانية)،وهذا يدل على أنه قد كان هناك على الأقل ٦٠-٧٠ قبيلة (طبقة- طائفة).النظام القبلي ذاك هو النظام الذي كان يفيد بنظام الهند الطائفي في البلدان العربية في القرن السابع.
في هذه الحالة عندما تقومون بتقسيم وتمزيق المجتمع إلى طوائف وطبقات وتكونون هيمنة عليهم حسب النسب،اللسان،العرق،اللون،القومية،الملة،الملكية أو حتى الأجناس فإنكم تدخلون في الشرك،مع أن الشعوب والقبائل ليست كائنة للسيطرة أو الهيمنة بل للتسابق على الخيرات والتعارف.
عندما ترفعون الهيمنة والإمتيازات ويصبح الجميع سواسية فأنكم تكونون موحدين.تستخدم كلمة (أكبر)في القرأن على شكلين،الأول كون الله أكبر،أما الثاني فهو حج أكبر...حل الحج مكان الله.أي ان الله يتجلى في الشعوب الغير طبقية....هذا هو المعنى الحقيقي للتوحيد...

اجرى الحوار : اسلام اوزكان – تركيا
https://taghribnews.com/vdchmzni.23nqzdt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز