تاريخ النشر2018 2 May ساعة 10:18
رقم : 328082

إيمان الرزة.. هل اغتالت "إسرائيل" مهندسة الكيمياء في رام الله؟

تنا
رغم مضي قرابة الشهر والنصف على مقتل الفتاة إيمان حسام الرزة من سكان نابلس، داخل شقتها السكنية في مدينة البيرة بمحافظة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، لا يزال الغموض يلف ظروف مقتلها، فيما تواصل النيابة العامة الفلسطينية تحقيقاتها دون أي نتيجة.
المهندسة الكيميائية الفلسطينية "ايمان الرزة"
المهندسة الكيميائية الفلسطينية "ايمان الرزة"
علامات استفهام كثيرة تحيط بهذه القضية التي ما تزال رغم مرور كل هذه المدة، تشغل الشارع الفلسطيني بالضفة الغربية، خصوصا بعد اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في العاصمة الماليزية كولالمبور.

فمن الجهة التي يمكن أن تقف خلف مقتل فتاة لم يعرف عنها سوى تفانيها في العمل وتميزها فيه؟، ومن له مصلحة في تصفية فتاة في ريعان شبابها بعملية لا تزال تطرح تساؤلات كيف حدثت؟ دون أن يكون هناك دليل واحد غير الجثمان المعلق بحبل!.

ومنذ اللحظات الأولى، كانت لدى عائلة الرزة شكوك بتعرض ابنتهم لجريمة اغتيال أو تصفية، رغم ما بدا ظاهريا أنها أقدمت على انتحار.

بداية التفاصيل
في مساء الأحد 25 آذار/ مارس 2018 أعلنت الشرطة في رام الله العثور على جثمان الفتاة الرزة، معلقةً بحبل داخل شقتها بالبيرة في ظروف غامضة.

وبالكشف الظاهري لم يحدد سبب الوفاة، فنقل الجثمان للمجمع الطبي برام الله، وقررت النيابة العامة لاحقا التحفظ عليه وإحالته لمعهد الطب العدلي للتشريح.

تقول العائلة عن كيفية اكتشاف مقتل ابنتهم: إنه في ذلك اليوم، توجهت والدة إيمان وشقيقها محسن، إلى حيث تقطن ابنتهم في البيرة، بعد أن ساورهم قلق عليها بسبب امتناعها عن الرد على المكالمات وعدم الاتصال بهم، على غير عادتها.

وتقول والدتها إنهم لدى وصولهم للشقة قرعوا الجرس وطرقوا على الباب لكن دون رد، فتوجه محسن إلى إحدى النوافذ ليُصدم بمشهد شقيقته معلّقة بحبل، فبدأ يصرخ بشكل هستيري.

فتح محسن النافذة ليجد مفتاح الشقة موضوعا على طرفها، فحاول فتح الباب لكنه لم يُفتح، فمد يده من نافذة قريبة من الباب وفتحه من الداخل.

وتضيف الأم: "إيمان كانت واقفة على كرسي بلاستيكي، ويحيط برأسها حبل غسيل مثبت بالجدار".

في هذه الأثناء وصلت الشرطة والمباحث، وشرعت في معاينة المكان والتحقيق الأولي، واحتجز شقيقها محسن للتحقيق، كما هو معتاد في مثل هذه الحالات.

اغتيال سابق!
الفتاة إيمان (27 عاما) التي سميت بهذا الاسم تيمنا باسم عمها أيمن، الذي اغتاله الاحتلال لدوره في تأسيس خلايا النسر الأحمر الجناح العسكري للجبهة الشعبية إبان الانتفاضة الأولى، لم تكن بمنأى عن استهداف الاحتلال.

فعائلة الرزة من العائلات المشهود لها بدورها النضالي، ووالدها حسام اعتقل 32 مرة، وأمضى في سجون الاحتلال أكثر من 16 عاما، وعندما أبصرت هي النور كان والدها رهن الاعتقال.

كما لا يزال شقيقها بدر حاليا رهن الاعتقال، وسبق له أن خاض العام الماضي إضرابا عن الطعام؛ رفضا لاعتقاله الإداري.

والدها حسام الرزة، القيادي في الجبهة الشعبية، المعتقل الآن في سجون الاحتلال، وقبل أن يعتقل بمدّة وجيزة رفض مطلقا فرضية انتحار ابنته، مرجحا وقوف جهات مخابراتية وراء الجريمة، حيث نفذت الجريمة بحرفية عالية، ولم تترك آثارا تدلل على الفاعلين.

ويدلل على تعرضها للقتل العمد، بتعطيل كاميرا مراقبة تشرف على المنزل، وتعطيل السكّرة الخارجية لباب الشقة التي توجد فيها، ووجود كدمات على الظهر وعلامات على الخاصرة، وهو ما قد يرجح فرضية تعرضها للتحقيق والتعذيب قبل القتل.

قرائن عدة
والدها أكد في حديث سابق لوسائل الاعلام قبل اعتقاله في السابع عشر من الشهر الماضي، أن إيمان ليس لديها أي سبب يدفعها للإقدام على هذه الخطوة.

وأشار إلى أن ابنته مهندسة كيميائية ناجحة في عملها، وقوية الشخصية، ولا تعاني من أي مشاكل نفسية أو مادية، بل هي مفعمة بالحياة، وتسافر سنويا للخارج للسياحة، وكانت تخطط لإكمال دراستها في جامعية بإيطاليا للحصول على الماجستير والدكتوراه.

وأضاف أنها كانت تعمل أكثر من وظيفة، وفي يوم مقتلها كان يفترض أن تتوجه إلى أريحا للحصول على وظيفة في بلدية أريحا.

ويؤكد أنه ليس له أي عداء مع أحد سوى الاحتلال وأعوانه، ويلمّح إلى احتمال تورط الاحتلال بهذه الجريمة، مستندا إلى عدة قرائن، منها أن مخابرات الاحتلال هددته بابنته العام الماضي.

ويقول: "خلال استجوابي قال لي ضابط المخابرات: لقد اعتقلناك 32 مرة في حياتك، ولن تكون هناك المرة الـ33، في تلميح إلى الاستهداف الجسدي له".

ويشير إلى أن إيمان سبق وأن تقدمت للحصول على تصريح لدخول القدس المحتلة للعمل بمصنع للكيماويات هناك، وكان مبرر الرفض من سلطات الاحتلال هو تخصصها بالهندسة الكيماوية، وسجل عائلتها النضالي.

ويتوقع أن التميّز العلمي لابنته وقيامها بأبحاث على بعض المواد لقياس قابليتها للاشتعال، لأغراض صناعية، قد يكون هو ما أثار مخاوف الاحتلال من إمكانية تطبيق أبحاثها على استخدامات للمقاومة، خاصة وأن شقيقها بدر معتقل على خلفية تصنيع عبوات ناسفة.

وما يعزز قناعة الكثيرين بفرضية الاغتيال، هو تزامنها مع اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا، والذي يتهمه الاحتلال بتوظيف علمه في الهندسة الكهربائية، لتحسين قدرات صواريخ المقاومة الفلسطينية.

وما عزز من هذه الشكوك كذلك هو إقدام الاحتلال على اعتقال والدها بعد يوم من نشره منشورا على صفحته على موقع "فيسبوك" لمّح فيها إلى إمكانية تورط الاحتلال.

وكشف والدها في منشور له على صفحته بأن المخابرات "الإسرائيلية" استدعت في ليلة مصرع إيمان، شقيقها بدر من سجن جلبوع، وأخضعته للاستجواب، وحاولت كسر معنوياته.

وشكّل اعتقال الاحتلال للوالد وتحويله للاعتقال الإداري بلا تهمة 6 أشهر، وسط انشغاله بمتابعة قضية ابنته، ضربة لمساعي العائلة لكشف حقيقة وملابسات مقتلها، وفي الوقت نفسه إشارة إضافية إلى تورط الاحتلال في الجريمة.

ربط للأحداث
وفي بيان لها عقب اعتقاله، ربطت عائلة الرزة بشكل كامل بين اعتقاله ومقتل ابنته، وعدّت أن اعتقاله يأتي لعرقلة التحقيق؛ حيث كان هو الشخص المتابع للملف بشكل كامل، مؤكدة أن اعتقاله لن يثنيها عن ملاحقة كل من له يد بالقضية.

وطالبت العائلة رئيس السلطة محمود عباس بمتابعة ملف مقتل إيمان بشكل شخصي، مبينة أنها لم تتسلم حتى الآن أي ورقة رسمية أو غير رسمية بخصوص مجريات التحقيق، مشددة على أن ملف إيمان لن يغلق، إلا بإغلاق القبور على من يثبت لهم ضلع في القضية.

وما يثير مخاوف العائلة أنه كانت هناك محاولات من بعض الجهات في السلطة الفلسطينية لإغلاق الملف على أنه قضية انتحار، لكن رفض العائلة التسليم بالأمر، ومتابعتها الحثيثة، أجبرت جهات التحقيق على متابعة التحقيق والبحث في كل الاتجاهات.

وهو ما يضع فرضية ثانية أن تكون بعض الجهات المتنفذة في السلطة مشرفة أو مشاركة أو قائمة على عملية التصفية للفتاة الرزة؛ من باب التقاء المصالح مع الاحتلال، أو محاولة التغطية على ملفات أخرى، كما حدث مع الفتاة نفين العواودة من الخليل والتي عثر على جثتها قرب شقتها في بيرزيت، وكذلك الشاب رائد الغروف من أريحا الذي عثر على جثته في ساحة فندق الميلينيوم برام الله.

وفي الحالتين المذكورتين، كان الحديث في البداية يدور حول عمليات انتحار، لكن "الصدفة" أجبرت الجهات المختصة على تغيير مجرى التحقيقات، ليتبين وقوف متنفذين خلف العمليتين، أرادوا بفعلتهم التستر على قضايا فساد مالي وأخلاقي لدى بعض قيادات السلطة وأجهزتها الأمنية.
https://taghribnews.com/vdcc44q1i2bqix8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز