تاريخ النشر2011 14 March ساعة 09:41
رقم : 42457

الطائفية لعبة سياسية

الطائفية هي سياسة التمييز بين البشر في المعاملة والحقوق لأسباب عقائدية ، دينية أو مذهبية ، او عرقية أو مناطقية أو قبلية أو مهنية أو فكرية.
عبد العظيم حسن خاطر
عبد العظيم حسن خاطر
وكالة أنباء التقریب (تنا) :
عبد العظيم حسن الخاطر 
القراءات ١ قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى". في هذه الآية أمر منه تعالى للمؤمنين وتنبيه عظيم على وجوب العدل مع جميع البشر فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه؟

الطائفية هي سياسة التمييز بين البشر في المعاملة والحقوق لأسباب عقائدية ، دينية أو مذهبية ، او عرقية أو مناطقية أو قبلية أو مهنية أو فكرية. الإسلام أساسه العدل والمساواة في الحقوق وضمان حرية العقيدة والرأي للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم العقدية والعرقية ، قال تعالى: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ" وأيضا: "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ". كما اتفقت جميع الأمم على نبذ وتجريم الطائفية من خلال الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وجرمت في مواقف كثيرة مثيري الأحداث الطائفية واستطاعت معاقبة البعض منهم.

هنا أتعجب وأتساءل: هل الطائفية حالة شعبية إجتماعية أم أنها لعبة سياسية؟
لماذا تعشش الطائفية في بعض الدول العربية والإسلامية مع وضوح التعاليم السماوية بضرورة العدل بين البشر وعدم التمييز لأي سبب كان؟ لماذا تطل الطائفية فجأة برأسها النتن بين الفينة والأخرى ومتى في العادة يكون ذلك؟ ما هي أسباب الحوادث الطائفية في العالم؟

السلوك الطائفي الغير إنساني أسبابه سياسية بحته يغذيها إما التعصب الأعمى وإما هدف تمزيق الشعوب المستضعفة حيث يلجأ القادة السياسيون للإثارات الطائفية لتسهيل سيطرتهم على الدول والتحكم بخيراتها أو المجاميع المختلفة لتحقيق مصالحهم الخاصة.

لقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك جنوب أفريقيا في الماضي نظام طائفي مقيت على أساس اللون فأقصت بذلك شريحة كبيرة من مواطنيها من أصول أفريقية. فكيف انتهت المشكلة الطائفية لدرجة أن يصبح رئيس أمريكا من أصول أفريقية؟ هل تم ذلك باستئصال الجنس الأفريقي الأسود أم بتغيير لون الأفارقة من الأسود إلى الأبيض؟ّ! الواقع يقول بأن الطائفية بدأت بقرار سياسي مبني على مصالح محددة لفئات معينة وانتهت بقرار سياسي آخر نتيجة للضغط الشعبي تم تطبيقه بشكل صارم مع وضع قوانين لمحاسبة وتجريم من يخالف.

استعملت الدول العظمى سياسة فرق تسد كأداة لتحقيق أهدافها في تفتيت الشعوب المستضعفة وإستغلال خيراتها وهذا ما حصل للعرب والأمازيغ والأكراد وغيرهم. بريطانيا العظمى استطاعت من خلال ضرب الشعوب بعضها ببعض السيطرة على كثير من الدول لتصبح إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس. كذلك استغل القادة السياسيون الاختلاف العرقي والقومي والديني لإثارة الطائفية وتحقيق مصالحها الخاصة من خلال تفضيل فئة على أخرى واضطهاد الجماعات وتقتيلها
وحرمانها من حقوقها. هذا ما فعله القادة الأمريكيون بالسكان الأصليين الهنود الحمر ، وكذلك اليونانيون عندما صنفوا العالم إلى يونان وبرابره ، والعرب حين أخذوا يفرقون في ظل الإسلام بين العرب وغيرهم حيث أسموهم بـ الموالي.

في يوغسلافيا السابقة تعايش مواطنوها سنين طويلة بلا مشاكل طائفية ثم أصبحت طائفية ، ما حصل بين البوسنة والهرسك وصربيا كان نتيجة لتضارب مصالح الأعراق المختلفة فلجأ القادة السياسيون لإثارة الفتن الطائفية بين المسيحيين والمسلمين سعيا منهم لفرض سيطرتهم على الفئات الأخرى. كذلك عاش اليهود بسلام في كثير من الدول العربية والإسلامية لمئات السنين وفجأة تطل الطائفية برأسها النتن من خلال قرار سياسي للدول العظمي بمنح فلسطين هدية ليقيم فيها اليهود دولة لهم وكأنها دولة بلا شعب.

الشعوب الحرة تنبذ الطائفية فلو بحثت عبر العصور لوجدت الشعوب بمختلف طوائفهم وأعراقهم في العادة يعيشون بسلام. فقد عاش المسلون شيعة وسنة في دول الخليج العربية بسلام لمئات السنين لدرجة التزاوج والمصاهرة كما هو حاصل في البحرين والعراق. كذلك عاش المسلمون والمسيحيون في العراق ومصر بسلام وكذلك الطوائف الأخرى في الهند وغيرها من البلدان.

ما يندى له الجبين أن تعشش الطائفية في بلداننا التي شعوبها مسلمين في الغالب أو أتباع لأحدى الديانات السماوية الأخرى. لا يختلف اثنان في أهمية التعايش والانسجام بين البشر بشكل عام والمسلمين بشكل خاص. علينا كمسلمين التمسك بحبل الله المتين والعروة الوثقى التي لا انفصام لها والسير تحت ظلال القران الكريم وراية "لا اله
الا الله محمد رسول الله". علينا توسيع دائرة المحبة والإخوة بيننا وتجاوز الخلافات بجميع أشكالها والعمل في دائرة المشتركات. علينا أن نعي أن التمييز الطائفي لا حدود له وانه وباء ينموا سريعا كالاخطبوط متى ما سمح لبذرته ان تترعرع ، عندها لن ينجوا من شره شيء.

علينا أن نعي حجم الضرر الطائفي وأن لا ننجر وراءه لما يسببه من تخلف وضياع طاقات وثروات في نزاعات لا نهاية دائمة لها. علينا كمسلمين أن نفيق من غفوتنا ونعي بأن الطائفية هي صنعة سياسية هدفها السيطرة والاستغلال والقضاء على قوة المسلمين وكسر شوكتهم. البعد عن الطائفية مسئولية دينية وأخلاقية فردية مفصولة عن إملاءات اي جهات أخرى. فالله جلت قدرته سيحاسب كل فرد على أفعاله ولن يقبل تبرير من قبيل انني عبد مأمور فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. القضاء على الطائفية تبدأ بتحصين النفس وتتعزز متى ما توافرت الإرادة السياسية من خلال سن القوانين اللازمة وتطبيقها بصرامه ضد المخالفين.

أختم بنكته سياسية ذات مغزى "مع إحترامي للأخوة المسيحيين" وهي أن سني وشيعي ومسيحي قاعدين على البحر. طلع عليهم جني من فانوس سحري وأعطى كل واحد منهم أمنية. السني قال للجني ما تتركلي ولا شيعي على وجه الارض. الشيعي قال للجني ما تتركلي ولا سني على وجه الارض. المسيحي قال للجني ما بدي منك الا ارجيلة ودخيلك عجللي بطلبات الشباب. هذه النكته الهادفة قد تنطبق على اي دولة واي تشكيلة من الطوائف متى ما توافر الجو الطائفي المساعد لذلك.
عبد العظيم حسن الخاطر
https://taghribnews.com/vdcd5o0o.yt0xk6242y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز