تاريخ النشر2018 14 August ساعة 14:05
رقم : 350949

عملية تحرير ادلب: كيف تذلل سورية العوائق وتنطلق ؟

تنا-بيروت
مع الفراغ من معركة الجنوب واكتمال اجتثاث الإرهاب المتعدد العناوين منه، بات منتظرا ان تتوجه القوات السورية الشرعية مع حلفائها نحو الشمال الغربي لتحرير منطقة ادلب وريفها امتدادا الى الريف الغربي لحلب والريف الشمالي للاذقية وربطا ببعض الريف الغربي لحماه وصولا الى الحدود مع تركيا. ومهما كانت طبيعة ا هذه المعركة والمحاذير والعوائق التي تمنعها او تتعجل اتخاذ القرار بفتحها مقيدا او حذرا فان الدولة السورية ومن راس الهرم فيها حسمت الجدل وقررت التوجه الى ادلب في سياق جدول الأولويات الموضوع لحرب تحرير سورية من الارهاب ومن كل محتل أجنبي أي كان هذا المحتل كما قال الرئيس الأسد. وعليه لم يعد السؤال هل تنفذ معركة ادلب، بل السؤال بات متى وكيف تكون عملية التحرير.
عملية تحرير ادلب: كيف تذلل سورية العوائق وتنطلق ؟
العميد د. أمين حطيط 

ونبدأ بالزمان وهنا نعتبر ان ما يشاهد على الأرض من تحضيرات متعددة الوجوه يعني وبكل وضوح ان الاعداد للمعركة بدأ وهو قائم على قدم وساق، وقد ابتدأ فعلا منذ اللحظة التي حسمت فيها معركة الجنوب استراتيجيا وعسكريا وقبل ان تنتهي ميدانيا أي منذ ان ظهر ان الإرهاب في لجنوب قد انهار ودخل مرحلة التصفية والاجتثاث النهائي، وبالتالي انطلقت الحكومة السورية في عملية التحضير لمعركة الشمال بعد ان اتخذ القرار بأجرائها لاستعادة منطقة ذات خصوصية بالغة الأهمية الى كنف الدولة. 
 
بيد ان اكتمال التحضير للمعركة مرتبط عضويا بطبيعة تلك المعركة وخصائصها، حيث اننا نرى ان هذه المعركة تتميز عما سبقها بكثير من العناصر سواء في ذلك بما يتعلق بالمسلحين ومسارات التحرك امامهم، او بوجود المحتل الأجنبي فيها فضلا عن مساحة المنطقة وموقعها الجغرافي واتصالها بتركيا.
 
ففي الميدان يحتشد ما يزيد على 65 الف مسلح إرهابي (البعض يقدر هؤلاء ب 100 الف و هو رقم مغالى فيه  و يروج  له اما عن جهل اوعن سوء نية لتثبيط عزيمة الحكومة السورية و الحلفاء لخوض هذه المعركة ) و قد احتشدت هذه المجموعات الارهابية اما تأسيسا في  المنطقة منذ اليوم  الأول الذي بدأت فيه عملياتها الإرهابية في جسر الشغور في العام 2011 او بعد ان اعتبرت ملجأ للإرهابيين الذين هزموا في معارك أخرى على الأرض السورية و اقتضت عمليات التسوية اخراجهم من الميدان و نقلهم الى مستودعات ادلب التي تحولت بعد الإنجازات العسكرية السورية في تحرير الأرض من الإرهاب الى الملجأ الأخير و مركز الثقل النوعي السياسي والاستراتيجي و العسكري الأساسي و الأخير للإرهابيين و الذي يعني ان خسارته من قبلهم تعني  انتهاء العدوان على سورية و الانتقال الى مرحلة جديدة ليس فيها شيء من المخاطر و التهديدات التي شكلتها الحرب الكونية على وحدة سورية و وموقعها الجيوسياسي   ودورها الاستراتيجي  الذاتي و في الإقليم .
 
اما في الجغرافية فان المنطقة التي تزيد مساحتها عن 10.000 كل م2 وتتصل مباشرة بالحدود التركية ولمسافة تتعدى ال 100 كلم، وهي منطقة من حيث الطبيعة منوعة فيها الجبال والهضاب المناسبة لقتال الجيل الرابع كما ان فيها بعض المنبسطات التي تتيح استعمال أسلحة الصدم المدرع وحركة الاليات المجنزرة والمقولبة على حد سواء.
 
اما من ناحية التدخل الأجنبي، ورغم ان كل الحرب العدوان على سورية انما هي قرار أجنبي اتكأ على جماعات محلية وان كل ما قيل عن ثورة وما شاكلها انما هو نفاق لتغطية هذا العدوان وتبريره، فان اليد الأجنبية تحضر وتتدخل في تلك المنطقة بشكل مباشر وبقوة واشد وضوحا من أي منطقة سورية أخرى حيث تحول الوجود التركي الذي كان يفترض ان يكون وجودا متفقا عليه في إطار عملية استنه وما نجم عنها من منظومة مناطق خفض التصعيد، تحول الى احتلال مكتمل العناصر والتأثير على مساحة تكاد تصل الى ثلث المنطقة المقصودة.
 
وعلى ضوء ما تقدم ونظرا لهذا الخصائص فات التحضير للمعركة اخذ بعين الاعتبار العوائق والقيود    التي تعترض عملية التحرير المطلوبة، خاصة وان البعض يراهن او لا يزال يراهن على بعض الأوضاع الخاصة التي من شانها ان تشكل عوائق وتمنع القيام بعملية تحرير واسعة وشاملة لكامل المنطقة ويطمح الى بقاء بعض المواقع خارج اليد السورية من اجل تحويلها الى أوراق مخارج او تفاوض او ضغط اثناء العملية السياسية التي تريدها   القوى الأجنبية في مسار يأتي خلافا لما يريده الشعب السوري. 
 
وعليه فاننا نرى بان سورية وعلما منها بما يخطط ويحاك لمنع العملية فأنها اتخذت لكل موقف علاج وحل ينسجم مع المبادئ الرئيسية التي خيضت الحرب الدفاعية منذ نيف وسبع سنين على هديها ولذلك نرى ان معركة ادلب هي أيضا ستكون تحت هذه المبادئ وان ما يقال عن خصوصية وعوائق سيعالج وفقا للاستراتيجية ا لدفاعية السورية وعلى ضوء القدرات المتاحة كما يلي:
 
1. بالنسبة لتعقيدات الميدان عسكريا. فان الامر ابسط مما يهولون  حيث ان الحشد الإرهابي المؤلف من 65 الفا لن يكون كله في المواجهة في الميدان ، بل ان بعضه سيكون في مواجهة البعض الاخر في عملية تنازع و تأكل إرهابي ذاتي و قد بدا هذا في بالفعل في عملية تفكيك وتركيب المجاميع الإرهابية ، و البعض الاخر سيكون جاهزا للتسويات السلمية و الخروج من الميدان طلبا للنجاة الذاتية دون قتل بما يذكر بعمليات مشابهة أخرى خصلت مؤخرا في الغوطة و درعا و القنيطرة و قد بدأ هذا فعلا و ان بشكل خجول في البداية ، اما الجزء المتبقي فقد اعدت له الدولة من القوى ما يكفي و يزيد  عن احتياجات المعركة و لهذا كانت و لازالت عملية تحشيد القوى للهجوم مستمرة لتشكل رسال قوية لمن يكابر و يصر على القتال .
 
2. بالنسبة لمنظومة خفض التوتر والتي بمقتضاها نشرت في المنطقة اكتر من 32 تقطه مراقبة عسكرية من قوات إيرانية وروسية وتركية. فان هذه المناطق بالمفهوم الحقيقي والمصطلح الذي يجب ان يعمل به وعلى أساسه قبلت به سورية، فان هذه المناطق مرحلة انتقالية بين وضع الخروج على الشرعية والتمرد والعدوان ووضع العودة الى الوطن وكنف الشرعية وليس في أي حال وضعا نهائيا يجيز لاحد المس بوحدة الدولة وسيادتها وقرارها المستقل. وفي هذ المجل نجد ان تركيا نكثت بوعودها وباتت الدولة السورية في حل من التزاماتها بهذه المناطق اذ بدل السير باتجاه الشرعية قامت تركيا ومعها بعض المجموعات الإرهابية بعمليات احتلال وامتنعت عن تصفية الإرهاب حيث كان عليها ان تفعل وبالتالي كما حدث في الغوطة وبعدها في الجنوب السوري لم يعد لخفض التوتر قيمة ولا يشكل بذاته عائقا امام عملية التحرير.
 
3. اما عن المواجهة العسكرية مع تركياكما يتخوف او يروج البعض، ورغم اننا لا نثق مطلقا بالموقف والسلوك التركي خاصة وان القيادة التركية القائمة تميزت بعدم الواقعية والجموح العدواني غير المشروع وكانت منذ البدأ راس الحربة الأساسي في العدوان على سورية، رغم كل ذلك فاننا نرى ان المتغيرات الميدانية السورية والتقلبات في معادلات الإقليم ومتغيرات المسرح والعلاقات الدولية كلها تفضي الى ما يشبه اليقين بان تركيا لن تكون في موفع تناجز فيه الجيش العربي السوري القتال لتمنعه من تحرير ارضه من الإرهاب. فتركيا اليوم في قدراتها ليست كتركيا قبل سبع سنوات ومن ينظر الى علاقات تركيا مع إيران وروسيا واروبا وأميركا يعرف ماذا نقصد ويعرف كيف على تركيا ان تتصرف او ماذا بأمكانها ا تفعل.
 
و على ضوء ذلك نرى عملية تحرير ادلب و كامل المنطقة المحيطة بها حتى الحدود الدولية مع تركيا ،هي عملية لا بد حاصلة و ستكون عملية مركبة من عمل سياسي تصالحي و قد بدأ قبل ان تبدا المعركة و ما نشهده اليوم من انقلاب البيئة الشعبية ضد المسلحين هو احد الدلائل على ذلك ، و من عمل عمل عسكري للضغط لاقتياد الجماعات الى العملية السلمية التصالحية ، و يبقى العمل العسكري المحض  الذي سيكون قاسيا في بعض المواقع لكنه سينتهي الى اجتثاث الإرهاب و اخراج المقتل التركي من الأرض السورية و ما المسالة الا مسلة أيام قليلة و تطلق الصفارة إيذانا بحلول الساعة صفر بتوقيت دقيق تحدده القيادة السورية صاحبة القرار الأول و الأخير في عملية التحرير .
https://taghribnews.com/vdcjxyethuqeihz.3ffu.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز