تاريخ النشر2018 24 May ساعة 16:36
رقم : 332922

عيد المقاومة والتحرير 2018 : بدء الحصاد الاخر

تنا-بيروت
عندما وقف السيد حسن نصر الله بين الحشود الغفيرة المحتفلة معه بالنصر في العام 2000 وأهدى النصر لكل لبنان ولكل العرب ولكل المسلمين ولكل الاحرار في العالم، وأوحى من سياق كلامه الواضح انه لن يستثمر هذا النصر في الداخل ولن يصرفه من اجل مصالح فئوية ومناطقية او سواها، شكل يومها موقفه مفاجأة لكل معني حيث ان المعتاد في مثل هذه الظروف ان يتمسك صانع النصر بانتصاره ويصرفه في الداخل موقعا وسلطة وسيطرة ونفوذ تكافئ شيئا من الدماء والعرق والجهود والتضحيات التي بذلها في سبيل صنعه.
عيد المقاومة والتحرير 2018  : بدء الحصاد الاخر
  العميد د. امين محمد حطيط 

بيد ان الأمور في لبنان ورغم هذا الموقف النبيل الكبير النادر الحصول عادة في العالم، الأمور سارت في غير اتجاه، وبدل ان يتلقف الجمع اللبناني هذا الموقف الشهم لسيد المقاومة ويضعوا يدهم بيده، ويستثمروا الانتصار لمصلحة لبنان، اتجهوا الى الخارج من اجل الكيد للمقاومة التي كانت ولا زالت حاجة لبنانية دفاعية استراتيجية لا يبدو ان بمقدور لبنان في المنظور من السنين ان يستغني عنها. 

وعليه وبدل ان تتجه المقاومة لصرف انتصارها في موقع مناسب لها في السلطة والحكم شغلت بالاضطرار للمحافظة على نفسها وسلاحها امام تحشد الخصوم والأعداء ومناوراتهم ومؤامراتهم التي انفجرت حربا عليها في العام 2006 شنها جيش العدوان الإسرائيلي، ثم كانت الحرب الناعمة على المقاومة في العام 2008 بيد رسمية لبنانية مثلتها حكومة لبنان برئاسة فؤاد السنيورة، الى ان كانت الحرب الكونية الشاملة على المقاومة ومحورها في العام 2011 التي استهدفت سورية.

و خلال العقدين الماضيين  تعرضت المقاومة في لبنان و محورها في الإقليم لأبشع أنواع التآمر و الحروب التي تبغي اقتلاعها كليا ، و من اجل ذلك صيغت القرارات الدولية و اتخذت التدابير الانتقامية المسماة عقوبات غربية أميركية حتى و دولية ، و فتحت الجبهات النارية بحروب البدلاء إرهابا او الاصلاء عدوانا مباشرا على المقاومة و محورها ، لكن  محور المقاومة بكل مكوناته الصادقة ابدى  من الصلابة و الشجاعة و القوة ما افشل كل ما سبق ذكره و اتخذ ضده ، و اكدت المقاومة  مواقفها في كل ميدان دخلت فيه ، انها تملك الإرادة و القوة و الاقتدار على هزيمة العدو و افشال الخصم و المحافظة على وجودها و سلاحها و قوتها و قدرتها اللازمة لمواجهة كل التحديات .

لقد خاضت  المقاومة و محورها المواجهة الدفاعية عن ذاتها ووجودها و قدراتها و دورها في ظروف معقدة بالغة الخطورة ، مواجهة  أدت الى  خسائر بحجم مؤلم جدا  حتى كادت توحي للخصوم و الأعداء بان حربهم ستحقق أهدافها لا بل وصل البعض منهم للقول بان الحرب على المقاومة و محورها نجحت و ان هي الا أيام و يعلن الاجهاز عليها .لكن محور المقاومة لم يؤخذ بما يقولون و ما يعلنون و استمر في المواجهة دون حساب للتضحيات مصرا على النصر مهما كان حجم التضحية ، و ما ان راح العقد الثاني للحرب المتعددة الوجوه يهم بالأفول حتى كان المشهد الوطني اللبناني و الإقليمي و الدولي يرتسم بصورة تنبئ بان محور المقاومة حقق أهدافه في حربه الدفاعية أولا ثم انه يتحضر لا بل انه بدأ بحصاد شيء من نتائج تلك الانتصارات في اكثر من ميدان . 

وإذا كان المجال لا يتسع هنا للحديث عن إنجازات محور المقاومة إقليميا وقد يكون له عرض في وقته، فاننا نكتفي بذكر انتصار سورية الأسطوري الذي تكلل مؤخرا بتطهير النطاق الأمني لدمشق في دائرة شعاعها 60كلم، والنطاق الأمني السوري الأوسط وصولا الى شمال حمص وجنوب حماه تطهيرهما من الإرهاب وحصر معركة التحرير بالقطاعات الحدودية الأربعة التي سيكون لكل منه أسلوبه الملائم للتحرير، وبعد هذه الإشارة نعود الى لبنان وهو الذي يحتفل اليوم بعيد المقاومة والتحرير لللسنة ال 18 على التوالي حيث نسجل في المشهد ما يلي:

أولا على صعيد السلبيات : و فيها يكون لابد من البدء بذكر استمرار  الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا و تلال كفر شوبا و الجزء اللبناني من الغجر الذي عادت إسرائيل و احتلته في العام 2006 ، كما و احتلت معه أيضا أراضي لبنانية في اكثر من منطقة و نقطة على الحدود مع فلسطين المحتلة و هي المناطق التي حاولت الأمم المتحدة ان تمنحها لإسرائيل في العام 2000 لدى قيام وفدها بمهمة التحقق من الانسحاب الإسرائيلي الى جانب فريقنا اللبناني العسكري الذي كان برئاستي ، و افشلنا سعيها يومها و اكدنا على لبنانية تلك المناطق فاعترفت الامم المتحدة بذلك في نقاط عشر و رفضت في نقاط ثلاث فتحفظنا على ذلك . وبعد حرب 2006 عادت إسرائيل ومعها الأمم المتحدة لطرح مسلة النقاط ذاته باعتبارها نقاط متنازع عليها وكاد المسؤول اللبناني يقع في الفخ، لكن اصرارنا على توضيح الحقائق ساهم في وضع الأمور في نصابها ما أدى الى الموقف اللبناني الرسمي الاجتماعي اليوم القائم على القول بان هذه المناطق التي توجد فيها إسرائيل هي ارض محتلة وليست ارض متنازع عليها او متحفظ عليها. ولذلك نرى ان يكون التعامل معها وفقا لهذا المفهوم حصرا. 

اما السلبية الأخرى فتتمثل في انتهاك إسرائيل شبه اليومي للسيادة اللبنانية الجوية واستعمال الأجواء اللبنانية كحقل تدريب لطيرانها ومنصة اعتداء على سورية والادعاء وبكل وقاحة وفجور بان لها مصالح استراتيجية في الأجواء اللبنانية لا بد من الاحتفاظ بها، سلبية لا نرى علاجا لها الا في امتلاك لبنان منظومة دفاع جوي فاعلة تغلق اجوائه في وجه أي عدو، ولكن هل يجرؤ لبنان على ذلك؟ 

تبقي السلبية الثالثة وهي الممثلة بمواقف فئات لبنانية تنصاع للخارج العامل لمصلحة إسرائيل وتطالب بنزع سلاح المقاومة والزعم بعدم مشروعيته. وصحيح ان المقاومة لا تتوقف كثيرا عند ابواق مأجورة مرتهنة لمصالح اجنبية ضد المصلحة الوطنية لكن مجرد وجود مثل هذه الأصوات التي صفعتها أصوات الشعب اللبناني في صناديق الاقتراع وسفهتها، ان مجرد وجود هذه الأصوات المنكرة والجاحدة بشكل علامة سلبية في المسار الوطني.

اما الحصاد الذي نتكلم عن بدئه في لبنان فنستطيع ذكر عناوين فيه كالتالي:
1) إرساء معادلة الردع الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي وهي معادلة حققت الامن والاستقرار للبنان عامة وللجنوب خاصة.

2) حماية لبنان من الإرهاب ومنع تسلله اليه وإبقاء لبنان بمنأى عن نيران الحرب الكونية التي استهدفت سورية والمنطقة.

3) نجاح المقاومة في لبنان في تحقيق فوز من دعمت لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يتمسك بالثوابت الصريحة الواضحة التي ترى في المقاومة عنصر قوة للبنان لا يستغنى عته ويرى ان أفضل استراتيجية دفاعية ملائمة للبنان هي استراتيجية الشعب المقاوم. 

4) نجاح المقاومة وحلفاؤها في اعتماد قانون انتخاب على أساس النسبية، وهو رغم ما فيه ن ثغرات وشوائب أدى الى كسر الاصطفاف الذي حصل بعد اغتيال رفيق الحريري وأدى الى استباحة لبنان للتدخل الأجنبي.

5) نجاح المقاومة وحلفاؤها في الانتخابات النيابية في حصد مقاعد تتعدى الأكثرية المطلقة من مجلس النواب ما يمكنها في حال المماطلة او العرقلة من قبل الفريق الاخر او تمنعه عن تسهيل العمل على تشكيل حكومة وحدة او ائتلاف وطني يتمكم من الذهاب الى حكومة أكثرية.

6) اما الإشارة البالغة الدلالة فقد كانت في الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد حيث شكل مكتب المجلس رئيسا ونائب للرئيس وأعضاء خمسة في مشهديه تظهر وضوحا عزلة الفريق المنقاد سعوديا واميركيا وعجزه عن فرض اي شيء يريده ما أدى الى غضب وانفعال ممثلي المصالح الغربية في لبنان وانشراح فريق المقاومة والمتمسكين بسلاحها وظهر جليا ان الانقلاب الدموي الاجرامي المسمى ثورة في العام 2005 انتهت مفاعيله كليا اليوم وسطرت المؤسسة الدستورية الام ورقة نعي العدوان على لبنان الذي بدأ بقتل رفيق الحريري. وبعد هذا يأتيك من يسال هل سيكون للمقاومة وجود في الحكومة الجديدة؟ طبعا انه سؤال لا يستحق النظر إذا متى كان المنتصر ينتظر إرادة المهزوم ليقرر له؟      
                     

https://taghribnews.com/vdcauuneu49neo1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز