تاريخ النشر2018 16 July ساعة 06:56
رقم : 343331

بين صلح الحديبيّة والصّلح مع الكيان الصّهيوني

تنا
يحاول البعض، عن قصد في كثير من الأحيان، طرح مسألة الصّلح مع الكيان الصّهيونيّ من باب الاستناد إلى التّاريخ الدّيني للمسلمين، باعتبار أنّ النبيّ(ص) أقام الصّلح مع المشركين في الجزيرة العربيّة من خلال صلح الحديبية، فلماذا لا نقتدي بالرّسول ونقيم الصّلح مع إسرائيل اليوم، لتنتهي مسألة الصّراع؟
بين صلح الحديبيّة والصّلح مع الكيان الصّهيوني
 المرجع الفقيد السيد محمد حسين فضل الله
عن هذه المسألة، يجيب سماحة العلّامة الفقيد السيّد محمّد حسين فضل الله بالقول:
"هناك مسألة يحاول البعض أن يثيرها دائماً كلّما تحدث الناس عن الصلح مع الكيان الصهيوني، ليحدّثوك عن صلح الحديبية، وأنّ النبيّ(ص) صالح المشركين، فتعالوا لنصالح إسرائيل، وأن النبيّ(ص) عاهد اليهود في المدينة، فتعالوا لندخل في المعاهدة مع اليهود، وأنّ الإمام الحسن(ع) صالح أيضاً معاوية، فتعالوا لندخل في الصلح مع (الكيان الصهيوني)... هذا العنوان أو هذا الشّعار يرفعه كلّ الذين يلهثون وراء الانفتاح على هذا العدوّ، لأنهم يحملون الشّعار من دون أن يدقّقوا في كلّ مفردات هذا الشعار.

لقد صالح النبيّ(ص) المشركين في صلح الحديبية، لأنه كان يخطّط لفتح مكّة، فكان صلحاً وقائياً تكتيكياً كما نقول هذه الأيّام، يدخل في حركة الاستراتيجية، وكان عهده مع اليهود في المدينة من أجل أنّه كان يريد للمدينة في بداية عهد الدّعوة، أن لا تعيش حالة صراع داخلي يمكن أن يدمّر حركة الإسلام وهو في بدايته، ولذلك، عندما خان اليهود العهود والمواثيق، حاربهم، كما في حربه (بني قينقاع) و(بني النضير) و(بني قريظة) إلى خيبر.

أما صلح الإمام الحسن(ع)، فهو صلح من خلال طبيعة الواقع الإسلاميّ الذي كانت الحرب فيه لا تؤدّي إلى أية نتيجة إيجابيّة لأية قضية في تلك المرحلة، بل ربما كانت تؤدّي إلى مزيد من النزف الإسلامي الذي تسقط فيه العناصر الطيّبة كلّها والمعارضة كلّها، من دون أية نتيجة حاضرة أو مستقبلة، لأنّ الواقع كان واقعاً متعباً، لا يمكن أن يحقّق أية نتيجة في المستقبل، وكانت المسألة مسألة جيشين يتحاربان. ولذلك، فإن الناس سوف لا ينفتحون على معنى المظلومية في هذا الجانب أو ذاك". [من ندوة السبت، بتاريخ/ 6-6-1998].

أمّا اليوم، فطبيعة المرحلة تختلف تماماً، فإذا كان العرب في عهد الرّسول موجودين في الجزيرة وهم أبناء الأرض، وقد صالحهم الرّسول(ص) لما في ذلك من مصلحة الإسلام، فإنّ الصهاينة اليوم اغتصبوا أرض المسلمين، ووضعوا أيديهم على مقدَّساتهم، وهجّروا أبناء فلسطين بالملايين، وأساؤوا إلى العرب والمسلمين جميعاً، وليس من مصلحة المسلمين أن يرضوا بظلم شعب بكامله، وإحلال شعب آخر مكانه، ولا من حقّهم أن يقبلوا بمثل هذا الاغتصاب للأرض والمقدّسات تحت عنوان الصّلح، وكلّنا يشاهد بأمّ العين الغطرسة الصّهيونيّة، وسعيها الدّائم للتوسّع على حساب المسلمين، وعلى حساب وجودهم وقوّتهم.

وإذا ما أراد اليهود الصّلح، فليعيدوا الأرض إلى أصحابها، على أن يبقى يهود فلسطين فيها، أمَّا أن يبقى الفلسطينيّون مطرودين من أرضهم، والإسرائيليّون يحتلّون الأرض، فلا صلح ولا اعتراف.
https://taghribnews.com/vdcgww9wqak9tw4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز