تاريخ النشر2018 19 May ساعة 11:41
رقم : 331737

​الإنجازات التي حققها السيد الشهيد محمد باقر الصدر

تنا
الإنجازات التي حققها السيد الشهيد محمد باقر الصدر لم تكن على مستوى العراق والدول العربية ودول العالم فحسب ، وانما شملت التحديات في الجوانب الفكرية والعقائدية الدينية والسياسية والاقتصادية والفلسفية والاجتماعية والاستقرائية والمالية والتاريخية وغيرها من الجوانب التي تصدى لها لحاجة العالم لمثل هذه الافكار والنظريات والمشاريع وباسلوب علمي رصين.
الشهيد السيد محمد باقر الصدر
الشهيد السيد محمد باقر الصدر
بقلم د . وليد الحلي
وفِي داخل العراق، تصدى السيد الشهيد الصدر على تحريم حزب البعث، والتصدي لاسقاط هذا النظام على المستوى الفكري والثقافي والسياسي ، وعمل على تأسيس حزب الدعوة الاسلامية في عام 1957 مع اخوانه الدعاة، واشترك مع كبار مراجع الدين وعلمائها في تأسيس جماعة العلماء عام 1958، وقام بوضع اطروحة جديدة لاعداد طلبة العلوم الدينية في الحوزات العلمية، ووضع اسس مشروع لجمع كل المرجعيات الدينية في العالم لتأسيس المرجعية الدينية الموضوعية الرشيدة والصالحة، وغيرها من المشاريع الجديدة التي طرحها.

بداية التحدي :
كانت البداية في الأيام الأولى من خمسينيات القرن الماضي التي عاشها السيد محمد باقر الصدر حينما بدأ التفكير وهو في سن الشباب المبكر بوضع خطة للتحدي شرع بعدها بكسر حاجز الجمود وهاجس الخوف من العمل السّياسي الاسلامي .

فانتفض على العديد من العادات والصيغ السائدة في ذلك الوقت. فكان يجتمع بالكثير من علماء الدين وطلبة العلوم الدينية لمناقشتهم واقناعهم بضرورة التحرك السياسي الإسلامي وتغيير حال الأمة منبها على اهمية التصدي وعلى اعلى المستويات للتهديدات التي تحيط بالأمة الاسلامية من الجوانب العقائدية والسياسية والفكرية.

وعد ذلك ضرورة شرعية وحاجة ميدانية ملحة للتغيير في المجتمع ومطلبا مهما لمواكبة التطور الحاصل في اساليب التنظيم التربوي التغييري في عدد من دول العالم .

التصدي الحركي :
نشط السيد الصدر في الحث على الانتماء لحزب الدعوة الإسلامية في الجامعات العراقية وفي مختلف الاوساط الطلابية والمهنية والعشائرية. وبالنظر لطبيعة النشاط الواسع الذي قام به تعرض لحملة مضادة خاصة من بعض المؤسسات الدينية والاجتماعية في النجف الاشرف وبقية المدن المقدسة.

بدأت الحملة ضد السيد الصدر تأخذ أبعادا أخرى أشد قسوة عندما تسلط حزب البعث على السلطةبالعراق عام 1968، ولكن ذلك لم يثن السيد الصدر من الاستمرار في نهجه التغييري رغم الظروفالقاهرة والتصفيات الجسدية التي طالت معظم طلبته في الحوزة العلمية.

جند السيد الصدر اتباعه للبدء بعدة مشاريع تغييرية لاحداث التغيير المنشود في اوساط الأمة واستخدم سياسة التدرج في طرح متبنياته، وعلى عدة مستويات ومن ضمنها مشروع لتطوير الحوزة العلمية ومشروع لتطوير العمل السياسي للجمهور ومشروع مستقبلي لقيادة العمل .

وتميز السيد الصدر بأنه قاد المشاريع ونظّر لها فكريا، ووضع اٌسسَ التحرك فيها، ومارس التنفيذ بنفسه من دون كلل او ملل او خوف او تباطؤ حيث كان جريئا في طرحه لا يخاف لومة لائم لأنه كان يعلم انه يسلك طريق الحق .

وعلى الرغم من وجود العديد ممن تصدوا لمثل تلك المشاريع في التأريخ ، إلا اننا قلما نجد مثيلا لمشاريعه التي امتازت بسعة تحّركه وتنوعه وبلوغه العلمي في الكثير من المعارف إضافة إلى انتهاء حياته بالشهادة في سبيل الله ومن اجل الوطن وعلى يد أعتى نظام دكتاتوري دموي عرفه التاريخ الحديث.

كان السيد الصدر مرجعا دينيا ومفكرا اسلاميا وفيلسوفا ومؤسسا وقائدا لحزب الدعوة الاسلامية ومرشدا لحركات أخرى وكان منفتحا على الحركات السياسية إضافة إلى كونه كان قائدا للثورة على نظام حزب البعث في كل المجالات الجهادية والفكرية والسياسية.

ومن مشاريعه ما يأتي :
أولا : تأسيس حزب الدعوة الاسلامية

أسس السيد محمد باقر الصّدر مع مجموعة من علماء الدّين والرّساليين حزب الدّعوة الإسلامية في 17 ربيع الاول 1377 ه (12/ 10/ 1957) و كان عمره 24 عاماً، ووصف السيد الشّهيد العمل الحزبي في الدعوة كما نشر في نشرة داخلية للحزب بما يأتي: (إن اسم "الدّعوة الإسلامية هو الاسم الطّبيعي لعملنا والتعبير الشّرعي عن واجبنا في دعوة الناس إلى الإسلام ولا مانع ان نعبر عن أنفسنا بالحزب والحركة والتنظيم، فنحن حزب الله، وأنصار الله، وأنصار الإسلام ونحن حركة في المجتمع وتنظيم في العمل، وفي كل الحالات نحن دعاة إلى الإسلام وعملنا دعوة إلى الاسلام. والشّكل التنظيمي الّذي اخترناه في دعوتنا، هو تطوير للشكل الشّائع في التنظيمات المعاصرة مع ملاحظة ما تقتضيه مصلحة الدّعوة إلى الاسلام. وسبب اختيارنا له يعود إلى مشروعيته اولاً، وفائدته ثانياً (نشرة داخلية لحزب الدّعوة الإسلامية). وفي نشرات اخرى وصف السّيد الصدر أسلوب عمل الدّعوة بأنه تغييري لأن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه المبين: (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

ظل السيد الصدر
قائدا لحزب الدعوة الإسلامية منذ تأسيسه عام 1957 إلى عام 1962، حيث استبدل علاقته التنظيمية بقيادة الحزب ليكون مرشدا لحزب الدعوة الاسلامية ولم يترك علاقته بحزب الدعوة الاسلامية الى اخر يوم من حياته .

ومن وفائه الذي اشتهر به للدعوة والدعاة انه آثر الشهادة في سبيل الله ولقاء الله مخضبا بدمه الطاهر على ان يكتب فتوى ضد حزب الدعوة الاسلامية بعد ان خُير بين نعيم الدنيا ودعم الطاغية صدام له أو الموت إعداما في حالة عدم الاستجابة لواحدة من مطالب صدام فاختار الشهادة (كان ذلك عبر وسيط عضو في حزب البعث وهو عالم لبناني حيث طرح على السيد الصدر بعد رفضه شروط صدام السابقة الموافقة على واحد فقط من الشروط الثلاثة ليتخلص من الاعدام ويكون مقربا لصدام، والشروط هي :

1 – فتوى حرمة الانتماء لحزب الدعوة الاسلامية .
2 – فتوى جواز الانتماء لحزب البعث .
3 – برقية ضد الجمهورية الاسلامية .

تحدى السيد الصدر حزب البعث وفكره ونظامه تحديا فكريا وسياسيا وجهاديا، محذرا أزلام البعث بالقول " دمي يكلفكم نظامكم " فكانت شهادته في 9 نيسان عام 1980 وسقط البعث وطاغيته في 9 نيسان 2003.

تنبأ السيد الشهيد بسقوط الطغاة عندما قال "الجماهير اقوى من الطغاة وقد تصبر ولكنها لن تستسلم " فسقط الطغاة عندما انتفضت الجماهير التي تبقى هي الأقوى والتي لم تستسلم لهم ( كما وصفها ).

لم يؤلف السيد الشهيد الصدر الكتب بهدف التأليف فحسب وإنما ألفها وكتب المقالات وأعلن النداءات لمعرفته بحاجة الأمة لهذا الفكر وتلك المواقف .

فكان يكتب دفاعا عن الإسلام وعن القيم والمبادئ، يكتب للإنسانية، وينظّر للتصدي ضد الطغاة ويتحدى الأشرار لم يخف التهديد والإرهاب وكان مصمما على الشهادة فنالها .

ثانيا : تأسيس جماعة العلماء في النجف :
تمكن السيد الصّدر من إقناع خاله آية الله الشّيخ مرتضى آل ياسين ليقوم بطرح مشروع تأسيس جماعة العلماء عام 1958 (أو 1959) على المرجع الدّيني الراحل الإمام السّيد محسن الحكيم ومجموعة من المراجع وعلماء الدّين، رحمهم الله برحمته الواسعة.

وقد تشكلت الجماعة فعلاً، واختارت المرجع الأعلى السّيد محسن الحكيم مشرفاً لها، وآية الله الشّيخ مرتضى آل ياسين معتمداً لها وحجة الإسلام والمسلمين السّيد محمد تقي بحر العلوم ممثل اللجنة التنفيذية.

ولم يكن السيد الصّدر عضواً في الجماعة لصغر سنه (25 عاما)، ولكنه كان لولب حركتها واعتمد على قيادات حزب الدّعوة الاسلامية وكوادره في انجاح التجربة وديمومتها لبعض الوقت.

ومارس الشّهيد مهمة كتابة المنشورات الصّادرة من الجماعة والّتي بدورها تذاع في الرّاديو وتوزع على المدن والقرى عبر الوكلاء وزوار المدن المقدسة كما كان يقوم بكتابة افتتاحية مجلة الاضواء (رسالتنا)، والقيام بأعمال عديدة أخرى.
وكان تأسيس مثل هذا التنظيم المتقدم على طريقة الطرح السائد انذاك في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف هو أمر مهم جدا، لم تتعود عليه الاوساط العلمية في المدن المقدسة.

ولذلك تعرضت الجماعة لعدة حملات مضادة، وكان الشّهيد المدافع والمحامي الميداني للجماعة، ولو قدّر لمثل هذه الجماعة استمرارية العمل لتغيرت الكثير من الأحداث السّياسية في العراق.

ثالثا : أطروحة المرجعية الموضوعية الصّالحة والرّشيدة :
قدم السيد الصدر أطروحة المرجعية الموضوعية بهدف تحويل العمل المرجعي الى مؤسسة تستفيد من تجارب المرجعيات السّابقة كما شرح ذلك احد ابرز تلاميذ السيد الصدر وهو آية الله السيد كاظم الحائري في كتابه (مباحث الأصول) الذي وصف اطروحة المرجعية بانها " تتطلب وجود قاعدة قد آمنت بشكل وآخر بهذه الأهداف في داخل الحوزة وفي الامة، واعدادها فكرياً وروحياً للمساهمة في خدمة الاسلام، وبناء المرجعية الصّالحة ".

ولتحقيق الاسلوب الجديد في تطوير المرجعية وواقعها العملي فقد كتب السيد الصدر أسس بنائها وفقا لما يأتي :
1 – : إيجاد جهاز عملي تخطيطي وتنفيذي يقوم على أساس الكفاءة والتخصص، وتقسيم العمل، واستيعاب كل مجالات العمل المرجعي الرّشيد في ضوء الاهداف المحددة. ويقوم هذا الجهاز بالعمل بدلاً من الحاشية الّتي تعبر عن جهاز عفوي مرتجل يتكون من أشخاص جمعتهم الصّدف والظّروف الطّبيعية لتغطية الحاجات الآنية بذهنية تجزيئية، وبدون أهداف محددة واضحة، ويشتمل هذا الجهاز على لجان متعددة، تتكامل وتنمو بالتدريج الى ان تستوعب كل امكانات العمل المرجعي.

2 -: إيجاد امتداد أُفقي حقيقي للمرجعية يجعل منها محوراً قوياً، تنصب فيه قوى كل ممثلي المرجعية والمنتسبين إليها في العالم.

3 – : امتداد زمني للمرجعية الصّالحة لا تتسع له حياة الفرد الواحد. فلابد من ضمان نسبي لتلك المرجعية في الإنسان الصّالح المؤمن بأهداف المرجعية الصّالحة، لئلا ينتكس العمل بانتقال المرجعية الى من لا يؤمن بأهدافها الواعية..

ويؤكد السيد الصدر في أطروحته، استمرار العمل المرجعي من خلال مؤسسة المرجعية وليس من خلال المرجع نفسه. فواقع الحوزة هو انّه اذا مات المرجع الدّيني، تعطل جهازه المرجعي، اما اذا مات المرجع وهو ضمن المؤسسة المرجعية، فان الجهاز المرجعي، يقوم بدوره من دون توقف لحين ترشيح المرجع الجديد.

 
https://taghribnews.com/vdcdsf0s5yt0s56.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز