تاريخ النشر2011 12 January ساعة 16:56
رقم : 36566

سر‘‘الفزعة‘‘ الغربية لمسيحيي الشرق

بقلم: أحمد الشوابكة
لا زال هذا الغرب المخادع بمختلف كياناته ومكوّناته السياسية والاقتصادية والإعلامية والدينيّة يمارس ضد الشرق أبشع أنواع العنف والإرهاب المسلّح دون مبررٍ أو سببٍ، سوى نزعة السيطرة والاستئثار مدعومة بمعينٍ لا ينضب من الحقد والكراهية والتعصّب والتطرّف الديني والعرقي.
سر‘‘الفزعة‘‘ الغربية لمسيحيي الشرق

وكالة أنباء التقریب (تنا)

لم يتوقف العنف والارهاب في العالم منذ أن دبّ ابن آدم على هذه الأرض، إلاّ أن أكثره وأشمله وأشدّه وأخطره ما وجهه الغرب أوروبياً وأمريكياً ويهودياً تجاه الشرق وأهله، وهو مستمر منذ بداية العصور الوسطى حتى هذه اللحظة ومرشّح للاستمرار بأساليب وأشكال مختلفة، لكن المضامين ذاتها. 

وقامت على هذه الارهاب المتواصل دول ومؤسسات وشعوب دون رادع من دين أو ضمير أو إنسانيّة، مستغلّة ما لديها من عناصر القوّة المادية وضعف في الشرق، ومستبيحة خلالها الإنسان والأرض والعمران والمبادئ والقيم والأفكار، لم يفرّقوا خلالها بين مسلم ومسيحي ما دام الكل شرقيا، بدليل ما قامت به الحملة الصليبية التي استهدفت عاصمة الدولة البيزنطية (القسطنطينية) فهدموا بنيانها ونهبوا ثرواتها ونكّلوا بأهلها. 

ولا زال هذا الغرب المخادع بمختلف كياناته ومكوّناته السياسية والاقتصادية والإعلامية والدينيّة يمارس ضد الشرق أبشع أنواع العنف والإرهاب المسلّح دون مبررٍ أو سببٍ، سوى نزعة السيطرة والاستئثار مدعومة بمعينٍ لا ينضب من الحقد والكراهية والتعصّب والتطرّف الديني والعرقي. وإلاّ فما هي جريرة بلد كالعراق تشنّ عليه حملة صليبية تتزعمها أمريكا مع إطلالة القرن الواحد
والعشرين، تحتل أرضه وتفتك بشعبه وتغتال رئيسه وتنهب ثروته وتسلب مكتسباته وتفكّك مؤسساته، والعالم كله بين مشارك أو راضٍ أو متفرّج. ثم ما هي الجريمة التي اقترفها شعب آمن في افغانستان يعاني ظروفا معيشيةً غاية في الصعوبة، وبدلاً من أن تمتدّ إليه يد إنسانية حانية تخفّف معاناته، توجّه إليه حملة صليبية تتزعمها أمريكا وتنضوي تحت لوائها جيوشٌ من مختلف دول القارة الأوروبية تدمره وتعيده إلى العصور الحجرية. 

وقبل ذلك كله وخلاله تقوم ربيبة أمريكا والغرب الدولة المارقة واللقيط غير الشرعي، بدور السمسار لهم في الشرق بإشعال الحرائق وافتعال الأزمات وصنع المبررات وفبركة المؤمرات من خلال أجهزتها الاستخبارية وشبكة عملائها المنتشرين فوق كل أرض وعلى كل صعيد وبتغطية غربية شاملة، إما في ظل احتلالاتهم أو من خلال سفاراتهم وشركاتهم وبصرف جوازات السفر لعملائهم يجوسون خلال ديار المسلمين يختطفون ويغتالون ويفجّرون في كل زاوية وفوق كل مكان وهم محصّنون في أية مساءلة ومتابعة. 

ثم يأتي بعد أي تفجير هنا أو هناك موجّه نحو كنيسة أو تجمّع، من يرفع عقيرته بالتهديد والوعيد والتباكي على مسيحيي الشرق ومصيرهم من أمثال بابا الفاتيكان والاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية، ورئيس فرنسا الذي يصف ما حدث في الاسكندرية بأنه (مخطط شرّير وتصفية دينية وتطهير ديني) فما الذي يمكن أن يوصف به ما فعلته فرنسا في الجزائر بعد استشهاد مليون جزائري على أيدي قواتها، وماذا نقول عن الملايين الذين استشهدوا في ديار المسلمين على أيدي حملات الصليبيين قديماً وحديثاً. وإذا ما تواصلت التحقيقات وكشفت الوثائق والبيانات، وكان عند الجهات المحقّقة الجرأة والقدرة والصلاحيات
في تحديد العقل المفكّر والمخطط والمدبّر، ولم يستسهلوا الأمر بالتفتيش عن هويّة المنفّذ، حيث لا أهمية لليد المنفّذة، فهذه يمكن توفيرها في أي وقت وبأي ثمن، فالمرتزقة من كل الأجناس والأديان جاهزون إذا ما توفّر الثمن. وليسوا هم الخطر، فالخطر الحقيقي يكمن في المخطّط والمدبّر وصاحب المصلحة الحقيقيّة وصاحب الخبرة والأسبقيات التي لا تحصى ولا تعدّ وصاحب التاريخ الأسود والحافل بكل أشكال الإفساد والتخريب والقتل والتدمير، وصاحب مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) الذي يستبيح فعل كل شيء في سبيل الوصول إلى أي شيء. 

نتمنّى أن تكشف جهة ما سواء في مصر أو العراق أو لبنان أو حتى في أمريكا وأحداث ۱۱ سبتمبر ولو مرّة واحدة عن العقل المدبّر والمخطِّط لكل ما وقع ويقع من جرائم تستهدف المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء، لنرى مدى جدّية تلك الجهات الغربيّة في إنفاذ تهديداتها، أم إنها ستبلع هذه التهديدات وتغمض عينها إذا ما تبيّن أن ربيبتها المدلّلة وراء هذه الأفعال وهي وراءها يقيناً. 

إلى متى يبقى الغرب يلعب لعبته القذرة وفعلته المشينة والخسيسة وهو يتبادل الأدوار ويتقاسم المصالح مع دولة الكيان وداء السرطان في العبث بمقدرات العالم والعرب منه بوجه الخصوص، مستغلين حالة الشلل وضعف الإرادة وفقدان الوعي لهذا العالم.
إن مسيحي الشرق بألف خير، وهم أبناء هذا الشرق منذ آلاف السنين يقتسمون مع إخوانهم مسلمي الشرق الجغرافيا والتاريخ والهمّ والمصير، ولا يعانون إلاّ مما يعاني منه إخوانهم ومواطنوهم المسلمون ممّا جرّته عليهم سياسات الغرب الغاشمة والمستكبرة، ويا ليت مسلمي الغرب ينعمون بجزء يسير مما ينعم به إخوانهم مسيحيو الشرق من حقوق دينية ومدنية. 


https://taghribnews.com/vdch-mnx.23n--dt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز