تاريخ النشر2010 8 November ساعة 16:40
رقم : 30628

حرب الأعوام المئة

بقلم: أحمد نوفل
الذين يحذروننا من المشروع الشيعي غير صادقين، سواء منهم من تبنى تديناً منغلقاً متحالفاً مع علمانية عربية منفلتة منطلقة من عقال كل القيم والعروبة والوطنية
حرب الأعوام المئة
وكالة أنباء التقریب (تنا)
قال المجرم الصهيوني هنري كيسينجر، وهو أحد أعمدة الحكومة الخفية التي تحكم العالم، إن لم يكن أهمهم جميعاً، قال: لقد أشعلنا حرب المئة عام بين الشيعة والسنة. (قد مضى منها ثلاثون!)إن الحكومة الخفية تقوم على إشعال الفتن وإيقاد نار الحروب، حتى "يتفانى" المتخلفون في حروبهم العبثية وتنهك قواهم، فتفترسهم وحوش الغابة بأقل جهد وبأيسر التكاليف. 

أرأيت مجموعة وعول تتناطح بقسوة فيما بينها، وفي وسط الأعشاب أسد رابض ينتظر المعركة عم تسفر لينقض هو بدوره على إحدى الفرائس. إن أصحاب المكر الذي تزول منه الجبال قادرون أن يتقنوا اللعبة والمؤثرات والمهيجات، ويخلقوا التوترات التي تجعل شرارة واحدة كفيلة بإشعال حريق ضخم لا يمكن السيطرة عليه أو إيقافه. 

أما رأيت زلزال مقتل الحريري كيف أخرج سوريا من لبنان
وزرع عداوة امتدت سنين، ورفع شعارات ضدية وطائفية وقطرية من مثل: "ما بيرجعوا والسما زرقا" وغيره من مثل: "فلّوا.." وغيره. ثم عُقدتْ للتحقيق في مقتل الحريري محكمة دولية، والصهيونية سيدة اللعب بالمؤسسات الدولية، تفعّلها متى تشاء، وتعطلها متى تشاء. و"إسرائيل" قتلت الحريري، يقيناً، فهي التي كانت تهدد سوريا بزلزال قادم سيخرجكم من لبنان، ولم يخطر ببال أحد ما كان.. حتى كان. فلما كان انصرف الجهد لتشويش الأذهان، وصرف الأنظار إلى غير الفاعل الحقيقي واستثمار الحدث وتوظيفه. 

والآن بعد ست سنوات من اتهام سوريا، وتحقيق النتائج المرجوة إسرائيلياً، الآن حولت بوصلة الاتهام باتجاه حزب الله. وأمريكا تصرح: المحكمة مستمرة، ولو أدت إلى حرب أهلية في لبنان! طبعاً هذا هو الحرص على العدالة فلا تذهبوا بعيداً. وبدأت المحكمة العتيدة (العاملة عند الصهيونية) بدأت تتدخل في شؤون لبنان، وتبحث في ملفات كل من درس في بيروت منذ سنة ۲۰۰۳ من خارج لبنان. وكما سمعتم من نصر الله، فهي تبحث في ملفات المرضى حتى مريضات طبيبات النسائية. 

والآن
عندما قال نصر الله لا تتعاونوا مع هؤلاء فإنهم يريدون إذلالنا قامت قائمة "تيار المستقبل" الذين شربوا حليب السباع الأمريكي الذي يهدى ولا يباع، وقالوا: هذا تعويق للعدالة ولن يسمح به تيار المستقبل "وقوى" ۱۴ آذار! 

فالتصعيد مع حزب الله واضح ويهدف الى استفزازه لإخراجه عن طوره.
وأما تسخين الأجواء مع إيران وتوتيرها بحيث يبدو الصراع معها بل دخول حرب طويلة مفتوحة معها أمراً لا مفر منه ولا محيد عنه. 

أيها الناس. قولوا في إيران ما شئتم، وقولوا في مذهبهم ما شئتم، قولوا في كل ذلك ما شئتم ولكن الذي لا نقبله بحال أن يجري جرنا من "الأرسان" لنخوض الحرب ضد إيران نيابة عن "إسرائيل" والأمريكان!
هذا فن توظيف الغوييم (البهايم) لخوض معركة شعب الله المختار! هذا فن إنهاك الوعول أو الثيران أو التيوس لافتراسها وعلاً بعد وعل وثوراً بعد ثور! 

الذين يحذروننا من المشروع الشيعي غير صادقين، سواء منهم من تبنى تديناً منغلقاً متحالفاً مع علمانية عربية منفلتة منطلقة من عقال كل القيم والعروبة والوطنية. أما كيف؟
فلا تسأل! 

أقول: هؤلاء جميعاً غير صادقين، ولا جادين في الحذر من هذا المشروع. فأولاً التدين المنغلق أقصر الطرق لنشر كل المذاهب من علمانية أو شيوعية أو شيعية أو خلافه.

إن أفعل الطرق لوقف المد المذكور أن نكون أقوياء في اعتقادنا وفي تعليمنا وفي مجتمعنا. إن مجتمعاً ضعيفاً هو فريسة لكل الأوبئة ولكل الطامعين من الإقليم أو من أي مكان في العالم.
فالحل ليس بخوض صراع إقليمي يزيد جميع من في الإقليم ضعفاً على ضعف، لا وإنما إصلاح الأجواء والأوضاع وإشاعة ثقافة التعايش، هذا أقصر الطرق لقوتنا ودحر مطامع الطامعين ووقف مشاريعهم وإحباط آمالهم في التمدد. 

أعتقد أن المقصود أن تكون المعالجة سياسية (غربية) أمنية عسكرية، لا ثقافية فكرية تحصن الأمة والجمهور من كل الأفكار والشرور!! هل من أحد يشرح لنا هذا اللغز! ويفهمنا هذه المعادلة أو المعضلة؟ نعلم أن مصالح أمريكا مرتبطة بإشاعة تدين مذهبي منحرف. هذا صحيح. لكن الخطير كذلك جر المنطقة إلى حروب تلد أخرى، حتى لا يبقى لأحد في المنطقة قوة. ثم لم التركيز على خطر التشيع فحسب، والتنصير جار على قدم وساق؟ أما رأيتم ما صنعت الكنيسة في جنوب السودان؟ لم لا يذكر الخطر الصهيوني بحال؟ لم لا يشار إشارة إلى تهديد هؤلاء المجرمين للأقصى؟ لم تجاهل
الحصار بالجدار؟ لم تجاهل نوايا التهجير من خلال الإصرار على يهودية الدولة؟ أليست هذه كلها أخطاراً ماحقة يجري تغافلها، ويجري تضخيم خطر واحد؟ 

الحرص لا يتجزأ ومصالح الأمم لا تتجزأ. فإن كنتم غيارى، وهو ما لا نعتقده، فلتكن غيرتكم شاملة. أما أن يُفقد الإحساس في مجال ويضاعف الإحساس ويرهف في موقع آخر، فإن ثمة في المسألة لغزاً أو لغماً!
والمطلوب من الأنظمة التي تتولى التصعيد والتوتير والتحشيد والتجييش والتجنيد، ولم تفعل يوماً مثل ذلك لفلسطين، وهي أقدس قضايا المسلمين، والعدو فيها أخطر أعداء المسلمين، المطلوب منهم ألا يزجوا بالدين في الصراع. ولا يستنجدوا بالعلماء الذين همشوهم طيلة الوقت أو زجوا ببعضهم في السجون، والآن يتم استدعاؤهم على عجل لفتوى التحشيد ضد إيران. والعجيب أن نفراً من هؤلاء يستجيب. غريب! 

وترفع شعارات: الشيعة أولاً. أي القضاء عليهم قبل إسرائيل. أو نصر الله أخطر من باراك. وهذا كله صرف للأنظار عن العدو المتربص الفتاك،
إلى عدو متخلف مثلنا، وإنما يتمدد في حالة فسادنا وضعفنا وهذا ما تحرصون عليه أنتم! 

ومطلب ثان نرفعه إلى من يحشّدوننا ويجيّشوننا ويهيجوننا، لا تنفقوا أموالكم في غير محلها وفي غير معركتها، حرام أن يصرف مليم إلا في حرب الشعب اللئيم! إن وجود الجوعى والمرضى والفقراء هو الذي يشكل جيوب التنصير أو الاستغلال للتجسس لصالح "إسرائيل" أو التشيع على رأي من يحذروننا من كثرة من تشيعوا، وأشك في الحكاية من أصلها. وإذا كنتم تريدون مقاومة المد الذي لا تريدونه أن يمتد فقاوموا جيوب الفقر التي خلفها وخلقها النهب المنظم والخصخصة المجرمة لمقدرات الأمة، وتدمير ثروة البلاد!
 
ومطلب ثالث: لم نعرفكم يوماً إلا متدابرين، فلماذا في الحروب الأهلية سرعان ما تجتمع كلمتكم. إن حشد العرب لضرب العراق تم بسرعة البرق، وإسعاف غزة كان يجري تعويق مجرد جمع قمته فالمطلوب أن تظلوا على سيرتكم من التفرق في أوان حروب داحس والغبراء. 

هذا التحشيد ضد من يفترض التعايش معه، والتعايش مع من يفترض التحشيد ضده، قلب للمعادلة، وأمر مشبوه، ينبغي رفضه، ورفع الصوت ضده قبل أن تجر المنطقة إلى صراع لا يبقي ولا يذر وليس لنا فيه ناقة ولا جمل!
https://taghribnews.com/vdcaaine.49nwu1kzk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز