تاريخ النشر2017 6 June ساعة 13:38
رقم : 270558

​لماذا ثار الخميني (ره) ضد النظام الملكي

تنا - خاص
الامام الخميني (ره) عندما بدء ثورته ضد نظام الشاه البائد كان يهدف تغير ثلاث منظومات لنظام الحكم الملكي الذي كان عميلا للولايات المتحدة الامريكية : النظام السياسي والنظام الاقتصادي والتوجه الثقافي والديني للنظام الملكي .
​لماذا ثار الخميني (ره) ضد النظام الملكي
بقلم : محمد ابراهيم رياضي
ولكن قبل الخوض في هذه المحاور الثلاثة يجب ان نشير هنا الى حقيقة قليلا ما تطرق اليه المتابعون ولربما غفلت عن انظارهم وهي ان امريكا ومن خلال تقارير سفارتها في طهران اطمأنت الى حد كبير بانه لا وجود لمعارضة يسارية او ليبرالية او قومية وخاصة اسلامية في ايران تهدد نظام الشاه "بهلوي" ، فقد استطاع هذا النظام ، حسب تحليل التقارير الامريكية ، ان يخمد ويقضي على اهم حركات المعارضة التي كانت تتمثل بالجماعات الاسلامية كـ "فدائيان اسلام" فدائيو الاسلام والجماعات التي كانت تتبع مرجعية الامام الخميني (ره) والجماعات اليسارية كحزب "توده" الذي كان مدعوما انذاك من قبل الاتحاد السوفيتي و"مجاهدين خلق" الذين عرفوا بعد انشقاقهم من الاسلاميين وائتلافهم مع الماركسيين بـ"منافقي خلق" .

ولكن الواقع الذي غفلت عنها تقارير السفارة الامريكية هو ان المعارضة الاسلامية وخاصة المعروفة باسم المعارضة الخيمينة ظلت نارا تحت الرماد منتظرة اليوم الذي تبدأ بها الجماهير الايرانية لتعلن احيائها من جديد واوامر من زعيمها الديني للخروج على نظام غارق في العمالة للامريكي .

ولكن ما الذي جعل الخميني نزولا لرغبة شعبه ان يثور ضد اقوى نظام سياسي وعسكري في منطقة الخليج الفارسي التي كان اكثر حكامها يخافونه ويرضخون لرغباته حتى عنجهية وديكتاتورية وقساوة صدام لم تستطع ان تقاومه ، ولهذا كان يسمى بشرطي المنطقة .

قلنا ان الامام الخميني تحرك لتغيير ثلاث توجهات للنظام الملكي اوله السياسي والسبب تبعية نظام الشاه البائد للسياسة والاملاءات الامريكية في القضاي الاقليمية والدولية وحتى الداخلية في تعيين وتنصيب الوزراء ونواب البرلمان وخاصة القادة العسكريين لان الامريكان كان لهم الالاف من المستشارين العسكريين في ايران حيث كانت لهم مكانة مرموقة داخل النظام وكان يتعاملة معهم كطبقة مفضلة عن سائر طبقات المجتمع الايراني .
 
وهذه الحقيقة هي احد العوامل التي كانت تغضب الشارع الايراني على الصعيد السياسي الى جانب موضوع عمالة حكومتهم للامريكان الذي اشتهرت بها في المنطقة والعالم وفي كافة اوساط المجتمع ، حيث تحول الى عامل نفسي يشعر الايراني من خلاله بالمذلة والاهانة والاستكانة حيث صعّد من غضب الشارع الايراني ضد النظام الملكي .

الامر الاخر على الصعيد السياسي الذي اغضب الشارع الايراني وجعله يقف ضد مواقف نظامه هو موقف الشاه من القضية الفلسطينية واعترافه بالكيان المحتل قبل ان يعترف به اي بلد عربي انذاك وإفتتاح سفارة للكيان الصهيوني في طهران .

واما شعار الامام الخمینی کان عبارة عن : استقلال القرار السياسي خارج اطار املاءات المنظومتين الغربية والشرقية وتأسيس نظام جمهوري قائم على اساس اراء الشعب والشريعة الاسلامية واجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة يشارك فيه قاطبة الشعب الايراني بكل طبقاته وتوجهاته السياسية . والسبب هم ان الشعب الايراني كان بعيد عن مزاولة اي عملية سياسية يعين من خلالها رئاسة بلده وبرلمانه .  

اما على الصعيد الاقتصادي فالذي ادى الى تصاعد الغضب الجماهيري هو تحويل ايران الى سوق استهلاكية للبضائع الغربية وعدم سماحه بتطوير المنتجات الايرانية وعدم تشجيعه للمبدعين والمخترعين مما ادى الى هروب كثير من الادمغة العلمية المبدعة الى الخارج وخاصة الولايات المتحدة حيث استخدمتهم امريكا في كثير من مراكزها العلمية والتكنولوجية وحتى الفضائية .

والموضوع المهم الاخر في المجال الاقتصادي هو نوع العقود الاقتصادية مع الولايات المتحدة حيث جعلت ايران رهينة هذه العقود في المستقبل تستطيع امريكا من خلالها ان تضغط على ايران اقتصاديا اذا اقتضى الامر.
وهذا الامر بطبيعة الحال على انتعاش الاقتصاد الايراني وهو ما نشاهده اليوم مهيمنا على اقتصاديات كثير من الدول العربية والاسلامية .

امام الجانب الثقافي والديني وهو الموضوع الاهم حيث كان الشاه يحارب المفاهيم الاسلامية بصورة غير مستقيمة وعبر وسائل اعلامه المقروء والمسموع والمشهود ، كان يعمل على تحجيم ومن ثم محو الثقافة الاسلامية من المجتمع الايراني بشكل تدريجي وناعم وذكي يجعل المواطن الايراني يرغب للثقافة الغربية الاباحية وينفر من الثقافة الاسلامية .

وكان يتذرع في هذا المجال بان حضارة ايران الاصيلة هي الحضارة القديمة قبل الاسلام (الساسانيين والهخامنشيين) وان الحضارة والثقافة الاسلامية دخيلة على الثقافة الايرانية ، فبدأ بحرب ناعمة ضد الثقافة الاسلامية شرعها بتغيير التاريخ الهجري القمري بالتاريخ الشاهنشاهي حيث واجه احتجاجات واسعة من المرجعية الدينية جعلته يتراجع عن قراره هذا .

نفس هذا المنحى كانت تسلكه السلطات المصرية والتركية حيث في مصر كانت الدعوة الى العودة الى التاريخ والحضارة الاصيلة المصرية اي الحضارة الفرعونية وان اصل المصري هو قبطي .

كل هذه العوامل جعلت الامام الخميني (ره) بان يفكر بالقيام ، وطبعا حسب ارادة الشعب ، بحركة ثورية شاملة تغير النظام الملكي من جذوره على كافة المستويات ولم يكن مقتنعا بتغيير النظام السياسي فقط ، بل قدع كافة حبال التبعية للاجنبي واحياء الهوية الاسلامية للشعب الايراني الذي بدأ يبدي انزاعجه وغضبه من ترويج المظاهر الاباحية اما في وسائل الاعلام او في الشارع .

ولهذا تحدث المنظر الامريكي المعروف هنري كيسنجر ووزير الخارجية الاسبق عن الامام الخميني قائلاً:" لقد جعل آية الله الخميني، الغرب يواجه أزمة حقيقية في التخطيط، لقد كانت قراراته مدوّيةً كالرعد بحيث لا تدع مجالاً للساسة والمنظرين السياسيين لاتخاذ أي فكر أو تخطيط. لم يستط أحد التكهن بقراراه بشكل مسبق. كان يتحدث ويعمل وفقاً لمعايير أخرى، تختلف عن المعايير المعروفة في العالم، كأنه يستوحب الإلهام من مكانٍ آخر، إن معاداته للغرب نابعة من تعاليمه الإلهية، ولقد كان خالص النية في معاداته أيضاً".

وكان الامام الخميني قائد محنك وكأنه كان ملم بجميع الثورات الشعبية وتبعاتها ، ومن جملة قرارته انه  رفض في شكل مطلق دعوات إلى حلّ الجيش الإيراني وأجهزة الأمن والأطر المؤسساتية الأخرى التي كانت تعمل في عهد الشاه، كما عارض نشر قوائم العاملين في جهاز الاستخبارات (سافاك) المرعب، معتبراً ذلك ضربة للوحدة الاجتماعية والأمنية في إيران .

وساهمت قراءة الإمام الخميني للشريعة الإسلامية، والتي تختلف عن القراءة التقليدية، في جعله "رجل دولة" بعدما نجح في أن يكون "رجل ثورة" أطاح نظاماً سياسياً عسكرياً أمنياً على مقاس النظام الشاهنشاهي، إذ وافق على بنود دستورية أقرّت بالمواطنة وحقوق الإنسان والتعليم وحقوق المرأة والحريات السياسية والعمل الحزبي وصناديق الاقتراع وتبادل السلطة ومفاهيم أخرى معاصرة.

وعندما سأله السياسي المخضرم مهدي بازركان، أول رئيس وزراء بعد نظام الشاه وكان عضواً بارزاً في مجلس وضع الدستور، عن مكانة "ولاية الفقيه" في الدستور الجديد، أجابه انه لا يريد اكثر من إشراف "الفقيه العادل العارف بأمور زمانه، على تنفيذ بنود الدستور".

كما كان الإمام الخميني واضحاً في نهجه المعتدل الذي تعاطى بحزم مع ظاهرة التطرف الديني، داعياً إلى الاعتدال والوسطية، حتى في شأن عقائد دينية، وكانت دعوته الاساساية التي اصبحت فيما بعد من اولويات الجمهورية الاسلامية ، هي الوحدة الاسلامية وتجنب اثارة الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة .

 وفي السياسة الخارجية، لم يحدّ الإمام الخميني من علاقات إيران، سوى ما يتعلق بإسرائيل، إذ نادى بعلاقات طبيعية مع المحيطَين العربي والإسلامي، وحتى مع الدول الغربية . لكن الحرب التي واجهتها إيران مع العراق، دفعت حكومتها إلى تغيير مسارها، وإن حاولت التقيّد بالنهج ذاته، ما انعكس على موقفها من احتلال عراق صدام حسين دولة الكويت.
https://taghribnews.com/vdcgnz9x7ak9un4.,rra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز