تاريخ النشر2015 23 November ساعة 08:57
رقم : 212603

سبل الخروج من الأزمة السورية

تنا
كتب وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في صحيفة السفير اللبنانية:دخلت الأزمة السورية مساراً جديداً إثر التطورات الأخيرة وبعد اجتماعي فيينا (1 و2)، ولاحت لأول مرة في الأفق بوادر أمل، ولو ضعيفة، لوضع نهاية لواحدة من أكبر الكوارث البشرية في الحقبة المعاصرة..
محمد جواد ظريف
محمد جواد ظريف

بقلم : محمد جواد ظريف -  وزير الخارجية الايراني 
 
وفي إطلالة هذا المسار الجديد، يبدو من الضروري لفت النظر إلى نقاط بإعتبارها الإطار الذي تنظر من خلاله الجمهورية الاسلامية الايرانية إلى الأزمة السورية وسبل الخروج منها:

1- قامت سياسة الجمهورية الاسلامية الايرانية فيما يخص الأزمة السورية منذ بدايتها على ثلاثة مبادئ:

الأول: احترام مطالب وإرادة الشعوب في تعيين مصيرها وإدارة وتعديل أمورها بنفسها.

الثاني: معارضة التدخل الخارجي لفرض رغبات لاعبين أجانب على حكومة وشعب مستقلين.

الثالث: رفض استخدام الإرهاب كأداة لبلوغ أهداف سياسية في النزاعات الداخلية بالبلدان.

2- على أساس هذه المبادئ الثلاثة، رأت ايران دائماً بأن الأزمة السورية ليس لها حل عسكري، وان السبيل الوحيد للخروج من الوضع الراهن هو الحل السياسي المتفق عليه والقائم على الحوار السوري-السوري بين الحكومة والمعارضة المناهضة للارهاب.. وفي هذا الصعيد، لابد من وضع حد لتوهم اللاعبين بنجاح الحل العسكري من خلال عقد صفقات عسكرية هائلة وأن يدركوا بأنه لو تم صرف نسبة قليلة من النفقات الهائلة على مشتريات الأسلحة من الشركات الغربية، على التنمية الاقتصادية للبلدان والمجتمعات الاسلامية لكانت قد جفت أحد الجذور الرئيسية للإرهاب والعنف.

3- إن إطالة أمد الأزمة السورية وما يعيشه هذا البلد حالياً من أوضاع مأساوية، علاوة على الظروف
الداخلية غير المساعدة، هي من نتاج التدخل الخارجي الواسع، والسياسات التي تعتمد على العنف والتطرف والإرهاب كأدوات لتصفية الحساب مع الحكومة والشعب السوريين. وللأسف أن بعض الحكومات لا تزال ترى ان داعش وجبهة النصرة والمجموعات الإرهابية التكفيرية الأخرى أو الأشكال المختلفة والحديثة منها لا تشكل خطراً عاماً، بل تراها عنصراً يدفع بآمالها ومطالبها الإقليمية إلى الأمام. وإن ربط المحاربة الجادة والشاملة للإرهاب التكفيري بتحديد المصير السياسي لسوريا، مؤشر ومصداق لهذه الاستراتيجية الخطيرة المتبعة إقليمياً ودولياً. وفي حين كشفت المجموعات التكفيرية مرات ومرات عن تنفيذ نواياها المشؤومة وبأنها لا ترحم حتى المتحالفين السابقين والحاليين معها، فإن حماة هذه المجموعة لم يعوا هذه الحقيقة حتى الآن للأسف.

4- إن الدول التي تفتقد إلى أبسط البنى والمبادئ الديمقراطية مثل الدستور والانتخابات الحرة، تبادر بدعوى دعمها لمطالب الشعب السوري لنيل الديمقراطية إلى فرض شروط غير عملية وغير مقبولة لدى هذا الشعب، وتسببت عملياً بالحيلولة دون التوصل إلى حلول سياسية واستمرار الحرب طوال الأعوام الأربعة الماضية، وعملت على اتساع العنف والإرهاب بالمنطقة والعالم، بأمل إحراز النصر العسكري العاجل ومهدت لتفاقم الأزمة السورية واستمرارها.

5- إن رسم مسار لوضع نهاية للأزمة السورية يستدعي النظر في جذور نشأة واستمرار الأزمة. وعلى هذا الأساس، نعتقد ان أي شكل من أشكال حل الأزمة السورية يجب أن يقوم على المبادئ التالية:

الأول: إن حل الأزمة السورية يأتي فقط من خلال إرادة ورأي الشعب السوري، ولا يحق لأي من اللاعبين الأجانب التحدث باسم هذا الشعب.. فالشعب السوري شعب حر ومستقل وليس بحاجة لوصي عليه، والوصاية على الشعوب قد ولت حقبتها.

الثاني: إن الخطوة الأولى في مسار حل الأزمة تتمثل في الوقف الفوري لإطلاق النار ووضع نهاية لإراقة الدماء، والتنسيق الدولي الشامل لمكافحة الإرهاب والتطرف، وهذا سيمهد للخطوات الموازية
اللاحقة.

الثالث: إن اللاعبين الأجانب، وبدلاً من السعي للتدخل وفرض إملاءاتهم، عليهم ضمن المجابهة غير المشروطة ضد المجموعات التكفيرية الإرهابية المعروفة، مد يد المساعدة للحكومة والمعارضة السورية لتبدآن مسيرة الحوار السوري-السوري، والعمل على اتخاذ الخطوات الأولى للتوافق السياسي بهدف تحقيق المصالحة الوطنية والتحرك باتجاه الخروج من الأزمة الحالية باللجوء إلى الرأي العام السوري.

الرابع: إن جميع اللاعبين، الشركاء في مسيرة وضع نهاية للأزمة، عليهم وضع حد للسياسات العقيمة وغير الفاعلة القائمة على أساس إستغلال الإرهاب، وفرزه إلى جيد وسيئ، ويجب اعتبار كل أشكال الإرهاب منبوذة.. وعلى اللاعبين الذين أنفقوا المبالغ الطائلة وقدموا الدعم للمجموعات الإرهابية وجعلوا، بممارساتهم وسياساتهم، سوريا والمنطقة والعالم تعيش في حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، عليهم وضع نهاية لسياساتهم في هذا الصعيد.. الأولوية هنا هي الامتناع عن شراء النفط الذي يبيعه (داعش)، ووقف التحويلات المالية لهذا التنظيم الإرهابي، والحيلولة دون دخول الإرهابيين الأجانب إلى المنطقة.

6- إن المواجهة الموحدة والمنسجمة ضد الإرهاب، بموازاة التقدم في مسيرة الحوار والتوافق السياسي السوري-السوري، يمكنها أن تمهد للخروج من الوضع الحرج الحالي والبدء بوضع خاتمة لهذه المأساة الكبرى.7

7- إن مكافحة الإرهاب بصورة فاعلة وعلى الأمد الطويل، وهذا بالطبع إلى جانب ما لا يمكن تجنبه من أعمال عسكرية وأمنية ضرورية، تتطلب سبل حل شاملة وعميقة اجتماعية وثقافية واقتصادية، والتي إن لم تحظ بالعناية، فستبقى الحلول العسكرية، بل وحتى السياسية مؤقتة وغير دائمة.

8- في هذا السياق، لابد من التوقف عن حالة الإسلاموفوبيا وتوجيه الإهانة للمقدسات الإسلامية في الغرب، الأمر الذي أدى إلى تهميش ونفور المجتمعات الإسلامية.. وبنفس الوقت، من الضروري وضع نهاية للترويج للأسس الثقافية للفكر التكفيري الذي تصرف الأموال الطائلة لتسويقه إلى أرجاء العالم باسم الدين الإسلامي.

9- وعلى المدى القريب، وحتى الوصول إلى الحل السياسي، فإن الضرورة التي لا يمكن تجنبها تتمثل في سد الإحتياجات الفورية للاجئين خارج سورية والنازحين داخلها.
https://taghribnews.com/vdcdzx0xsyt0f96.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز