تاريخ النشر2015 22 October ساعة 16:09
رقم : 209475

المرأة في عاشوراء.. شريكة الثَّورة والنَّصر

تنا
من الإنصاف أيضاً، أن لا نغفل أنَّ المرأة الّتي شاركت في عاشوراء، لم يكن دورها ليقلَّ أهميّةً عن دور أصحاب الحسين، بل إنّها كانت الشَّريك الفعليّ والحقيقيّ لصنع الثّورة وانتصاراتها وتحقيق أهدافها.. من هنا يمكننا الانطلاق لفهم وجود المرأة في كربلاء..
المرأة في عاشوراء.. شريكة الثَّورة والنَّصر

سوسن غبريس

شكَّلت عاشوراء منعطفاً مهمّاً ومفصليّاً في التّاريخ الإسلاميّ، بكلّ ما حملته من أبعادٍ وأهداف، فاستشهاد الحسين(ع) لم يكن حدثاً عاديّاً ينطوي مع الزّمن، بل كان الحدث الّذي فرض معادلاتٍ جديدةً في كيفيَّة المواجهة مع الباطل، وأرسى أسساً مهمَّةً وخالدةً في عدم السّكوت عن الفساد والظّلم والحكم الجائر.. والأهمّ من كلِّ ذلك، أنَّ ثورته هدفت إلى حماية الإسلام من التَّشويه والانحراف والأخذ به إلى عالم المجهول. لقد تحوَّل الحسين إلى رمزٍ لكلِّ ثائرٍ في العالم، ولكلِّ من يريد أن يشقَّ طريقه نحو الحريّة، وأن يعيش إنسانيَّته بعيداً عن كلِّ حيفٍ وظلم.

على أنَّ من الإنصاف القول إنَّ الحسين(ع) لم يكن ليصل إلى تحقيق كامل أهدافه من ثورته، لو لم تكن معه تلك الثلَّة من الأصحاب المؤمنين الّذين وقفوا إلى جانبه، وهم يعلمون مسبقاً أنَّ الطَّريق الَّذي اختاروه هو طريق ذات الشَّوكة الّذي لن ينتهي إلا بالشَّهادة، وكانوا نعم الأصحاب وعلى قدر المسؤوليَّة.

ومن الإنصاف أيضاً، أن لا نغفل أنَّ المرأة الّتي شاركت في عاشوراء، لم يكن دورها ليقلَّ أهميّةً عن دور أصحاب الحسين، بل إنّها كانت الشَّريك الفعليّ والحقيقيّ لصنع الثّورة وانتصاراتها وتحقيق أهدافها.. من هنا يمكننا الانطلاق لفهم وجود المرأة في كربلاء..

عندما سئل الحسين(ع) عن سبب اصطحابه النِّساء معه، اختصر الإجابة بقوله: "لقد شاء الله أن يراهنَّ سبايا". ومن غير المنطقيّ أن يكون السَّبي هو الهدف الوحيد من تواجدهنّ في كربلاء وسط معركةٍ حامية الوطيس، من دون أيِّ فائدةٍ تعود على الثَّورة وأهدافها.

وهو ما ينكشف لنا سرّه، عندما نعرف أنَّ الانتقال بالنِّساء والأولاد أسارى من بلدٍ إلى بلد، كان بمثابة مواجهةٍ إعلاميّةٍ متنقِّلةٍ ضدّ إعلام السّلطة الأمويَّة الفاسدة، الّذي نجح في تشويه صورة أهل البيت(ع) والثَّورة الحسينيَّة عند الرّأي العام، وهي مواجهة استطاعت أن تصحِّح الأمور، وتصوِّب الأوضاع، وتخلق رأياً عامّاً جديداً مسانداً، ما أمَّن امتداداً ناجحاً لأهداف الثَّورة، وأسَّس لها قاعدةً مهمّةً تنطلق منها الأجيال القادمة.

ومن هنا أيضاً، يمكننا فهم الدَّور الكبير الّذي اضطلعت به زينب(ع) بشكلٍ خاصّ، كقائدةٍ لهذا الجزء الخطير من مهمَّة استكمال الثَّورة، حتّى ليمكن الاستناد إلى القول بأنّه لولا زينب لما وصلت عاشوراء إلينا.

لقد كانت زينب(ع) منذ البداية مدركةً لحجم الدَّور الّذي ستضطلع به بعد استشهاد أخيها الحسين، فعلى عاتقها تقع مهمَّة استكمال أهداف الثَّورة وحمايتها، ولم يكن قيامها بهذا الدَّور ممكناً لو لم تكن تمتلك الصِّفات القياديّة الّتي تؤهِّلها للمواجهة الكبيرة لرموز السّلطة الغاشمة، وللأخذ بعاشوراء نحو أفقها المنشود.

وهكذا انطلقت زينب(ع)، في كلِّ مجلسٍ وساحة، تطلق خطاباتها الّتي حملت تحدّياً للسّلطة، وتصويباً للبوصلة نحو الحقيقة، وتعريةً لبني أميَّة، وكشفاً لزيفهم وفسادهم، وكان لهذه الخطابات الأثر البالغ في تغيير وجهة الرّأي العام، وحماية منجزات الثَّورة من الضَّياع والاندثار.

ومن هنا، فإنَّ أيَّ كلامٍ بحقِّ زينب يظهرها بمظهر الضَّعيفة الذَّليلة الّتي لا حول لها ولا قوَّة، هو كلامٌ مجانب للحقيقة والواقع، إضافةً إلى أنّه ينتقص من هذه الشّخصيَّة المحوريّة البطلة الشّجاعة، الّتي قادت المسيرة بعد استشهاد أخيها على أكمل وجه، وأوصلت أهداف الثَّورة إلى برِّ الأمان، حتَّى كانت بحقّ، شريكة الحسين في الثَّورة وفي صنع الانتصار.
https://taghribnews.com/vdcguy9xnak9zt4.,rra.html
المصدر : بينات
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز