تاريخ النشر2010 6 July ساعة 09:29
رقم : 20315

رحل رائد الوحدة الإسلامية

كان يتحدى الممنوع، ويتجرأ على قول الحقيقة، حتى لو كان ذلك على حسابه ورصيده. أما الآخرون الذين كانوا يعارضونه، فإنهم لم يجدوا إلا في الشتيمة سلاحاً يواجهونه به
رحل رائد الوحدة الإسلامية
وكالة انباء التقريب :
عندما يحاول القلم أن يخط عبارات عن المرجع العلامة الفقيد محمد حسين فضل الله فإنه لابد أن يستحضر تاريخاً لشخصية عاشت الإسلام الصافي في حياتها كلها، لتقدمه للعالم أجمع فكراً يفيض بالحياة وعلماً يحاكي الواقع بعيداً عن كهوف الماضي وبدع الخلاف.
كان يتحدى الممنوع، ويتجرأ على قول الحقيقة، حتى لو كان ذلك على حسابه ورصيده. أما الآخرون الذين كانوا يعارضونه، فإنهم لم يجدوا إلا في الشتيمة سلاحاً يواجهونه به، بدلاً من الحجة التي تناقضها الحجة. كان دائماً يتحسر في المجالس الخاصة، التي يقول فيها ما يقوله في العلن من دون استحياء أو خجل . ومثلما كان يبحث عن الدليل لإثبات قضية، فإنه كان يرى أن النفي يحتاج إلى دليل ليتعمق في البحث. كان فضل الله يرسم طريقاً للحرية الفكرية الدينية الواعية في لبنان الذي عشقه، فلم يكن يرى لخصوصيته العاملية (نسبة إلى جبل عامل) أي فضل بعيداً عن الخصوصية اللبنانية. خصوصية الحرية، أو الرئة التي يتنفس من خلالها العالم العربي على حد تعبيره.
كان المرء في حضرة فضل الله منبهراً من العلم الذي يكتنزه هذا السيد، فإذا ما تبسم ثغره ورفع عمامته السوداء ليعيدها ثانية، كانت هامته تشتعل بياضاً يحكي صنوف الحكمة. كانت ضحكته متمايزة باستحيائها المحبب عند أي طرفة أو دعابة، وكانت الدمعة الرقيقة تنسكب على جده الحسين بن علي (عليهما السلام) بعد ذلك بدقائق حين يسمع مجلساً عاشورائياً مليئاً بالشعر البديع. كان يعيش حياته، وهو الشاعر الذي بدأ نظم القصائد في العاشرة من عمره.
في كثير من الأحيان، كان يتساءل المرء عن ماهية هذا الرجل الخارج على المسلمات، أو ما يكاد يكون شبه إجماع في ذهن العامة من الناس، لكن المفاجأة هي أن هذا الرجل كان يتلمذ جيلاً محاوراً لا يعيش عقدة عبودية الفكرة أو الأشخاص. كان يبحث عن الإنسان الذي يكسّر أصنام الجهل بالعلم والمعرفة. ولعل يقول عن تجربته: «إني أتصوّر أن حياتي التي عشتها كانت تنطلق من إحساس بالمسؤولية عن إغناء تجربتي الحياتية، ومحاولة إغناء تجربة الآخرين، وكانت مسألة الصراع الذي ينفتح بالحوار على الاختلاف الفكري، مسألة أساسية، ولذلك أستطيع أن أقول إنني بدأت الحوار مبكراً، وذلك منذ أكثر من خمسين عاماً».
لقد كان يعيش «القلق الفكري الذي يدفع إلى المعرفة. أنا أعتقد أن الذي لا يعيش القلق لا يمكن أن ينمو. عندما تعيش قلق الحياة، وقلق المستقبل، وقلق المسؤولية، وقلق الثقافة، فإنك تبدأ بالانفتاح والانطلاق والنمو. أما الإنسان الذي يستريح ويسترخي، ويشعر أن ليست هناك مشكلة ولا قضية فمن الطبيعي أنه سوف يزيد جموده جموداً».
صحيح أن فضل الله غاب جسداً إلا أنه بقي بأفكاره رائد الوحدة الإسلامية، وبقيت عشرات مؤلفاته وآلاف محاضراته تنبض كل يوم من أجل أن يحوّلها الجيل الواعي بعد فضل الله إلى فكر يحاكي الواقع، لتكتمل المسيرة التي رآها مسيرة إسلامية واعية، معتدلة، منفتحة على الآخر.

«علينا أن نولّد في ولادة علي، ولادة العقل بالحق، وولادة الروح بالايمان، وولادة الحياة بالعدل»، بهذه الكلمات يوجز المرجع الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله بثلاثيته العقل والروح والعدل، مسار مقاربته للفكر الإسلامي المعاصر.
هذا السيد الوافد من جيل التنوريين بعباءة دينية، لم ينازعه أحد في قدرته على التأويل والاجتهاد، ومقارعة المسكوت عنه كما يقول محمد أركون، وهو الذي خرج باجتهادات بدت للكثيرين من معاصريه، فتحاً مبيناً على قاعدة تطبيقه للدعوة المتكررة في القرآن الكريم « أفلا تعقلون». النهج العقلاني النقدي احتل عنده حيزاً لا يستهان به، وهو القائل: « إننا عندما نقرأ القرآن الكريم، وندرس الآيات التي تذكر العقل، نجد أنه يقحم العقل في كل أوضاع الكون الإنساني؛ في تطلعات الإنسان في
نفسه، وفي الكون من حوله».
بعد رحيل السيد محمد حسين فضل الله، رصدت «الراي» شهادات بعض رجال الدين وأهل الثقافة الذين أدلوا بأفكارهم حول اجتهاداته ومنهجه في قراءة النص القرآني.
مفتي البقاع الشيخ خليل الميس قال «هذا الرجل ضمان ديني وأخلاقي ووطني، وفي رأيي لن يخلق رجل على مستواه، فالنهج الذي اتبعه نهج تجديدي ووسطي قلّ نظيره على مستوى العلم، ويقع بين منزلتين، قارب ولم يفرّق، وجمع ولم يشتت. نرجو أن يتحقق ارثه الفكري وأن يبقى ضمانا للبنان، والاسلام. ولا شك أن السيد محمد حسين فضل الله دفع ثمن مواقفه في التوحيد، وحاول إعادة قراءة القديم بروح جديدة، بحيث نشعر بأن ما أتى به، يصب في خانة تجديد فكرنا. والرجل كمجتهد يملك الكثير من الجرأة والاقناع، وعنده الاستقلال التام في ما يفتي ويجتهد، ولديه ثقة بالنفس، فهو يحتكم الى النص، بمعنى أنه تابع للنص وليس النص تابعا له، واخيراً نأمل أن يبقى نهجه مستمراً، فقد كان حاملاً للوحي ولمنهج المجددين، بحيث نرى أن الوحي يتجدد عبر هذا الأداء الرفيع المستوى والمنزه عن المذهبية. ولا مجاملة فهو من فضل الله على هذا الوطن».
غريغوار حداد: رجل الايمان والعلم والحوار
المطران غريغوار حداد قال «السيد محمد حسين فضل الله رجل إيمان، متعمق بالاسلام، ومنفتح على بقية الديانات. زرته قبل ١٥ عاماً وقال ليّ كلمة جوهرية، الحوار الحوار الحوار، وبقي على هذا النهج، وهو في رأيي رمز للحوار. وأهمية الرجل تتجلى في همه الانساني أيضاً، فالمؤسسات الاجتماعية والتربوية التي أسسها تصب في خانة إيمانه العميق بأهمية الانسان. ولا شك أنه مرجع ديني ليس على مستوى لبنان فحسب، بل يتخطى حدود الوطن. وهو علاّمة، ومجتهد، يحترمه الجميع، لأن فكره يقوم على نوع من التوازن والوسطية، خصوصاً أنه يدعو الى تحرير الاسلام من القيود وإدخاله في حركة التجديد.
كانت لديه قراءة نوعية في ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم، وقد حاول أن يدخل العلم في شرح النص القرآني. أذكر مقولة شهيرة له حين قال: « نحن والمسيحيون مختلفون على المسيح إذا صلب او لم يُصلب، فالمسيح رفعه الله اليه»، وما أراد قوله، إن المسيح حيّ عند الله ووصل الى الحياة الابدية من دون المرور بالصلب، هذه العبارة علمتني الكثير. وشهادتي بهذا الرجل مجروحة، فهو رجل إيمان ورجل علم ورجل حوار وهو وجه عربي وإسلامي مجدد».
وقال العلامة السيد محمد حسن الامين: «تفتقد الأمة الإسلامية والعربية واحدا من أبرز رموز النهضة الإسلامية في عصرنا الحديث، فقيها وعالما ومفكرا وعلى كلّ الصعد التي جعلت من حياته دائرة مزدحمة بالأعمال الكبيرة في المجالات كلّها، تلك التي تتسع لها حياة رجل واحد».
وأضاف: «لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الفقيد الكبير كان من الحيوية والنشاط والجهد بحيث لا نجد في حياته ساعة واحدة من ساعات الفراغ. وعلى صعيد الرؤية الدينية فهو عميق ومجدد وقد قضى معظم حياته الأخيرة وهو يواجه الحملات التي تتصدّى لنهجه الإصلاحي وفكره المتنوّر بحيث يمكننا القول إنّه كان فقيها معاصرا استطاع أن يعالج القضايا الفكرية والحياتية والفقهية بروح العصر مستندا إلى قاعدة التراث الغنيّ من العلم والمعرفة في قضايا الشريعة والتاريخ والفكر الإسلامي.
وهناك مأثرة كبرى في حياته هو أنّه عقل مؤسساتي، فقد أقام في مدة وجيزة وليست طويلة في التاريخ عددا كبيرا من المؤسسات الدينية والاجتماعية والتربوية والمبرّات المتعدّدة على امتداد الساحة اللبنانية».
وتابع: «يفتقد فيه لبنان رجلا من أهمّ رجاله بل يتجاوز الدائرة الوطنية كي يحتلّ مركزا عربيا وإسلاميا واسعا. لكنّ لبنان استفاد من فكره الإسلامي المستنير. فقد جاء في فترة برزت فيها الأصوليات المتعصّبة وكان هو يشكّل محورا للانفتاح والرؤية الدينية المتحرّرة، فاستطاع بذلك أن يضفي على لبنان طابعا حضاريا في ظلّ الأصوليات التي تجتاح كثيرا من مناطق المسلمين. فهو إذاً خسارة لا تعوَّض على المستوى الوطني
وعلى مستوى الدعوة الإسلامية في لبنان وفي المهجر وفي كثير من المناطق العربية والإسلامية».
وختم: «قدّس الله سرّه وأدخله الجنّة مع الأنبياء والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، ونتوجه بالتعزية إلى أسرته الكريمة وأبنائه الأعزّاء وإلى لبنان عموما والمسلمين بصورة خاصّة وأعمّ».
الدكتور رضوان السيد استاذ الدراسات الاسلامية في الجامعة اللبنانية قال «كنا صديقين منذ العام ١٩٨٢ حتى العام ٢٠٠٠، وكنت أتردّد عليه كثيرا إلى أن انشغلت في الاعوام الأخيرة، لكنني ظللت أراه أكثر من مرة في العام.
منذ نحو ثلاثين عاما يحتلّ العلامة فضل الله مكانة بارزة في ثلاثة مجالات: الأول، هو مجال الفكر الإسلامي الاجتهادي المعاصر، والثاني، هو مجال علاقات المسلمين بالعالم، والثالث، هو مجال الحوار الإسلامي - المسيحي.
انه يكبرني ومن جيل سابق على جيلي، من جيل الإمام موسى الصدر والامام محمد مهدي شمس الدين والسيد الخامنئي، وأنا من الجيل الثالث من حيث الإشكاليات الفكرية. هم إشكالياتهم وحدوية وقومية وإسلامية ونحن أبناء هزيمة العام ١٩٦٧ والحرب الأهلية اللبنانية والانقسامات داخل الإسلام. وعي السيد فضل الله كان نهضويا وحدويا اسلاميا فيما انغمس وعينا في تجنّب الانقسامات والحروب الداخلية وتجنّب الصراع بين العروبة والإسلام وبين الإسلام والعلمانية.
في الإشكاليات الثلاث التي يحتلّ فيها مكانته، للسيد فضل الله مساهمات بارزة شيعيا وإسلاميا عموما، فهو قوال بولاية المرأة ، وهو ليس مع قيام دولة إسلامية، رغم أنّه يلتقي في السياسة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية .وهو متقدم كثيرا في مسائل المرأة وعلاقة المسلمين بالمسيحيين وعلاقة المسلمين بالغير والآخر، وكلها اجتهادات بدأ يطلقها في الثمانينات وتكاثرت في التسعينات. ويتميز بين المراجع الاسلامية كلّها بكثرة الاجتهاد والكتابة، فلديه ما يزيد على ١٥٠ كتابا، رغم ان بعضها جمع لفتاوى واحاديث، لكنها متماسكة في التجديد في الفكر الاسلامي وتفاسير القرآن الكريم، وكان يملك وعيا سياسيا حادا وقويا، ووعيا بالإعلام ووسائل الاتصال، بمعنى أنه ليس مثل الجيل السابق الذي لا يهتم بالإعلام بل يحرص على انتشار فتواه وعلى أن تعرفها وسائل الإعلام منذ ثلاثين عاما.
وفي الاجتهاد الإسلامي العام له أطروحات ومساهمات ومجادلات وحوارات مع الكبار في العالم الاسلامي السني، مثل شيخ الازهر الراحل محمد سيد طنطاوي، وهو تصالحي جدا وشديد الحملة على العولمة والهيمنة وسياسات الولايات المتحدة ولا يظهر حيادا في الصراع العالمي والعربي - الإسرائيلي والإسلامي - الاسرائيلي».
السيدة فهمية شرف الدين قالت «السيد محمد حسين فضل الله، العلاّمة المجتهد، والمرجع الشيعي، الذي امتلك قدرة على الاجتهاد خصوصاً ما يتعلق بالحياة الاجتماعية وقضايا المرأة، نجح في ملامسة مأزق التناقض بين الدين والحياة المعاصرة، وفتح باباً واسعاً في ما يتعلق بحقوق المرأة في الاسلام، فتحدث عن القوامة، وعن العنف الذكوري الذي يمارس على النساء في العالم العربي، وهذه من المسائل التي تعوق تقدم مجتمعاتنا. فالمرأة وفقاً لاجتهادات السيد فضل الله، ليست اليوم عبئاً على الرجل بل هي شريكة له، وهذه التفسيرات في غاية الأهمية. والسيد فضل الله يملك قدرات فكرية تجديدية ظهرت عنده في ما يتعلق بالزاوج والطلاق وحضانة الاطفال، أي أنه قال بأهلية المرأة لتمارس جميع الأعمال. ما فعله السيد فضل الله أنه طبق ما عُرف به التشيع، وهو الاجتهاد، لجهة تكييف النصوص مع حياتنا العصرية. ونحن اليوم في حاجة الى هذه القراءات، التي تُقر بالمساواة بين المؤمنين والمؤمنات، وهذا ما عمل عليه السيد فضل الله، فهو نادى بكيان المرأة المستقل».
الدكتور ادونيس عكره قال «انه من المرجعيات المهمة على الساحتين الثقافية والدينية، فهو اعتبر انه لا حدود للاديان، فنظرته الى الآخر تنطلق من الوحدة مع المتعدد. وتجربته في حقل الاجتهاد الديني، مسألة ضرورية في وقتنا الراهن، خصوصاً أن الفكر الإسلامي
يعاني انغلاقا عقيديا، وسيطرة النهج السلفي الرافض للتأويل.
خلاصات السيد فضل الله يمكن إيجازها في الجمع بين الحداثة والتراث، بين الأصالة والمعاصرة، وله في هذا الشأن مواقف بارزة، فعلى سبيل المثال دعا الى الاخذ بالانجازات العلمية لمعرفة بداية شهر رمضان، وفي أفكاره التقدمية يسعى الى المواءمة بين العلم والدين، وهذه من أصعب المهمات. وفي رأيي أن شخصية من هذا النوع من الصعب أن تنجب الحياة الثقافية مثلها».
طاهر لبيب قال «انه من جيل المجتهدين التنويرين، بل آخرهم. يمثل جيلاً لم يعد موجوداً في هذه المرحلة التي يسير فيها التأويل الديني الى الفكر السطحي، وما ينتج منه من خرافات وأسطرة. ولا شك أنه خرج باجتهادات متقدمة في مجالات متعددة، لاسيما ما يتعلق بأوضاع المرأة المسلمة، وهو بذلك انقلب على المسار التقليدي السائد اليوم.
السيد فضل الله مثال على ذكاء رجل الدين، الذي يسعى الى الربط بين الواقع المتغير والنص المقدس، وهو يعلم أن تأويل النص الديني لا بد من أن يماشي التقدم الانساني، لا أن يبقى نصاً جامداً كأن العالم لا يتغير. ونتمنى أن يتواصل فكره في أشكال أخرى. انه مجتهد بالمعنى الفقهي ومستنير يحمل لواء العقل النقدي».
الصحافي قاسم قصير قال «تكمن اهمية السيد فضل الله في مسيرة عمرها نحو ٦٠ عاما من العمل الاسلامي.
بدأ في النجف الأشرف مع تجربة الحركة الإسلامية وتحديدا «حزب الدعوة»، وهو من مؤسسيه مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر والمرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين وشارك في تأسيس الحركة الاسلامية في العراق.
بعد تأزم الوضع في العراق مع حزب البعث كان مع الشيخ شمس الدين والامام موسى الصدر من اركان العمل الاسلامي في لبنان، وأسس العمل الاسلامي من أواخر الستينات حتى خطف السيد الصدر.
فضّل عدم العمل في اطار حركة «أمل» والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى مع شمس الدين والصدر وآثر البقاء خارج الاطر الرسمية وعمل في الحوزات ورعى معظم العلماء والشباب، ويمكن القول ان معظم كوادر العمل الاسلامي كان هو راعيها قبل تأسيس «حزب الله» وذلك عبر مجلة «المنطلق» واللجان الاسلامية واتحاد لبنان للطلبة المسلمين.
شكل ثنائيا مع الشيخ شمس الدين، الأخير في الاطار الفكري والمجلس الشيعي، وهو في الاطار الحركي والعملياتي، لكن شمس الدين كان متعمقا أكثر في الإطار التنظيري، فيما فضل الله كان يقدّم الأفكار الى الناس والتنظير التطبيقي والآلياتي.
اهتم بالعمل الحوزوي وانفتح على النقاش مع الآخرين من عروبيين ومسيحيين وعلمانيين، وكان يقيم لقاءات فكرية مع اليساريين، وخاله كان النائب السابق علي بزي، ومن يعرفون بزي مثل عادل عسيران ومنح الصلح كانوا يتنبأون له بدور، وكان مع مرجعية السيد الخوئي، لكن منذ تعرفي إليه في العام ١٩٧٨ كان يسعى الى التجديد الفقهي، ولم يقدم مرجعيته في حضور الخوئي.
بعد تأسيس «حزب الله» سمّي المرشد الروحي، رغم أنّه لم يكن إلا منظّرا عاما وراعيا لمعظم كوادر الحزب من الناحية الدينية، ولا علاقة له بالعمل الحزبي. وكان يؤيد العمليات الاستشهادية , وكان الثمن محاولة اغتياله في بئر العبد بمتفجرة ضخمة ادت الى استشهاد نحو ٨٠ شخصا. كان يفترض أن يخرج من المسجد، لكن أخّرته إحدى الأخوات مصرّة على طرح سؤال رغم معارضة مرافقيه، وفيما كانت تسأله إنفجرت السيارة المفخّخة.
كان إمام مسجد الأمام الرضا في بئر العبد حيث كان الاعتصام الكبير ضد اتفاق ١٧ مايو. يومها، أطلق الجيش النار على المعتصمين، وبقي أحد الرموز الأساسيين إلى حين بروز الأمين العام السيد صبحي الطفيلي في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات واطلاق الحزب تشكيلاته العسكرية.
أهمية فضل الله أنه نجح رغم كل الحملات في اطلاق تيار فقهي واجتهادي وإشكالي، مثل اعتماد الفلك في تحديد بداية شهر رمضان والتركيز على العقل في تفسير القرآن الكريم والظواهر والسير.
سياسيا، لا يوازي حضوره حضور «حزب الله» لكنّه شكل حالة اسلامية تتعدّى المستوى اللبناني وهو محترم كثيرا في البيئات السنية، وبعضها كان يعود اليه في بعض المسائل».
من محمد بركات وريتا فرج - بيروت





https://taghribnews.com/vdccp1qi.2bqxs8aca2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز