تاريخ النشر2012 28 November ساعة 17:27
رقم : 116783

هل يُحيي إنتصار المقاومة السياسة الفلسطينية دوليّاً؟

" خاص تنا" -مكتب بيروت
تقدّم السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لطلب دولة غير عضو،هو أمرٌ ينطوي على عدة أمور،هي خطوة بمثابة الواسطة التي يسيطر فيها البشر على مصالحهم وتطلعاتهم ويغيرون بها موازين القوى مع أعدائهم.. خطوةٌ فيها ما يعطي الأمل ولو لأهل غزة الصامدين بأن صمودهم سمح لقيادات مزعزعة بأن تقف على قدميها ولو لمرّة
هل يُحيي إنتصار المقاومة السياسة الفلسطينية دوليّاً؟
غداً ستكون السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس على موعد مع الأمم المتحدة لطرح مشروعها الذي تطالب على أساسه نيل صفة دولة غير عضو في المنظمة الدولية..
تكثر التحليلات والتّكهنات من كلّ حدبٍ وصوب،أسئلةٌ شتى تدور حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستنتزع إعترافاً دولياً بها أم أنها ستخضع لضغوطات الدول المستكبرة..

كلّ الإجابات مؤجّلة،حتى يوم غد،وإلى ذلك الحين،يعلّق الشعب الفلسطيني،وخاصة المقاومة المنتصرة في غزة الآمال على أن يغيّر الإنتصار الفلسطيني العسكري شيئاً في المعادلة الرّثة التي ما عادت تليق بالواقع الجديد..
واقع توازن القوة الذي كرّسته،رغماً عن أنف الصهاينة،صواريخ فجر التي زغردت في تل أبيب.

من الجانب الفلسطيني،يتوقع مندوب فلسطين رياض منصور أن يحصل طلب الإنتساب كمراقب غير عضو على أغلبية مريحة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة،داعياً جميع الأعضاء للتصويت. 

أميركا تعارض والأوروبيون ينقسمون
في المقابل،تعارض الولايات المتّحدة الأميركية المشروع إذ بلغ الإعتراض بالناطق الرسمي للبيت الأبيض إلى قوله أن المبادرة ليست تخدم في تحقيق "الإستقلال الفلسطيني"، وتزداد المعارضة الاميركية ـ الإسرائيلية للمبادرة ـ التي تلقى تأييد حركة "حماس" ـ خصوصاً أنه مقدّر لها أن تحصد نحو ١٥٠ صوتاً في الجمعية العمومية ما يسمح بتحقيق الإعتراف المنشود فيما ينقسم الأوروبيون حوله إذ ترفضه بريطانيا أما فرنسا فتؤيده. 

في هذا السياق،أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده ستصوت لصالح منح فلسطين صفة مراقب في الأمم المتحدة،قائلاً في كلمة ألقاها في البرلمان الفرنسي يوم أمس في ٢٧ نوفمبر(تشرين الثاني) "يوم الخميس أو الجمعة عندما يطرح السؤال ستصوت فرنسا بالموافقة". 

ماذا تقدم صفة دولة غير عضو للفلسطينيين؟
أما المكانة التي تُمنح لفلسطين في حال أخذها صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة،فإن هذا ميزتين. 

الميزة الأولى تتمثل في بدء تعاطي المجتمع الدّولي مع النّزاع الفلسطيني – الصهيوني مع ما يتضمّنُهُ من إعترافٍ ضمني بوجود الدّولةِ الفلسطينية،وبالتالي ما يعني صلاحية السلطة الفلسطينية في التقدم بشكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية. 

من هنا،تظهر الميزة الثانية،فقد صرح الرئيس عباس أنه في حال قبول المنظمة الدولية منحه تلك "المكانة" سوف يتقدّم بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية تتهّم إسرائيل بإغتيال الرئيس السابق للسلطة الوطنية الفلسطينية، وما ينطبق على تهمة الإغتيال يمكن أن ينسحب على إتهام إسرائيل بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وما شابه،الأمر الذي هو جلّ ما تخشاه سلطات الكيان الصهيوني المحتلّ. 

في هذا الإطار،يربط محللون مختصون في الشأن الإسرائيلي خطوة التقدم إلى الأمم المتحدة بالفشل الذريع الذي مُني به الكيان الإسرائيلي في عدوانه الأخير على غزة. 

يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي حلمي موسى أنه وبعد تصريح وزير الحرب إيهود باراك "لن نتوقف إلا حين تركع «حماس» وتتضرّع من أجل وقف إطلاق نار"،فإنه بالأحرى هو ورئيسه، إن لم يركعا، فقد تضرّعا لإنقاذ الجيش الإسرائيلي من التورّط في الحرب البرّية في غزة.

ويتابع الخبير موسى بالقول "بغض النظر عما إذا كان هذا الفشل ورد أم لم يرد بين دوافع باراك إلى الإستقالة والإعتزال السياسي، فإنه بمثابة الإعتراف المدوّي بفشل جولة جديدة من العنف الدموي الاسرائيلي" . 

ويضيف موسى،بأنه قبل السؤال عن الكيفية التي سوف تجري بها مواجهة هذا الإنقلاب الجذري في تركيبة السلطة في إسرائيل ـ وليس مجرد الجنوح اليميني العنصري الإجلائي المتفاقم فيها ـ يجدر طرح سؤال في الحد الأدنى: هل يمكن للسلطة الفلسطينية مقاومة التهديد الإسرائيلي والإملاءات والضغوط الأميركية بخوض المعركة الديبلوماسية والسياسية في الأمم المتحدة إلى نهايتها؟! 

ليس في الأمر الكثير،يقول الخبير  موسى، فـ"فيه ما يسمح بإحياء السياسة بمعناها النضالي المشرّف: بما هي الواسطة التي يسيطر فيها البشر على مصائرهم ومصالحهم وتطلعاتهم ويغيّرون بها موازين القوى بينهم وبين أعدائهم وخصومهم لمصلحتهم.
 وفيه ما يعطي الأمل ولو لأهل غزة الصامدين والمنكوبين يقول لهم أن صمودهم سمح لقيادات مزعزعة بأن تقف ولو مرة على قدميها. 

ياسمين مصطفى
https://taghribnews.com/vdcfcvdymw6dyea.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز