تاريخ النشر2021 22 September ساعة 12:47
رقم : 519830

"منظمة شنغهاي للتعاون".. توازن القوى الدولية في السلم والأمن

تنا
تشكَّلت منظمة شنغهاي للتعاون قبل نحو 4 أشهر فقط من ذكرى الغزو الأميركي لأفغانستان، وعلى وقع طبول الحرب التي قرعتها أميركا وبريطانيا بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
"منظمة شنغهاي للتعاون".. توازن القوى الدولية في السلم والأمن
الكاتب: نجاح حمود

تشكَّلت منظمة شنغهاي للتعاون قبل نحو 4 أشهر فقط من ذكرى الغزو الأميركي لأفغانستان، وعلى وقع طبول الحرب التي قرعتها أميركا وبريطانيا بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
تسعى منظمة شنغهاي إلى بناء نظام دولي جديد تكون فيه ركناً أساسياً ضمن معادلة توازن القوى الدولية
"منظمة شنغهاي للتعاون" هي منظمة حكومية دولية تأسست في مدينة شنغهاي الصينية في 15 حزيران/يونيو 2001. 

تتألف المنظمة حالياً من 9 دول أعضاء هي: أوزبكستان، وباكستان، وروسيا، والصين، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، والهند، وانضمت إيران أخيراً  للمنظمة في 17 أيلول/سبتمبر الجاري، بعد أن كانت في العام 2005 قد انضمت إليها بصفة عضو مراقب.   

تضم المنظمة 4 دول مراقبة أبدت الرغبة في الحصول على العضوية الكاملة، وهي: أفغانستان، وبيلاروس، ومنغوليا وباكستان. و6 دول "شركاء حوار"، وهي: أرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسريلانكا، وكمبوديا، ونيبال.

كما تضم عضوين دائمين في مجلس الأمن هما روسيا والصين، وقوى نووية كالهند، وباكستان.

ظلت منظمة شانغهاي مراقباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2005. وفي نيسان/أبريل 2010، وقعت أمانتا الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي إعلاناً مشتركاً بشأن التعاون. كما أقامت شراكات مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ومنظمة السياحة العالمية، والمنظمة الدولية للهجرة، بالإضافة إلى تعاونها المستمر مع الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

عقدت المنظمة قمتها التاريخية لرؤساء الدول المنضوية فيها في أستانة بكازاخستان، في 8 و9 حزيران/ يونيو 2017، ومثلت هذه القمة مرحلة جديدة في تطوير عمل المنظمة. وكان من بين النتائج الرئيسية منح عضوية كاملة للمنظمة لكل من الهند وباكستان. وسمح انضمام هاتين الدولتين القويتين والمؤثرتين في جنوب آسيا للمنظمة تعزيز قدرتها وتوسيع نطاق الفرص المتاحة لها، بما في ذلك في مجال مكافحة التحديات والتهديدات القائمة والناشئة.

وفي الذكرى الـ20 لتأسيس هذه المنظمة، انطلقت يوم الجمعة الماضي في مدينة دوشانبي، عاصمة طاجيكستان، أعمال قمة المنظمة. 

وفي خطوةٍ توسعيّةٍ أخرى وذات دلالةٍ كبيرةٍ على مختلف الصُّعُد، أعلنت المنظمة في اجتماعها، بلسان الرئيس الصيني شي جين بينغ، موافقتها على منح إيران العضوية الكاملة فيها، وذلك بالتزامن مع إعلان الاتفاق الاستراتيجي الصيني - الإيراني، الذي تمَّ التوقيع عليه في طهران في 27 آذار/مارس الماضي. و"وثيقة الشراكة الاستراتيجية" كما سمّيت، وهي اتفاقية مدتها 25 عاماً بين البلدين، تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والصناعية.

ويمنح انضمام إيران للمنظمة منفذاً مفتوحاً تتحرر من خلاله من هذه العقوبات، وتصرّف إنتاجها النفطي الذي لا تشتريه أميركا، وتمنع غيرها من الدول من شرائه من خلال فرض عقوبات عليهم. وفتح المجالات أمامها من قِبَل كلٍّ من الصين وروسيا، حيث اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّ "قبول إيران في منظمة شنغهاي سيزيد من السلطة الدولية للمنظمة".

تشكَّلت منظمة شنغهاي قبل نحو 4 أشهر فقط من ذكرى الغزو الأميركي لأفغانستان، وعلى وقع طبول هذه الحرب التي قرعتها الولايات المتحدة ومعها بريطانيا بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر التي أطاحت ببرجي التجارة العالمية في نيويورك، واستهدفت كذلك مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

ظهر الدور الأميركي المعيق لعمل منظمة شنغهاي ولتعاظم المكانة الاقتصادية للصين من خلال مسارعة قادة حركة "طالبان"، التي استولت بسرعة وتدريج على كافة المناطق الأفغانية بالتزامن مع رحيل القوات المحتلة، إلى زيارة الصين ولقاء المسؤولين في وزارة خارجيتها، وتشديدهم على الدور الصيني المحوري في إعادة إعمار البلد المنهك بالاحتلال والصراعات، وطمأنتهم بأنهم لن يقوموا باستخدام الأراضي الأفغانية لاستهداف أمن الدول الأخرى.

أهداف منظمة شنغهاي

تسعى المنظمة لبناء نظام دولي جديد تكون فيه المنظمة ركناً أساسياً في معادلة توازن القوى العالمية. ولتحقيق هذا الهدف انتقلت المنظمة من وضع التنظيم الإقليمي ذي الهدف المحدد، إلى تنظيم دولي، عن طريق بلورة مواقف ورؤى مختلفة عن الرؤية الأميركية. وظهر ذلك في موقف المنظمة في العديد من الأزمات كالملف النووي الإيراني، والمشكلة الكورية، والأزمة السورية، وقضايا الأمن في آسيا الوسطى.

كذلك، سعت المنظمة إلى الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي لأوروبا وآسيا، وتعزيز السلم والأمن الدولييَن، وتحقيق التعاون في المجال السياسي والأمني والاقتصادي والتجاري والثقافي، وشبكات النقل والطاقة، وتبني العديد من الاستراتيجيات لحل مشاكل الحدود، ومكافحة الإرهاب والمخدرات، والنزعات الانفصالية العرقية، والتطرف الديني. وتشمل أولوياتها أيضاً التنمية الإقليمية.

تتمسك المنظمة بمبادئ الانفتاح، كما أنها لا تنوي تشكيل تحالفات، أو توجيه أعمالها ضد أي كيان يتمتع بالسيادة، بل تلتزم بالحوار والتبادل والتعاون، والالتزام الصارم بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي المعترف بها عالمياً.

كما تواصل دعمها للدور التنسيقي للأمم المتحدة في العلاقات الدولية.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 أصبحت المنطقة هدفاً للمنافسة والصراع بين القوى الإقليمية والقوى الكبرى، نظراً لأهمية المنطقة وموقعها الاستراتيجي، فضلاً عن وجود احتياطات النفط والغاز، وخطوط أنابيب نقل الطاقة فيها. ومن أجل ذلك، ركزت المنظمة على آسيا التي أصبحت تمثل نقطة أساسية في الاستراتيجيات الكونية للقوى العظمى، وإطاراً تنافسياً على المصالح والأهداف، يمكن أن تكون منطلقاً لإعادة النظر في شكل ومستقبل النظام الدولي والعلاقات الدولية، انطلاقاً مما تمتلكه جمهوريات وسط أسيا من إمكانات اقتصادية وعسكرية وتكنولوجيا، يضاف لها الموقع الاستراتيجي.

موقع المنظمة العالمي

ولتتمكن منظمة شنغهاي من إيجاد مكانة لها ضمن النظام العالمي الجديد، تكون فيه ركناً أساسياً ضمن معادلة توازن القوى الدولية، ركزت أهدافها على:

توسيع وبناء قدراتها: 

تمتد المنطقة الشاسعة التي تضم الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي من الشمال إلى الجنوب من القطب الشمالي إلى المحيط الهندي، ومن الشرق إلى الغرب من ليانيونجانج في الصين، إلى كالينينغراد في الاتحاد الروسي، وبذلك يتم توحيد أربع قوى نووية، هي نصف عدد الدول النووية في العالم، في منظمة إقليمية واحدة.

مكافحة الارهاب: ما بين عامي 2011 و2015، وفي ظل التنسيق من جانب الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب (RATS)، تمكنت السلطات في الدول الأعضاء بالمنظمة من الحيلولة دون وقوع 20 هجوماً إرهابياً كانت لا تزال في مراحل التخطيط، وتفادي 650 جريمة ذات طابع إرهابي ومتطرف، وإزالة 440 معسكراً لتدريب الإرهابيين وتحييد 1700 من المنظمات الأعضاء في الإرهابي الدولي. وإلقاء القبض على أكثر من 2700 عضواً من الجماعات المسلحة المحظورة وشركائهم والأشخاص المشتبه في ارتكابهم أنشطة إجرامية. بينما تمّ تسليم 213 شخصاً ذوي صلة بمنظمات إرهابية أو متطرفة، ووضع 180 مشتبهاً بهم على قوائم المطلوبين، والكشف عن 600 قاعدة سرية مزودة بأسلحة. كذلك تمت مصادرة أسلحة وذخيرة، وأكثر من 52 طناً من المتفجرات.   

ومن أجل الاستجابة المشتركة من جانب منظمة شانغهاى للتعاون تجاه التهديد المتزايد باستمرار للتطرف، أسست اتفاقية لمكافحة التطرف، تمّ تبنيها في قمة أستانة، والتي من المنتظر أن تعزز الإطار القانوني الدولي لمواجهة التحديات والتهديدات المستجدة، ودعوة المجتمع الدولي للاتحاد في إطار تحالف دولي واسع النطاق لمكافحة الإرهاب لمجابهة هذا التهديد العالمي الخطير.

كما تتعاون الدول الأعضاء في المنظمة في التصدي لأنشطة الأفراد والمنظمات المتصلة بتجنيد وتدريب واستغلال الإرهابيين والدعاية، فضلاً عن تبرير الأعمال الإرهابية أو تمويلها.   
ومن بين أولوياتها أيضاً، مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات.

التنمية الاقتصادية: 

المعروف أن التنمية الاقتصادية غير المتكافئة في مختلف أنحاء العالم تؤدي بصورة متزايدة إلى التطرف وإلى حالات النزاع التي تهدد الحياة، وتخلّ بالتوزانات القائمة ما يسهم في تزايد عدد التهديدات والتحديات التي تواجه الأمن والتنمية المستدامة. لذلك سعت المنظمة إلى المساعدة فى تنمية الاقتصادات الإقليمية، وتوفير ظروف مواتية للتجارة ودعم مبادرات الاستثمار.

ومن الخطوات العملية الهامة في هذا الاتجاه تنفيذ اتفاقية حكومات الدول الأعضاء في المنظمة، وإرساء شروط عادلة لإدارة التجارة من أوروبا الشرقية إلى الساحل الشرقي الروسي والصين. وكذلك بناء نظام متكامل للنقل البري.

الحوار الثقافي

وفي إطار تعزيز الحوار الثقافي بين الدول الأعضاء في المنظمة، سعت المنظمة كإجراء وقائي ضد التهديدات الأمنية، إلى بناء ثقة متبادلة وصداقة وعلاقات جوار بين الدول الأعضاء، في المجالات الثقافية والتعليمية والعلمية. إضافة إلى توسيع نطاق التفاعلات الثقافية داخل منطقة المنظمة، وتعزيز التفاهم المتبادل بين شعوبها واحترام تقاليدها وعاداتها الثقافية والحفاظ على التنوع الثقافي داخل الدول الأعضاء في المنظمة وتعزيزه.

/110
https://taghribnews.com/vdcfm1dtxw6dyca.kiiw.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز