>> المستشارية الثقافية الايرانية ببيروت تقيم ندوة دور المرأة والأسرة في نشر ثقافة عاشوراء | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2020 23 August ساعة 16:19
رقم : 473668

المستشارية الثقافية الايرانية ببيروت تقيم ندوة "دور المرأة والأسرة في نشر ثقافة عاشوراء"

تنا
بداية استذكار المزايا الكبيرة للراحل رئيس المجلس الأعلى لمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الإيراني مستشار قائد الثورة الإسلامية في شؤون العالم الإسلامي العلامة الفقيد الشيخ محمد علي التسخيري، الذي وافته المنية قبل أيام بعد مسيرة زاخرة بالعطاء والإنجازات.
المستشارية الثقافية الايرانية ببيروت تقيم ندوة  "دور المرأة والأسرة في نشر ثقافة عاشوراء"
بمناسبة أیام محرم والذكری الألیمة لملحمة عاشوراء الحسین (ع)، نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان ومؤسسة عاشوراء الدولیة ندوة افتراضیة تحت عنوان "دور المرأة والأسرة في نشر ثقافة عاشوراء والنهضة الحسینیة" بمشاركة نخبة من اهل الفكر و العلم والمعرفة.

 ثم قدمت الكاتبة والمترجمة مريم ميرزاده  الندوة بكلمة  حيث اعتبرت

"إننا نقف من مرةً أخرى، رغم تحولات العالم، أمام مشهدية عاشوراء الحسين (ع) لنتعلّمَ الدروسَ قبل أن نرثي المعلّمين، ولنقتدي بأبطالِ التاريخ قبل أن نبكيَهم. دروسٌ كثيرة تحملها واقعة كربلاء وإننا اليوم نحاول تقديمَ أحد هذه الدروس الأساسية التي تلعبُ المرأةُ فيها دور المعلّم.

اضافت ميرزاده جزءٌ كاملٌ من مدرسةِ عاشوراء يختصُّ بتقديمِ صورةٍ عن دور المرأة في صناعة البطولات. فأيُّ امرأةٍ لعبت دورَ البطولةِ في أكثر المشهدياتِ التاريخية حقيقةً، وأيُّ امرأةٍ هي تلك التي فقدت في العاشر من محرّم كلَّ شيء، وكانت مطالَبةً بالصمود لتبليغ الرسالة، لإيصالِ الراية، حتى يبلغَ صوتُ الحسين مسامعَ الأجيال حتى نهايات الزمان.. هل من ناصرٍ ينصُرُني؟

بعد ذلك تحدث سماحة الشيخ محمد حسن أختري رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية فقال " نحن في هذه السنة وفي ظل هذه الظروف الصعبة نحيي ذكرى عاشوراء بالشكل غير المتعارف عليه عند عشاق الحسين "ع" ، حيث منعتنا هذه الظروف من الاجتماع في المجالس واقامة المواكب الحسينية. وارتئينا ان ننظم برامج احياء هذه الذكرى العظيمة بهذا الشكل علنا نستفيض منها ما يروي عطشنا للحسين "ع" ، ولذلك ما عساي الا ان اقدم شكري الجزيل للدكتور خامه يار والى جميع الزملاء العاملين في المستشارية الثقافية للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان ، لتنظيم هذه الندوة القيمة "
.
اضاف الشيخ محمد حسن أختري يقول  الامام الرضا "ع" ( ان يوم الحسين اقرح جفوننا واسبل دموعنا واورثنا الكرب والبلاء الى يوم الانتقضاء) . ونحن ايضا نقول بان شهر محرم قد اقرح جفوننا واسبل دموعنا واورثنا الكرب والبلاء الى يوم الانقضاء، كما قال الامام الرضا (ع)".

ذكرت هذا الحديث لاعبّر عن موقفنا من هذا اليوم كما عبر عنه الامام الرضا "ع" ، ولكي نعرف اهمية احياء مراسم العزاء في هذه الذكرى الاليمة وفي هذا اليوم العظيم الذي استشهد فيه الامام الحسين"ع"واصحابه المنتجبين الذين بذلوا دمائهم في سبيل الله تعالى من اجل انقاذ البشرية من الحيرة والظلالة.
ويقول الامام الرضا "ع" لريان ابن شبيب: ( إن سرّك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا، ولو ان رجلا تولى حجرا حشره الله معه يوم القيامة)
وقال الشيخ محمد حسن أختري إن محبة ومودة اهل البيت عليهم السلام هي فرض من الله تعالى كما يقول الامام الشافعي :
يا آل رسول الله حبكم         فرض من الله في القرآن انزله
كفاكم من عظيم القدر انكم      من لم يصل عليكم لاصلاة له
ونحن باقامة الشعائر الحسينية وبخروجنا في مأتم ايام محرم  وعاشوراء الحسين"ع" نظهر مودتنا وحبنا لآل رسول الله "ص" ، ونظهر رغبتنا في نيل شفاعتهم والحشر معهم.

وعن دور المرأة في نشر الثقافة العاشورائية اشار الشيخ محمد حسن أختري

الى ان للمرأة كما للرجل دور فاعل في المجتمع البشري على جميع الاصعدة ، فدور المرأة يضاهي دور الرجل في احياء القيم العليا والثقافة الدينية في المجتمع . ان احياء قيم المجتمع تتجلى في عاشوراء الحسين"ع" . فكلا من المرأة والرجل ادى دوره وبشكل فاعل في واقعة الطف المؤلمة.
فمن اليوم الذي حدثت فيه هذه الواقعة والكارثة المفجعة سنة 61 هـ ، والى يومنا هذا كان للمرأة دور فاعل وبارز فيها ، وسيبقى دورها بارزا وفاعلا الى يوم القيامة.

ان الدور الذي ادته المرأة في كربلاء يختلف عن دور الرجل ، ونحن اليوم سوف نشير الى دور المرأة بالتحديد.
وختم   الشيخ محمد حسن أختري  كلامه بالقول  " ان للمرأة دور بارز في قضية عاشوراء ، ويتجلى هذا الدور في عدة مجالات :
دور المرأة في نفس واقعة كربلاء ، من بداية خروجها مع الامام الحسين"ع" واهل بيته الاطهار"ع" من المدينة المنورة الى مكة المكلامة، ثمّ من مكة المكلرمة الى الكوفة ومن ثم الى العراق.
كان للمرأة دور بارز خلال مواكبتها لركب الحسين "ع" في هذه المسيرة وعلى راسها بطلة كربلاء زينب عقيلة بني هاشم وبنت امير المؤمنين "ع"، منذ دخولهم الى كربلاء ولغاية اليوم العاشر من محرم . فكان دورها يتجلى في الحراسة والتشجيع والمعاضدة . وحتى في يوم كربلاء كان للمرأة تجلي بارز تمثل في زينب "ع".
وعلى مرّ التاريخ تجلّت شخصيات نسوية عظيمة ادت دورها على جميع الاصعدة.

من جهته  المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان  الدكتور عباس خامه يار وبعد ان  شكر المشاركين في الندوة ,  أشار الى  كلام للإمام الخميني (قده) يقول فيه :

القرانُ الكريمُ يصنعُ الإنسانَ والمرأةُ تصنعُ الإنسان.. الإسلامُ لا يوافقُ على حريةِ المرأة فحسب، بل يُعتبَرُ واضعَ أسسِ حريتِها في جميعِ أبعادِها الوجودية... لهنَّ الحقُّ في التدخلِ في السياسةِ وهذا هو تكليفُهنّ... وفي الإدلاءِ بأصواتِهنَّ والحصولِ على أصواتِ الآخرين... وليسَ هناكَ أيُّ مانعٍ من التحاقِهنَّ بالجامعاتِ والإداراتِ والمَجالس... يجبُ أن تتدخلَ المرأةُ في مُقَدِّراتِ البلادِ الأساسية.

و سأل المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان   عن دورُ المرأةِ في المجتمع، وكيف تقومُ المرأة المسلمة خصوصاً ببناءِ مجتمعٍ سليمٍ وكيف بإمكانِها أن تفعل العكس؟

واشار  الدكتور عباس خامه يار الى ان زينب بنت علي (ع) "تُعطينا النموذجَ الأمثلَ لشخصيةِ المرأة، في أبعادٍ مختلفةٍ منها الصبرُ والقوةُ والعطفُ والتربيةُ وحمايةُ الأسرةِ وغرسُ ثقافةِ الإيثارِ ونُصرةُ الحقِّ وبَذلُ كلِّ ما يملِكُهُ الإنسانُ في هذا الطريق. فقد رأينا زينب أماً صابرة تحمي العيالَ في غيابِ الرجال، ورأيناها أختاً مجاهدة لم تترك أخاها الحسينَ وحيداً أبداً، فكانت إلى جانبِه في ثورتِه ضد الظلم، ووقفت في لحظةِ حيرةٍ أتُقاتلُ مع أخيها أم تحمي العيالَ وتبقى معهم، فاختارَت العيالَ وحمايةَ بناتِ الحسين وصغارِه، لأنّ جهادَ المرأةِ يختلفُ في الكيفية عن جهاد الرجل، بناءً على وظيفةِ كلٍّ منهما وقدراتِه التكوينية. اختارت زينب إكمال رسالة النهضة الحسينية والتبليغ بها في كل العالم حتى تصلَ صرخةُ الحق إلى مسامع البشر على امتدادِ التاريخ".

اضاف المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان" فتلكَ هي حريةُ المرأة الحقيقية، المرأة القوية صاحبة الصوت، المرأة الصابرة المحتَسِبة التي علا صوتُها في وجه يزيد: فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا. لقد أحيَت زينب ذكرَ أخيها الحسين وواقعة عاشوراء، فكانَ إحياؤها درساً للعالم أجمع. وما بلغَنا إلى اليوم من ملحمة الحسين، إنما هو الدرسُ الذي وصلَنا من زينب، والرسالة التي بلّغَتنا زينب بها، حدَثاً حدَثاً، حتى اكتملَتِ المصيبةُ بشهادةِ الحسينِ ووُلدِه وإخوتِه وصَحبِه، فكانت زينب أعظمَ الرواةِ وصاحبةَ أكبرِ عزاءٍ في تاريخ الإنسانية. تلك هي المرأة. وهنا تكمنُ عظَمةُ دورِها في مواجهة الطغيان والاستكبار والظلم بقوةٍ وصلابةٍ جعلتها لا ترى في مصابِها يوم عاشوراء إلا جميلاً".
وختم الدكتور عباس خامه يار  بتوجيه التحية الى الحضور، والمشاركات الكريمات "ممّن حضَرنَ لإحياءِ اليوم الأول من عاشوراء محرم، على طريقتهنّ في ظلّ الصعوبات التي نعيشُها, مجددا  التعزية للعالم الإسلامي برحيل آية الله الشيخ محمد علي التسخيري.


ثم تحدثت الدكتورة زينب عيسى رئيسة جمعية السيدة زينب(ع) الخيرية  
عن "دور المرأة في تبيان أبعاد الصراع الايديولوجي الرسالي_ السيدة زينب بنت علي (ع) نموذجاً

فقالت :تُمثِّل المرأة في جوهرها مستودع الموروث الثقافي الديني والحضاري كما أنها رُكنٌ أساس في البناء الأسري والمجتمعي. وكما يقول الإمام الخميني (قدس سرّه) المرأة هي تجسيد لتحقيق آمال البشرية وهي مربية المجتمع الإنساني فهي تقدِّم من خلال رعايتها وتربيتها الأسرية كوادر المجتمع وتزرع المبادىء والقيم الرسالية والفضائل الإنسانية... ودائماً يعطي مثالاً عن سيدات الإسلام السيدة خديجة والسيدة فاطمة(ع) وتربيتها لأبنائها الحسنين عليهما السلام والسيدة زينب عليها السلام التي سوف تُشكِّل محور توجّهيّ في هذا المؤتمر انطلاقاً من الدور الرسالي للسيدة زينب (ع) منذ خروج الإمام الحسين(ع) من المدينة الى مكة ومنها وصولاً الى كربلاء وما حلَّ بكربلاء(واقعة الطف) واستشهاده(ع).

وبعد كربلاء كان الدور الأساسي للسيدة زينب(ع) من خلال مسيرة الأَسِر من كربلاء الى الكوفة الى الشام فكانت السيدة زينب (ع) اللسان الناطق لأهوال كربلاء وإلا قيل أن الحسين(ع) تاه في الصحراء. والإمام زين العابدين عليّ بن الحسين(ع) كان دوره كبيراً أيضاً في خطبه ومواقفه ولكن حيث أن محور المؤتمر حول المرأة سأكتفي بالحديث عن السيدة زينب(ع) من حيث أنها شكَّلت أنموذجاً في تبيان أبعاد الصراع الأيديولوجي الرسالي القائم بين الحق الذي مثَّلته ثورة الإمام الحسين(ع) ، والباطل الذي مثَّله بنو أمية".

واضافت الدكتورة زينب عيسى ،" نحن مع السيدة زينب(ع) أمام شخصية راشدة تتمتع بمستوى عالٍ من الاقتدار والنضج النفسي والانفعالي في التواصل الاجتماعي وما يمكن التعبير عنه بالكفاءة الاجتماعية والذكاء الانفعالي طيلة تجربتها الوجودية الحياتية. تلك المقومات كانت أكثر بروزاً خلال وبعد وقعة كربلاء مع بداية رحلة السبي حيث أثبتت مقدرة هائلة في إدارة حياتها الانفعالية فكانت أمام أهل الكوفة مع كل المآسي والأهوال التي مرَّت عليها؛ إنسانة مفعمة بالثقة والإرادة. وقد ألقت خطاباً عرضت فيه القارعة التي ألمّت بالإمام الحسين(ع) وآل بيته. كما ألمحت الى الأهوال التي سوف يلاقيها أهل الكوفة (انذاك) نتيجة الخيانة والغدر في مواقفهم مع الإمام الحسين(ع). 

لقد كشف خطاب السيدة زينب (ع) في أهل الكوفة البناء النفسي الاجتماعي لأهل الكوفة وإشكالية الوعي واللاوعي عندهم من خلال الدخول الى عمق البنية النفسية باستخدام مفردات لغوية مليئة بالإيلام والتأنيب. وقد بيّنت الهوية المرجعية الدينية للإمام الحسين(ع) والحدث الهلعي باستشهاد حفيد النبوة والإمامة.  وقد عبّرت بقولها " وَأَنَّى تَرْحَضُونَ قُتِلَ سَلِيلُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَلَاذُ حَيرتِكُمْ وَمَفْزَعُ نَازِلَتِكُمْ  ....".

وقالت الدكتورة زينب عيسى "في خطاب السيدة زينب(ع) أمام عبيد الله بن زياد حين أدخلوا عليه في قصر الإمارة في الكوفة وأذِن ابن زياد إذناً عاماً. دخل الخطاب في إطار المجابهة الكلامية الحافلة بأشكال المواجهة والصراع والمكاشفة شكّلت تحرٍ في أعماق البُنى النفسية  التي ارتكزت على حدث تاريخي آني، هو وقعة كربلاء، والذي استفادت منه السيدة زينب(ع) الى استدراج وقائع تاريخية أعادت من خلالها الى وعي الحاضرين الهوية الاجتماعية الأسرية لابن زياد والتي اتخذت عنده طابع الدونية الاجتماعية.

كما أحبطت ساديته وأنويته وسلوكه النزوي وذلك بإبراز مشاعر النقص وعقدة العار وانعدام القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية لديه. وعلى المستوى النفسي أشارت الى اضطراب عصابي وميول دفينة لدى ابن زياد بسلوك إجرامي عبّر من ذاته  بما يسمى اضطرابات  الطباع. وهذا ما كشفه الحوار والمجابهة بين السيدة زينب(ع) وابن زياد (ولا سواء). لقد أحبطت السيدة زينب(ع) جبروت القدرة الذي  يجهد ابن زياد أن يعيشه كمجد نرجسي ذاتي".

          لقد شكّل الخطاب وثيقة تاريخية ثابتة، اكدت  الدكتورة زينب عيسى  وقالت "نستقرئ من خلالها المجتمع بتفاصيله وأحداثه، وصراعاته المليئة بالتناقضات. لقد حدَّد الصراع الإيديولوجي الرسالي السياسي، وكشف الحقائق وأبعاد الصراع القائم ما بين الحق والباطل.
وختمت الدكتورة زينب عيسى بناءً على ما تقدم أتمنى على كل إمرأة أن تقرأ سيرة السيدة زينب عليها السلام بدءاً من طفولة السيدة زينب (ع) وحتى وفاتها لتكون عليها السلام قدوة وبناءً نفسياً.

وبعد ذلك  تحدث من  دولة الكويت  الكاتبة  الدكتورة  زهراء الموسوي,الاستشارية النفسية ومؤلفة كتاب "قراءة نفسية في واقعة الطف"، ,  عن "دور الأم والزوجة في اتخاذ القرارات وانعكاسه على الأسرة", قفالت : وحتى فترات ليست بعيدة انحصر دور المرأة خصوصاً في المجتمعات غير الزراعية في البيت واعمال المنزل والانجاب ورعاية الابناء ولذلك قليلة المصادر التاريخية التي تذكر لنا عن سيرة وحياة حتى النساء البارزات في التاريخ.

لكن واقعة عاشوراء تعتبر من الوقائع المتميزة التي ييرز ويظهر فيها دور المرأة اولاً بشكل مؤثر جداً وثانياً بشكل ايجابي.
فالكثير من الوقائع السيئة التاريخية كانت تنسب للمرأة لكن في عاشوراء دور المرأة سواء جداً بارز سواء نساء أهل بيت الرسالة أو نساء الاصحاب وحتى نساء الاعداء وهذه من المواقف النادرة.

فمثلاً  وصل خولي ليلاً فوجد القصر مغلقاً، فأتى منزله فوضع الرأس تحت إجانة، وقد لامته زوجته النوار بنت مالك الحضرمي على هذا الفعل وقالت له: والله لايجمع رأسي ورأسك بيت أبداً، ولما أرسل المختار رجاله في طلبه أشارت إليهم بمكان مخبئه فأخرجوه من منزله وأقبل المختار حِينَ بلغه أخذه، فقتله إلى جانب منزله في سنة 66 هـ.

اضافت الدكتورة  زهراء الموسوي "هذا الموقف يبين اهمية دور المرأة في اتخاذ القرارات المرتبطة بالحق والباطل ويجب أن نعلم بأن الانصاف واتخاذ القرار في هذا المجال لا يختصر في مواقف مهمة ومصيرية مثل موقف عاشوراء بل نحن يجب أن نأخذ درس الحياة من عاشوراء ونطبقه في حياتنا اليومية.
فالقول المشهور بأن كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء يعني أن الحياة اليومية نسخة مصغرة لمواقف عاشورائية
لذلك يجب أن تعلم المرأة سواء كونها أم او زوجة أو أخت بأنها مسؤولة أمام المواقف الحياتية التي يكون فيها ظلم أو تعدي على الاخر مثلاً قصة زهير بن القين حيث روى رجل من بني فزارة: (انني رجعت مع زهير بن القين "دلهم" من مكة متخذين طريق العراق، لكن كنا نتحاشى ملاقاة الحسين بن علي (ع) في أي مكان نزلناه، وقد عزمنا على أنه كلما تحرك الإمام الحسين (ع) نزلنا، وكلما نزل تحركنا، لكنه اتفق أن نزلنا متجاورين معه، وخيمتنا كانت بجانب خيمته.

عندما كنا نتناول الطعام وصل فجأة رسول من الإمام (ع) فسلم علينا وقال: "يا زهير بن القين إن أبا عبد الله يريدك"، استولت عليَّ الحيرة عند سماعي لهذا الخبر، ولم أنتبه إلى اللقمة التي كانت بيدي كيف سقطت، أمَّا "دلهم" قالت لزهير: "ابن رسول الله يرسل في طلبك وأنت تتأسف في إجابته! سبحان الله ما المانع في أن تتشرف بلقائه وتسمع خطابه ثم تعود)".

واكدت الموسوي " هذه المرأة  أثرت في زوجها بكلامها وجعلت اسمه يسجل في سجل الشهداء والصالحين، وجعله هذا الموقف من عظماء التاريخ الإسلامي، فقرر زهير الذهاب إلى الإمام (ع) والتشرّف بملاقاته دون تردد، وتوقف وازدادت ارادته وحث زوجته (دلهم). فرجع إلى خيمته وأمر ببيعها مشترياً بذلك الإمام الحسين (ع) "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور لا أتطرق هنا الى دور السيدة زينب العظيم ولا إلى نساء أهل البيت كي لا نتحجج بأنهن تربين في بين النبوة والامامة أين نحن منهم.
بل أضرب الامثال بنساء من عامة المجتمع ونريد أن نطبق ذلك في حياتنا اليومية .

الدكتورة خولة القزويني من الكويت ايضا  ,الروائية والاستشارية الأسرية،  تحدثت عن  "مواجهة تسليع الغرب للمرأة لتدمير بنيان الأسرة؛ تعزيز ثقافة الاقتداء بشخصية زينب (ع)، فكراً وسلوكاً",  فاشارت الى ان  من يستقرئ واقعنا الاجتماعي يدرك أن هناك مشروعا يعمل في الخفاء على تفكيك الاسرة المسلمة وتغييب قيمها الروحانية والانساني واستجلاب فكر هدًام يعمل على خلخلة العقيدة.

هذا المشروع ليس له اذرع حديدية ولايستخدم القوة العسكرية بل تغلغل فينا عبر اساليب ووسائل ناعمة وهذا ماعبر عنه
( جوزيف ناي) وزير الدفاع الامريكي الاسبق بالحرب الناعمة وهي التأثير على الشعوب بوسائل سلمية لطيفة فكيف دمروا الاسرة ؟

نعرف ان المرأة هي المحور الذي تدور حوله الاسرة لهذا كانت مستهدفة فكرياً ونفسياً وعاطفياً ، كرسوا انوثتها في قضايا التجميل والتصابي وغيبوا الجانب الانساني فيها وأخذت وسائل الاعلام وبرامج التواصل الاجتماعي تروج برامج ومسابقات ودعايات واعلانات عبر نماذج اعلامية كالفاشنستات وفرض مقاييس جمالية عالمية جعلت المسلمات يلهثن خلف عمليات التجميل والتشبه بالفنانات والاعلاميات وتشكيل نموذج ضعيف ، مائع ، متذبذب للمرأة هم يريدون نمذج امرأة فارغة الفكر والقوة والسمو لتنجب جيلاً مائعاً ويريدون بالمقابل التعتيم الاعلامي على النموذج الاسلامي العظيم المتمثل بالسيدة زينب عليها السلام

يريدون قتل زينب بطلة كربلاء
أرادوا لزينب ان تموت
ويجب ان لاتأتي زينبات أخريات
فقد قال احد المستشرقين الاوروبيين
وهو( ادوارد مونتاغيوا) في مقال نُشر في الصحف البريطانية في اعقاب الحرب العالمية الثانية.
يقول من هذه زينب  التي قالت لطاغية عصرها يزيد
( فكد كيدك واسع سعيك فوالله لاتمحو ذكرنا ولاتميت وحينا )
زينب تهدد عرشاً عظيماً كعرش يزيد بن معاوية
لهذا يجب ان نقلل من شأن زينب وماتحمل من مبادئ وقيم وخلق وفكر وسياسة .

علينا ان نؤسس ثقافة تطارد زينب وتحطمها فلا تجد لها من يقتدي بها فيموت أثرها شيئاً فشيئاً فتخلو ا لنا عروشنا
فهكذا هم يخططون عبر الحرب الناعمة من اجل سلب المرأة المسلمة اهم عوامل القوة في شخصية فذه كزينب وصناعة ثقافات وتيارات مضادة ،انهم يستبدلون زينب العملاقة في امرأة تمثل الجمال والانوثة والازياء والاغراء واللهاث وراء الماديات والشكليات والجنس الناعم ، انهم خططوا لامرأة سطحية التفكير ، مشتعلة العاطفة والانفعال ، مهتمة بالموضة والميك اب واخبار الفنانين واغراقها في قصص الحب والخيال وقضوا على غريزة الحياء في المرأة تحت عنوان مساواتها بالرجل.
 
 
و اضافت د خوله القزويني "هكذا صارت المرأة غارقة في بحر الاوهام منشغلة بتجميل نفسها وتحسين صورتها وهنا كانت اماً فارغة لاتحمل مقومات التربية الاساسية لبناء جيل واعٍ ، متدين ، ملتزم" وافتتن الرجال بهذه المرأة التي اخذت تخلع حياءها وعفتها وأصبحت مادة لاثارة الغرائز.اذن هذه المرأة التي تمثل نواة الاسرة كانت سبباً في خلخلة الاسرة.


ومن تونس  تحدثت  فاديا الحسيني , الكاتبة والإعلامية، عن ممیزات الشخصیات النسویة الفذّة المشاركة في ملحمة عاشوراء وسبل التعریف بها لتكونَ قدوةً للنساء عموما".
بدأت كلمتها بالحديث عن استراتيجية السيدة زينب (ع) بعد عاشوراء التي ابتدأت واستمرت حتى يومنا هذا, استراتيجية ذات ابعاد متعددة ، وهي لولا زينب عليها السلام لم نكن نعلم بما حصل أو ماذا حصل في كربلاء  ، لم نكن سنعلم ما هي حجم المظلومية التي إلى الآن نعيشها وتعيشها المرأة عبر الزمن ، تلك المرأة التي حملت رأس أخيها من العراق من الكرب والبلاء إلى آخر وكل حدود عبرت بهذا الرأس وتحدثت إلى المئات والعشرات والآلاف لكي تقل لهم ، ماذا حصل هناك، لكي يكون الذي حصل في كربلاء هو سلاح ذو حدين ، سلاح للرجل ، وسلاح  للمرأة ، للمرأة المسلمة . لأن زينب هي جبل من الصبر ، وجبل من العزيمة ، وهي كانت الإعلامية الأولى عبر الازمان وعبرالتاريخ ، إلى أن أصبح الكتّاب العالميين يتحدثون عن مظلومية كربلاء ومظلومية آل البيت.

      وقالت الاستاذة  فاديا الحسيني "فعندما نرى الكاتبة البريطانية فيريا ستارك تقول ليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيرا من زياراته ما لم يقف على شيء من هذه القصة ، لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس ، وهي من القصص القليلة التي أستطيع قراءتها  من دون ان ينتابني البكاء ، فحتى البكاء أصبح عبر زينب هو سلاح للتعبير عن التأثر ،فالسيدة زينب عليها السلام ، نقلت لنا البكاء نقلت لنا القوة ، العظمة ، الوقوف في وجه الظلم فعندما نرى المرأة البحرانية وهي تقوم بغسل نجلها ، ابنها الشهيد وهي تقول لم أر إلا جميلا".
 فهذا شيء من موروث السيدة زينب ع ، عندما نرى المرأة اليمنية تقدم أبناءها للخوض في الحروب ضد الظلم وضد كل ما هو متكبر ومستكبر ، نقول بأنها مدرسة زينب ع ، فزينب لم تكن فقط هي تلك الضعيفة التي نقلت رأس أخاها بل هي كانت رسولة الإعلام والخبر اليقين والدليل ، ونحن كإعلاميين لا نعتمد فقط على الخبر بل على الخبر والصورة ، زينب كانت هي الشاهدة الأولى والأخيرة عن ماذا حصل في كربلاء ، نرى بأن زينب بما قدمت لنا وقُدِّمت لنا كجبل من الصبر، الصبر ليس فقط غدا سيحصل خيرا بل لا ، غدا وبعد غد وفي الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل سيحصل ، إذا زينب هي طريق ونهج نحو الإيمان بالله فعندما يقول الإمام الخميني: ( كلما رأيت شعبي يتقدم إلى الإسلام أكثر ويعلم الإسلام أكثر ويتمسك بدينه أكثر ، أرى بأن هذا لبشعب لا يوجد قوة في العالم تستطيع أن تكسره ) وهذا ما قدمته لنا زينب ، قدمت لنا الإسلام النسوي القوي وليس الضعيف ، الأسرة لا تحتاج المرأة الضعيفة والأطفال لا يحتاجون المرأة الضعيفة بل يحتاجون المرأة القوية ، وزينب جاءت بالنساء الكثيرات وكانت هي القوة لهن وكانت هي القدوة لهن فأوصلتهن إلى بر الأمان..
      وختمت  الاستاذة فاديا الحسيني كلمتها بالقول " إذا لولا زينب لم تكن المرأة في الإسلام تعيش في أمان، وتعيش في قوة وتعيش أمام هذه القوة العالمية وهذا الجبروت العالمي الذي جاء لتسويق المرأة على أنها متداولة وعلى أنها رخيصة وسلعة، بل جاءت زينب بمفهوم الستر والقوة في نفس الوقت ، فالتستر ليس هو ضعف وليس هو رجعية بل تقدم وتقدم نحو الأمام".
    إذا المرأة قدمتها زينب كفكر وكقوة وكمنطق وكعقلانية ، ولم تقدم زينب المرأة الضعيفة الذليلة إن كانت في بيت زوجها او كانت في المجتمع وان كانت في اي حرب تقودها ، لأن الحروب ليست فقط في العسكر بل في التربية ، التربية هي حرب من حروب هذه الأمم للنساء ، أيضا المنطق والعقلانية عندما نعلم أبنائنا الأمانة وعدم مد اليد على شيء ليس لنا وليس ملكنا ونوصله بأمانة هذه أيضا قوة وحرب.

 زينب علمتنا الصبر والقوة والعقلانية والمنطق ، لن أطيل عليكم كثيرا فأنا ضعيفة أمام هذه الجبال التي أمامي و الأفكار التي أمامي التي طرحت ، ولكن انا عشت في المغرب العربي وأرى كيف المرأة في المغرب العربي ، المغرب العربي وشمال أفريقيا ، المرأة قوية ، قوية عند الدولة ولكن ليست قوية في بيتها ولكن إنا لأنني من صلب العقيلة زينب عمتي ، وهذا فخر لي ، علمتني القوة علمتني أن أعيش و أربي أبنائي على السبل القوية والقيمة وأن يواجهوا كل ضعف في هذه الدنيا وهو التقرب إلى الحق ، فليس فقط يجب أن نكون نحن متدينين ، التدين والإيمان هناك شيء فارق كبير بينهما ، الإيمان في كل ما اعطانا اباه الله، والتمتع به على سبل صحيحة وهذا ما أعطتنا إياه زينب ، ونحن والحمد لله نؤمن بأن غدا سيكون أفضل خيرا لنا ولكم ولكل الأمة الإسلامية وفعلا ما رأيت إلا جميلا من زينب وما رأيت إلا جميلا من الله.

والكلمة الاخيرة كانت  للاستاذة " أمل سماحة " من الهيئات النسائية  في  لبنان وتناولت"عاشوراء وثقافة الصبر في دور السيدة زينب (ع)؛ زمن كورونا مصداقا".

وقالت "سماحة "كلام لا يشوبه شك أن المرأة لها دور أساسي في بناء المجتمع وتنميته وتطويره... فالنساء لهن الدور الأبرز في تنشئة المجتمعات.. ودور المرأة واسع جدا.. كأخت أو زوجة أو ابنة.. فهي هي تلك الشعلة التي تضيئ حنانا ودفأ وفكرا.. وفي داخل الاسرة.. لها الدور التربوي.. والدور الاجتماعي.. والدور الاخلاقي.. والدور النفسي.
والعقائدي والفكري... وهنا سنسلط الضوء على الجانب النفسي داخل الأسرة.

اضافت" الاستاذة سماحة "إن دور الأم العظيم الذي يتجلى من خلال ضمان الاستقرار العاطفي والنفسي لأفراد عائلتها.. يصنع منهم أشخاص متزنين.. مبدعين. والذي ينعكس على المجتمع بأكمله... منحهم الدعم المعنوي والنفسي في كل الأزمنة وخاصة باحتوائهم عند الشدائد..والذي يساعد على تنمية طاقاتهم...هذه الأم هي الاكثر التصاقا بالولد.. بالتالي الاكثر تأثيرا به والأقدر على توجيهه.. والتي خرجت إلى المجتمع ابناء صالحين من علماء وشهداء ومجاهدين.. إن عمل المرأة بتقديم  النموذج للقوة النفسية وتعليمها لأفراد العائلة.. هي بمثابة الحاجز والرادع الذي يساعد الانسان على مواجهة امتحانات الدنيا وبلاءاتها.. والدرع الذي يسقط عند أعتابه كل استدراج لابليس او نفس أمارة... هذه الأم التي هي القدوة  الأولى لولدها ترشده من خلال أعمالها ومواقفها قبل الكلام والمواعظ...وهي تقول بعملها "يا بني نحن لا يكسرنا أحد ما دمنا مؤمنين بالقوة التي ربيناها في داخلنا من خلال الثقة بالله والتوكل عليه".. من هنا ننشر ثقافة عاشوراء بشكل عملي وتطبيقي.. هذه القوة التي هي تحويل الضعف والهزيمة والتحدي إلى قوة وفرصة وأمل... فيكون الانسان صانعا للظروف والأحداث وليس العكس.. "لما يكون حكم العقل والتفكير والايمان بالله اكبر من الانهزام العاطفي ومن اي اسباب خارجية بتتغير المعادلات كتير".. وسر نجاحاتنا هيي القوة والثبات وعدم اليأس والاستسلام والبصيرة والوعي رغم كل التحديات والمصاعب....

واكدت " الاستاذة سماحة" ان سر قوتنا هو حضورة كربلاء في نفوسنا ة.. حضور زينب عليها السلام ونساء كربلاء في قلوبنا... فالمرأة في كربلاء كان لها ذلك الدور البارز والعظيم.. والذي ساهم في خلود عاشوراء.. ذلك الوجود الذي يمثل الزخم العاطفي.. يحفز.. يخفف الالام.. يقوي الهمم والارادة.. يشد الأزر.. رغم كل الآلام والجراحات.. تجاوزت المرأة عاطفتها وضعفها الجسدي وأدت مسؤوليتها بكل جدارة.. وقدمت النموذج للمرأة القوية القادرة على الصمود والثبات حتى في أحلك الظروف.. وهذا ما اكدته تلك السيدة العظيمة زينب عليها السلام.. تلك المرأة الرسالية القوية الحكيمة... لذا.. كانت دائما زينب شامخة قوية صابرة.. أبدا لا نراها مهزومة ولا ضعيفة ولا منكسرة رغم كل وجع وحزن وألم.. وهذا ما حرصت عليه كل امرأة وجدت في كربلاء.. ان يكون موقفهن موقف عز وعنفوان وقوة... كما حرص إمامهم على ذلك"والله.. لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد.." "هيهات منا الذلة..."
هذه الصرخة التي هزمت عروش الطغاة وفضحتهم.. عاشوراء انتصرت بدماء الحسين واصحابه واهل بيته.. وايضا بقوة زينب وعزيمتها وصوتها النابض.. ليكون صوتها يدوي في كل زمان ومكان ضد الظلم والابتلاءات والمصائب.. لتكون كل ساحة كربلاء.
من هنا وفي ظل التحديات الكبيرة التي نعيشها في ظل كورونا.. كانت المرأة لها دورا بارزا في بث القوة النفسية وروح الأمل وعدم الانهزام واليأس لدى أفراد أسرتها كأم.. وكزوجة تساند الرجل وتعاونه في تدبير المنزل.. وشاركت في جميع المجالات الحياتية كمعلمة وممرضة تداوي الجراح كزينب عليها السلام التي كانت تداوي جرحى كربلاء.

 وختمت سماحة كلامها بالقول :
"وكما يقول الامام الخميني:" الشعب الذي تقف نساؤوه في الصفوف الأمامية للعمل على تحقيق الأهداف الاسلامية لن يصيبه مكروه".

 وفي الختام تُليت رسالة من سوريا للاعلامية  روعة يونس وهذا نصها :

أنا متشرفة الآن لأنني أولاً أدلي بشهادة صغيرة في شأنٍ أو موضوع يتصل بالسلام عليه الحسين، شهيد الإنسانية.

وثانياً لأنني في حضرتكم عبر منبركم الموقر، إذ أفخر دائماً بإعلان انتماءٍ (ما) إلى جمهورية إيران الإسلامية. وأقول انتماء (ما) ليس لأنني أجهل هويته، بل لأنه انتماء متعدد الأوجه فيه السياسة والثقافة والروح والإنسان والإنجاز. مثل ما فيه من مقاومة أعتد بها وأتشرف.

ومن المهم هنا قبل أن أدلي برأيي أو مداخلتي أن أوضح: أنني وإن فقدتُ صوتي بسبب عمل جراحي في الأحبال الصوتية، لكن بعون الله لا أفقد كلمتي.. وأشكر كل من ساهم في إيصالها هنا إلى هذا المنبر الموقر.

فيما يخص محور دور  المرأة في النهضة الحسينية، سأحاول الإيجاز وأشير إلى دورين للمرأةعبر جيلين، مستعينة بتجربة والدتي -رحمها الله- معنا أخوتي وأنا. وبتجربتي أنا مع أبنائي.

أولاً- دور الأم:
نشأتي في عائلة مسيحية- متدينة غير متعصبة، لم تكن نشأة منغلقة، بفضل والدتي. التي كان دورها بارزاً في تعريفنا إلى سيرة "الحسين" عليه السلام. ولا أنكر أن بدايات والدتي بالاهتمام والاستماع إلى سيرة وثورة الحسين عليه السلام، كانت شرارتها ما كان يتردد عن تقاطع ما، بين سيرته وسيرة المسيح عليه السلام، تقاطعٌ يتصل بنبذ الظلم ورفض استلاب الحقوق وإعلان الثورة والمضي في روح الدين والحفاظ عليه وإن كان الموت هو الاختيار.

وذات مرة سألت والدتي: هل لو لم يكن هناك تشابه أو تقاطع بين سيرتيهما، كنتِ ستصرين على قناعتك واهتمامك بوقائع ومناسبات وزيارات مراقد الحسين وأهله عليهم السلام؟ فأجابتني: نحن نحب الفكر والأخلاق والإنسانية التي اتصف بها الحسين عليه السلام. وليس منطلقنا "ذاك التشابه أو التقاطع" بل منطلقنا هو بشخصه وسيرته ومسيرته.

ثانياً- دوري كأم:

أتاحت لي الدراسة والسفر وطبيعة عملي وميولي الأدبية، أن أطلع –ربما- أكثر من والدتي على تاريخ الحسين عليه السلام. فاطلاع أمي كان مقتصراً على "المحلية" أي ما تعرفه وتقرأه وتجده في محيطها الضيق عن الحسين عليه السلام.
اطلاعي من مصادر عربية وغربية على تاريخ الحسين وثقافته ومقولاته وحياته وصولاً إلى كربلاء. ولّد لدي معرفة أكبر، واعتقاداً بضرورة تمرير وإيصال رسالته عليه السلام لأبنائي.

لا أنكر أن لدى الأبناء اهتمامات ربما غير دينية أو تاريخية. لكن قناعتي بأن الثورة والنهضة الحسينية تتجلى في إحدى صورها الآن عبر المقاومة. مقاومة الشر والمحتل والظلم، ورفض المساس بالحق والكرامة والأرض والعرض تمكنت من استدعاء سيرة ومسيرة الحسين عليه السلام، ومقاربتها بما يحدث في الواقع الآن. وكيف أننا في مقاومتنا نُشكل امتداداً لتلك الثورة والنهضة.
فأنا -ومثلي أبنائي- لست "مواطن مسيحي" بل مواطن سوري ينتمي إلى الشرق إلى الإنسانية، ينتمي إلى هذه الأرض وهذا التاريخ الذي أحد سادة شباب الجنة فيه هو الحسين عليه السلام.

دور المرأة المسيحية في تكريس وتعزيز النهضة الحسينية أصعب من شقيقتها غير المسيحية. لهذا على المرأة المسيحية إن شاءت الانتصار لسيرة ومسيرة واسم الحسين، أن تعتمد على مقاربة الحاضر والماضي. وعلى ما مثّلته محاربة الشر والظلم والخيانة قبل 1350 عاماً، ومحاربة الشر والظلم والخيانة الآن في عصرنا الحالي.
 



/110




 
https://taghribnews.com/vdcd9s0ojyt0596.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز