تاريخ النشر2015 28 June ساعة 12:05
رقم : 196411

نفحات رمضانيه تعيشها القيروان في ليالي القدر

تنا
ما يزال جامع عقبة بن نافع بمحافظة القيروان (وسط تونس)، الذي وضع أساسه الفاتح عقبة بن نافع الفهري سنة 50 للهجرة، يجتذب أفئدة المسلمين، من كل أرجاء القيروان وتونس، وتشد إليه الرحال، ومن خارجها، لا سيما في شهر رمضان المبارك.
نفحات رمضانيه تعيشها القيروان في ليالي القدر
وتزداد جاذبية الجامع لآلاف المصلين خلال رمضان لأداء صلاة التراويح، خلف أئمة جامع عقبة، التماسًا لنفحات وبركات الشهر الكريم واستظلالاً بالمعالم الدينية العتيقة.

بعد الإفطار بقليل، يبدأ المصلون في التوافد على الجامع، يساعد بعضهم العاملين بالجامع على فرش السجادات الاصطناعية الخفيفة على البلاط الرخامي العتيق.

ومع اقتراب موعد صلاة العشاء، بعد ساعتين من الإفطار على عادة أهل القيروان، ترى المصلين يحثون الخطى الى الجامع، فرادى وجماعات، من أجل الحصول على موضع صلاة، ومنهم من يحمل معه سجادته الخاصة، كأنهم في سباق، حتى يلا تجد مكانًا في الجامع.

يختار معظم المصلين مكانهم في صحن الجامع(وسط)، ومنهم من يختار موضعًا في الأروقة التي تتشكل بها عادة حلقات حفظ القرآن الكريم، وكانت على مرّ العصور أماكن لحلقات العلم والفقه، قبل أن يوحدها الامام سحنون في حلقة علم واحدة على المذهب المالكي (776م – 854م).

ويبقى “بيت الصلاة” التي ترفعها أعمدة من الرخام البيزنطي، المصمم بدقة هندسية وعناية فنيّة مبهرة، خالية من المصلين بعد خروج الأئمة وإتمام درس الفقه، على عادة شيخ المدينة المرحوم عبد الرحمان خليف (توفي عام 2006)، علّامة القيروان وإمام جامع عقبة ومؤسس الجمعية القرآنية بها خلال الستينات.

لا يكاد صوت الأذان يصدح من أضخم مئذنة من بين 365 مسجداً وجامعًا، في القيروان، حتى يكتمل رصّ الصفوف استجابة لنداء الإمام.
عدد قليل جدًا من بين الآلاف التي جاءت الى جامع عقبة، من يغادر قبل بدء صلاة التراويح. فالذين جاءوا من بعيد على متن سيارات اكتظت بها الكراجات المحيطة بالجامع الأعظم، لا يسعهم المغادرة قبل أداء صلاة التراويح خلف أئمة يتلون القرآن الكريم بقراءات تجمع بين عذوبة الصوت والخشوع.

وتشتهر القيروان في القراءات عند الصلاة برواية قالون عن نافع. يتم تحفيظها في الكتاتيب والمدارس القرآنية، وهي الأكثر شيوعًا.

ويقول شيخ جامع عقبة، الطيب الغزي ، إن رواية قالون هي “الشهيرة في القيروان وفي تونس″ و”نحن نعتز بها ويكفي فخرًا أنها تعود إلى نافع قارئ المدينة”.

معظم القرّاء الذين يؤمون الناس من الشباب، حفظوا القرآن عن مؤدبين ومدرسين خارج الجامع، بدار القرآن (أسسها الشيخ عبد الرحمان خليف في الثمانينات).

وقال الشيخ الغزي إن جامع عقبة يعج بالمصلين في صلاة التراويح (وكذلك مساجد أخرى). وهؤلاء يأتون من محيط مدينة القيروان والقرى المجاورة، وكذلك من مدن مجاورة. ويتضاعف عدد الوافدين خلال العشر الأواخر من رمضان خلال صلاة القيام (تسمى في القيروان التهّجد).

والسّبب في هذا الاقبال، حسب الشيخ الغزي “أن هناك سرًّا(لم يسمه) في جامع عقبة، يجذب فئات مختلفة من الشباب والكهول والشيوخ والأطفال برفقة آبائهم، ويفضلون الصلاة في جامع عقبة على مساجد أخرى.

المقرئ عمر مزهود ( 40 سنة) قال إنه حفظ القرآن الكريم طفلاً، وقد بدأ في إمامة الناس في التراويح، منذ كان في ال16 من عمره.
وأوضح إن القيروان تمتاز بـ “تقديم حفّاظ القرآن في المحاريب دون سواهم”ن حيث لا يعتمد الإمام على القراءة من المصحف، وإنما يعتمد على حفظه عن ظهر قلب، وكذلك المصححون من خلفه. وهذه ميزة جميع مساجد القيروان.

وأشار مزهود أنه يوجد في القيروان أكثر من 300 حافظ للقرآن الكريم، بقواعده من الشباب والكهول.
ويقول الإمام الشاب رشيد العلاني ( 20 سنة) أنه حفظ القرآن في سن 17 سنة، عند الشيخ المكي بكّار (دعا له بالخير). داعياً الشباب الى النسج على منواله.

جوهري عمر،  شاب أندونيسي يدرس بالجامعة التونسية (21 عاما)، وجدناه بين المصلين في جامع عقبة، قال: “جئت لأداء صلاة التراويح وسائر الصلوات بجامع عقبة بن نافع خلال شهر رمضان”.

أضاف الأندونيسي انه يقضي كامل شهر رمضان في القيروان ويعود الى بلده بعد العيد. وقد كان مع جوهري في جامع عقبة 4 من مواطنيه، يؤدون صلاة التراويح، وهم يسكنون مع عائلات تونسية في القيروان حسب توضيحه.

عرف جوهري القيروان اثناء مجيئه الى تونس العام الماضي وطالع كتبًا ومطويات سياحيّة ورد فيها أن الحضارة الإسلامية بتونس بدأت بالقيروان وقال: " أريد أن أعرف معرفة دقيقة هذه المدينة" في إشارة إلى معالمها وخصوصياتها. وقال إنّ أهم ما أعجبه في القيروان هو جامع عقبة هو وكذلك "وجود عدد كبير من الناس يصلون الصلاة في وقتها بعدد كبير في رمضان والحرص على حفظ القرآن الكريم".

تمكن جوهري عمر من الحصول على إقامة بمبيت الجمعية القرآنيّة بالقيروان. وهذه الجمعيّة تستقبل بدورها 26 شابًا افريقيا، من بوركينافاسو وأوغندا وغيرها جاءوا لحفظ القرآن الكريم، منذ فترات تترواح بين عام و5 أعوام، يقضونها في الحفظ دون سواه.
وكل من يحصل على شهادة الحفظ يعود الى بلده ليقوم هناك بفتح كتاب أو التدريس في مدرسة قرآنية أو مواصلة دراسته الجامعيّة وتحظى شهادة الحفظ القيروانية بتقدير من عديد الدول الاسلامية .

ويتعاظم سحر القيروان ونفحاتها في ليلة الـ 27 بشكل لا يوصف على مستوى العبادات والعادات والفرحة وأفواج الزائرين من مختلف الجهات ليشهدوا ليلة هي خير من الف شهر.
https://taghribnews.com/vdcb80b88rhb9ap.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز