تاريخ النشر2022 11 September ساعة 10:57
رقم : 565063
المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية

حديث التقريب...... التوحيد يجمعنا

تنا- خاص
حديث التقريب... التوحيد يجمعنا : إنها لمسؤولية كبيرة على دعاة الاسلام. وعلى الاعلام النزيه أن يَجِدّ ساعياً في إطار جهاد التبيين ليوجه الأمة الى التوحيد بمعناه الانساني الحضاري الذي أراده الله سبحانه وتعالى.وهذا هو السبيل لوحدة الأمة ولعودتها الى ساحة التاريخ .
حديث التقريب...... التوحيد يجمعنا
حديث التقريب
التوحيد يجمعنا


لا شك أن التوحيد هو النداء الأول للرسالات السماوية. والرسالة الخاتمة دعت الأديان الالهية جميعاً الى كلمة سواء تحت راية التوحيد: (قُلْ يا أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سواء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ).

التوحيد بمفهومه العملي الصحيح قادر على أن يوحّد البشرية جمعاء.. لأن أساس الفرقة بين الشعوب والقبائل هو انعدام التبادل المعرفي بينها، وسبب هذا الانعدام المعرفي هو التفرق الناشئ عن عبآدة الالهة المتعددة وأشدّها عبادة الذات التي تحول دون الاستماع الى رأي الآخر، والى انعدام التفاهم بين الأفراد والجماعات، يقول سبحانه: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ).
الآية تبشر الذين يجتنبون الطاغوت، والطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله... إنه الانحراف عن التوحيد، والآية تبشّر الذين يرفضون الطاغوت ويتجهون الى التوحيد. تبشرهم بانهم (يستمعون) القول ويختارون أحسن ما يسمعون. عبادة الطاغوت إذن تسدّ الآذان وتمنع من الاستماع، وإذا انعدم الاستماع انعدم التبادل المعرفي أيضاً. وانعدام هذا التعارف يؤدي طبعاً الى بروز الشكوك والهواجس في العلاقات الفردية والاجتماعية، وبالتالي الى حضور شياطين الانس والجن ليوسوسوا وليملأوا الاجواء بالشرور، ولهذا حذّر القرآن الكريم من ظهور هذه الحالة على الساحة الفردية والاجتماعية: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ).
هذه الحالة هي التي فرّقت الشعوب والافراد، وخلقت النزاعات والحروب، وكلها من إفرازات عبادة الطاغوت والبعد عن عبادة الله الواحد الاحد.
البشرية توّافة الى السلام والوئام، ومن الطبيعي أنها توّافة أيضاً الى التوحيد ورفض الألهة المزيفة، لكن الطاغوت أو الطواغيت يقفون بوجه مسيرتها، وبذلك يملأون الساحة البشرية بالدماء والدموع. وهذا ما نشهده اليوم في العالم.
وستبقى هذه الحالةُ مادام الطواغيت مسيطرين على مقدرات الشعوب، ومادامت الشعوب مقهورة لا حول لها ولا قوة. لكن هذه الحالةُ شاذةً في مسيرة التاريخ. مسيرة التاريخ في رأي المدارس الفكرية بأجمعها تتجه نحو الكمال والسلام والوئام.
ليس هذا هو رأي الاسلام فحسب بل حتى المدارس الارضية المادية لها هذا الاتجاه. الماركسية ترى في المجتمع الشيوعي حلاّ لكل ما تعانيه البشرية عن صراعات وأزمات، والمدرسة الليبرالية الديمقراطية كما يقول فوكوياما ترى في سيادة هذه المدرسة حلاً لمأساة البشرية ونهاية للتاريخ. وإذا كانت هذه المدارس الارضية تثبت فشلها يوماً بعد يوم في حلّ الصراع القائم فان الإسلام يبقى يعلن نداءه الأبدي أن "تعاولا الى كلمة سواء" شرط عبادة الله الواحد الاحد، واجتناب الطاغوت.
وإذا كان هذا النداء الانساني موجه الى البشرية جمعاء فانه يتوجه الى المسلمين الذين شاء الله لهم أن يكونوا (الأمة الوسط) و(الأمة الشاهدة) بدرجة أولى.
والتوحيد في العالم الاسلامي اليوم يواجه مخاطر كبيرة أهمّها تعملق الآلهة المزيفة على الساحة، مثل آلهة الاهواء والشهوات الهابطة، وآلهة المال والجاه، وآلهة أصحاب القوة والسلطان.
وكذلك يواجه خطر تحريف مفهوم التوحيد الانساني الحضاري السامي، وتحويله الى مفهوم بدوي هو أقرب الى الشرك منه الى التوحيد. هذا المفهوم المنحرف الذي علا صوته على يد داعش صنيعة أميركا، ومن قبلها على يد التيار الوهابي الذي ولد من رحم بريطانيا.
إنها لمسؤولية كبيرة على دعاة الاسلام. وعلى الاعلام النزيه أن يَجِدّ ساعياً في إطار جهاد التبيين ليوجه الأمة الى التوحيد بمعناه الانساني الحضاري الذي أراده الله سبحانه وتعالى.
وهذا هو السبيل لوحدة الأمة ولعودتها الى ساحة التاريخ وبالله التوفيق.
    
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية


/110
https://taghribnews.com/vdcepn8nxjh8p7i.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز