تاريخ النشر2022 13 February ساعة 15:29
رقم : 538466
المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الإسلامیة - الشؤون الدولية

حديث التقريب...... علي بن أبي طالب(ع) رائد وحدة الأمة الإسلامية

تنا- خاص
حديث التقريب : لقد كان عليّ حقًا في قمة دعاة وحدة الأمة الإسلامية لإنه استوعب الرسالة الإسلامية بأبعادها كلها، فنظر إلى كلّ أمر من أمور المسلمين بهذه النظرة المستوعبة، فَعَظُم مُرسلِ الرسالة والرسالة نفسها في نفسه فصَغُر ما دون ذلك في عينه.
حديث التقريب...... علي بن أبي طالب(ع) رائد وحدة الأمة الإسلامية
حديث التقريب
علي بن أبي طالب(ع)
رائد وحدة الأمة الإسلامية
 
في الثالث عشر من شهر رجب كل عام تجري في كثير من البلدان الإسلامية احتفالات بمناسبة ذكرى مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وفي إيران أُطلق على هذا اليوم أسم يوم (الأب)، كما أطلق على يوم مولد الزهراء بنت رسول الله اسم يوم (الأم) أو يوم المرأة.
هذه سُنّة حَسَنة أن نتّخذ من جذورنا ومعتقداتنا وثقافتنا أسماء لأيام بعينها للاحتفال بها بدلاً من تلك الأسماء التي تطلق على بعض الأيام مستوردةً من الغرب ولا تمتّ إلى جذورنا بصلة.. هذا هو تأصيل المناسبات، وهو جزء من تأصيل يجب أن يعمّ كل حياتنا العلمية والثقافية والفنية.
وعليّ - الأب هو قدوة لكل أب مسلم بل لكل أب إنسان، إذ تخرج في مدرسته التربوية مَنْ تفخر بهم الأمة الإسلامية بل مَنْ يعرفهم من البشر أجمع.. تخرج فيها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
مدرسة رفع الله قدرها بعلي بن أبي طالب وبزوجه الزهراء البتول فكانت جامعة لكل ما يستوجب كمال الأسرة الإسلامية.
نريد هنا أن نتوقف عندما يرتبط بمهمة التقريب بين المذاهب الإسلامية ومسؤولية وحدة هذه الأمة، وهي المسألة الأهم لنا اليوم في ظروفنا الحساسة الراهنة.

لقد كان عليّ حقًا في قمة دعاة وحدة الأمة الإسلامية، ويعود ذلك إلى:

الأول: إنه استوعب الرسالة الإسلامية بأبعادها كلها، فنظر إلى كلّ أمر من أمور المسلمين بهذه النظرة المستوعبة، فَعَظُم مُرسلِ الرسالة والرسالة نفسها في نفسه فصَغُر ما دون ذلك في عينه.
النظرات الضيقة التي تصدر من هذا وذاك بشأن أي شأن من شؤون الإسلام والأمة الإسلامية هي بسبب عدم استيعابهم لأبعاد الدين المبين، ومن لم يستوعب المشروع الإسلامي الكبير للحياة يكون صغيرًا في نظرته، وعندئذ تكبر في عينه الأمور الصغيرة.
الطائفيون الذين ينطلقون من نظراتهم الضيقة يتجهون لمعاداة أعظم مبدأ من مبادئ الإسلام وهو وحدة الأمة: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ "
بل بعضهم يتمادى في ضيق نظره فيكفّر ويحلّ سفك دماء من لا يتفق معه مذهبيًا، فتسود الفتن وينشق صف الأمة.
علي بن أبي طالب(ع) اتخذ الموقف الصارم في الدفاع عن وحدة الأمة بسبب نظرته البعيدة إلى مبدأ وحدة المسلمين. كان يرى أن كل ظلم بحقّه يهون تجاه سلامة المسيرة التي بدأت مع نزول الوحي على رسول الله(ص)، وكان يردّد «لا سَلّمنّ ما سَلِمتْ أمور المسلمين ولم يكن فيها جور الإعليّ».
سلامة أمور المسلمين هو الهدف الكبير لعليّ في حربه وفي سلمه وفي حكومته وفي وقوفه ناصحًا ومرشدًا وموجهًا في مراحل حياته بأجمعها.
لقد نهض بدور الإمامة على أكمل وجه صيانةً للرسالة واطاعةً للمُرسِل واتباعًا للرسول.
بعد أن قُبض رسول الله(ص) وتمّت البيعة لأبي بكر في السقيفة قدم العباس وأبو سفيان إلى علي(ع) يطلبان منه أن يقبل البيعة بالخلافة، فشمّ من هذا الكلام رائحةَ الفتنة فقال بنبرة حادة قاطعة:
« أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ وَ عَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ وَ ضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ»
وبذلك رفض «الفتنة» و«المنافرة» و«المفاخرة». مستهدفًا بذلك المصلحة العليا للرسالة.
الأمر الثاني الذي جعل الإمام في قمة دعاة الوحدة هو ترفّعه عن مصالحه الذاتية وعن الانهماك فيما ينهمك فيه عامة الناس من مال ومتاع.
وهذا ما جعله يدفع بالمجتمع الذي يقوده أو قل على الأقل بدائرة الخلّص من أصحابه نحو الأهداف الكبيرة للرسالة الإسلامية ويبعدهم عن الانغماس في الذاتيات الضيقة.
لقد كان اختياره للكوفة عاصمة لخلافته بدل المدينة لِحكمة كبيرة، مِنْ أبعادها أن يكون قريبًا من البلاد المفتوحة كي يثبّت فيها أركان الإسلام والإيمان ويبعد أهلها من النزلزل الذي قد يحدثه سوء تصرّف بعض الولاة. وكان أول ما خاطب به العراقيين بقوله: «يا أهْلَ الْكُوفَةِ اِذا أَنَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكُمْ بِغَيْرِ رَحْلى وَراحِلَتى وَغُلامى فَاَنَا خائِنٌ»!!!
فانا خائن!! من يستطيع أن يقول ذلك من الحكام سابقًا ولاحقًا حتى يومنا هذا اللهم إلا من أوتي حظًا أن يكون على نهج علي(ع) أو أن يقترب منه.
الكتاب الذي أرسله إلى عامله على البصرة عثمان بن حنيف فيه خطاب يرفع النفوس الضعيفة إلى مستوى أهداف الرسالة الإسلامية ويبعدها عن المزالق التي تؤدي إلى الصراع والنزاع والشقاق. وفيه يرفض تصرف عامله في حضور وليمة دُعي غليها الأغنياء وأُبعد عنها الفقراء ويطلب منه أن يقتدي بإمامه ويقول: « ألا و إنَّ لِكُلِّ مَأمومٍ إماما يَقتَدي بِهِ و يَستَضيءُ بِنورِ عِلمِهِ ، ألا و إنَّ إمامَكُم قَدِ اكتَفى مِن دُنياهُ بِطِمرَيهِ ، و مِن طُعمِهِ بِقُرصَيهِ ، ألا و إنَّكُم لا تَقدِرونَ عَلى ذلكَ ، و لكِنْ أعِينوني بِوَرَعٍ و اجتِهادٍ ، و عِفَّةٍ و سَدادٍ فَوَاللَّه مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراًـ ولَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً ـ ولَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً».
ويقول: « أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا...»
هذه الصرامة في رفض التمييز الطبقي ورفض التفاخر بالأموال والثروات هو أكبر ضمان لصيانة المجتمع من التمزق والصراع.
هذه إشارات عابرة فقط لشخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب التي أهلته لأن يكون في قمة حملة راية وحدة الأمة الإسلامية.
نسأل الله أن يوفقنا للاهتداء بهذه القدوة الصالحة في مسيرتنا لصيانة وحدة الأمة الإسلامية.
 
 
 
 
                                              المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                               الشؤون الدولية
 
https://taghribnews.com/vdcb0wbs0rhbfap.kuur.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز