تاريخ النشر2021 1 September ساعة 11:50
رقم : 517288
الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشؤون الدولية

حديث التقريب نحو استعادة مكانتنا العلمية

تنا- خاص
كما قلنا بمناسبة يوم تكريم أبي علي بن سينا ويوم الطبيب، إذ من منطلق هدفنا في التقريب بين المذاهب اﻻسلامية، و وحدة الأمة اﻻسلامية نرى أن التعاون العلمي بين الجامعات ومراكز الأبحاث في البلدان اﻻسلامية قادر على قطع شوط هام على طريق الوحدة وطريق التقريب.
حديث التقريب        نحو استعادة مكانتنا العلمية
حديث التقريب

نحو استعادة مكانتنا العلمية

 
يوم الثالث والعشرين من أغسطس – آب هو في إيران يوم تكريم أبي علي بن سينا ويوم الطبيب. وهذا التكريم له دلالته على استثارة ذاكرة ماضينا العلمي، والحثّ على استعادة هذه المكانة بين أمم الأرض.
ابو علي حسين بن عبدالله بن سينا (370-428هـ / 980- 1037م) الطبيب العالمي المشهور في تاريخ الطب، وكان أيضًا من كبار فلاسفة المسلمين. له في الطب كتاب القانون ترجمه الغربيون إلى اللاتينية وطبع في القرن السادس عشر بروما، ثم توالت طبعاته في القاهرة وشبه القارة الهندية، مع أن ابن سينا فارسي في المولد والمربى، لكن كتبه بالعربية وقليل منها بالفارسية.
حين كان العالم الإسلامي دائرة حضارية واحدة طاف ابن سينا في أصقاع عديدة من بلاد المسلمين بهدف «التعارف» العلمي والتبادل الحضاري، ثم حطّ رحاله في الشوط الأخير من حياته بمدينة همدان غرب إيران وفي هذه المدينة مقبرته ونصبه التذكاري والجامعة التي تحمل اسمه.
المسلمون عرفوا ابن سينا في عصره وأخذوا عنه علومه في الطب والفلسفة والمنطق والطبيعيات والإلهيات.
وبمناسبة يوم الطبيب نلقي نظرة على ما أحرزه المسلمون من تقدم في الطب ونقتصر على صقع واحد هو «الأندلس»، مؤكدين أن المسلمين بإمكانهم أن يستعيدوا دورهم العلمي على الساحة العالمية، ومكررين القول إن وحدة الأمة الاسلامية بكافة قومياتها ومذاهبها لا تتحقق إلا في ظل نهضة علمية رائدة وفي ظل إقامة بناء «الحضارة الاسلامية الحديثة».

قبل الحديث عن التقدم العلمي والتقدم في حقل الطب خاصة في الأندلس نشير أولا إلى أن الأندلس تشكل مثالا مما شهده المسلمون في عصر ازدهارهم الحضاري من تقدم علمي، ونشير ثانيًا إلى أن إسبانيا قبل الفتح الإسلامي كانت في أسوأ حالات التخلف الاجتماعي والفكري والعلمي، ولكن دخول الاسلام هو الذي أحدث هذا التطور الكبير في مختلف الحقول هناك ونقف فقط عند الجانب الطبي.
ظهرت بالأندلس حركة علمية باهرة في حقل الطب، ومن بين قائمة الأطباء الأندلسيين نذكر الزهراوي، ابا القاسم خلف بن عباس، وهو المنسوب إلى مدينة الزهراء غرب قرطبة. ألف موسوعة طبية في ثلاثين جزءًا بعنوان: كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف في الطب العام وفي الصيدلة وفي الجراحة. وترجم قسم الجراحة في القرن الثاني عشر الميلادي إلى اللاتينية، ثم تُرجمت أقسام أخرى منه. وانتشرت هذه الترجمات في البلدان الغربية، وظل قسم الجراحة منه يدرس في الجامعات الأوربية حتى القرن السابع عشر الميلادي. ويعدّ الأوربيون الزهراوي إمامهم في الجراحة، ويعدّ بحق أبا الجراحة العالمية كما يعدّ البطْروجي (وهو اندلسي أيضًا) أبًا لعلم الفلك العالمي.
في الأندلس بيوت توارثت علم الطب، مثل بيت بني زهر في أشبيلية، جدّ هذه الأسرة عبدالملك وعليه تتلمذ ابنه أبو العلاء، الذي نُشر كتابه النكت في الطب بالعربية والفرنسية في باريس سنة 1911م.
وعليه تتلمذ ابنه عبدالملك، واشتغل الأطباء بمصنفاته، ومن مؤلفاته كتاب التيسير وهو في الطب العملي (الكلينيكي)، ويعدّ أعظم طبيب مسلم عمل بعد الرازي، كما يقول الدوميلي.
نذكر أخيرًا أن أبا الوليد ابن رشد فيلسوف الأندلس المتوفى سنة 595هـ له كتاب الكليات في الطب، وترجم إلى اللاتينية وطبعت الترجمة سنة 1482م وأعيد طبعه مرات. والجمع بين الفلسفة والطب نراه عند أكثر من عالم مسلم مما يدلّ على اهتمام الثقافة الإسلامية بالجانب العقلي والروحي والمادّي بشكل متعادل.
علم الصيدلة تطوّر مع علم الطب لما بينهما من علاقة، وقائمة الصيادلة الأندلسيين طويلة، نرى أسماءهم في كتاب طبقات الأطباء والحكماء لابن جُلجُل أبي داود سليمان بن حسان. وابن جلجل هذا من الصيادلة، وله كتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة.
من الصيادلة من اهتمّ بالأشجار والأعشاب والفلاحة لارتباطها بالعقاقير. ومنهم أبو الحجاج الأشبيلي وله كتاب المقنع في الفلاحة ألفه سنة 467هـ، ونشره مجمع اللغة العربية الأردني. ومنهم ابن العوام أبو زكريا يحيى بن محمد صاحب كتاب الفلاحة المنشور بمدريد، وهو موسوعة تاريخية في علم النبات.
أهم صيادلة المسلمين ابن البيطار، ضياء الدين عبد الله بن أحمد، المالقي النباتي الأندلسي ولد عام 593هـ ولُقب بالنباتي لأنه كان عالم عصره في علم النبات. وأسرته معروفة بالطب البيطري.
ابن البيطار توفي سنة 646هـ بعد أن قدّم خدمات علمية جُلّى للصيدلة، وأهمّ ما خَلّفَهُ كتابان الأول: جامع لمفردات الأغذية والأدوية مطبوع في القاهرة، ويذكر أسماء الأدوية باليونانية، ويضيف إليها أسماءها بالفارسية والبربرية والإسبانية الدارجة. والثاني: المغني في الأدوية وترجم كتابه الجامع إلى الفرنسية والألمانية.
هذه الإضاءة السريعة لما تحقق في الأندلس من تقدم باهر في حقل الطب ذكرناها – كما قلنا بمناسبة يوم تكريم أبي علي بن سينا ويوم الطبيب، إذ من منطلق هدفنا في التقريب بين المذاهب اﻻسلامية، و وحدة الأمة اﻻسلامية نرى أن التعاون العلمي بين الجامعات ومراكز الأبحاث في البلدان اﻻسلامية قادر على قطع شوط هام على طريق الوحدة وطريق التقريب. والله المستعان.
                                              المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
                                                               الشؤون الدولية


/110
 
https://taghribnews.com/vdcaa0nma49n6u1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز