تاريخ النشر2010 15 October ساعة 22:25
رقم : 28375
فضل الله : في خطبتي صلاة الجمعة

لبنان: لشبكةِ أمانٍ عربيَّة وإسلاميَّة

استقبل لبنان في هذه الأيّام ضيفاً عزيزاً، وأخاً كريماً، آلى على نفسه إلا أن يقف إلى جانبه في قضاياه المصيريّة ومشاكله الاقتصاديّة، وأن يكون سنداً له في مواجهة المحتلّ.. فهو البلد الّذي ينبغي للجميع فيه أن يعرفوا من هم أصدقاء لبنان الحقيقيّون ومن هم أعداؤه، لأنّ القضيّة تتّصل بمصير البلد، ولا تتّصل بحركة المزاج، في أن يعمل كلّ فريقٍ محليّ على إنشاء مروحةٍ من العلاقات الخارجيّة الّتي لا تأخذ بالاعتبار واقع البلد ودوره في حماية قضايا الأمَّة ومواقعها الحيويَّة والاستراتيجيَّة.
لبنان: لشبكةِ أمانٍ عربيَّة وإسلاميَّة
وكالة أنباء التقریب (تنا)

اضاف السيّد علي فضل الله،في خطبتي صلاة الجمعة، في حارة حريك (بيروت )، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، قائلاً : ونحن في الوقت الّذي نؤكِّد أهميَّة استمرار إيران في دورها الَّذي أثبتت من خلاله أنَّها منفتحة على لبنان الدّولة، وعلى جميع الطّوائف والمذاهب والأطياف اللّبنانيّة، نريد للجميع في لبنان أن ينفتحوا عليها، لاستثمار ذلك كلّه لحساب قوّة لبنان ومنعته في مواجهة العدوّ وكلّ الطّامعين.

إنّنا نتطلّع إلى شبكة أمانٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ تعمل على حماية لبنان من المشاريع الدّوليّة القادمة تحت عناوين قضائيّة دوليّة وغيرها. ولذلك، فإنّ المطلوب من اللّبنانيّين ألا يستغرقوا في جزئيَّات السِّجال السياسيّ المتواصل الحامل لكلِّ التّفاصيل المحليَّة، لأنّ الأمور هي أكبر بكثيرٍ من السِّجالات الدّاخليَّة الَّتي يتوزّع فيها الكثيرون أدوراً رُسمت لهم سلفاً. ولذلك، علينا أن نعمل جميعاً للوحدة، وأن نعدّ العدّة لمواجهة العدوّ الّذي يستعرض عضلاته العسكريَّة في المناورات الجديدة، حتَّى لا يسقط البلد فريسةً بيده، أو في أتون الفتنة القاتلة الّتي لا يمكن أن تكون إلا نقمةً ووبالاً على الجميع.


وكذالك اضاف السيد فضل الله : في فلسطين المحتلَّة، بدأ العدوّ الصّهيونيّ بتمهيد السّبل لتنفيذ مخطَّط تهويد فلسطين التّاريخيَّة، وإعلان يهوديَّة الكيان، وصولاً إلى ترحيل الفلسطينيّين من الأراضي المحتلَّة في العام ١٩٤٨، تحت عنوان "قانون المواطنة" الهادف إلى نزع المواطنيَّة عن أهل الأرض الحقيقيّين، وإعطائها لليهود القادمين من أصقاع العالم، لتحقيق الهدف النّهائيّ لشعار: "أرضٌ بلا شعب، لشعب بلا أرض".

ومع إقرار حكومة العدوّ للتّعديلات على "قانون المواطنة" تمهيداً لإقراره في الكنيست، تكون مسيرة ترحيل الفلسطينيّين وتهجيرهم مجدّداً، وإسقاط حقّ العودة، قد بدأت فعلاً، لتبدأ معها معاناة جديدة للشّعب الفلسطينيّ، يُطلب فيها من الضحيّة أن تقدّم فروض الطّاعة والولاء للجلاّد، وأن تعلن التّنازل الكلّيّ عن كلّ مسيرة التّحرير الّتي انطلقت منذ ما قبل العام ١٩٤٨...

وفي موازاة ذلك، شرب العرب المزيد من حليب الأرانب، فأعلنوا عن إعطاء الدبلوماسيّة الأمريكيّة مهلة شهرٍ لكي تحاول إنقاذ المفاوضات المباشرة بين السّلطة الفلسطينيّة وكيان العدوّ، فيما المزيد من شروط رئيس حكومة العدوّ، تطوِّق إرادات المسؤولين العرب وقراراتهم، وخصوصاً في عرضه الجديد عليهم: تجميد مؤقّت للاستيطان مقابل اعترافهم جميعاً بأنّ فلسطين أصبحت دولة الشّعب اليهوديّ...

لقد بدأ الخناق الدَّوليّ والإقليميّ يضيق من حول العنق الفلسطينيّ، ليتحوَّل إلى قبضةٍ حديديَّةٍ يُراد لها أن تتحكَّم بمصير المنطقة العربيَّة والإسلاميَّة كلِّها، من خلال إحكام الطَّوق على المسألة الفلسطينيَّة بالذّات. ولذلك، فإنّ المسؤوليّة الملقاة على عاتق الشّعوب العربيّة والإسلاميّة كبيرة، لأنّ المسألة لا تتّصل بعنصريّة العدوّ وفاشيّته فحسب، بل بالمخطّط الدّوليّ السّاعي لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة، وإسقاط مقولة الدّولة المستقلّة، وتحقيق طموحات العدوّ في فلسطين كلّها، وتمهيد السّبيل له لعدوانٍ جديدٍ على البلدان العربيّة والإسلاميّة المجاورة، وها هو يُعلن على لسان رئيس أركان جيشه، عن الاستعداد لاستخدام أوسع مجالٍ للقوّة في الحرب المقبلة.

واضاف فضل الله : إنّ ما يبعث على الكثير من القلق والارتياب، أنّ الأمّة الّتي استطاعت أن تحقّق نجاحاتٍ موضعيّةً ضدّ الاحتلال وقوى الهيمنة العالميّة في أكثر من موقع، وخصوصاً في لبنان والعراق وأفغانستان، لا تزال تحت رحمة قوى الطّغيان العالميّ الّتي تعمل لتفتيتها وتقسيمها مذهبيّاً وسياسيّاً، وحتى جغرافيّاً...

ولعلّ الصّورة تبدو أكثر وضوحاً عند معاينة المشهد السّودانيّ، الّذي يطلّ على مرحلة التّقسيم الفعليّة، بعد الاستفتاء المنوي تنظيمه في كانون الثّاني المقبل، والّذي تحشد المحاور الدّوليّة والقوى الأخرى المتّصلة بها كلّ طاقاتها، لدفع المسألة باتجاه تقسيم السّودان بين شمالٍ وجنوب، وليصار بعدها إلى تقسيم المقسَّم، وتفتيت المفتّت، في عملية استباحةٍ جديدةٍ للأمن العربيّ والإسلاميّ، ولثروات الأمّة الدّفينة، وقد بدأ بعض الأطراف السّودانيّين ممّن لهم علاقة بالمحاور الدّوليّة، بالتحدّث علناً عن الانفتاح المقبل على كيان العدوّ، بحجَّة أنّ العلم الصّهيونيّ يرفرف فوق القاهرة...

المصدر : بينات
https://taghribnews.com/vdcgnw9x.ak97u4r,ra.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز