تاريخ النشر2010 25 August ساعة 14:02
رقم : 24398

صلح الحسن(ع) والحفاظ على مسيرة الاسلام

الصلح جاء لكي يعيد الأمة إلى نفسها واختيارها ويدخلها في إطار تجربتها الذاتية الإقدام على الصلح كان للحفاظ على مسيرة الإسلام وسلامة الأمة من الانحراف
البقيع
البقيع
وكالة انباء التقريب (تنا) :
 من السذاجة اتهام الإمام الحسن(ع) بعدم الشجاعة والميل إلى الدعة
• الصلح جاء لكي يعيد الأمة إلى نفسها واختيارها ويدخلها في إطار تجربتها الذاتية
• الإقدام على الصلح كان للحفاظ على مسيرة الإسلام وسلامة الأمة من الانحراف

تكمن أهمية صلح الإمام الحسن(ع) تاريخياً في أنه شكل منعطفاً كبيراً في مسيرة الدولة الإسلامية وفي أنه أعلن عن بداية مرحلة جديدة في حركة الأمة، وأظهر الخط الثاني القائم على أساس تتبع مسيرة الأمة من زاوية المعارضة. كما تكمن أهميته من الناحية العلمية في أنه قدم للمسلمين تجربة غنية قامت على أساس التصدي لانحراف اجتماعي خاص.
ولكن ورغم هذه الأهمية فإن الصلح لم يحظ باهتمام كاف من قبل المؤرخين وغالباً ما نجد أن مرورهم على هذا الحدث المهم
لم يكن مروراً معمقاً وتتبعهم له لم يكن كاملاً شاملاً، هذا فضلاً عن أن الروايات التاريخية قد نقلت بعض جوانبه وتركت جوانب أخرى فكونت في النتيجة صورة ذات ملامح متفرقة لا تنمّ عن الحقيقة كاملةً.

الإمام الحسن(ع) وموقف الأمة
بويع الإمام الحسن(ع) للخلافة بعد استشهاد أبيه أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع) وقد كان ذلك بترشيح من قبل قيس بن سعد بن عبادة في أشهر الروايات وفي رواية أخرى عبد الله بن عباس.
ويلفت النظر تأكيد بعض المؤرخين على أن الإمام علي(ع) لم ينص على الحسن (ع) رغم أن هناك قرائن تشير إلى أن المقربين من الإمام علي (ع) كانوا قد تحركوا وفق علمهم بوجود النص كما هي الحال بالنسبة لعبد الله بن عباس وقيس وحجر بن عدي وسليمان بن صرد وآخرين، وهذا هو أحد جوانب الغموض الذي يكتنف مصادر التاريخ.
وعندما تسلم الإمام الحسن زمام الخلافة في أعقاب سلسلة أحداث ما قبل عهده كان أبرزها استشهاد والده الإمام علي (ع) الذي أحدث فراغاً في حركة الأمة وتطلعاتها ورغم كون الإمام الحسن
(ع) من ناحية المؤهلات الذاتية قادراً على سد الفراغ فإن الأمة لم تلتفت إلى هذه الأهلية في فترة قصيرة، ولذا نجد أن الفترة التي حكم فيها الإمام (ع) لم تكن طويلة إضافة إلى أنها شهدت حملة إعلامية قوية ضده.
فقصر مدة حكم الإمام الحسن (ع) في الخلافة والإعلام المضاد وسوء تعامل الأمة مع أهليته تسبب في حدوث ضبابية وعدم وضوح رؤية في منظار الأمة لقائدها.
هذا إضافة إلى أن الأحداث التي وقعت قبل الصلح وتلك التي اقترنت معه وبعده توضح لنا نقطة مهمة جداً هي أن الأفق لم يكن متحداً تماماً بين الخليفة وأمته.
ان الإقدام على الصلح كان يمثل شجاعة نابعة من حكمة في التعامل مع القضية المصيرية التي هي أهم من الحكم نفسه وهي الحفاظ على مسيرة الإسلام وسلامة الأمة من الانحراف، من هنا فإن الوظيفة الشرعية هي التي حكمت على الإمام الحسن(ع) بأن يصالح وذلك حفاظاً على تلك القضية المحورية التي لابد أن تكون الحرب كما يكون السلم في خدمتها. وإن من السذاجة اتهام الإمام الحسن(ع) بعدم الشجاعة والميل إلى الدعة لأن القضية لا تدرس فقط من جهة القائد بما أن القيادة علاقة تبادلية طرفاها القائد والأمة، فليس لأحد أن يحكم على القائد إلا بعد أن يدرس
الأمة التي حكمها ولابد من معرفة ما إذا كانت الأمة متحدة أفقاً مع أفق قائدها إذ يلزم أن تتحد إرادتها ومبادؤها ومنطلقاتها وكل ما تتحرك من خلاله مع إرادة ومبادئ ومنطلقات وحركة قائدها وإلا فإن تعرضها لأي محك صعب سيعرضها للفشل.

هذا ما أدركه الإمام الحسن (ع) ووعاه، ولقد أدرك أن أمته لم تكن أمة يعتمد عليها عبر تجربة طويلة عاشها معها امتدت منذ اليوم الأول لحكومة الإمام علي (ع) إلى يوم إبرام الصلح. ومثل تلك الآراء لا تعبر عن أي بعد تاريخي إنما هي آراء تعبر عن وضع نفسي خاص يتعامل مع القضايا بسطحية كما عبر عنها الإمام علي(ع) بقوله: (فإن أقل، يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت، يقولوا: جزع من الموت) . كما أن مثل هذه المسائل ليست مسائل ذوق إنما هي مسؤوليات شرعية ومصير أمة ودين وعقيدة. فالصلح جاء لكي يعيد الأمة إلى نفسها واختيارها ويدخلها من جديد في إطار تجربتها الذاتية فهو ضرورة لصناعة المناخ اللازم لتحقيق النهوض الجهادي وتجاوز الذات لدى أمة فقدت هذه الاستعدادات
عمار محمد الكعبي

https://taghribnews.com/vdch6xni.23nkwdt4t2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز